ترجمة: يارا حلمي
نشر موقع “عصر إيران” الإيراني، الخميس 17 أبريل/نيسان 2025، تقريرا تناول فيه إمكانية التوصل إلى اتفاق بين إيران والولايات المتحدة وتأثيراته المحتملة على الاقتصاد الإيراني وعلاقات إيران الدولية، مع التركيز على الفوائد المحتملة والتحذير من اعتبار الاتفاق حلا سحريا لجميع المشاكل.
ذكر الموقع أن “الجولة الثانية من المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة عُقدت في مسقط بل في روما، وكلتا المدينتين لها جذور في ثقافتنا! الأولى في حلاوة مسقط التي تعود جذورها إلى شيراز الجميلة لدينا، لكن تُنسب إلى مسقط عمان، أما الثانية، فيقال إن جميع الطرق تؤدي إلى روما”.
وأضاف أن غريب آبادي، نائب السيد عراقجي، يقول إن مكان المفاوضات ليس بالأمر المهم وإنه أمر فرعي.
وأشار إلى أنه رغم ذلك، فإن المكان يظل له بعض الأهمية، حيث إنه في روما، يَصعُب على الصحفيين والمصورين أن يلتقطوا صورا للمحادثات مثلما يمكن أن يحدث في مسقط، حيث يمكن إجراء محادثات مكتوبة بعيدا عن الأنظار دون أن تُلتقط صور للقاءات ممثلي إيران والولايات المتحدة.
وأوضح أن “هذا يُعد من النقاط الهامة، فبمجرد أن تستمر المفاوضات إلى الجولة الثانية، يمكن أن نأمل في التوصل إلى اتفاقات، لأنه لو لم يكن هناك أي اتفاق، لتم الإعلان عن إنهائها في يوم السبت الذي قبله، ونحن نعلم أن ترامب لا يتحلى بالصبر”.
سبب معارضة شريعتمداري للمفاوضات
ذكر الموقع أن سبب معارضة حسين شريعتمداري (رئيس تحرير صحيفة كيهان الإيرانية) للمفاوضات على مدار 35 عاما، والتي بدأت بعد مقال عطاء الله مهاجراني (الكاتب والصحفي الإيراني) في عام 1369، في صحيفة “اطلاعات”، هو إيمانه بأن “المفاوضات لعبة بين الحد الأدنى والحد الأقصى”، حيث يسعى كل طرف إلى رفع “حده الأقصى” للمطالب إلى أقصى حد ممكن.
وتابع أنه “في الوقت نفسه، يحاول تقليل مطالب الطرف الآخر إلى (الحد الأدنى)، بحيث تؤدي المرحلة التالية إلى تقويض الطرف المقابل، وتُعتبر المطالبة بوقف كامل للأنشطة النووية هي الحد الأدنى الذي يطالب به الآخرون، بينما لا يتم غالبا التطرق إلى (حدنا الأقصى)”.
إذا كانت المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة ستصل إلى نتيجة إيجابية فما الإنجازات التي يمكن تحقيقها؟
1. الضغط النفسي الكبير الذي يؤثر على جميع الأطراف سيخفف من على الحكومة والشعب، وستُصبح الحكومة خالية من هواجس الحرب وتدمير البنية التحتية، وكذلك من اشتعال النيران في المنطقة، بينما سيتحرر الناس من كابوس انخفاض قيمة أموالهم.
2. استقرار سعر الدولار، من غير المحتمل أن يعود إلى 400 أو 500 ألف ريال أي ما يعادل 0.47 أو 0.58، لأن الحكومة تدفع الرواتب والإعانات وتحتاج إلى الريال، وبافتراض سعر الدولار عند 700 ريال، سيتم زيادة الرواتب، ولكنه سيستقر، وعندما يحدث الاستقرار، فإن التجار هم من سيبدؤون في الاهتمام بالاستيراد.
وعلى الرغم من أن الطلب على الدولار سيظل قائما، فإنه سيصبح واقعيا، أي إن التاجر والمسافر هما من سيحتاجون إليه، وليس كل المواطنين الذين يسعون للحصول على الدولار للحفاظ على قوتهم الشرائية.
3. زيادة صادرات النفط، مما يعني نموا اقتصاديا، صحيحٌ أنه يجب أن يرتفع الإنتاج، لكن الزيادة الرئيسية في معدل النمو لدينا تعتمد على النفط، وأهم جزء في كعكة الاقتصاد لدينا هو تصدير النفط، ومن جهة أخرى، في الوضع الطبيعي، من المفترض أن وزارة النفط فقط هي من ستصدر النفط.
