كتب: ربيع السعدني
دخل دونالد ترامب البيت الأبيض للمرة الثانية رئيسا للولايات المتحدة وأقيمت مراسم تنصيبه يوم الاثنين 20 يناير/كانون الثاني 2025، داخل مبنى الكابيتول. بعد فترة وجيزة من أداء اليمين الدستورية، أصدر ترامب العديد من الأوامر التنفيذية العاجلة.
بعد ذلك، كتب منشورا على موقع “Truth Social” شبكته الاجتماعية الخاصة، بعد منتصف ليل الاثنين، أنه يخطط لتحديد وإقالة آلاف الأشخاص الذين لا يتوافقون مع رؤيته “لجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى”، ثم أعلن إقالة 4 مسؤولين بارزين في الإدارة الأمريكية السابقة، وهم: خوسيه أندريس من المجلس الرئاسي للرياضة واللياقة البدنية والتغذية، وكيشا لانس بوتومس من المجلس الرئاسي للصادرات، ومارك ميلي من المجلس الاستشاري للبنية التحتية الوطنية، إضافة إلى برايان هوك من مركز ويلسون للعلماء.
أقال ترامب مبعوثه السابق لمكتب إيران بوزارة الخارجية الأمريكية في الوقت نفسه الذي بدأ فيه ولايته الجديدة، وختم منشوره بعبارته المأثورة “أنتم مطرودون!”، التي اشتهر بها في برنامج تلفزيون الواقع الناجح الذي كان يقدمه “ذي أبرينتِس”.
من هو برايان هوك؟
برايان هوك، وفقا لتقرير وكالة “مهر” للأنباء، من مواليد 4 يونيو/حزيران 1968، محامٍ وسياسي عام حاصل على درجات علمية من جامعات مرموقة، أبرزها: درجة البكالوريوس في التسويق من جامعة سانت توماس عام 1990، ودرجة الماجستير في الفلسفة من جامعة بوسطن، ودرجة القانون من جامعة أيوا الكندية، وفي الفترة 1999-2003، كان شريكا قانونيا في شركة Hogan & Hartson بواشنطن، واحدة من أكبر وأعرق مكاتب المحاماة في الولايات المتحدة والعالم.
خلال رئاسة جورج دبليو بوش، شغل هوك منصب مساعد وزير الخارجية للشؤون الدولية، ومستشار أول لسفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، ومساعد خاص للرئيس لشؤون السياسة في مكتب كبير موظفي البيت الأبيض، وكان يعمل مستشارا في مكتب السياسة القانونية بوزارة العدل، كما عمل مستشارا لجون بولتون عندما كان سفيرا للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة.
“هوك”.. معارض سابق لترامب
قبيل الانتخابات الرئاسية في 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2016 وانتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة، كان برايان هوك معارضا بشدة لسياسات المرشح الجمهوري، حيث شارك في تأسيس شبكة من خبراء السياسة الخارجية الجمهوريين المخضرمين المعروفة باسم مبادرة “جون هاي” والتي سعت إلى مواجهة “السلالات الفكرية الانعزالية الجديدة في كلا الحزبين السياسيين الرئيسيين (الجمهوري والديمقراطي)، وقدم أعضاء المجموعة المشورة والتوجيه لجميع المرشحين الرئاسيين الجمهوريين الذين سعوا إلى ذلك، كان هناك اثنان فقط لم يفعلوا ذلك: راند بول ودونالد ترامب”، ووفقا لصحيفة “Politico” انقلب هوك على ترامب عبر كتابة رسالة احتجاج موقعة من 121 شخصية بارزة من الحزب الجمهوري في انتخابات 2016، ما جعله مثار انتقاد وسخرية من قبل مقدم البرامج الشهير في قناة “فوكس نيوز” تاكر كارلسون الذي وصفه بأنه “محافظ جديد لا يعتذر، ويحمل ازدراءً واضحا لدونالد ترامب”.

