كتب: محمد بركات
في كل عام وفي التاريخ نفسه وبالأجندة الدبلوماسية، تطرح العديد من الأسئلة حول سفر الرئيس الإيراني إلى الولايات المتحدة، فتدور الأسئلة في فلك كلمته بالأمم المتحدة ومدى تأثيرها، واللقاءات التي سيجريها هناك، والعلاقات التي يمكن أن تتحسن، والاتفاقيات التي يمكن أن تبرم، ولكن هناك أسئلة من نوع آخر تطرح على طاولة النقاش، كمن ستكون الهيئة التي سترافق الرئيس، وهل سيصطحب الرئيس أحدا من أولاده أو أقربائه أم لا؟ أسئلة لا تسأل من باب التندر وخفة الظل، ولكنها تسأل من باب التأكد من عدم إهدار المال العام لشعب يعاني من الظروف المعيشية الصعبة بسبب العقوبات. وفي هذا العام طرحت الأسئلة عينها، فقد ذكر البعض أن الرئيس بزشكيان قد اصطحب جميع أفراد عائلته مع وفد يزيد على 30 شخصا إلى نيويورك، في حين ذكرت تقارير أخرى أن أعدادا تراوحت بين 40 و60 شخصا ضمن مرافقي الرئيس في هذه الرحلة، باستثناء الإعلاميين وابنة الرئيس، في حين لم يتم الإعلان عن أسماء البقية.
ولكن ما حدث، ووفقا لتقرير موقع مشرق الاختباري الإيراني بتاريخ 21 سبتمبر/أيلول، فإن الرئيس الحالي للحكومة الرابعة عشرة اصطحب أقل عدد من الأشخاص في هذه الرحلة، وهو 12 شخصا فقط، وإذا استثنينا رحلة محمد خاتمي إلى نيويورك، والتي رافقه فيها أيضا 12 شخصا، فإن هذا العدد سيكون الأقل خلال الحكومات الأربع السابقة لإيران.
وكانت شائعات قد انتشرت بأن مسعود بزشكیان، الرئيس الإيراني الحالي، قد أخذ أبناءه معه خلال رحلته، لكن اتضح لاحقا أن يوسف ومهدي، ولدي الرئيس، قد بقيا في إيران ولم يرافقا والدهما، وأن ابنته فقط هي من رافقته من أفراد عائلته. وكانت الشائعات قد انتشرت إلى الحد الذي تضطر فيه الحكومة نفسها إلى إصدار بيان رسمي حول الفريق المرافق لبزشكیان. وجاء في أجزاء من هذا البيان: “في رحلة نيويورك، يرافق الرئيس فريق كفء وخفيف الحركة، ونؤكد أن الأخبار المثيرة للشبهات حول مرافقي هذه الرحلة غير صحيحة”، وذلك وفقا لتقرير موقع تجارت نيوز الاختباري الإيراني.
وقد رافق بزشكيان خلال هذه الرحلة محمد جعفر قائم بناه، نائب الرئيس التنفيذي، ومحمد جواد ظريف، نائب الرئيس للشؤون الاستراتيجية، وعلي طيب نیا، المستشار الأعلى للرئيس، ومهدي سنائي، نائب الرئيس للشؤون السياسية في مكتب الرئاسة، ومحسن حاجي ميرزايي، مدير مكتب الرئيس، وحسن مجيدي، مساعد مدير مكتب الرئيس، ومجيد تخت روانجي، نائب وزير الخارجية للشؤون السياسية، ومحمد مهدي طباطبائي، نائب مدير الاتصالات في مكتب الرئيس، وإحسان بيسادي، ويوسف گوهري، وزهرة فراهاني من فريق الإعلام الخاص بالرئاسة، إضافة إلى زهرة بزشكيان ابنته.
بعثة خاتمي:
وفقا لتقرير نشره موقع فرا رو الإخباري الإيراني بتاريخ 23 سبتمبر/أيلول، فففي 19 سبتمبر/أيلول 1998، سافر محمد خاتمي، رئيس الجمهورية الإيراني الخامس، إلى نيويورك، وكانت حكومته شفافة للغاية حيال هذا الأمر، حيث أصدرت بيانا قبل أسبوع من رحلته أعلنت فيه أن 12 شخصا سيرافقون الرئيس في هذه الرحلة. في ذلك الوقت، كان كمال خرازي وزير الخارجية، ومحمد هادي نجاد حسينيان السفير والممثل الدائم إيران لدى الأمم المتحدة، من استقبلا خاتمي في مطار جون إف كينيدي، ومن عائلة خاتمي فقد كانت زوجته فقط هي التي رافقته خلال هذه الرحلة.
