كتبت – هدير محمود
جاء التنسيق بين تيار قاليباف أو ما يعرف بالأصولية الجديدة في إيران، وبين مسعود بزشكيان منذ هزيمة رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف في الانتخابات الرئاسية ثم التنسيق داخل البرلمان لدعم حكومة بزشكيان، ليلفت الانتباه إلى هذا التيار في الحياة السياسية الإيرانية ودوره وحجم تأثيره.
أطلق رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، تيار الأصوليون الجدد بعد انتخابات الرئاسة عام 2017. تم تقديم تيار الأصوليين الجديد إلى وسائل الإعلام والنشطاء السياسيين. لكن واجه ردود فعل سلبية من الأصوليين التقليديين.
طرح محمد باقر قالیباف لأول مرة موضوع “الأصولية الجديدة” بعد انتخابات الرئاسة عام 2017، حيث أشار في رسالة إلى أنه وصل إلى قناعة بأن “التغيير الجوهري في أسلوب عمل التيار الأصولي هو أحد المطالب الرئيسية للشباب المؤمنين والمخلصين للثورة والوطن اليوم. وأكد أن الأصولية يجب أن تبدأ بسرعة في التحرك نحو “الأصولية الجديدة” مع الحفاظ على المبادئ والقيم الثورية للجمهورية الإسلامية.
بعد الانتخابات وجه قاليباف الرسالة إلى الشباب، وشرح فيها مسارًا جديدًا في التيارات السياسية، مستخدمًا مصطلح “الأصولية الجديدة”. بعد نشر هذه الرسالة، أبدى الشخصيات السياسية والنخب ردود فعل مختلفة تجاهها.
نشر الصحفي أمير محبيان، شرح تعريفًا يمكن الاعتماد عليه لـ “الأصولية الجديدة” على النحو التالي: إن الاستجابة لمطالب واحتياجات المجتمع الجديد تتطلب تعريفًا جديدًا يستند إلى احتياجات اليوم مع الحفاظ على الأهداف المثالية. ولكن من ناحية أخرى، يمكن تفسير “الأصولية الجديدة” بأنها تعني تجاوز القيم الأصولية بالكامل والسعي إلى إنشاء خطاب جديد للأصولية، وهذا يتطلب نظرة تجديدية تركز بشكل أساسي على التغييرات.
الأمين العام لحزب مؤتلفة الإسلامي محمد نبي حبيبي، وهو أحد الأحزاب التقليدية في الجناح اليميني، قال في حديث مع صحيفة اعتماد: “إذا كان المقصود من مصطلح الأصولية الجديدة عند السيد قاليباف هو التغيير في المبادئ، فأنا أرفض ذلك تماماً… لم أستخدم مصطلح الأصولية الجديدة ولم أقبله. هذا مصطلح استخدمه السيد قاليباف. ربما لديه تعريف لهذا المفهوم، ولكني أعتبر تطور الأصولية في المبادئ مسألة غير أصولية، ولكني أعتبر تطور الأساليب ضروريا”.
كتب موقع (ألف) عن تيار الأصولية الجديد : “لقد فهم قاليباف أنه لا يمكن تجاهل احتياجات الطبقة الوسطى اليوم، وفي الوقت نفسه يجب الحفاظ على قيم الثورة الإسلامية. ولذلك يمكن تحليل جوهر الرسالة الأصولية في إعادة تعريف تنظيم الأصولية. هذا هو المحور الذي يمكن أن يكون تحليله هو السبيل لعلاج أسباب الفشل الأخيرة للأصوليين.”
كما كتبت صحيفة “عصر إيران” الأصولية لها قادة، و”الأصولية الجديدة” كانت تُطلق سابقاً على أحمدي نجاد، وربما يقصد السيد قاليباف شيء جديد بـ”الأصولية الجديدة”. لكن في هذه “الأصولية الجديدة”، هل يمكنه جذب الأصوليين والأصوليين الجدد؟”
سارع شاكوري راد، الأمين العام لحزب مشاركة رقم 2، إلى ترجمة وتفسير الأصولية الجديدة على النحو التالي: “الأصولية الجديدة تعني جذب الداعمين والمؤيدين بغض النظر عن أي نوع من المعتقدات أو أنماط الحياة. يعني كُن كيفما تريد وبأي شكل ترغب، لكن فقط كن معنا وصوّت لنا.”