وعلى الرغم من هذه الحركة الاحتجاجية، عمل براين هوك مديرا لمكتب التخطيط السياسي بوزارة الخارجية عام 2017 عندما تولت إدارة ترامب الأولى مهامها خلال فترة تولي ريكس تيلرسون منصب وزير الخارجية، تردد اسم هوك أكثر في القضايا المتعلقة بإيران عندما ترأس فرقة العمل المكلفة بالتفاوض مع الحكومات الأوروبية لتعديل خطة العمل الشاملة المشتركة بناءً على طلب ترامب.
بعد إقالة تيلرسون من وزارة الخارجية الأمريكية بأوامر من ترامب وتولي مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي المتشدد، منصبه، كان بريان هوك أحد الدبلوماسيين القلائل الذين نجوا من عمليات التطهير اللاحقة للوكالة من قبل فريق تيلرسون، وكان من بين المقربين من بومبيو.
في عام 2018، تم تعيين هوك “مسؤول مكتب إيران” في وزارة الخارجية الأمريكية، أو ممثل الولايات المتحدة للشؤون الإيرانية، إلى جانب أعضاء متشددين في إدارة ترامب، مثل: “مايك بومبيو” و”جون بولتون” و”نيكي هيلي”، وآخرين مناهضين لطهران ويقودون ضدها حملة “الضغط القصوى” خلال إدارة ترامب الأولى، وهي سياسة مصممة لعزل البلاد دبلوماسيا وإلحاق صعوبات اقتصادية بشعبها، وفرضت العقوبات التي استهدفت صادرات النفط والمؤسسات المالية الإيرانية، والتي ألحقت خسائر فادحة بجيوب الأسر الإيرانية.
لماذا ترك هوك طاولة المفاوضات مع إيران؟
بدأ بريان هوك عمله بعد وقت قصير من انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران، المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، بناءً على أوامر دونالد ترامب، ووفقا لتقرير وكالة “مهر” للأنباء تم تشكيل “قوة مهام خاصة، بشأن إيران”، وكان هوك الشخصية الرئيسية في سياسة “الضغط القصوى”، منتقدا الحكومة الإيرانية ومدافعا عن السياسة الأمريكية تجاه طهران.
وأقاله وزير الخارجية الأمريكي آنذاك مايك بومبيو عام 2020، بحسب صحيفة “واشنطن بوست” بعد نحو عامين من تولي الملف الإيراني وقبل تصويت مجلس الأمن الدولي بقيادة الولايات المتحدة بشأن ما إذا كان سيتم تمديد حظر بيع الأسلحة لإيران في وقت بدا فيه أن عودة العقوبات الأمريكية عكس رغبات إدارة ترامب، فشلت في إعادة إيران إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى اتفاق آخر، وذكرت الصحيفة الأمريكية في 12 أغسطس/آب 2020، نقلا عن مصدر مطلع، أن استقالة هوك جاءت بناءً على طلب الإدارة حتى “يقع فشل الاستراتيجية بشأن إيران على عاتقه”، وتم استبداله بـ”إليوت أبرامز”.
ما سبب إقالة “هوك”؟
ذكرت وسائل إعلام أمريكية أن دونالد ترامب، الرئيس الجديد للولايات المتحدة، نشر رسالة على مواقع التواصل الاجتماعي أعلن فيها أن “براين هوك” المبعوث الخاص السابق لإيران “أقال” نفسه؛ لكن بحسب التقارير، ليس من الواضح من أي منصب تمت إقالته، والواضح هو أن هوك ليس له مكان في إدارة ترامب المستقبلية.
ومن جانبها أرجعت شبكة “شرق” اليومية في تعليقها الصادر يوم 21 يناير/كانون الثاني 2025، على خبر إقالة برايان هوك، أشار ترامب إلى منصبه باعتباره “عضوا في مجموعة علماء مركز ويلسون”، وزعمت سبب طرده أنه أعلن قبل تحديد السياسة الأمريكية تجاه إيران، أن خطة إدارته الثانية ستكون هي ذاتها سياسة “الضغوط القصوى”، وكان هوك أحد مصمميها في إدارة ترامب الأولى.
