كتبت: آية السيد
تمثل زيارة الرئيس الإيراني، مسعود بزشکیان، لنيويورك فرصةتاريخية للقاء الرئيس الأمريكي جو بايدن، وتقديم رسائل هامة على الساحة الدولية، حسبما تذكر صحيفة شرق الإيرانية في تقرير لها نشرته في 16 سبتمبر/أيلول 2024، جاء فيه:
أن زيارة مسعود بزشکیان الأولى لنيويورك تمثل فرصة تاريخية له، فقد يكون أول رئيس إيراني يجتمع برئيس الولايات المتحدة، وذلك لأن بايدن يعتبر رئيسا مؤقتا، وليس رئيسا يتمتع بنفوذ طويل الأمد في أمريكا.
ذكرت الصحيفة أنه في شهر أكتوبر/تشرين الأول يحل موسم سفر رؤساء إيران لنيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، من المتوقع في أكتوبر/تشرين الأول 2024 أن يقوم مسعود بزشکیان بأول زيارة له لنيويورك، تحظى هذه الزيارة بأهمية كبيرة، حيث يتجه اهتمام قادة العالم نحو الرئيس الإيراني الجديد، مما يجعل هذه الرحلة فرصة لتوجيه رسالة واضحة إلى المجتمع الدولي وتحقيق نتائج ملموسة للشعب الإيراني.
زيارة رؤساء إيران لنيويورك
استعرضت الصحيفة أولى زيارات رؤساء إيران لنيويورك، حيث كانت أول زيارة لرئيس إيراني لنيويورك عندما حضر (محمد رجائي) إلى الأمم المتحدة بعد أقل من عامين على الثورة الإسلامية، حيث استغل رجائي المنصة لشرح أسباب الثورة، وإبراز الظلم الذي تعرض له السجناء في عهد الشاه، حتى إنه خلع حذاءه ليعرض آثار التعذيب على قدميه.
بعد ذلك قام خامنئي بصفته رئيسا لإيران بإلقاء كلمة في الأمم المتحدة مرة واحدة فقط. أما في فترة رئاسة (هاشمي رفسنجاني) فلا توجد معلومات واضحة حول مشاركته المباشرة رغم زياراته لنيويورك، حيث قام وزير خارجيته (علي أكبر ولايتي) بتمثيله عدة مرات.
مع تولي محمد خاتمي الرئاسة خلال فترة الإصلاحات، اتخذت زيارات الرؤساء الإيرانيين لنيويورك منحى مختلفا، رغم التوقعات بلقائه مع الرئيس الأمريكي بيل كلينتون فإنه لم يحدث اللقاء، بدلا من ذلك قدم خاتمي فكرة “حوار الحضارات” التي حظيت بترحيب عالمي واسع.
لاحقا، كان أحمدي نجاد وحسن روحاني الأكثر تكرارا للزيارات لنيويورك، فزيارة أحمدي نجاد الأولى كانت مثيرة للجدل، خاصةً خطابه في الأمم المتحدة ومناقشته في جامعة كولومبيا، بينما تميزت زيارة روحاني الأولى بالمكالمة التاريخية التي جرت بينه وبين الرئيس الأمريكي.
إمكانية لقاء الرئيس الأمريكي
ذكرت الصحيفة أنه على مر التاريخ ظهرت فرصتان لإمكانية لقاء رؤساء إيران مع رؤساء الولايات المتحدة، في المرة الأولى رغبت الإدارة الأمريكية بشدة في تنظيم لقاء بين الرئيس كلينتون والرئيس الإيراني خاتمي ولكن خاتمي رفض هذا اللقاء، أما المرة الثانية فكانت خلال فترة رئاسة روحاني، حيث كانت الترتيبات للقاء مع الرئيس الأمريكي الأكثر جدلا (دونالد ترامب) في مراحلها النهائية، ومع ذلك قرر روحاني بحكمةٍ عدم الوقوع في فخ ترامب، و في وقت لاحق سرد روحاني كيف حاول ترامب ترتيب لقاء بينهما في عام 2019 و كان كل شيء جاهزا، إلا أن ترامب لم يكن مستعدا للإعلان عن رفع العقوبات وبدء المفاوضات قبل التقاط الصورة التذكارية، ولذلك قرر روحاني عدم المشاركة في لقاء كان هدفه الأساسي مجرد التقاط صورة تذكارية.
أما أحمدي نجاد فكان يميل بشدة إلى لقاء الرئيس الأمريكي (أوباما )، وأعرب عن هذه الرغبة علنا في عام 2012، لكن الجانب الأمريكي رفض اللقاء.
و أفادت الصحيفة بأن إبراهيم رئيسي سافر إلى نيويورك مرتين خلال فترة رئاسته، وأثارت الزيارتان جدلا واسعا، في عام 2021 لم يتمكن من السفر بسبب جائحة كورونا، لذا جاءت زيارته الأولى في عام 2022 وسط أحداث كبيرة داخل إيران، أما زيارته الثانية فقد شهدت بعض الجدل المماثل لما حدث خلال زيارات أحمدي نجاد نتيجة لتصرفات فريقه المرافق.
