كتب: محمد بركات
صرح محمد رضا عارف، نائب الرئيس الإيراني، عقب عودته من رحلته القصيرة إلى الرياض والتي استغرقت يوماً واحداً لحضور الاجتماع الطارئ الثاني لمنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية، والذي عقد الإثنين 11 نوفمبر/ تشرين الثاني ضمن تصريحات أدلى بها للصحفيين، قائلاً: ” تم عقد الاجتماع الطارئ لمنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية بناءً على طلب إيران وبجهود مسؤولي وزارة الخارجية، ولحسن الحظ، رحب قادة الدول الإسلامية والعربية بهذا الاجتماع”. وذلك وفقًا لتقرير وكالة إيسنا الإخبارية الصادر بتاريخ 12 نوفمبر/ تشرين الثاني.
ووفقًا للتقرير، فقد أضاف عارف “لقد نجح هذا الاجتماع في خلق تناغم بين الدول الإسلامية والعربية، إن عقد اجتماع بهذا المستوى وفي هذا الوقت يُعدّ نجاحاً كبيراً لإيران، حيث قوبل مقترحها بترحيب واسع، وكان لدى المملكة العربية السعودية أيضاً استضافة جيدة، وفي ظل استمرار الكيان الصهيوني في اعتداءاته، كان عقد هذا الاجتماع ضرورة لإرسال رسالة موحدة إلى العالم، ولله الحمد، تم سماع هذه الرسالة وصدر قرار شامل وجيد يؤكد بشكل خاص على ضرورة وقف الأعمال الإجرامية التي يمارسها الكيان المحتل”.
وأشار عارف إلى أن المسئولين في وزارة الخارجية الإيرانية قد قدموا مقترحات جيدة في هذا الاجتماع، وتمت الموافقة على معظمها، فقال “يجب أن يصل العالم إلى قناعة بضرورة معاقبة الكيان الصهيوني، ويجب على الجميع أن يدركوا أن الشعب المظلوم في غزة ولبنان يعيشون في ظروف مقلقة ويحتاجون إلى المساعدات الإنسانية بشكل عاجل، إضافة إلى ضرورة التوصل إلى وقف إطلاق نار مشرف لدور المقاومة على الجبهات المختلفة”، مضيفًا “من بين بنود القرار الذي تم التوصل له متابعة تعليق وإخراج الكيان الصهيوني من الأمم المتحدة، وهي خطوة تحمل تداعيات سياسية إيجابية، فاليوم، يجب على العالم الغربي، والذي لطالما صمت ادعاءاته الزائفة عن حقوق الإنسان آذان العالم، أن يعيد النظر في موقفه ويتخلى عن معاييره المزدوجة، حيث يصمت تجاه مقتل الآلاف ولكنه يقيم العزاء لمقتل فرد واحد في مكان آخر.”
وأكد عارف “أجرينا بعض النقاشات القصيرة مع قادة الدول في هذا الاجتماع، وكانت النقطة المهمة هي أن جميع الدول الإسلامية ترغب في توسيع علاقاتها مع إيران، كما كان هناك لقاء جيد وودي مع ولي العهد السعودي، حيث تم التأكيد على ضرورة توسيع العلاقات، فنحن نعتقد أن تعزيز العلاقات الثنائية بين إيران والسعودية يعزز التضامن والتوافق بين دول المنطقة والعالم الإسلامي.”
واختتم تصريحاته قائلًا “إن السيد عراقجي، وزير الخارجية، قد التقى بوزير الخارجية السعودي على هامش أعمال قمة الأمم المتحدة الماضية، وتم الاتفاق على أن نشهد تقدماً في كافة المجالات، ونسأل الله أن نشهد تحولات إيجابية في كافة المجالات تعود بالنفع على الشعبين والعالم الإسلامي”.