وفيما يتعلق بمسألة الأصولية يعتقد عضو البرلمان كوهكن أن الأصولية، والجماعة الذين ينتمون إليها، ليست حزباً شاملاً كما هو واضح للجميع.
في حين قال عضو جبهة القوى الثورية الشعبية السيد محمد صالح جوكار، بخصوص تأسيس “الأصولية الجديدة”: “كل شخص يريد أن يقدم تفسيرًا للتغيرات في جبهة الأصوليين من منظوره الخاص، وهذه التفسيرات كثيرة وكل شخص يعبر عنها وفقا لموقعه السياسي وقناعاته. النقطة المهمة التي يجب التركيز عليها هي أن نشعر بشكل عميق وجوهري بهذه التغيرات في جبهة الأصوليين. يجب أن تظهر هذه التغييرات في الساحة السياسية والاجتماعية، ويجب أن نتجه نحو جذب الخطابات وتفعيل دور الشباب. علينا أن نؤمن بأنه كما في بداية الثورة الإسلامية، يمكننا أن نتخذ أعظم الخطوات نحو التقدم مع الشباب”.
في حين قال وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في حكومة أحمدي نجاد محمد سليماني، في هذا الصدد: “أولئك الذين يرغبون في إضافة كلمة “جديد” إلى الأصوليين، يسعون إلى تعريف الأصولية بالطريقة التي يرغبون بها هم.”
كما قال الصحفي الأصولي محمد مهاجري، إن “تيار الأصوليين الجديد لا يحمل جديدًا”، مضيفًا أن “الميزة الوحيدة للأصوليين الجدد هي أنهم يعبرون عن نقاط ضعف الأصوليين.”
اختلافات الأصوليين مع الأصوليين الجدد.
بطبيعةِ الحال، حدث أن اختلف التيارُ الأصوليُّ التقليديُّ مع تيارِ الأصوليةِ الجديدةِ التابعِ لقاليباف، وقد كان اختلافُ الأصوليين مع الأصوليين الجدد هو عنوان المقال بصحيفة “اعتماد أونلاين” والذي كتبه الناشط الإصلاحي، عباس عبدي، حيث يقول: “يسأل البعض لماذا أستخدم مصطلح الأصوليين الجدد وما المقصود من هذه العبارة بالضبط؟ خصص هذا التقرير لشرح هذه النقطة المهمة، لأن هاتين المجموعتين لهما اختلافات هامة ولا ينبغي الخلط بينهما.”
كما قال عباس عبدي: إن الأصوليين لديهم تقييدٌ أكبر بالتقاليد الدينية والأخلاقية، ويقدّرون المؤسسات الدينية التقليدية بشكلٍ أكبر. وأضاف: “هم ملتزمون بآداب السلوك وقليلًا ما يكون لديهم كذب متعمَّد. قبل دخولهم إلى مجال السلطة، كانوا يمتلكون ثروات اقتصادية ولم يحصلوا عليها من خلال السلطة، رغم أنهم قد يكونوا قد زادوا ثرواتهم بالاستفادة من السلطة لاحقًا. من الناحية العائلية والطبقية، لديهم جذورٌ عميقة، ولديهم استقلال نسبي عن السلطة، وإذا لم ينتقدوا السلطة، فإنهم يفعلون ذلك لأسبابٍ مصلحية.”
أما الأصوليون الجدد، فيختلفون كثيرًا عن الأصوليين، فالسلطة بالنسبة لهم هي القيمةُ الأساسيةُ. يمدحون كلَّ ما يوصلهم إلى السلطة، ويشوهون كل ما يعيقهم. نظرتهم للأحداث والشخصيات والأمور هي نظرةٌ للاستفادة. لا شيء يكتسب قيمةً لديهم سوى السلطة، حيث إن القيم الأخلاقية تُحدُّ من حريتهم وتقيِّدهم، لذا لا يلتزمون بها.
من هو محمد باقر قاليباف ؟
محمد باقر قاليباف هو زعيمُ تيارٍ سياسيٍّ، وقادم من التيار الأصولي. وقد شغل مناصب مثل قائد قوات الشرطة، قائد القوة الجوية للحرس الثوري، عمدة طهران، ورئاسة البرلمان. كان قاليباف أحد المرشحين الستة المعتمدين من قبل مجلس صيانة الدستور في الدورة الرابعة عشرة من الانتخابات الرئاسية، التي جرت بعد وفاة الرئيس الراحل ورفاقه في حادث المروحية.