4. مع تحسين الأوضاع في صناعة السياحة، ستزدهر هذه الصناعة، كم عدد السياح الأجانب الذين شاهدتهم في نوروز 2025؟ يكفي أن تقارن ذلك بعائدات تركيا من السياحة، فالسياح لا يجلبون فقط العملة الصعبة، بل يساهمون أيضا في مبرر نقل صناعات المياه من وسط إيران إلى ساحل الخليج الفارسي، ويصبح السكان المحليون أكثر حرصا على البيئة من خلال تعزيز السياحة الريفية.
فكلما كان للقرى دخل من السياحة، كما هو الحال عندما يحصل الزوار على دخل قدره 100 دولار، وهو ما يعادل 70 مليون ريال، فإن هؤلاء السكان سيتجنبون التوجه إلى المدينة للعمل كعمال، والسياحة أيضا تعزز ثقافة التسامح والتفاهم، وكلما تم تقديم صورة حقيقية عن إيران، ازداد احتمال جذب الاستثمارات.
5. إن التوافق مع الولايات المتحدة يحظى بقبول غالبية الشعب الإيراني، وذلك لأن الإيرانيين لا يثقون في روسيا، على الرغم من الفترة القصيرة في عهد لينين، فقد تعرضنا دوما للأذى من الروس.
وقد سلَّح الاتحاد السوفيتي صدام حسين، رئيس العراق، في ذلك الوقت، أكثر من الولايات المتحدة، وقد أظهرت حرب أوكرانيا أن الروس لم يتخلوا عن أطماعهم، وبالتالي فإن الاتفاق مع الولايات المتحدة سيمنعنا من الدخول في تحالف وثيق مع روسيا.
6. من خلال التوصل إلى نتائج إيجابية في المفاوضات، سنتمكن من الارتباط بشبكة “سويفت” (نظام دولي لتبادل الرسائل المالية بين البنوك والمؤسسات المالية حول العالم)، مما يعني التخلص من العديد من التكاليف الزائدة.
7. عندما تصل البضائع إلى الموانئ، سنحتاج إلى تطوير هذه الموانئ، حاليا، في ميناء أم القصر وبغداد في العراق يتم استثمار 17 مليار دولار، ويؤدي ذلك إلى تقليص ميزتنا، وإذا لم نتحرك بسرعة، فقد يفوتنا القطار، على الرغم من أن الوقت قد تأخر بالفعل في بعض الحالات.
8. إن تطوير الموانئ سيدفع السكان المحليين إلى الحماسة والعمل، فعلى مدار قرون، كان أهلنا في بوشهر وغيرها من المناطق يمارسون التجارة، ولكن في العقود الأخيرة، طغت صناعة النفط والغاز والبتروكيماويات على الاقتصاد المحلي، حتى أصبحنا نحول بوشهر إلى خوزستان.
9. يتطلب الهيكل الجديد، إلى مديرين أكفاء، وفي هذه الحالة، سيتم تأسيس نظام بيروقراطي جديد يعتمد على التخصص وحب إيران، وليس على التظاهر، وهذا الرياء ظهر بوضوح في سلوك معلمين مع طلابهم خلال الأسبوعين الماضيين، حيث تبين أن الاكتفاء بالظاهر يمكن أن يؤدي إلى كارثة.
10. هناك العديد من المشاريع الوطنية المتوقفة، و2700 كيلومتر من الممرات لم يتم تنفيذها بسبب نقص التمويل، وفي ظل العقوبات والخوف من الحرب، يركز الحكومة على تأمين الغذاء بدلا من التركيز على الممرات، ومع ذلك، فإن إكمال هذه المشاريع وتشغيلها سيؤدي إلى خلق وظائف.
11. في الوضع الطبيعي، لا يوجد مبرر للأعمال التجارية في ظل العقوبات، التي للأسف يوجد فيها أبناء المسؤولين، ويجب أن يعمل أبناء المسؤولين مثلنا، ولن تكون هناك تجارة نفطية أو سفن تجارية، إذا تمت إزالة هذه العقبات.
12. وهناك أمل في أن يؤدي الاتفاق مع الولايات المتحدة إلى عدم تفعيل آلية الزناد (فرض العقوبات الدولية على إيران) من قبل الأوروبيين، ومع ذلك، لا يوجد توافق كامل في هذا الشأن، حيث أشار السفير الإيراني السابق لدى المملكة المتحدة إلى أن العلاقات مع كل طرف لها خصوصياتها، وفي حال نشبت أزمة جديدة، يجب استئناف المفاوضات بين مجموعة 1+5.
