كتبت – هدير محمود
حصل عباس عراقتشي على ثقة البرلمان كوزير الخارجية في الحكومة الرابعة عشرة، في ظل التوترات المتزايدة في المنطقة خلال الأيام الأخيرة، مما يمهد الطريق لجولة جديدة من التكهنات حول مستقبل العلاقات بين إيران والولايات المتحدة.
وقد أفاد موقع همشهري أونلاين في تقرير يوم الإثنين 26 أغسطس/ آب 2024 أنه مع بدء مهام وزير الخارجية الجديد في إيران، وتحديد مواقفه حول مختلف القضايا، بما في ذلك الاتفاق النووي والعلاقات بين إيران والولايات المتحدة وكذلك الحرب في غزة، فإن ما يشغل ذهن المحللين أكثر من غيره هو نهج الحكومة الرابعة عشر تجاه العلاقات المستقبلية بين طهران وواشنطن على الصعيدين الإقليمي والدولي.
في هذه الأثناء، شهدنا في الأيام الأخيرة محاولات جديدة من صانعي القرار الأمريكيين ضد الحكومة الرابعة عشرة في إيران. وكان أحدث هذه التحركات رسالة من خمسة أعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي إلى بايدن تطالب بعدم إصدار تأشيرة دخول لمشاركة مسعود بزشكيان في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. في ظل هذه الظروف، أصبحت كيفية تعامل إيران والولايات المتحدة مع التوترات القادمة من القضايا التي تشغل وسائل الإعلام والمحللين الدوليين هذه الأيام.
تغيير في سياسة إيران الخارجية
قال خبير في الشؤون الدولية حسن بهشتي بور، في حوار مع “همشهري أونلاين” مشيرًا إلى عمليات صنع القرار في جهاز السياسة الخارجية الإيرانية: ما يجب الانتباه إليه في هذا الصدد هو أنه على الرغم من أن عملية صنع القرار في مجال السياسة الخارجية لإيران تتم من قبل وزارة الخارجية، فإن هذا لا يعني اتخاذ القرار.
وأكد حسن بهشتي بور أن وزارة الخارجية ورئاسة الجمهورية تتخذان القرارات في هذا المجال في إطار مجالس مختلفة لصنع القرار، وأضاف: “علينا أن ندرك أن الحكومة ليست “صاحبة قرار” في هذا المجال.. إنما المجلس الأعلى للأمن القومي هو الذي يصادق على القرارات التي تم اتخاذها في هذا المجال بأغلبية الأصوات، وفي النهاية إذا تمت الموافقة عليها من قبل قائد الثورة، تصبح قابلة للتنفيذ”.
من “صنع القرار” إلى “اتخاذ القرار”.
صرح بهشتي بور: من ناحية أخرى، يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن وزارة الخارجية ليست الجهة الوحيدة المسؤولة عن تنفيذ السياسات المعتمدة، بل هناك جهات مختلفة تشارك في هذا الأمر حسب مهامها.
وأضاف: من الواقعية أن ندرك أن ما يمكن أن يفعله عراقجي وفريقه، كما صرّح هو نفسه خلال الأيام الأخيرة، هو التنسيق المتزايد بين “الدبلوماسية” و”الميدان”.
وسائل الإعلام: الجانب الثالث
هذا الخبير في الشؤون الدولية أشار إلى بُعد ثالث في السياسة الخارجية يتعلق بالإعلام، قائلاً: تلعب وسائل الإعلام دوراً حاسماً في توضيح السياسات والتطورات داخل البلاد. من جهة أخرى، يجب الاستفادة من أدوات الإعلام في الساحة الدولية بهدف تحقيق التأثيرات المناسبة في الوقت المناسب. وأشار بهشتي بور إلى أنه يجب أن نأخذ في الاعتبار في النهاية أن اختيار عراقجي كوزير جديد للخارجية الإيرانية سيكون له تأثير كبير في المناقشات التنفيذية والتقنية.
مفهوم إدارة التوترات بين إيران والولايات المتحدة
صرح الخبير في الشؤون الدولية بهشتي بور، بشأن آفاق العلاقات بين طهران وواشنطن في المجالات الإقليمية والدولية بالقول إن: في الوضع الحالي، وكما أشار مؤخراً وزير الخارجية الإيراني، يبدو أنه من المتوقع أن نشهد إدارة للتوترات في علاقات إيران والولايات المتحدة.
