كتب: محمد بركات
بلهجة تهديد واضحة، كتب حميد رسايي، النائب البرلماني عن محافظة طهران وعضو جبهة الصمود الأصولية، على حسابه بشبكة التواصل الاجتماعي “إكس” في 11 نوفمبر/تشرين الثاني، موجها كلامه إلى وزير الطاقة عباس علي آبادي:
“منذ أسبوع وكل الأحاديث تدور حول انقطاع الكهرباء غير المسبوق في منتصف الخريف والشتاء، لكنك لم تسمع أي توضيح أو اعتذار، ولا حتى كلمة من وزير الطاقة! كأن هذه الوزارة وهذا الوزير غير موجودين! ربما خبر استجواب الوزير بسبب هذه الإدارة غير الحكيمة التي وضعت الناس في هذا الوضع الصعب، قد يفتح فم الوزير ويجعله يتحدث”.
عقب ذلك انتقدت زهرة سادات لاجوردي، النائبة البرلمانية عن محافظة طهران، خلال الجلسة البرلمانية التي عقدت الثلاثاء 22 نوفمبر/تشرين الثاني، تطبيق انقطاعات الكهرباء في جميع أنحاء البلاد، وقالت: “لو أن وزارة الطاقة اتخذت الإجراءات اللازمة في الوقت المناسب في ما يتعلق بتخزين الوقود وزيادة كفاءة محطات الكهرباء وتحسين جودة وقود المصافي، لما كانت هناك حاجة لهذه الانقطاعات الكهربائية التي تستمر لمدة ساعتين”، وذلك وفقا لتقرير موقع عصر إيران الإخباري بتاريخ 12 نوفمبر/تشرين الثاني.
ووفقا للتقرير، فقد أضافت لاجوردي: “إعلان جدول انقطاع الكهرباء في جميع المحافظات خلال هذا الوقت من العام، بينما لا يزال الطقس معتدلا في العديد من المدن، أثار استياء العديد من الناس، يجب أن يكون الوزير على علم بأن القرارات غير المدروسة والعجولة التي يتخذها تزيد من أسعار السلع الأساسية بشكل متكرر، مما يسبب معاناة كبيرة للناس”.
بعد ذلك، أعلن البرلمان الإيراني خلال برنامجه ليوم الثلاثاء 12 نوفمبر/تشرين الثاني، أنه من المقرر أن يمثُل عباس علي آبادي، وزير الطاقة، أمام لجنة الطاقة بالبرلمان اليوم للإجابة عن أسئلة عدد من النواب بخصوص قطع التيار، وذلك وفقا لتقرير موقع فرا رو الإخباري بتاريخ 12 نوفمبر/تشرين الثاني.
لماذا تتجه إيران إلى خطط تخفيف الأحمال؟
يواجه قطاع الكهرباء في إيران حاليا ظروفا معقدة، فمن جهة، يواجه القطاع تحديات هيكلية مثل التفاوت بين الإنتاج والاستهلاك، والمشاكل المالية الحادة، ونقص التنوع في مزيج الإنتاج، ومن جهة أخرى، تجعل القيود الميزانية والعقوبات إيجاد حلول لهذه الأزمة أكثر صعوبة، فانقطاع الكهرباء في المنازل والمصانع يسبب العديد من المشاكل، ومما زاد المشكلة تعقيدا أنه مؤخرا قد عانت محطات الطاقة في إيران من ضغط شديد نتيجة القرار الذي اتخذته الحكومة بالتخلص التدريجي من استخدام المازوت في محطات الطاقة كخطوة تهدف إلى تحسين جودة الهواء، ففي فصل الشتاء، ومع النقص الكبير في إنتاج واستيراد الغاز، تلجأ محطات الطاقة الحرارية إلى استخدام الوقود البديل كأحد الحلول لتوليد الطاقة، الوقود الأساسي لمحطات الطاقة الحرارية هو الغاز، بينما الوقود البديل الذي يتم توفيره لمحطات الطاقة هو الديزل أو المازوت، واستخدام هذا الوقود البديل يعني أن الغاز لن يخصص لمحطات الطاقة بعد الآن، وذلك وفقا لتقرير موقع تجارت نيوز الصادر في 9 نوفمبر/تشرين الثاني.
