ترجمة: يارا حلمي
أجرت وكالة أنباء خبر أونلاين الإيرانية الإصلاحية، المحسوبة على مكتب علي لاريجاني مستشار المرشد الأعلى، الأحد 9 مارس/آذار 2025، حوارا مع الناشط السياسي الإصلاحي رسول منتجب نيا، ناقشت فيه ملفات كثيرة، منها شعار الوفاق الوطني، وعزل عبد الناصر همتي وزير الاقتصاد في حكومة مسعود بزشكيان، وكذلك دور جبهة بايداري الإيرانية في “الاشتباك” مع الملفات الضاغطة على الحكومة الإيرانية، وكذلك ملفات أخرى.
إلى نص الحوار:
شاهدنا استجواب عبد الناصر همتي وزير الاقتصاد وإقالته، وذلك بعد نحو سبعة أشهر من عمر الحكومة. إلى أي مدى كان هذا الإجراء ضروري؟
الاستجواب وسحب الثقة حق دستوري للنواب، ولا يمكن لأحد أن يلومهم على ممارستهم لهذا الحق. لا شك في ذلك. همتي هو أيضا من الشخصيات الاقتصادية في البلاد ومن المخلصين للنظام والشعب. هو شخصية تحملت المسؤولية لسنوات، وحتى في الدورة السابقة تم تأييد أهليته كمرشح للرئاسة. أنا شخصيا أشعر بالأسف، لماذا يجب أن تصل الأمور إلى هذه النقطة بحيث يتم عزل شخصية بهذه المكانة والقيمة، سواء كان ذلك بحق أو بغير حق، ولا يستطيعون الاستفادة منه على مستوى الوزارة؟
لكن أعود إلى سؤالك حول مدى كون هذا الإجراء سياسيا أو اقتصاديا. بصفتي أحد النواب السابقين، وما زلت على تواصل مع مجلس النواب، أقول إن رأي وتصويت النواب في كثير من الحالات يحمل طابعا سياسيا.
الطابع السياسي لا يعني بالضرورة أن تيارا معينا يقوم بحشد قوات ويسعى للتوحد. أحيانا يكون الأمر على هذا النحو، لكن في بعض الأحيان يرى بعض النواب المشاكل الاقتصادية في البلاد، ويريدون أن يُظهروا للناس أنهم يسعون لحل مشكلاتهم، فيقولون: لقد استجوبنا الوزير؛ لأنه لم يتمكن من حل مشكلة الغلاء والتضخم.
دور البرلمان
نقطة أخرى هي أنه إذا كان همتي ووزارة الاقتصاد والبنك المركزي والوزارات الاقتصادية الأخرى لم يتمكنوا من حل المشكلات، فهل تقع كل المسؤولية على وزير واحد أو حتى على الحكومة بأكملها؟ أنا أقول بناءً على بحث أن دور نواب البرلمان في الغلاء والتضخم كان أكبر وأكثر تأثيرا من دور الحكومة. في النهاية، هم الذين يصادقون على القوانين ومشروع الموازنة، وهم الذين من خلال تصريحاتهم وقراراتهم يرفعون الأسعار أو يخفضونها.
لا أريد أن أقول إن الحكومة ليس لها دور في هذه القضية، فهي المنفذة، لكن النواب هم القادة والمشرعون. لا يمكن للنواب أن يعتبروا أنفسهم بريئين مما حدث.
البرلمان الأكثر فشلا
لكن بعض النواب، خاصةً بعض أعضاء التيار المعارض للحكومة، الذين يسعون دائما للعرقلة، قاموا بهذه الخطوة الاستعراضية ليقولوا للناس: انظروا، نحن نعارض، وهذه الحكومة هي التي تفتقر إلى الكفاءة. لا شك في أن هذا البرلمان من بين الأكثر فشلا بعد الثورة، حيث وصل نوابه إلى السلطة بأربعة أو خمسة في المئة فقط من أصوات الناس، وكثير منهم لا يمتلكون التخصص أو الدافع اللازم.
كانوا يسعون للانتقام من همتي
قيل إن همتي تصدى لحكومة إبراهيم رئيسي.. هل تعتقد أن تصريحاته في 2021م كان لها دور في استجوابه في البرلمان الحالي؟
لا شك لديّ في أن تصرفات بعض المخططين والمؤيدين لهذا الاستجواب كانت ذات طابع سياسي. جزء منهم ينتمي إلى جبهة بايداري، التي تسعى إلى شل حركة الحكومة وإضعافها. بالطبع، لا أتحدث عن جميع الذين قدموا الاستجواب، لكن ربما دخل البعض إلى الساحة بشكل فِرَقي. وهناك أيضا من، كما قلت، يسعون للانتقام من همتي.