كيف يمكن طرد إسرائيل من الأمم المتحدة وما هي خطوات إيران لفعل ذلك؟
خلال التصريحات التي أدلى بها عارف، جرى الحديث عن إمكانية طرد إسرائيل من الأمم المتحدة على خلفية الجرائم التي ارتكبتها منذ بداية الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول للعام 2023، وما لحق ذلك من اغتيال شخصية سياسية مثل إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، والذي اغتيل في طهران، والغارات الجوية التي شنها جيش الاحتلال على لبنان، ولكن هل يمكن طرد أو تعليق عضوية إسرائيل من الأمم المتحدة؟
ردًا على هذا السؤال نشر موقع دبلوماسي إيراني تقريرًا جاء فيه ” تعد إسرائيل من بين القضايا الإشكالية التي تتحدى مبادئ الأمم المتحدة، إذ تأسست كدولة عبر قرار الجمعية العامة رقم 181 عام 1947، بيد أنها ومنذ إنشائها تورطت في نزاعات مستمرة مع الفلسطينيين والسكان العرب سواًء الموجودون داخل الدولة أو مع جيرانها من الدول العربية، وأدت سياساتها إلى استمرار الصراعات وسقوط أعداد كبيرة من الضحايا. ومع أن النظام الحاكم للمنظمة ينص على الالتزام بمبادئ السلام وعدم العدوان، إلا أن إسرائيل استمرت في تنفيذ سياسات توسعية وقمعية بدعم سياسي من دول دائمة العضوية في مجلس الأمن، ما عاق اتخاذ قرارات حازمة بشأنها”، وذلك وفقًا لتقرير الموقع المنشور في 1 نوفمبر/ تشرين الثاني.
ويكمل التقرير” ورغم الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، لم تُتخذ أية خطوات لطردها من المنظمة، ما يطرح تساؤلات حول قدرة المنظمة على تحقيق العدالة عندما تتعارض مع المصالح السياسية للدول الكبرى. ومع ذلك، يُقترح أن تتبع الجمعية العامة آليات مماثلة لما جرى سابقًا، كالتدخل في قضية تايوان وحرب الكوريتين، عبر التصويت المباشر لطرد إسرائيل إذا توحدت جهود الأعضاء، ففي حال طرد إسرائيل، سيتاح المجال لاتخاذ إجراءات أكثر حزمًا من الدول الأعضاء ضد انتهاكاتها، وستُرفع القيود المفروضة عليها بموجب الفصلين السادس والسابع من ميثاق الأمم المتحدة، مما قد يتيح فرصًا حقيقية لتحقيق السلام”.
وفي في تقرير نشرته صحيفة همشهري آنلاين حول نفس الموضوع قالت ” في رسالة مشتركة من 500 باحث وخبير في القانون الدولي، تمت مناقشة أن على الجمعية العامة للأمم المتحدة تعليق عضوية إسرائيل، كما فعلت مع نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا عام 1974 حتى انتقاله إلى الديمقراطية، فقد أشتر الباحثون في رسالتهم إلى أن هناك مبررات أقوى لتعليق عضوية إسرائيل، وذلك بالنظر إلى تجاهلها المتواصل للقوانين الدولية على مدى أكثر من سبعة عقود، بما في ذلك انتهاك ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن وأوامر محكمة العدل الدولية. وقد ذكر الموقعون في رسالتهم المشتركة قائمة بالعديد من الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل منذ تأسيسها عام 1948، والتي تتعارض مع القوانين الدولية. وأوضح الباحثون أن إسرائيل تنتهك باستمرار قرارات مجلس الأمن الملزمة قانوناً، بما في ذلك القرارات المتعلقة بغزة منذ 7 أكتوبر 2023، يضاف إلى ذلك سلسلة قرارات مجلس الأمن التي انتهكتها إسرائيل لعقود، والتي ترتبط في الغالب بالاحتلال غير القانوني للأراضي الفلسطينية “، وذلك وفقًا لتقرير الصحيفة المنشور في 10 نوفمبر/ تشرين الثاني.
ويكمل التقرير “فقد أكد الباحثون في مجال القانون أن مثل هذا التمرد على قرارات مجلس الأمن يمثل انتهاكاً صريحاً للمادة 25 من ميثاق الأمم المتحدة، التي تنص على وجوب الامتثال لقرارات المجلس وتفتح المجال لإجراءات تأديبية، وبموجب المادة 6 من ميثاق الأمم المتحدة، تملك الجمعية العامة سلطة طرد أي دولة عضو إذا أوصى مجلس الأمن بذلك، في حال استمرار تلك الدولة في انتهاك مبادئ الميثاق”.
