كتبت: ناهد إمام
بينما يصوت الأمريكيون، الثلاثاء 5 نوفمبر/تشرين الثاني، إما لنائبة الرئيس بايدن “كامالا هاريس”، وإما للرئيس السابق “دونالد ترامب”، ينقسم المواطنون في إيران حول فائدة فوز أي مرشح لبلادهم، إذ يتبنى كلا المرشحين مواقف متشددة تجاه الجمهورية الإيرانية.
ويبدو موقف المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، علي خامنئي، واضحا، وهو ما وصفه بالموقف الثابت من طهران تجاه واشنطن، بصرف النظر عن وجود انتخابات أم لا، وسواء صعد الجمهوريون أم الديمقراطيون إلى سدة الحكم، وفقا لـلموقع الرسمي لخامنئي.
أشار خامنئي في خطاب ألقاه يوم السبت 3 نوفمبر/تشرين الثاني، بمناسبة ذكرى احتلال السفارة الأمريكية في طهران، رافضا تغيير سياسة إيران تجاه واشنطن، ومؤكدا أن سياسة الجمهورية الإيرانية تجاه الولايات المتحدة محسوبة وواضحة.
وقال خامنئي: “قد يحدث شيء ما مع وصول شخص أو غيابه، لكن الأمر لا علاقة له بنا ولن يكون له أي تأثير على سياسة الجمهورية الإسلامية”.

وأضاف بشأن المواجهة مع الولايات المتحدة: “يعتقد البعض أنه إذا استسلمت الحكومة لمطالب وسياسات الولايات المتحدة، فإنها ستستفيد، في حين أن الحكومات التي استسلمت، تزايدت مشكلاتها، وكانت الأكثر تضررا من السياسات الأمريكية”.
وبينما يرى مراقبون أن هناك تفضيلات إيرانية لوصول الديمقراطيين إلى السلطة في أمريكا، ربما، نظرا إلى تسامحها مع العقوبات طوال السنوات الثلاث الماضية، إلا أن الموقف الرسمي للحكومة كان دائما “لا تفضيل”، وهو ما عبّر عنه، في وقت سابق، السبت 3 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، وزير الخارجية الإيراني الأسبق جواد ظريف، في لقاء له مع قناة “سي بي إس” الأمريكية، بالقول: “موقف فريق السيد بايدن أفضل، لكن على أي حال علينا أن ننتظر ونرى”.
وفي مقابلة له مع وكالة أنباء “إيسنا”، وصف محلل الشؤون الدولية، داريوش بايستيه، فرضية “فوز الديمقراطيين بقيادة هاريس، سيجعل وضع إيران هو الأفضل”، بأنه تفكير ساذج، قال: “الوضع الحرج الذي تشهده المنطقة والعالم اليوم، يرجع إلى الحكومة الديمقراطية، واستمرار حكومتهم لا يمكن أن يأتي بأي شيء لإيران”، مشيرا إلى ذرائع ينتهجها الديمقراطيون مثل تقديم المساعدة لأوكرانيا، وإسرائيل، فضلا عن حقيقة الوضع الراهن في ظل التوترات بين إيران وكل من إسرائيل وألمانيا.
وتابع بايستيه: “في حال فوز ترامب، سيضعف التحالف بين الولايات المتحدة وأوروبا، وهذا بالتأكيد في مصلحتنا، إذ يمنحنا ذلك مزيدا من القوة التفاوضية، وعلى أية حال، نحن مطالبون دائما بخلق فجوة بين أوروبا وأمريكا، ومن ثم تأمين مصالحنا”.
ترامبيون إيرانيون ومعارضوهم
وبحسب تقرير لموقع “راديو فردا” الإيراني، فهناك من يأمل بين الإيرانيين أن فتح حوار بين إيران والغرب، بوصول هاريس للحكم تزامنا مع وجود بزشكيان كرئيس إصلاحي على رأس السلطة في إيران، وهناك فريق آخر يرى في فوز ترامب، أملا في تحجيم دور إيران، بحسب “نسيم بهروز”، المتحدثة باسم حملة “إيرانيون من أجل دونالد ترامب”، أحد الذين يعتقدون أن وجود ترامب سيعني مزيدا من تقويض النظام الحاكم في إيران وإرساء سياسات مناهضة للمرشد والحرس الثوري، على حد قولها، من خلال فيديوهات مصورة على حسابها الشخصي، وحساب “trump iranians” على موقع التواصل الاجتماعي “إنستغرام”.