نجاد حامل الرقم القياسي:
ثم آتى حامل الرقم القياسي في عدد المرافقين، محمود أحمدي نجاد، والذي كان شغوفا بالسفر إلى نيويورك، وكان يحضر كلما أتيحت الفرصة اجتماعات الجمعية العامة السنوية، وقد كان دائما عدد الذين يصطحبهم إلى نيويورك محل إثارة للجدل. فقد كان أحمدي نجاد أول رئيس جمهورية بعد الثورة يسافر إلى نيويورك في كل عام من فترتي رئاسته اللتين استمرتا 8 سنوات. ورغم أن تصريحاته في هذه الاجتماعات أثارت العديد من ردود الفعل، فإن الأشخاص الذين كانوا يرافقونه أيضا كانوا مثارا للجدل.
وهكذا، ازداد عدد المرافقين لأحمدي نجاد إلى أمريكا عاما بعد عام، حتى بلغ هذا الأمر ذروته في عام 2012، حيث سافر عدد كبير من أعضاء الحكومة مع أسرهم إلى الولايات المتحدة، وكان حضور أعظم السادات فراحي، زوجة محمود أحمدي نجاد، و”عليرضا” ابنه وزوجة ابنه موضع انتقادات كبيرة. كما أن انتشار صورة تُظهر ابن الرئيس وزوجة ابنه ووالدة زوجة ابنه، قد أثارت كثيرا من الجدل وردود الفعل، ويقال إنه في تلك الرحلة الأخيرة تقدم بطلبات تأشيرة إلى 160 شخصا لم يوافق على نصفهم.
عهد الانفتاح الدبلوماسي:
كانت بداية عهد روحاني مختلفة، فقد شهدت فترته انفتاحا على الدبلوماسية العالمية ، ففي رحلاته الأولى إلى نيويورك، اصطحب روحاني عددا كبيرا من المرافقين، وضمن ذلك عدد كبير من الملحقين التجاريين، وممثلي الأقليات الدينية، ومستشاريه. ومع ذلك، على الرغم من البروتوكولات، نادرا ما كانت زوجة روحاني ترافقه في رحلاته إلى نيويورك.
كان روحاني يجري في رحلاته إلى نيويورك لقاءات رفيعة المستوى، مثل لقاءات مع مسؤولي الدول الأوروبية وبريطانيا، ووفقا لما ذكره آنذاك مدير البروتوكولات الرئاسية، ففي عام 2017، اصطحب حسن روحاني 43 شخصً فقط معه إلى نيويورك. وتمكن روحاني من رفع العقوبات النووية عن إيران، وأخرج البلاد من نطاق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وهو الفصل الذي ينص على ما يتخذ من أعمال تجاه الدول والجهات التي تخل بالسلام.
غموض في فترة رئيسي حول عدد المرافقين:
بعد انتهاء فترة رئاسة روحاني، وفي عام 2021، تولى إبراهيم رئيسي رئاسة إيران رئيسا للحكومة الثالثة عشرة. وخلال فترة رئاسته التي استمرت ثلاث سنوات، سافر مرتين إلى نيويورك، ولكن المثير للدهشة، خاصة للإعلام، هو أن عدد المرافقين له لم يُفصح عنه مطلقا، وعلى الرغم من أن اصطحاب الزوجة في الرحلات الرسمية الدبلوماسية بروتوكول متبع، وغالبا ما يلتزم به رؤساء الدول، فإن رئيسي اصطحب ابنته معه إلى نيويورك، دون أي أخبار تذكر عن إنجازاتها في هذه الرحلات.
ورغم ذلك، ففي 21 سبتمبر/أيلول 2023، نشرت وزارة الخارجية تقريرا أشارت فيه إلى أن الوفد المرافق لرئيس الجمهورية ضم حسين أمير عبد اللهيان وزير الخارجية الراحل، ومحمد جمشيدي نائب المكتب السياسي لرئيس الجمهورية، وغلامحسين إسماعيلي مدير مكتب الرئيس، وزوجته الدكتورة جميلة علم الهدى، في حين لم تتم الإشارة إلى حضور ابنة إبراهيم رئيسي في هذه الرحلة، وأكدت التقارير أن الوفد المرافق له في هذه الرحلة التي استمرت ثلاثة أيام كان محدود العدد.