ويُعتبر هذا الرأي في الأقلية، ويشعر الجميع حاليا بأن فترة مجموعة 1+5 قد انتهت، حيث إن اهتمام أوروبا ينحصر فقط في موضوع أوكرانيا، وفي قضايا الطاقة النووية فهي تتبع الولايات المتحدة، وإذا كانوا سيضغطون في هذا المجال، فسيكون ذلك بسبب أوكرانيا، وليس بسبب حقوق الإنسان.
13. أما في الشأن الداخلي، فإن الحكومة ستبتعد عن الشعارات وتقترب من القضايا الملموسة مثل عدم التوازن في المياه والكهرباء والطاقة، وتأثير الذكاء الاصطناعي.
ويجب على الأئمة أن يقوموا بدراسات أعمق أو يعودوا إلى التوجيهات الدينية والأخلاقية، وعندما يتم إلغاء قانون الحجاب وتوقيع اتفاق مع الولايات المتحدة، فإن الأمر يصبح محيرا للأئمة مثل “علم الهدى” في مشهد و”صدقي” في طهران، كيف سيواصلون تحذير الناس بشأن الحجاب أو الاستمرار في التفاوض؟
14. إن تأثير الاتفاق على الاقتصاد والمعيشة سيؤدي إلى تحفيز الشعب للانخراط في الانتخابات، ليس فقط لإبداء الرأي السلبي، بل لتقديم آراء إيجابية، وربما نرى هذا في انتخابات المجالس القادمة، شرط أن تتوفر منافسة حقيقية.
15. قد تسببت الممارسات الحالية في إلحاق الضرر بالمعتقدات الدينية، وعلى الرغم من أن بعض المحافظين الراديكاليين يرفضون هذا الرأي بناء على الطقوس الدينية، فإن هذه التصرفات تؤدي إلى تقلص الدعم للهيئة الدينية.
وفي الوقت الحالي، حتى رجال الدين الذين ليست لهم علاقة بالحكومة يجدون أنفسهم مطالبين بالإجابة عن أسعار اللحوم والدواجن في الأسواق، وربما لهذا السبب نادرا ما يُرَون في الأماكن العامة، وفيما يتعلق بالسياسة، فإن رجال الدين أصبحوا إما مؤيدين للتفاوض أو يبتعدون عن السياسة، لكن لا يجب أن نعتقد أن الجميع مثل “علم الهدى” في مشهد.
16. على الرغم أن العقوبات التي استمرت 14 عاما قد أضعفت من قوتنا الاقتصادية والسياسية وحتى الأخلاقية، ولكن على الرغم من ذلك، تمكنا من الصمود، وإذا تمكنا من الوصول إلى إيرادات النفط، فيمكن أن نأمل في أن جزءا من هذه الإيرادات سيُستخدم في تغطية النفقات الجارية بدلا من الهدر الذي كان يحدث في الماضي.
17. وأقل فائدة من الاتفاق هي الابتعاد عن شبح الحرب، وكان يجب أن أبدأ بهذه النقطة، فنحن ما زلنا ندفع ثمنا ماديا ومعنويا من الحرب التي استمرت 8 سنوات، وإذا كانت الحرب هي الخيار الوحيد المتبقي، لا يمكننا التهرب منها، ولكن الحرب تُسبب فظائع، وما يحدث في غزة أمام أعيننا الآن يثبت ذلك.
18. إن أكبر الخاسرين من الاتفاق هم المحافظون الراديكاليون في إيران والمعارضون من الخارج، وعلى الرغم من أنه يجب الحذر من تحفيز المجموعة الأولى، فإنهم سيكونون في النهاية في هامش الحياة السياسية، ولن يجدوا من يستمع إلى خطابهم المتشدد والمتحمس للحرب.
لقد عاش الإيرانيون لقرونٍ ثقافة التفاهم مع العالم، وكان من المؤسف أن تتشوه هذه الصورة، فالإيراني هو سعدي وحافظ وثقافة التسامح، وهذه الثقافة ستتعزز بالتوافق، وفي المدارس يجب أن نعلم الحياة بدلا من الحديث عن الموت.
19. إن الإيرانيين كانوا منشغلين بمناقشات حول الملف النووي والمخاوف من الحرب لدرجة أنهم نسوا أن الخطر الأكبر يقترب منهم، وهو خطر الزلازل، وبعد التوصل إلى اتفاق، يجب أن نبدأ التفكير في كيفية مواجهة الزلازل والجفاف واتخاذ تدابير للوقاية والتخطيط لمواجهتها.
20. وأخيرا إن الاتفاق مجرد خطوة أولى ولن يفتح أبواب الجنة لنا، ولو كان من المفترض أن تكون العلاقة مع الولايات المتحدة هي الحل لجميع مشاكلنا، لما كان الوضع في مصر الآن كما هو.