كتبت إسراء محمد علي
بلغة الأرقام المقارنة بين القوة العسكرية الإيرانية والأمريكية غير عادلة لصالح الأخيرة، من حيث الإنفاق العسكري والعتاد وعدد الجنود، ولكن يبدو أن الحروب الحديثة لا تعترف دوماً بتلك المقارنات فهناك معادلات جديدة قلبت موازين الحروب خاصة بعد دخول المسيرات كأداة حربية رخيصة الثمن محلية الصنع قوية المفعول على خطوط المواجهة الأخيرة بين إيران وإسرائيل وأيضا في الحرب الروسية الأوكرانية والحرب في السودان وغيرها.
مناورات إيرانية
أرسلت القوات المسلحة الإيرانية رسالة واضحة من خلال إجراء العديد من المناورات وكشف النقاب عن وتشغيل مختلف المعدات والأسلحة، وحسب للصحفي الإيراني محمد زرجيني المتخصص في الشؤون العسكرية المنشور يوم الأربعاء ٦ مارس/ آذار 2025 على موقع وكالة أنباء “الدفاع المقدس” فقد شهدت منطقة غرب آسيا أحداثاً مختلفة خلال العام الماضي، مما ضاعف من أهمية تعزيز القوة الدفاعية لإيران، ففي العقود الأخيرة، سعت القوات المسلحة الإيرانية إلى تعزيز قدراتها القتالية، مع الأخذ في الاعتبار التطورات المختلفة في المنطقة، واتخذت خطوات في مجال تصميم وإنتاج المعدات العسكرية وإجراء المناورات القتالية.
تقلص قوة إيران العسكرية
وقال زرجيني إن إجراء هذه التدريبات لا يمنع العدو من ارتكاب أي حسابات خاطئة فحسب، بل ويعزز أيضًا القدرات الدفاعية للبلاد ويزيد من قوتها في مواجهة القوى الإقليمية الخارجية مثل الولايات المتحدة ومنظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في الأشهر الأخيرة، استخدم زعماء إسرائيل والولايات المتحدة وبعض الدول الإقليمية خطابات تشير إلى أن القوة العسكرية لإيران ومحور المقاومة قد تقلصت، لكن هذه التعليقات مبنية على الجهل وعدم الفهم الصحيح لقدرات إيران وجبهة المقاومة.
ويضيف زرجيني أن هذه المناورات والاستعراضات قد أتت أوكلها فخلال لقاء بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، طرح أحد المراسلين سؤالا يستحق التأمل العميق. وسأل المراسل ترامب عما إذا كان الوقت قد حان لشن هجوم عسكري على المنشآت النووية للجمهورية الإسلامية في ظل الوضع في إيران. فأجاب ترامب: “لا أعتقد ذلك”. لقد أصبحوا أقوى.
ترامب يدرك القوة العسكرية الإيرانية
ويُظهر رد ترامب أن الولايات المتحدة أدركت إلى حد ما القوة العسكرية الإيرانية؛ لأن الحكومة الأمريكية فضلت في كثير من الأحيان حل المشاكل بالوسائل العسكرية، وهذا ما ظهر بوضوح في أفغانستان والعراق وليبيا. لكنها تتخذ موقفا حذرا للغاية تجاه إيران، حسب وكالة أنباء “الدفاع المقدس” .
لكن وبحسب وكالة أنباء “إمنا” الإيرانية في تقريرها المنشور الأثنين ١٠ مارس/آذار 2025 قال ترامب ردا على سؤال بشأن ما إذا كان إجراء مناورات عسكرية مشتركة مع الصين وروسيا وإيران من شأنه أن يثير قلقه: “لست قلقا بشأن هذه القضية لأن قوتنا العسكرية وحدها أكبر من القوة العسكرية لجميعهم”.
وتابع أن الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن لم يفعل شيئا بشأن إعادة بناء الجيش الأميركي، مؤكدا: “لقد أعدت بناء الجيش الأميركي، لكنني لا أريد الحديث عن ذلك الآن
ويقول القائد العام للجيش الإيراني، اللواء أمير عبد الرحيم موسوي، في هذا الصدد حسب وكالة أنباء “الدفاع المقدس” : “نحن لا نرحب بالحرب والفوضى ولا نحب ذلك، ولكن إذا اندلعت حرب وحدث شيء فإننا بالتأكيد سندافع عن إيران بقوة وسنرد بقوة على الأعداء”.