ووفقا للتقرير، فبعد انتشار أخبار عن حرق المازوت المبكر في محطات شازند وتبريز، تصاعدت الاحتجاجات مجددا بشأن استخدام هذا الوقود، فحرق المازوت في محطات الطاقة يشير إلى وجود نقص حاد في الغاز بالبلاد، إضافة إلى ذلك، يوجد نقص كبير في الديزل، وهو ما دفع المحطات إلى استخدام المازوت.
وبعد تصاعد الاحتجاجات بشأن حرق المازوت المبكر، أصدرت الحكومة قرارا بوقف حرق المازوت في ثلاث محطات كهرباء بالبلاد، وضمن ذلك محطات أراك وأصفهان وكرج، ومع توقف حرقه بدأت تنتشر الأخبار عن انقطاع الكهرباء في مختلف أنحاء إيران، حينها أعلن محمد جعفر قائم بناه، نائب رئيس الجمهورية التنفيذي، بعد اجتماع للجنة الوطنية للحد من التلوث، أنه سيتم وقف حرق المازوت بمحطات الكهرباء في أراك وكرج وأصفهان بسبب التلوث الخاص الناتج عن حرق المازوت، والذي يقدر بنحو 16 مليون طن من حرق المازوت، مما يسبب تلوث الهواء والأمراض، وأشار إلى أنه بالفعل يوجد نقص في الكهرباء والطاقة والغاز. ومن أجل حماية بعض شرائح المجتمع، سنضطر إلى وقف استخدام المازوت في هذه المحطات. لذلك، تم تحديد أن وزارة الطاقة ستضع جدولا زمنيا للإعلان عن فترات انقطاع الكهرباء خلال العام، وقد أعلنت وسائل الإعلام وقتها أن انقطاعات الكهرباء ستبدأ في 20 نوفمبر/تشرين الثاني، حيث تم تحديد أن انقطاع الكهرباء سيكون بين الساعة 9 صباحا و5 مساءً، مع توزيع منظم ومتوقع لانقطاع الكهرباء في مختلف المناطق.
وكتبت فاطمة مهاجراني، المتحدثة باسم الحكومة، على حسابها بمنصة إكس: “ليس من العدل أن يتحمل جزء من المجتمع تكلفة إنتاج الكهرباء بحياته. ومن هنا، وبتوجيه من رئيس الجمهورية، سيتم وقف استخدام المازوت في ثلاث محطات كهرباء في أراك وكرج وأصفهان، التي تتمتع بظروف خاصة. يمكن استبدال (إيقاف الكهرباء المنتظم) مؤقتا بـ(إنتاج السم) للمواطنين”.
وعلى أثر ذلك القرار صرح رضا سبه وند، عضو لجنة الطاقة في البرلمان، معلقا: “إذا لم يتم حرق المازوت، ففي الشتاء، سنواجه انقطاعا في الغاز، يجب أن نبدأ في استيراد الغاز، لكن للأسف في هذا الموسم، يزيد الأتراك من أسعار الغاز، مما يجعلها غير مجدية بالنسبة لنا. يجب على المسؤولين التفكير في هذا الأمر. ومن ناحية أخرى، يجب الاستثمار في إنتاج الغاز لتوفير زيادة في الإنتاج. علينا أن نمنع انخفاض ضغط المخزونات الغازية لزيادة الإنتاج، وهذا يتطلب استثمارا داخليا وخارجيا يجب أن يتم في أقرب وقت”، وذلك وفقا لتقرير موقع اتاق إيران الصادر في 10 نوفمبر/تشرين الثاني.
ووفقا للتقرير، فقد صرح جعفر قادري، نائب رئيس لجنة الاقتصاد في البرلمان، قائلا: “إن قطع الكهرباء يسبب مشاكل للمواطنين وكذلك للقطاع الخاص، ويجب منع حدوث ذلك، فقد أدى انقطاع الكهرباء في الصناعات إلى انخفاض الإنتاج في وحدات مثل الأسمنت والفولاذ والألمنيوم، وهذا الانخفاض في الإنتاج ساهم في زيادة أسعار هذه المنتجات بالسوق. من جهة أخرى، تسبب انقطاع الكهرباء في خسائر ضخمة للعديد من الوحدات الإنتاجية التي كانت مربحة في السنوات السابقة، حتى إن بعضها أصبح في وضع حرج، ويجب أن نعمل على منع تكرار هذه الظروف في الصيف المقبل، من خلال بناء وإكمال محطات الطاقة الشمسية وتحويل محطات الطاقة الحرارية إلى الدورة المركبة”.