ترجمة: علي زين العابدين برهام
في ظل التحركات داخل الحكومة الإيرانية التي يقودها الرئيس مسعود بزشكيان، هناك ضغوط كبيرة إما لتعطيل عمل الحكومة، وإما لتحقيق مصالح تيارات بعينها، متناسيةً مصالح الشعب الإيراني، وساعية نحو محاولة إقالة الرئيس أو تقليص فترة رئاسته.
نشرت وكالة أنباء “خبر أونلاين” الجمعة 31 يناير/كانون الثاني 2025 حوارا مع ناصر إيماني، الناشط السياسي الأصولي، حول هذه التحركات والنصائح الموجهة للحكومة بخصوص ضرورة مشاركة المشاكل مع الرأي العام، حتى يتمكن الشعب من مساندة ودعم الحكومة، إضافة إلى مسألة استقالة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان. وفي ما يلي نص الحوار:
منذ وصول حكومة بزشكيان إلى السلطة، كان هذا التيار يردد دائما عن تصويت 13 مليونا له في الانتخابات، واليوم، يُسمع من حين إلى آخر، أنهم يسعون لاستقالة بزشكيان أو تقليص فترة رئاسته إلى مدة واحدة. فما مدى احتمال حدوث ذلك؟
لا شك في أن هذا لن يحدث، لأن بزشكيان هو الرئيس الشرعي لإيران. كما تذكرون، فاز حسن روحاني في ولايته الأولى بأكثر من 50% من الأصوات ليصبح رئيسا للجمهورية، ويقتضي النظام الديمقراطي أن أي شخص يحصل على أعلى الأصوات، حتى وإن كانت زيادة بسيطة، يعتبر هو الرئيس الشرعي.
أما بخصوص “حلم” استقالة بزشكيان، فهو في رأيي غير قابل للتحقق. سيواصل الرئيس أداء مهامه القانونية بكل قوة، وما سيحدث في الانتخابات الرئاسية المقبلة ليس مطروحا الآن. بالطبع، ستُطرح ترشيحات للانتخابات، ولا يمكننا التنبؤ بما إذا كان بزشكيان سيستمر في منصبه أم لا، لكن هذه قضية أخرى. لا يمكن لأي طرف أن يعيق الآن وجوده القانوني رئيسا لإيران.
كيف تقيّم تحركات وخطط المنافسين الذين يعارضون بزشكيان سواء بشكل علني أو في الخفاء؟
كما ذكرت سابقا، أعتبر وجود التيارات المعارضة في أي حكومة، سواء كانت حكومة إبراهيم رئيسي أو حسن روحاني أو غيرها، دليلا على النضج الديمقراطي. ليست هناك مشكلة في وجود معارضة، سواء كانت في الظل أو في العلن، وسواء كانت هذه المعارضة تتضمن النشاطات أو طرح الآراء أو الانتقاد لأداء الحكومة، فكل ذلك يعد جزءا من النمو السياسي والتطور.
لكن مسألة عرقلة سير عمل الحكومة خط أحمر بالنسبة لنا، فلا ينبغي لأي فئة معارضة، في أي حكومة كانت، أن يُسمح لها بالتدخل في الأنشطة القانونية للحكومة، سواء كانت تعمل في الخفاء أو في العلن، فهذا لن يعود بالنفع على البلاد.
على العكس، من الجيد أن يعبروا عن آرائهم، وإذا كانت لديهم انتقادات، فيجب أن يطرحوها، وربما يخطئ المسؤولون في بعض الأحيان، ويمكنهم الاستفادة من هذه الآراء. لماذا نُصر دائما على تصوير الموضوع كأنه مواجهة بين الخير والشر؟ من الطبيعي أنني لا أتفق مع هذا التيار ولا أقبل آراءهم، ولكن بشكل عام، يجب ألا نخشى من المعارضة.
يوجد العديد من المعارضين في المؤسسات الرسمية ولديهم نفوذ، ولديهم القدرة على عرقلة سير عمل الحكومة كما ذكرتم. هل ترون هذا الأمر قائما، وكيف يمكن التصدي له؟
في هذه الحالة، يجب على الحكومة أن تكون حريصة في تحديد من يعرقل قراراتها، سواء كانوا معارضين علنيين أو لا. هناك تحالف عصابات من أصحاب السلطة والثروة يعملون في الخفاء، دون أن يظهروا معارضتهم بشكل مباشر ضد الحكومة، لكنهم يعطلون سير عمل الدولة. يجب أن تكون الحكومة يقظة لهذه الفئات أيضا، فالمعارضون أو المنتقدون للحكومة ليسوا فقط هؤلاء الذين يتم الإشارة إليهم. لدينا في إيران مجموعات من أصحاب السلطة والثروة لديهم نفوذ في الحكومة ويؤثرون سلبا على القرارات.
