كتب: ربيع السعدني
أعلن بهنام مندك، الخبير في المركز الوطني للموارد الوراثية والبيولوجية التابع لمركز الجهاد الجامعي للأبحاث ومنفذ مشروع إنتاج البذور الهجينة، أنه من خلال إنتاج البذور الهجينة تتاح الفرصة للمزارعين الإيرانيين لإنتاج محاصيل عالية الأداء.
جاء ذلك في مقابلة مع وكالة فارس الرسمية للأنباء يوم السبت 18 يناير/كانون الثاني 2025، وأكد “مندك” أن البذور واحدة من أهم الموارد الزراعية، والبذرة الجيدة يمكن أن تضمن منتجا عالي الجودة وعائدا مرتفعا.
إيران الثالثة عالميا
كما تعد طهران من الدول الرائدة في العالم بثروتها الزراعية وقدرتها العالية على إنتاج المنتجات الزراعية، خاصة في مجال الخضراوات والفاكهة، وفقا لـ”مندك” على سبيل المثال، “تحتل إيران المرتبة الثالثة في العالم في صادرات الخيار والطماطم؛ لكن على الرغم من هذه النجاحات، فإن أكثر من 98% من بذور الخضراوات والبساتين الهجينة في البلاد يتم توفيرها عن طريق الاستيراد، بحسب تقرير صادر عن مركز الأبحاث التابع للبرلمان، فإن واردات البذور الهجينة تكلف البلاد أكثر من 200 مليون دولار سنويا”.
وتشير التقديرات الرسمية إلى أنه بنهاية عام 2024 تم إنتاج نحو 160 مليون بذرة هجينة من الخضراوات والبذور الصيفية محليا بواسطة شركات تعتمد على المعرفة، بحسب تقرير نادي المراسلين الاقتصاديين الشباب للصناعة والتجارة والزراعة الصادر في 20 أبريل/نيسان 2024
ووفقا للتقديرات، هناك حاجة إلى أكثر من 300 ألف عامل ماهر في مجال الصوب الزراعية مع نهاية الخطة السابعة، بحسب ما أعلنته إلهام فتاحي فر، المديرة العامة لمكتب شؤون البيوت البلاستيكية ونباتات الزينة، ولذلك تم الإعلان عن برنامج تنفيذي لتدريب العاملين المهرة في مجال الصوب الزراعية والفطر الصالح للأكل بالتعاون مع مكتب تدريب العاملين الزراعيين، وفي هذا الإطار تم تدريب 7942 عاملا في مجال زراعة البيوت البلاستيكية والفطر الصالح للأكل عام 2024، بحسب التقارير الأخيرة.
4 محاصيل رئيسية
وأوضح منفذ مشروع إنتاج البذور الهجينة بهنام مندك، أن “هذا المشروع تم تسليمه إلى المركز الوطني للموارد البيولوجية في إيران عام 2019 وتتم متابعته في بنك النباتات التابع للمركز، ومن خلاله يتم التركيز على أربعة محاصيل رئيسية هي: الخيار، والطماطم، والفلفل والخس، وقد حقق هذا المشروع نجاحا كبيرا حتى الآن، ولحسن الحظ دخلت شركات القطاع الخاص في طهران، الميدان أيضا واتخذت إجراءات إيجابية؛ لكن احتياجات البلاد أكبر من ذلك بكثير، ونعتزم تلبية جزء من احتياجات السوق”.
المنافسة عالميا
كما تم حتى الآن تسجيل 7 أنواع من بذور الخس بنجاح، بحسب “مندك”، وتم الكشف عن هذا النجاح بحضور وزير الزراعة في البلاد. وبطبيعة الحال، فإن بذور الخس المنتجة ليست مجرد 7 نماذج، بل تم إنتاج ما مجموعه نحو 40 نموذجا مختلفا من الخس بمختلف التصاميم والألوان، والتي تم عرضها للمصدرين في الفعاليات الزراعية، وبدأت حاليا عملية تسجيل أصناف جديدة من محاصيل الخيار، كما سيتم البدء في تسجيل أصناف الطماطم والفلفل مع نهاية العام المقبل.
وأضاف: “هذا المشروع لن ينتهي أبدا، وسنواصل إنتاج بذور جديدة وتنافسية، مع الأخذ في الاعتبار احتياجات السوق وإدخال أصناف جديدة إلى البلاد؛ حتى نتمكن من أداء دور فعال في توفير البذور المحلية وتقليل الاعتماد على الواردات”.
إنتاج الأرز الهجين
ومن بين السياسات الأخرى لوزارة الجهاد الزراعي نقل إنتاج الأرز الهجين، ثاني أكثر السلع المحلية استهلاكا، وفقا لسهراب سهرابي، منفذ مشروع الأرز الهجين بالوزارة الذي أكد لوكالة “مهر” للأنباء يوم 18 يناير/كانون الثاني 2025، أن “الأرز الهجين في مستوى أعلى من حيث الإنتاج المحلي والأصناف المحلية ذات الإنتاجية العالية، وتتجاوز كمية هذا النوع من الأرز 10 أطنان للهكتار الواحد، وهذا من شأنه أن يحدث ثورة في إنتاج الأرز، ونحن نتطلع إلى نقل هذه التكنولوجيا محليا”.
ويعتبر الأرز الهجين تهجينا بين أبوين نقيين تماما، لا يمكن للمزارعين زراعة الأرز الهجين التجاري (الجيل الأول) إلا لمدة عام واحد، ويتعين على المزارعين الحصول على البذور المطلوبة من مراكز إنتاج وتوزيع الأرز الهجين ذات السمعة الطيبة كل عام.