وتابع بهشتي بور، مشيراً إلى ضرورة تحليل البيان الدبلوماسي “إدارة التوترات بين إيران وأمريكا”، قائلاً: على سبيل المثال، بعد اغتيال الشهيد سليماني في طهران والتكهنات (الفروض) حول رد إيران على هذه الجريمة، شهدنا تقديم واشنطن مساعدات دفاعية لتل أبيب. في الوقت نفسه، كيفية رد إيران تعتبر جزءًا من عملية إدارة التوترات.
قصة طلب عدم إصدار تأشيرة لبزشكيان
بالإشارة إلى التطورات الأخيرة في الولايات المتحدة فيما يتعلق بالحضور المحتمل لرئيس إيران في الجمعية العامة للأمم المتحدة في الأيام المقبلة وطلب عدم إصدار تأشيرة لبزشكيان، قال خبير الشؤون الدولية بهشتي بور في هذا الصدد: على الرغم من أن مراجعة التطورات السابقة تظهر أن هناك احتمالاً لأي إجراء من قِبل الأمريكيين، إلا أن هذه الخطوات غالباً ما تكون ذات طابع إعلامي أكثر.
وأضاف قائلاً إنه في الفترات السابقة شهدنا أيضاً مثل هذه الحملات الإعلامية ضد رؤساء إيران، وأوضح: أعتقد أن الأمريكيين سيمنحون تأشيرة لبزشكيان لكنهم يستغلون هذه الحملات الإعلامية لأغراض سياسية. الأمر الأساسي هو أن الأمريكيين بموجب ميثاق الأمم المتحدة ملزمون بإصدار تأشيرات للوفود الأجنبية للمشاركة في الجمعية العامة للأمم المتحدة في مدينة نيويورك، لكننا شهدنا في الماضي انتهاكهم لهذا القانون.
رفض أمريكا لإصدار تأشيرة لوزراء ورؤساء من قبل
بحسب ما نشرته “إيران واير” عدم إصدار هذه التأشيرات يجب أن يكون له سبب مبرر، وقد استندت الولايات المتحدة إلى ذلك في ثلاث مناسبات مختلفة تتعلق بإيران. ذات مرة عندما طلب “محمود أحمدي نجاد” حضوراً وإلقاء كلمة في مجلس الأمن خلال مناقشة مشروع قرار 1696، الذي كان أول قرار بشأن البرنامج النووي الإيراني. لم توافق إدارة “جورج بوش” على هذه الزيارة، وأصبح فحص وإصدار التأشيرات طويلاً لدرجة أن أحمدي نجاد لم يعد لديه وقت كافٍ. وذكر “ريتشارد غرينيل”، أحد أعضاء الوفد الأمريكي في الأمم المتحدة، أن الجمهورية الإسلامية قدمت طلباً لتأشيرات لوفد مكون من 38 شخصاً.
مرة أخرى، رفضت الحكومة الأمريكية منح تأشيرات للحكومة الإيرانية، كان عندما تم ترشيح “حميد أبوطالبي” كممثل دائم لإيران في الأمم المتحدة خلال إدارة “حسن روحاني”ووصفت إدارة “باراك أوباما” إصدار التأشيرات بأنه يتعارض مع المصالح الوطنية للولايات المتحدة بسبب تواجده في عملية احتجاز الدبلوماسيين الأمريكيين في طهران.
الرفض الثالث كان عندما طلب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، في ذلك الوقت، بعد اغتيال “قاسم سليماني”، قائد قوة “القدس” بالحرس الثوري الإيراني الحضور إلى مجلس الأمن وإلقاء كلمة.
وفي ذلك الوقت، ورغم أن ظريف كان وزيراً للخارجية ويتمتع بحصانة دبلوماسية، إلا أن إدارة “دونالد ترامب” عارضت طلب تأشيرته بسبب إدراجه في قائمة العقوبات بناء على الأمر التنفيذي بالعقوبات ضد “علي خامنئي”. ورفاقه.
عادةً ما تسمح الولايات المتحدة لوزير الاقتصاد الإيراني بالمشاركة في الاجتماعات السنوية للبنك الدولي، التي مقرها في واشنطن العاصمة، لكن وفقاً لمبدأ السيادة الوطنية، يمكنها أيضاً الامتناع عن إصدار مثل هذه التأشيرات إذا رأت أن الوزير والمرافقين لا يعتبرون مناسبين للأمن الوطني.