لا نية أمريكية لمواجهة عسكرية مع إيران
ويضيف زرجيني أنه على الرغم من ترتيبات إيران الإقليمية والخدع العسكرية الإمبريالية، فإن الولايات المتحدة، ورغم معداتها الهائلة التي لا تعد ولا تحصى وميزانيتها التي تقترب من 800 مليار دولار، ليس لديها أي نية للدخول في مواجهة عسكرية مع إيران. لأن العدو وضع أيضًا مراقبة التحركات العسكرية الإيرانية على جدول أعماله، ويعلم أن إيران ستكون خصما صعبا في ساحة المعركة.
وقال نائب منسق الجيش الإيراني حبيب الله سياري في هذا الصدد: “إن مناورات ذو الفقار1403 المشتركة كانت تهدف إلى تعزيز القدرات الدفاعية والردعية للجيش الإيراني لمواجهة أي تهديدات حالية ومستقبلية، وقد حققنا ذلك، وكان هذا النجاح فعالا في رفع الروح المعنوية لشعبنا وجعل الناس يدركون المستوى العالي من الجاهزية للقوات المسلحة الإيرانية لمواجهة أي تهديد”.
زيادة القوة الصاروخية لإيران
كتب موقع “إيران ووتش” في إشارة إلى عملية زيادة القوة الصاروخية لإيران وآلية تجهيز الوحدات الصاروخية وتوفير وقود الصواريخ، المنشور في 24 أكتوبر/تشرين الأول 2024، استهدفت إيران قاعدتين عسكريتين “نافاتيم” و”تل نوف” في هجوم صاروخي باستخدام 180 صاروخا باليستيا، وفي هذه الهجمات، أصاب 30 صاروخاً قاعدة “نفاطيم” بشكل مباشر، كما أصاب عدد من الصواريخ قاعدة “تل نوف” العسكرية.
ويضيف الموقع: “بدأت القوة الصاروخية الإيرانية في عهد قادة مثل يحيى صفوي ومحسن رفيق دوست وحسن طهراني مقدم، وسارعت الحكومة الليبية آنذاك إلى تسريع هذه القضية بإرسال أجزاء من صواريخ سكود-بي في ثمانينيات القرن الماضي.
وفي إشارة لآلية هجوم إيران على إسرائيل، قالت وكالة رويترز للأنباء في التقرير المنشور أكتوبر/ تشرين الأول 2024في هذا الصدد: “أظهرت إيران في هجومها الصاروخي على إسرائيل قدراتها الصاروخية على نطاق واسع”.
ونقلت الوكالة عن خبراء في قدرات الصواريخ الإيرانية تأكيدهم أن “الهجمات الصاروخية الإيرانية “الضخمة” أدت إلى ضغط كبير على أنظمة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية ومرت المزيد من الصواريخ عبر هذه الأنظمة”.
ويقول مالكولم ديفيس، المحلل البارز في المعهد الأسترالي للدراسات الاستراتيجية، في هذا الصدد: إن الهجمات الصاروخية الإيرانية المستقبلية قد تكون أكثر تطوراً ويتم تنفيذها بأعداد أكبر.
ويعتقد ديفيس أن الهجمات الصاروخية الإيرانية المقبلة ستكون مزيجا من الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز وطائرات بدون طيار هجومية، حسب تقرير رويترز.
صواريخ إيران الأسرع من الصوت
وحسب تقرير حصري للموقع المتخصص في أخبار الجيوش حول العالم “ارمي ريكوجيكشن جروب” المنشور الأحد ٢ مارس/آذار 2025 فأن بين أدوات القوة العسكرية الإيرانية الأخرى صواريخ “فتح” الأسرع من الصوت، والتي تجعل الأعداء يترددون في مهاجمة إيران. ويرى محللون أن صواريخ “فتح” التي يصل مداها إلى 1400 كيلومتر هي الورقة الرابحة لدى إيران في المعارك المستقبلية المحتملة.