وعن حاجة البلاد من الأرز أعلن سهرابي، أن “حاجة البلاد هي 3 ملايين و200 ألف طن، مع الأخذ بعين الاعتبار استهلاك الفرد البالغ 35 كيلوغراما، و200 ألف طن احتياطي استراتيجي”.
الأمن الغذائي للبلاد
وأعلن محمد علي رضائي، رئيس اللجنة الزراعية في غرفة التجارة الإيرانية يوم الأحد 19 يناير/كانون الثاني 2025، أنه “إذا تم إصلاح الهيكل القانوني للزراعة خارج الحدود الإقليمية، فإن القطاع الخاص مستعد لاستخدام قدرات أوراسيا لتوفير البذور الهجينة في المنطقة واستبدال أوكرانيا”.
وفي سياق متصل، أكد محمد مقيمي رئيس جامعة طهران السابق، في يوليو/تموز 2023، أن “الإمام الخميني الراحل كان يؤكد ضرورة اعتبار الزراعة محور استقلال البلاد، وهو ما يوصي به دائما المرشد الأعلى، علي خامنئي، بضرورة توفير الأمن الغذائي في البلاد، ويعتبر الزراعة قطاعا مهما وحيويا واستراتيجيا للتنمية والأمن المستدام في طهران، كما أن إنتاج بذور هجينة تتناسب مع الظروف المناخية للبلاد يضمن الأمن الغذائي ويحسن الإنتاجية الزراعية، ونظرا إلى طبيعة مثل هذه المشاريع البحثية التي تستغرق وقتا طويلا، فمن الضروري تصميم برامج وآليات دائمة لمثل هذه المشاريع، إضافة إلى الدعم الشامل”.
تحديات كبرى
ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات تواجهها إيران في مجال إنتاج النباتات الهجينة مثل نقص الموارد المائية وتغير المناخ ونقص العمالة الماهرة، ما يتطلب استمرار الجهود لتحسين كفاءة استخدام الموارد وتطوير تقنيات زراعية متقدمة، ونظرا إلى توجه الحكومة ووزارة الجهاد الزراعي لتطوير النباتات الهجينة بهدف زيادة إنتاجية الموارد المائية والتربة الزراعية وزيادة مساحة الصوبات الزجاجية، فإن أحد أهم متطلبات زيادة الإنتاج بحسب إلهام فتاحي فر، المديرة العامة لمكتب شؤون البيوت البلاستيكية ونباتات الزينة، يكمن في توفير قوة عاملة ماهرة.
كما أن هناك تحديا أكبر في حال استمرار فرض العقوبات على طهران تتعلق بالاستيراد، حسبما أكد بهنام مندك، منفذ مشروع إنتاج البذور الهجينة، حيث إن قضايا الأمن الغذائي والثقافي مهمة جدا في هذا السياق، وإذا واجهت البلاد، لأي سبب من الأسباب، عقوبات أو مشاكل سياسية، فإن استيراد البذور سوف يواجه أيضا صعوبات، وهو ما قد يؤثر على الأمن الغذائي للبلاد؛ إضافة إلى ذلك، عندما ترتفع أسعار المنتجات الزراعية مثل الطماطم، تنشأ المخاوف الاجتماعية والثقافية.
ولسوء الحظ، تستورد إيران كميات كبيرة من البذور، وضمن ذلك البذور الهجينة سنويا، مما يتسبب في هروب كميات كبيرة من النقد الأجنبي من البلاد، ووفقا لتقرير مؤسسة “karafarini.iate” فإن الاستثمار والدعم الحكومي وتوفير التسهيلات المناسبة لخريجي وطلبة الزراعة وتربية النبات من شأنه أن يحسن صناعة إنتاج البذور في البلاد، وإضافة إلى خلق فرص العمل، يمنع هروب النقد الأجنبي إلى خارج البلاد، كما أن تحسين الأصناف المحلية وإنتاج البذور منها، بسبب قدرتها الأكبر على التكيف مع ظروف الزراعة والمناخ في إيران، من شأنه أن يزيد الإنتاج، كما يحافظ على بنك الجينات ويخزنه.
ما هي البذور الهجينة؟
جدير بالذكر أن البذور الهجينة تختلف عن البذور المعدلة وراثيا، وهي البذور الناتجة من تزويج ثمرتين أو تلقيح نباتين من النوع نفسه، وذلك بهدف إنتاج جيل نباتي تعطي بذوره نباتا بمواصفات أقوى وأفضل، وهو يختلف عن النباتات الأم في بعض المواصفات مثل الحجم، والإنتاج، والمقاومة للأمراض، والبذور الهجينة، والتهجين آمن ولا أضرار فيه على صحة الإنسان، ومن ثم فهي بذور يتم إنتاجها من خلال تهجين سلالات نباتية مختلفة لتحسين الصفات مثل الإنتاجية، ومقاومة الأمراض، والتكيف مع الظروف البيئية، ومن أهم مميزات البذور الهجينة أنها تعطي محصولا ذا جودة واحدة، وهي غزيرة الإنتاج ومحصولها مقاوم للآفات والأمراض، وبذلك يتم الاستفادة بشكل أفضل من التربة والموارد المائية، كما أنّ هذه النباتات الناتجة عن هذه البذور تقلل استخدام المبيدات الزراعية.
تعتبر إيران مهد إنتاج النباتات الهجينة في العالم، كما أنها تنتج بذور الطماطم من هذا الطراز في مشاتل هذه الشركة المعرفية، وقد تمّت زراعة 700 خط من ثمرة الطماطم لاستخلاص أفضل جينات هذه الثمرات، هذا في وقت يؤكد الباحثون الإيرانيون أن بذورهم الهجينة ليست معدلة وراثيا.