حتى في ذلك الوقت، كان يتحدث همتي بطرح مهني كمرشح منافس، بينما كان خصمه يكتفي برفع الشعارات. واتضح لاحقا أن تلك الشعارات كانت جوفاء، بلا أي أساس علمي. من الطبيعي أن يكون لدى بعضهم أحقاد دفينة، وكانوا يسعون للانتقام.
كان بزشكيان يتحدث باستمرار عن التوافق، فهل هذا التوافق هو بين الحكومة والشعب، أم أنه في الواقع توافق بين الحكومة والتيارات المعارضة مثل جبهة بايداري وأمثالها؟
منذ الأيام الأولى، قلتُ لبزشكيان إن هذا التوافق الوطني بلا جدوى؛ فالتوافق أو التفاهم يجب أن يكون مقبولا من كلا الطرفين. أنتم حملتم كل الأعباء على عاتقكم وعاتق الشعب، لكن التيار المنافس لم يتنازل قيد أنملة، ولن يفعل، ولم يقدموا في أي قضية أي مرونة.
قد يقولون إن البرلمان أبدى مرونة في منح الثقة للوزراء؟
كلا، في التصويت على وزراء بزشكيان، حصل اثنان أو ثلاثة من الوزراء الإصلاحيين على أقل نسبة من الأصوات، ما يعني أن البرلمان بدأ مواجهته مع بزشكيان منذ لحظة التصويت على الثقة. أما بقية الوزراء، فكانوا في الأساس من التيار الأصولي وجبهة پايداري، وبالتالي حصلوا على الدعم باعتبارهم من المعسكر نفسه. لذلك، ليس لهم أن يمنُّوا على بزشكيان أو على الشعب.
لذلك، وكما توقعت منذ البداية وما زلت أتوقع، لن يتوقفوا عن عرقلة الأمور. ما حدث الآن لم يكن سوى الخطوة الأولى. الحكومة قدمت قائمة الوزراء قبل عدة أشهر، كأنهم تكرموا بمنحها مهلة لستة أشهر. والآن، سيمضون لاستهداف باقي الوزراء بهدف انتزاع مزيد من الامتيازات.
ألم يحن الوقت ليعلن بزشكيان انتهاء التوافق وإنهاء هذا النهج؟
أنا كنت وما زلت أؤمن بأن التوافق يضر بالبلاد والشعب، وعلى بزشكيان أن يعلن بشجاعة تامة، أنه إصلاحي، وأنه يؤمن بهذا النهج ويتمسك به، ويعتمد على الكفاءات المتخصصة.
السياسة يجب أن تكون إصلاحية، ويجب أن تعتمد على شخصيات فعالة تتوافق فكريا مع بزشكيان. لو أنه اتبع هذا النهج منذ البداية، لكانت نجاحاته اليوم أضعاف ما هي عليه.
كيف تقيّمون أداء قاليباف؟ خلال الأشهر الستة الماضية؟
في رأيي، حصل قاليباف على أكبر نصيب في الحكومة بعد جبهة بايداري، ونال العديد من الامتيازات، لذلك من الطبيعي أن يكون متناسقا معهم. كل نائب يثير الجدل يسعى فقط لإظهار نفسه أمام الناس كأنه يعارض الغلاء والتضخم، كأن همتي كان المسؤول، ولذلك أُزيح. في حين أن الذين يجب إقصاؤهم هم هؤلاء أنفسهم.
في ما يخص قاليباف، أرجح أن الأمر يتعلق أكثر بالاستهلاك الداخلي. في حين أن المطلوب هو تصحيح قرارات البرلمان. ماذا فعل البرلمان لكبح التضخم مما لم تفعله الحكومة؟ إذا كان لديكم قرارات لم تنفذها الحكومة، فأعلنوا عنها. وإن لم تكن هناك قرارات، فإن هذه الأزمة الاقتصادية نشأت بسبب النواب وتشريعاتهم، وعليهم أن يعتبروا أنفسهم المسؤولين عنها.