وأضاف الموقع تتمتع صواريخ “فتح” بالقدرة على مهاجمة الهدف بقوة وتدميره. هذا الصاروخ اجتاز تجربته بنجاح في عملية “عودة صادق 2”. حيث تم استهداف قاعدة “نافاتيم” الجوية التابعة للجيش الإسرائيلي بصواريخ إيرانية تفوق سرعة الصوت، ولم تتمكن العديد من منظومات الدفاع الصاروخي في المنطقة، بما في ذلك “باتريوت”، و”ثاد”، و”القبة الحديدية”، و”دافيد فلاخون”، و”بيكان”، و… من اعتراض هذا الصاروخ القوي بين الإطلاق والإصابة.
والنقطة الأساسية فيما يتعلق بالقدرة الدفاعية الإيرانية هي أن هذين العنصرين لا يشكلان سوى جزء من القوة الدفاعية الإيرانية، وأن القوات البرية والبحرية والجوية للجيش والحرس الثوري، بمعداتها الحديثة، تثبت قدراتها بشكل مستمر في ساحات القتال. وتشير التقارير الإعلامية إلى أن إيران تمتلك قدرات خاصة في الحرب البرية، إذ تمتلك آلاف الدبابات وناقلات الجنود المدرعة.
ويقول الموقع العسكري في هذا الصدد: إن إيران تمكنت من تحسين قوتها المدرعة من خلال تحديث دبابة “إم-60” واستخدام دبابات “سليمان 402”.
وأضاف التقرير: “إن دبابة سليمان 402، أحدث نسخة من دبابة M60 في الجيش الإيراني، تمثل قفزة كبيرة إلى الأمام في جهود تحديث الدبابات في البلاد”. وللاعتماد على هذا الدرع، أجرى الجيش الإيراني تعديلات لتحسين قوته النارية وقدرته على الحركة وقدرته على البقاء في ظروف القتال الحديثة.
المقاومة النشطة هي الحل
حسب تقرير نشرته وكالة “بورنا”” المنشور الأحد ٩ مارس/آذار 2025 فأن سياسة المقاومة النشطة أدت إلى زيادة تكلفة العمل العسكري ضد إيران بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها، مما ردعهم عن الهجوم، وإن مهاجمة إيران تعني الدخول في حرب لا تستطيع الولايات المتحدة ولا إسرائيل إدارتها، وكذلك خلق توازن التهديدات، فقد واجهت إيران التهديدات من خلال تعزيز محور المقاومة وتطوير قدراتها العسكرية. لم يعد بإمكان أمريكا أن تدفع ثمنًا صغيرًا وتحصل على نتيجة كبيرة، كما كانت تفعل في الماضي.
كما أكد الخبراء العسكريون الأمريكيون، في استعراضهم للقدرات العسكرية الإيرانية وحرب أوكرانيا، على أهمية الاستخبارات، والتدابير المضادة الفعالة من حيث التكلفة ضد الطائرات بدون طيار، وتعزيز القدرات الدفاعية والتعاون لحلف شمال الأطلسي، حسب تقرير مطول نشرته وكالة “ركنا” يوم الخميس ٦ مارس/آذار 2025
وأشارت الوكالة إلى أن دعوة الجنرالات الأمريكيين إلى أن يصبح الجيش أكثر قدرة على التكيف مع التهديدات الناشئة في خضم الصراعات العالمية ــ الحرب بين روسيا وأوكرانيا والهجمات الصاروخية الإيرانية على الأراضي المحتلة ــ تؤكد الحاجة إلى قدرات عسكرية أمريكية جديدة.
وقال قائد القوات الجوية الأمريكية في أوروبا وأفريقيا مايكل هاكر إن أحد الدروس المستفادة من الهجمات الصاروخية الإيرانية هو أهمية الاستخبارات في الاستجابة الدفاعية السريعة.
وقال هاكر في ندوة الحرب التي نظمتها رابطة القوات الجوية والفضائية في غرب كولورادو: “المسائل الدفاعية سرية”، حسب وكالة “ركنا”
وفي إشارة إلى الحجم الكبير للحرب بالطائرات بدون طيار في أوكرانيا، حيث تحلق نحو 100 طائرة بدون طيار هجومية يوميا، قال هاكر: “لا نستطيع أن نتحمل الإنفاق على أنظمة جوية باهظة الثمن لمواجهة الطائرات بدون طيار الهجومية الرخيصة، وإلا فلن نتمكن من الاستمرار في هذا لفترة طويلة”.
وأوضح أن واشنطن تعمل على إيجاد حلول فعالة من حيث التكلفة مثل نظام الأسلحة المتطورة الموجهة بدقة.