لمياء شرف
نشرت جريدة نيويورك تايمز، أمس الأحد 15 سبتمبر/أيلول، تقريراً لمراسلتها لشؤون الشرق الأوسط، أليسا روبن، تؤكد فيه أن كلاً من حركة المقاومة الفلسطينية “حماس” وجماعة أنصار الله الحوثي اليمنية أنشآ مكاتب سياسية سرية لهم داخل العراق، على أن تكون تحت حماية ورعاية من دولة إيران.
وأشار التقرير إلى أن المسؤولين الحكوميين العراقيين سمحوا لكل من حماس والحوثيين بإنشاء مكاتب سياسية لهم أكثر ديمومة في بغداد خلال الشهور الماضية، مؤكدةً أن هذا التحول بدافع من إيران لتشجع وكلاءها على تبادل المهارات العسكرية والتنسيق في الأهداف.
وبحسب مصدرين تحدثا لصحيفة “نيويورك تايمز”، يقول بعض المسؤولين في الحكومة العراقية إنهم غيرسعداء بالضيوف الجدد، ولكن نظراً إلى تصاعد نفوذ إيران لم يكن لديهم القدرة على منعهم، واستجابت القيادة العراقية لرغبة الحوثيين وحماس في فتح مكاتب لهم.
حسب التقرير، ووفقاً لمسؤولين عراقيين وغربيين، وكذلك عضو في جماعة مسلحة عراقية، والذين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم؛ نظراً إلى حساسية الموضوع، بإنه تم إنشاء هذه المكاتب، التي تركز بشكل رئيسي على تطوير الروابط بالعراق، في يونيو/حزيران الماضي.
وأكدت روبن في تقريرها، أن حماس افتتحت مكتبها في بغداد بمنطقة العرصات، وهي حي من الطبقة المتوسطة يتميز بمزيج من المنازل المكونة من طابقين والتي بُنيت في السبعينيات، مضيفةً أنه لا توجد لافتات على المكتب السياسي لـ”حماس” في العاصمة العراقية، والذي يخضع لحراسة مشددة، والشيء نفسه بالنسبة لمكتب جماعة الحوثي الذي يقع على مسافة قريبة بالسيارة من مكتب حماس.
تعاون حركات المقاومة
ونقل التقرير عن توماس جونو، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة أوتاوا الكندية، أنه وغيره من الأكاديميين، لاحظوا اتجاه إيران إلى تشجيع حركات المقاومة المسلحة من دول مختلفة للعمل معاً.
وقال جونو: “إن حركات المقاومة المدعومة من إيران تتحرك أكثر نحو العمل بشكل مؤسسي، حيث يتم عقد لقاءات بشكل منظم بين هذه الجماعات، ويتم أحياناً تكوين غرف قيادة مشتركة”، ملاحظاً أن جهود التنسيق بين حركات المقاومة تصاعدت منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وأضاف التقرير أن العراق حاول منذ الغزو الأمريكي الذي أطاح بالرئيس العراقي السابق صدام حسين قبل أكثر من 20 عامًا أن يحافظ على توازن صعب بين إيران، التي تشترك مع العراق في حدود تمتد إلى أكثر من ألف ميل، والولايات المتحدة التي لا تزال تحتفظ بقوات في العراق يبلغ عددها 2500 جندي.
غير أن الدفة مالت لصالح إيران، كما ذكر التقرير، حيث عملت إيران بشكل ثابت على تضخيم تأثيرها السياسي بالتوسع في دعم الجماعات الموالية لها في العراق، وذلك في إطار رؤية أوسع لبناء تحالف إقليمي موالٍ لطهران في لبنان واليمن.
نفي كُلي
جاء هذا التقرير منافياً لتصريحات سابقة لعضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” عزت الرشق، رداً على تقرير أوردته صحيفة “ذا ناشونال”، من مزاعم بأن حماس تخطط لمغادرة قطر والتوجه إلى العراق.
وكانت صحيفة وول ستريت جورنال أيضاً زعمت في تقرير لها، أن القيادة السياسية لحركة حماس تتواصل مع سلطنة عمان ودولة أخرى مثل تركيا لبحث الخروج من قطر، على أثر ضغوط مشرعين أمريكيين، بهدف إحراز تقدم في المفاوضات بشأن صفقة إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين مقابل هدنة في غزة.
ورداً على ذلك نفت مصادر لـ”عربي21″، مفضلةً عدم كشف هويتها، هذه الأنباء، مؤكدةً أنها عارية عن الصحة تماماً، وأن الحركة لم تبحث قضية انتقال قيادتها السياسية في قطر إلى دولة أخرى، تحت أي نوع من الضغط.
كما نفى مسؤول في الحكومة العراقية تقارير إعلامية عن طلب حركة حماس، نقل قيادتها من العاصمة القطرية الدوحة إلى بغداد.
وقال المستشار السياسي لرئيس الوزراء العراقي فادي الشمري: “لا يوجد افتتاح أو مقر رسمي كما تم ترويجه، ولم نتسلم طلباً بانتقال قادة حماس أو فتح مكتب رسمي في العراق”.
كما نقلت صحيفة “الشرق الأوسط” عن مصدر آخر مقرب من الحكومة العراقية، أن “حماس لم تطلب من بغداد فتح مكتب أو انتقال مقراتها إليها، وكل ما يتم تداوله بهذا الصدد عارٍ عن الصحة”.
وعن نقل الحركة مكاتبها السياسي إلى تركيا، قال زاهر جبارين، رئيس حركة المقاومة الإسلامية “حماس” بالضفة الغربية، في تصريحات سابقة له، إن الأخبار المتداولة عن نقل مكاتب الحركة من قطر إلى تركيا غير دقيقة، وشدد على أن حماس لن تنقل مكاتبها إلى أي مكان خارج الدوحة.
وفي تصريحات لـ”الجزيرة نت”، أكد جبارين أن هذه الأخبار مردها الضغط الإعلامي على الحركة، مشيراً إلى أن حماس لها مكاتب عاملة في إسطنبول منذ نحو 10 أعوام، وما زالت مستمرة في عملها حتى اليوم.