في ما يتعلق بهمتي، ألا تعتقد أن التعامل معه بهذه الطريقة سيجعل من يخلفه أكثر حذرا؟
بالطبع، هذا الأمر له امتداد طويل. تراجع بزشکیان وفسح المجال لهم جعلهم أكثر جرأة وشجاعة للحصول على أكبر قدر من المكاسب، والآن باتوا يفرضون سيطرتهم.
أتوقع أنهم سيواصلون هذا النهج حتى تحاصرَ الحكومة وتُشل قدرتها على العمل، ثم يعلنون أنها غير ذات كفاءة. في هذه الحالة، سيقدمون أنفسهم على أنهم الأبطال، وكان تصويتهم على استجواب همتي مجرد استعراض بطولي؛ لإظهار أن البرلمان هو القائد القادر على إقالة وزير لم يتمكن من معالجة الأزمات الاقتصادية، في حين أن البرلمان نفسه هو من يجب أن يُستبدل أولا.
في اليوم الذي تم فيه استجواب همتي، نُشِرَ بعد ساعاتٍ خبر استقالة ظريف، كيف تحللون هذه الأوضاع؟
كل هذا مجرد ذرائع، وكما قلت، فإن خصوم بزشكيان يسعون باستمرار لإضعاف الحكومة وجعلها غير فعالة. أما بالنسبة للدكتور ظريف، فسؤالي هو: ما جريمته التي تجعله هدفا لهذا الهجوم العنيف من قبل المعارضين والخصوم؟
أول جريمة لظريف هي سعيه لرفع العقوبات، حيث كان يعمل خلال فترة روحاني على إزالتها. وقد تم رفع جزء منها، لكن لم يُسمح لهذا الجهد بأن يكتمل.
ثانيا، ظريف دخل الساحة في الانتخابات الرئاسية للدورة الرابعة عشرة بكل تفانٍ وإيثار، وقدم دعمه للسيد بزشكيان، ولعب دورا بالغ الأهمية في فوزه.
ثالثا، الجرم الذي لا يُغتفر ظريف هو كفاءته، وأهليته، ونزاهته، وتدينه، إلى جانب خبرته العالية في الدبلوماسية والعلاقات الخارجية.
بسبب هذه الشعبية الكبيرة التي يتمتع بها جواد ظريف في البلاد، رأى كثيرون أنه لو ترشح في الانتخابات، لكان بإمكانه أن يصبح رئيسا للجمهورية. لكن مجرد طرح هذا الموضوع منذ البداية أثار غضب البعض. وفي النهاية، توصلوا إلى أن الأفضل ألا يترشح بنفسه، بل يدعم طبيب زاده.
أنصار ظريف يقولون بشأن أدائه، إنه كان مجرد منفذ في المفاوضات والاتفاق النووي، وليس صاحب القرار؟
على الإطلاق، ليس من المعقول أو المنطقي أو العملي أن يسعى أحد لمتابعة أمر ما، دون موافقة ورأي القائد الأعلى، ورئيس الجمهورية، وكافة مسؤولي النظام، سواء في عهد روحاني أو في الوقت الحالي. لم يكن ظريف يتصرف بشكل فردي أو عشوائي، بل كما قلت، جرمه هو سعيه لرفع العقوبات وإغلاق دكان السادة المتاجرين بالعقوبات.
هل من الممكن القول إن من حول بزشكيان بدأوا يتراجعون شيئا فشيئا في مقابل تمدد المعارضين.. أليس كذلك؟
قطعا، هذا صحيح. لقد أخبرت بزشكيان منذ البداية بأن شعار التوافق الوطني لا يمكن تحقيقه إلا إذا كان الطرفان مستعدين لتقديم تنازلات. لكن خصومك لم يتنازلوا أبدا، ولن يفعلوا، بل يستمرون في وضع العراقيل. عليك أن تطرح منهجك واستراتيجيتك بحزم وتمضي في تنفيذها.
للأسف، ارتكب بزشكيان خطأ كبيرا، فقدّم كثيرا من التنازلات والامتيازات لخصومه؛ في محاولة لاستقطابهم وتحقيق الوحدة. لكنهم، للأسف، لم يتوقفوا عن التآمر طوال الأشهر الخمسة أو الستة الماضية، والآن، كلما اقتربنا من انتخابات المجالس البلدية، ستزداد الضربات الموجهة إلى الحكومة حدة وثقلا.