هنا، تقع على عاتق الحكومة مسؤولية مواجهة هذه العراقيل، وعليها أن تنقل هذا الاعتراض إلى الشعب والمسؤولين المعنيين؛ لضمان عدم تأثير هذه العرقلة على سير العمل، فالنقد مقبول، لكن العرقلة يجب ألا تستمر. على سبيل المثال، في الأشهر الأخيرة، تحدث المسؤولون الحكوميون عن مجموعات أو أفراد ذوي نفوذ قد تتعرض مصالحهم للتهديد بسبب قضايا مثل العملة، هؤلاء الأفراد أو المجموعات ليسوا بالضرورة معارضين في الخفاء، قد يكونون آخرين. يجب أن يتم التعامل بحزم مع أي شخص يسعى لعرقلة سير عمل الحكومة.
ما الإجراءات التي يجب أن تتخذها الحكومة للتصدي لعمل تلك القوى؟
أعتقد أن الحكومة بقيادة بزشکیان ما زالت تواجه ضعفا في التواصل مع الشعب وعرض القضايا والمشاكل التي يعاني منها. ويقع جزء كبير من هذه المسؤولية على عاتق بزشکیان شخصيا، وليس فقط على عاتق الحكومة كجهاز تنفيذي.
من الضروري أن تقوم الحكومة بتواصل فعال مع الرأي العام، ويجب أن يكون الشعب على دراية كاملة بما يجري من مشاكل وتحديات حتى يتمكن من دعم الحكومة، عندئذ، سيقل الضغط على المعارضين والمنتقدين.
وأعتقد أيضا أن الحكومة لا بد أن تخطط لتوفير سلة غذائية بأسعار معقولة للفئات الفقيرة في المجتمع. يجب تحديد هذه الفئات، وعلى الرغم من أن جزءا منها قد تم التعرف عليه بالفعل، فإن الحكومة بحاجة إلى تكثيف جهودها لدعمهم. وإذا كان هناك أي خطط لزيادة أسعار بعض السلع مثل الطاقة أو العملة، يجب ضمان أن هذه الفئات لن تتأثر بشكل كبير أو أن تأثير الزيادة عليها سيكون ضئيلا قدر الإمكان.
ذكرتَ أن الانتخابات موضوع آخر، لكننا نشهد إشارات تدل على أن القوى المعارضة، كما تقول، والمناهضة لحكومة بزشکیان، تتحرك بشكل جاد لدخول الساحة الانتخابية، سواء في المجالس المحلية أو البرلمان. وبالنظر إلى أن هذه القوى نفسها تشارك في البرلمان في متابعة الانتخابات، ما هي احتمالات أن تتمكن من السيطرة على المجالس في المرحلة الأولى؟
الأمر الأهم هنا هو أن الحكومة يجب أن تنجح في جذب الرأي العام لصالحها، بحيث يتم تشكيل المجالس المحلية أو البرلمان القادم من أشخاص يدعمون الحكومة فعليا. يجب أن نلاحظ أنه في انتخابات 1997، التي فاز فيها محمد خاتمي، حدث الأمر نفسه بالنسبة للمجالس المحلية، فقد تم انتخاب أعضاء مجلس المدينة والبرلمان من التيار نفسه الداعم للحكومة. إن الأمر يعتمد على كيفية أداء حكومة بزشکیان في إقناع الشعب وجذب آرائه لصالحها. لذلك، لا ينبغي القلق بشأن انتخابات المجالس أو البرلمان في المستقبل.
ما رأيكم في خطط التيارات الوسطية والمعتدلة والإصلاحية في هذا الصدد؟
أراه من زاوية مختلفة، إذ يجب أن نرى إلى أي مدى تستطيع الحكومة الحالية جذب التيارات الوسطية إلى صفها، وإلى أي مدى يمكنها إشراكهم في اتخاذ القرارات والاستفادة منهم في المناصب الحكومية، بمعنى آخر، جعلهم شركاء حقيقيين في العملية السياسية. إذا اكتفت الحكومة بالعمل مع فئة معينة فقط والاستفادة منها في المناصب أو الاستشارات، فإن المجموعات الوسطية ستشعر بالتهميش وستتخذ موقفا نقديا تجاه الحكومة.