رحلة تاريخية
وقالت الصحيفة إن زيارة بزشکیان لنيويورك قد تكون تاريخية، إذ يعد أحد أهدافها الرئيسية لقاء الرئيس الأمريكي جو بايدن، كما يرى البعض أن هذا اللقاء يمثل فرصة جيدة للحوار، خصوصا مع اعتبار بايدن رئيسا مؤقتا، ومع ذلك يعارض البعض هذه الخطوة، معتبرين أن اللقاء قد يغضب ترامب ويعطي انطباعا بأن إيران تدعم الديمقراطيين، و رغم ذلك يقال إن هذا اللقاء لن يؤثر سلبا على إيران من وجهة نظر حملة ترامب، حيث لا يمكن لترامب أن يصبح أكثر عداء لإيران مما هو عليه بالفعل، وبالتالي فإن الحوار لن يزيد الأمور سوءا.
تحذيرات واقتراحات لزيارة نيويورك
و أفادت الصحيفة بأنه قد تم الحديث مع العديد من الخبراء لفهم جدول أعمال هذه الزيارة، كما استعرضت أهم الاقتراحات والتحذيرات التي تم التوصل إليها بشأن زيارة مسعود بزشکیان لنيويورك:
1- عدم اصطحاب العائلة والأقارب، كما فعل إبراهيم رئيسي ومحمود أحمدي نجاد.
2- الاهتمام بدعوة الأمين العام للأمم المتحدة لحضور غداء القادة الذي قد يتيح فرصة للقاء بايدن.
3- تجنب القيام بأي استعراضات شكلية في الأمم المتحدة.
4- الاجتماع مع قادة الدول الأوروبية لتوضيح دور إيران في الحرب الأوكرانية وإزالة سوء الفهم.
5- لقاء أعضاء الكونغرس الأمريكي أو أعضاء مجلس النواب المعارضين لقتل الفلسطينيين في غزة، مثل إلهان عمر (هي عضو في مجلس النواب من أصول صومالية).
6- الاهتمام بالتواصل مع مراكز الأبحاث و الدراسات الأمريكية التي تؤثر في السياسات المتعلقة بإيران والمنطقة.
7- التركيز على خطاب الرئيس في الأمم المتحدة، والتدرب على إلقائه بشكل متقن بحيث يمكن تقديمه بدون قراءة نص مكتوب، الثقة بالنفس أثناء إلقاء الخطاب ستوصل للعالم رسالة قوية حول أهمية أخذ مسعود بزشکیان بجدية.
8- يمكن أن يقدم بزشکیان “هدية” للإيرانيين المقيمين في الخارج، وهي ضمانات بعدم تعرضهم لأي مشكلات عند عودتهم إلى إيران، كما حدث مع العفو الذي قدمه محسني أجه إي في عام 2022، والذي أدى إلى إغلاق أكثر من 90 ألف قضية.
9- تقديم خطة عملية لحل أزمة غزة، بما يسمح بتشكيل تحالفات دولية حول هذا المحور.
10- الابتعاد عن الشعارات المكررة في الخطابات والمقابلات، وتشكيل فريق فكري لإعداد مواضيع وأجوبة مناسبة للإعلام، مع تجنب الوعظ للعالم، والتركيز على العبارات المفتاحية التي يمكن أن تصبح عناوين رئيسية في وسائل الإعلام.
11- في ما يتعلق بالمفاوضات النووية، كان بزشکیان في وضع غير نشط خلال الشهرين الماضيين، حيث لم تقم الحكومة بأي خطوات، لذا يمكن أن تكون نيويورك بداية جيدة في هذا الشأن، كما يجب التحدث عن المعاناة التي سببتها العقوبات الغربية على إيران على مدى 21عاما رغم عدم تصنيع إيران للقنبلة النووية.
13- عدم اصطحاب الصحفيين والإعلاميين الذين يثيرون الجدل بدلا من التركيز على تغطية جوهر الزيارة.
14- عقد لقاءات محدودة مع المستثمرين الإيرانيين والأجانب بهدف الوصول إلى نتائج ملموسة تعزز الاستثمار داخل إيران، وإلا فإن أي اجتماع تقليدي بدون نتائج سيكون مضيعة لوقت الرئيس خلال زيارته المحدودة لنيويورك.
15- مناقشة القضايا البيئية مع قادة دول المنطقة، مثل مشاكل المياه والعواصف الترابية والتلوث البحري.
16- الاجتماع والتحدث مع المؤسسات الإسلامية في أمريكا، مثل الجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية (ISNA).
والأهم من كل ذلك، اللقاء المحتمل مع الرئيس الأمريكي، والذي قد يكون ذا أهمية بالغة.