وبهذا الشأن تحاول إيران إقناع المجتمع الدولي بضرورة تعليق أو إلغاء عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة، مستندةً إلى اتهامات لانتهاكها المستمر للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، فلطالما طالب مندوبها الدائم في الأمم المتحدة ذلك، حيث ترى إيران أن عضوية إسرائيل تتعارض مع الأسس التي قامت عليها المنظمة، خاصة فيما يتعلق بحفظ الأمن والسلم الدوليين، في ظل الاحتلال الإسرائيلي المستمر للأراضي الفلسطينية والانتهاكات الممنهجة بحق الشعب الفلسطيني. وتستند هذه الجهود إلى حجج قانونية مثل الفشل في الامتثال لقرارات مجلس الأمن الدولي، إلى جانب ما يُوصف بممارساتها التي تشكّل خرقًا لحقوق الإنسان، والتي تشمل الاعتداءات المتكررة على المدنيين الفلسطينيين ورفض تنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ولكن على الرغم من ذلك، فلم تأت هذه الجهود ثمارها حتى الآن، حيث يتطلب إلغاء أو تجميد عضوية أحد الأعضاء بالأمم المتحدة تضافر الجهود من أغلبية أعضاء تلك المؤسسة، الأمر الذي لم يحدث بالشكل الكافي حتى الآن، وذلك وفقًا لتقرير وكالة إيران برس الإخبارية بتاريخ 11 نوفمبر/ تشرين الثاني.
تعليقات الإيرانيين على تلك المشاركة:
صاحبة أخبار مشاركة عارف في تلك الجلسة العاجلة العديد من ردات فعل الإيرانيين على موقع إكس، حيث كتب علي رضا عنايتي، السفير الإيراني في الرياض، عبر حسابه، مشيرًا إلى تنامي العلاقات بين الجانبين،قائلًا:
” 6 نوفمبر/ تشرين الثاني: سفر رئيس مركز الدراسات واخ إلى الرياض وتوقيع مذكرة تفاهم، 10 نوفمبر/ تشرين الثاني زيارة رئيس هيئة الأركان العامة السعودية إلى إيراني، 10 نوفمبر/ تشرين الثاني اتصال هاتفي من السيد بزشکیان مع الأمير محمد بن سلمان، وكذلك المشاركة في اجتماع حول الملكية الفكرية، 11 نوفمبر/ تشرين الثاني زيارة السيد عارف إلى السعودية ولقاء الأمير محمد بن سلمان”
وكتب كرمان كرمي عبر حسابه” الرسالة الأساسية في لقاء عارف وبن سلمان هي التأكيد على “عدم قابلية مسار العلاقات للتراجع والاستفادة من التجارب التاريخية”، وإشارة مهمة إلى إدارة ترامب كذلك هي أن “العلاقات بين إيران والسعودية تقوم على الإرادة السياسية والفهم الديناميكي للحقائق الجديدة في المنطقة، ولن تتأثر بالتوتر بسهولة.”
وكتب حسن باك قائلًا ” في الاجتماع الطارئ للدول الإسلامية والعربية الذي عُقد اليوم في السعودية، كانت أفضل الكلمات من نصيب الدكتور عارف، ففي الوقت الذي تحدث فيه الحكام العرب عن حل الدولتين العقيم، قام الدكتور عارف بتوضيح الموقف المنطقي لإيران بشأن حق تقرير المصير وإجراء استفتاء في أرض فلسطين.
كانت هذه واحدة من أفضل خطب المسؤولين الإيرانيين خلال العقد الأخير في الدفاع عن حق المقاومة.”
وكتب محسن ميلاني ” دعا عارف الأمير محمد بن سلمان لزيارة إيران. إن العلاقات الجيدة بين إيران والسعودية أمر ضروري من أجل تحقيق السلام والهدوء في المنطقة.”
وعلق أمير رضا ناظري ” بزيارة الدكتور عارف إلى السعودية، عبّر ولي عهد السعودية ضمناً عن ندمه على سياسته السابقة وقال: “نتعلم من التجارب التاريخية، وبالنظر إلى قدراته، يمكن للنظام الاستفادة من إمكانيات الدكتور عارف في المجال الدبلوماسي لحل القضايا الأساسية والمهمة مع الدول الأخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة.”
وعلق حساب مهدي كيا دربند سري” عارف: في زيارته إلى السعودية، نسعى لتحقيق هدنة في فلسطين ولبنان!، هل هو سفير للسلام أم سفير الخداع والخيانة؟!”
وقد علق حساب آخر” اجتمع قادة الدول الإسلامية في السعودية لعقد اجتماع طارئ لمناقشة حرب غزة ولبنان، لم يذهب بزشکیان بنفسه، بل أرسل عارف بدلاً منه. ربما قال لنفسه: “إذا ذهبت إلى هناك وقلت شيئًا، سيحدث شيء سيء، من الأفضل أن لا أذهب.”