وتزعم بهروز الإيرانية، التي تعيش في الولايات المتحدة الأمريكية، أن كثيرا من الإيرانيين، لدى مقارنتهم سياسات ترامب بتلك الخاصة ببايدن، سيجدون أن ترامب هو الأفضل، وبشيء من التفصيل، تقول: “نعتقد أن الرئيس ترامب هو الخيار الأفضل لمجتمعنا؛ دعما للسياسات التي نريدها، ونحتاجها من أجل الحرية والديمقراطية في إيران، ولحماية الأمن القومي الأمريكي، وبالنظر إلى فترة ولاية ترامب السابقة (2017-2021)، نجد سياساتٍ مثل: الانسحاب من الاتفاق النووي “JCPOA”، وتصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية، واغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني، كل ذلك يعد دليلا قاطعا على سياسة ترامب الحاسمة تجاه إيران”، على حد قولها.

إلى ذلك، يرى الإيرانيون الذين يدعمون ترامب أن رفع العقوبات لم يكن له أي تأثير على معيشة الناس، عكس المجموعة الأخرى، الذين يستذكرون تجربة خطة العمل الشاملة المشتركة قبل سنوات من انسحاب الولايات المتحدة من تلك الاتفاقية، فإنهم يقولون إنه خلال تلك الفترة، تحركت معدلات التضخم، والبطالة، والتوظيف، وسعر الصرف، بشكل إيجابي.
وعكس نسيم بهروز، يرى آراش عزيزي، المؤرخ والمحاضر الجامعي في الولايات المتحدة الأمريكية، أن عودة ترامب إلى السلطة لا تمثل ضررا على الإيرانيين فحسب، بل على العالم أجمع، وفي هذا الصدد قال لـ”راديو فردا”: “من وجهة نظر مصالح الشعب الإيراني والاستقرار والأمن في الشرق الأوسط، وأيضا من وجهة نظر مصالح المهاجرين الإيرانيين بأمريكا، فإن كامالا هاريس هي الخيار الأفضل”، وتابع: “ترامب هو أحد مؤيدي بنيامين نتنياهو، الذي يشعل المنطقة، وهو لا يملك صبرا ودبلوماسية لازمة للتوصل إلى مفاوضات مع إيران، لذلك فإن وجود ترامب في البيت الأبيض سيكون كارثيا للغاية”.
ويضيف عزيزي: “باعتبارنا سياسيين يمينيين، نعتقد أن وجود ترامب يعني مزيدا من إضعاف الجمهورية الإسلامية”.

وتقول كلتا المجموعتين الداعمتين لـ”دونالد ترامب”، و”كامالا هاريس” إن وجود مرشحهما المفضل يمكن أن يؤدي إلى مصير أفضل للإيرانيين، ولكن لا يوجد بحث موثوق يوضح أي المرشحين هو الأكثر شعبية في نهاية المطاف بين الإيرانيين الذين يعيشون في الولايات المتحدة.
ويشير آراش عزيزي إلى أنه لا يوجد استطلاع صحيح في هذا الصدد، ويقول: “يبدو أن الإيرانيين يصوتون للحزبين، كمثل العديد من الجاليات المهاجرة، فإنهم يصوتون للديمقراطيين والبعض الآخر يريد ترامب ومواقفه المتشددة تجاه إيران، وكذلك الحال بالنسبة لكثيرين داخل إيران”، على حد قوله، ويضيف: “لذلك، لا يمكن القول، في رأيي، بشكل قاطع، إن أحد المرشحين لديه أصوات أكثر من الآخر بين الإيرانيين”.
ويعتقد عزيزي أنه سواء كان ترامب أو هاريس، فمن سيفوز لن يكون أمامه خيار سوى التحدث مع الحكومة الإيرانية، يقول: “يجب على كلا المرشحين التوصل إلى مفاوضات وتسوية مع إيران من أجل حل القضايا الإقليمية، على الرغم من وعورة الطريق بسبب التوترات والحرب بين إيران وإسرائيل، فإنه لا بد في نهاية المطاف من التوصل إلى اتفاق مع إيران”.
وعن الفارق بين ترامب وهاريس، يرى “عزيزي”، أنه يبرز من خلال فريق هذين المرشحين للانتخابات، يقول: “لدى هاريس فريق بارع يمكنه المساعدة باحترافية في دفع الحوار والتوصل إلى اتفاق مع إيران نحو خطوات إيجابية، فضلا عن احترافيتها هي نفسها، في السياسة الخارجية، بينما المحيطون بترامب هم المقربون جدا من نتنياهو، أضف إلى ذلك افتقار ترامب نفسه إلى الحكمة والدبلوماسية، ما يمكن أن يؤدي إلى سياسات تتسبب في مزيد من التوتر بالمنطقة”.