في المقابل وصفت وسائل الإعلام المحلية بإيران قرار إقالة هوك بـ”الغريب”، و”غير المتوقع” وكتبت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية شبه الرسمية “إيسنا“: “إضافة إلى ذلك، ليس من الواضح سبب استهداف ترامب لبريان هوك، لكن الرئيس الأمريكي قال إنه والثلاثة الآخرين (لا يتوافقون مع رؤيتنا لاستعادة العظمة لأمريكا)”، ولم يتضح بعد من أي منصب تمت إقالة هوك وفقا لوكالة أنباء “إرنا” الرسمية وكان مسؤولا عن “مركز ويلسون للعلماء”، وكان بحسب التقارير مسؤولا عن فريق ترامب الانتقالي في الأمور المتعلقة بوزارة الخارجية الأمريكية.
هل يغير ترامب سياسته تجاه طهران؟
خلال فترة ولاية ترامب الأولى، بحسب تقرير صادر في 22 يناير/كانون الثاني 2025 لصحيفة “طهران تايمز” الرسمية التي تستهدف الناطقين باللغة الإنجليزية داخل إيران وخارجها، كانت سياسته تجاه إيران تشكلت بقوة من قبل المتشددين مثل مايك بومبيو، وجون بولتون، وبريان هوك، ونيكي هيلي، وكينيث ماكينزي.
ومع ذلك، يشير البعض إلى أن ولايته الثانية قد تشير إلى تحول محتمل، حيث لا يتم توظيف أي من هؤلاء الأشخاص حاليا، وتم إجراء تعيينات جديدة. كما أمر ترامب بإلغاء التصاريح الأمنية للعديد من هؤلاء المتشددين وضمن ذلك جون بولتون، علاوة على ذلك، يبدو أن بعض التعيينات الجديدة التي أجراها ترامب عملية وواقعية بشكل ملحوظ عندما يتعلق الأمر بغرب آسيا، على سبيل المثال، دعا مايكل ديمينو، نائب مساعد وزير الدفاع المعين حديثا للشرق الأوسط، إلى تقليص الوجود الأمريكي في المنطقة، لقد صرح بأن الولايات المتحدة ليس لديها أي مصالح حرجة في غرب آسيا ووصف التهديدات هناك بأنها “ضئيلة أو غير موجودة”.
في مقابلة إذاعية أجراها في فبراير/شباط 2024، انتقد ديمينو إثارة الخوف المحيطة بإيران، قائلا: “أعتقد أن الأشخاص الذين يحاولون إخبارك بأن إيران ستستولي بطريقة ما على الشرق الأوسط، يثيرون الخوف وأعتقد أنهم لا يدعمون الحقائق”.
ما هو مركز ويلسون؟
مركز وودرو ويلسون الدولي هو مؤسسة بحثية خاصة وعامة في واشنطن، تتلقى نحو ثلث تمويلها من وزارة الخارجية الأمريكية، تمت تسمية هذا المركز البحثي على اسم وودرو ويلسون، الذي كان رئيسا للولايات المتحدة في الفترة بين عامي (1913 و1921).
ويعمل مركز ويلسون في مجالات مختلفة مثل السياسة والتاريخ العالمي المعاصر والعلاقات الدولية، ويتولى مهمة إجراء أبحاث حول مواضيع مثل دراسات الحرب الباردة والأمن الدولي وتغير المناخ، والهجرة والاحتياجات الإنسانية، كما تضم المؤسسة أيضا مجموعات عمل خاصة بشأن إيران، والحرب في أوكرانيا وسوريا، والشرق الأوسط، ويتكون مجلس أمناء المركز من أفراد حكوميين وغير حكوميين يتم تعيينهم من قبل رئيس الولايات المتحدة، وكان “هوك” عضوا في مجلس الأمناء، ونائب رئيس مركز سيربيروس للاستثمار العالمي.