كتب: ربيع السعدني
أعلن 55 نائبا في جلسة علنية للبرلمان الإيراني عن مشروع قانون بعنوان “خطة إصلاح النظام المصرفي (حل مشكلة البنوك غير السليمة)”، وذلك يوم الإثنين الماضي 17 فبراير/ شباط 2025، وفقا لوكالة تسنيم للأنباء التابعة للحرس الثوري، وهذا على الرغم من أن الخطة المصرفية الإيرانية، والتي كانت الخطة الثانية للبرلمان الحادي عشر لإصلاح النظام المصرفي بعد قانون البنك المركزي، كانت مجمعة في 13 فصلاً و90 مادة.
في 8 فبراير/ شباط 2025 أكد محافظ البنك المركزي محمد رضا فرزين على أهمية تخصص بنوك البلاد، وأشار إلى أن تخصص البنوك من أبرز محاور خطة التنمية السابعة، وأعلن عن التوجه نحو البنوك المتخصصة والتنموية، مؤكدا على ضرورة تسهيل التمويل الأسري حتى لا يتجه الناس إلى المؤسسات غير المصرفية للحصول على القروض الصغيرة.
وفي هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي كامران نيدري في مقابلة مع موقع “اقتصاد أونلاين” بشأن قضية “تخصص البنوك” المطروحة: “إن تخصص البنوك حجة صحيحة، لكن يتعين علينا أولاً حل مشكلة الاختلالات المصرفية، بعض البنوك ليست في وضع سئ للغاية وقد لا يكون هناك حل آخر لها سوى التصفية، ولذلك ينبغي إعداد برنامج خاص لهذه المهمة في ظل ظروف سياسية واجتماعية سلمية”.
ما أهداف الخطة الجديدة؟
تهدف الخطة البرلمانية الجديدة إلى إصلاح النظام المصرفي ومحاربة البنوك غير السليمة والتي من المعروف أنها أحد أسباب التضخم المزمن وعدم القدرة على تمويل الإنتاج في البلاد، وبناء على ذلك، تم تحديد البنوك غير الصحية باعتبارها أحد العوامل الرئيسية في انخفاض قيمة العملة الوطنية وعدم الاستقرار الاقتصادي الكلي وانخفاض النمو الاقتصادي، بالإضافة إلى إيجاد إطار قانوني لحل مشاكل البنوك غير السليمة ومراقبة أداء البنوك عن كثب، وتقدم هذه الخطة تعريفات وأهدافا جديدة للبنك المركزي والمجلس الأعلى للبنك المركزي ومجلس التنظيم والإشراف المصرفي والمؤسسات الأخرى ذات الصلة.
كما تم توفير الترتيبات اللازمة لإعادة هيكلة وحل البنوك المتعثرة، بحسب وكالة “تسنيم” للأنباء، بما في ذلك تشكيل مجلس إدارة دوري، ووضع أساليب مختلفة لحل المشاكل المالية لهذه البنوك، ومن النقاط المهمة في هذه الخطة التأكيد على ضرورة الشفافية والمراقبة الدقيقة لأداء البنوك ومؤسسات الائتمان، كما تضمنت لوائح لإنشاء احتياطيات قانونية واحترازية للبنوك من أجل منع إنشاء أصول وهمية وتحديد الأرباح غير الحقيقية، وسيتم عرض خطة إصلاح النظام المصرفي على جلسة المجلس العامة للموافقة النهائية عليها بعد دراستها من قبل اللجان المتخصصة وفي حالة إقراره، فإن هذا القانون قد يشكل خطوة مهمة نحو إصلاح البنية المصرفية في البلاد والحد من المشاكل التي تسببها البنوك غير السليمة.
كما تم الأخذ في الاعتبار الموارد المالية لصندوق ضمان الودائع، وتم تحديد اشتراكات عضوية مؤسسات الائتمان كأحد الموارد الرئيسية للصندوق، وتتناول الخطة أيضا قضية تصفية البنوك غير السليمة وتحدد أولويات سداد ديون هذه البنوك، ونظرا لأهمية هذه القضية، فمن الممكن أن يكون لهذه الخطة تأثير كبير على استقرار النظام المصرفي في البلاد وتحسين الظروف الاقتصادية.
خفض التضخم
مبرر هذه الخطة البرلمانية بحسب ما نشرت وكالة أنباء “ميزان” التابعة للسلطة القضائية في تقريرها يوم السبت 1 فبراير/ شباط 2025 والذي يقول: “إن أحد أسباب التضخم المزمن وانعدام القدرة على تمويل الإنتاج في البلاد يرجع إلى وجود بنوك غير صحية واستمرار الأداء غير الصحي للنظام المصرفي، والذي تجلى في انخفاض قيمة العملة الوطنية وعدم الاستقرار الاقتصادي الكلي وانخفاض النمو الاقتصادي وعلى وجه الخصوص، فإن إصلاح النظام المصرفي من خلال حل البنوك غير السليمة يشكل أساسا أساسيا وجوهريا لخفض مستويات التضخم.
على الرغم من أن قانون البنك المركزي في إيران يوفر مقدمة وفرصة مناسبة للتعامل مع البنوك غير السليمة ومراقبة أدائها، إلا أن الأحكام الأساسية مثل القواعد التي تحكم حل البنوك غير السليمة لم يتم تحديدها في هذا القانون، ولهذا السبب، من الضروري أن يتم إدراج الأحكام القانونية اللازمة لإصلاح النظام المصرفي في هذه الخطة على جدول أعمال البرلمان، وتحدد هذه الخطة مهام النيابة العامة والمدعين العامين في عواصم المحافظات بشأن حجز بعض الأصول بعد إعلان الحجز من قبل البنك المركزي أو رئيس مجلس الإدارة، كما تنص على آثارها القانونية.
طريقة آخرى للإصلاح
يبدو أن عدم كفاءة البنوك وعدم رضا الجمهور عنها ناجم عن غياب القواعد، على الأقل على مستوى التعرض العام لها، حيث إن العديد من التصرفات والممارسات الخاطئة التي تنتهجها البنوك يمكن حلها من خلال الإدارة والإشراف السليمين، وإصدار النشرات واللوائح الفعالة، وليس من خلال سن قوانين جديدة حسبما نشر موقع “alef“، يوم الإثنين 17 فبراير/ شباط 2025 كما يمكن حل بعض المشكلات الأخرى ليس من خلال سن قوانين جديدة، بل من خلال إدخال تعديلات على القوانين القائمة، ولكن هذه الأمور ذاتها، التي تعد من الواجبات المتأصلة والمستمرة التي تقع على عاتق البنوك، عادة ما يتم تنفيذها متأخرا وبطريقة غامضة.
على سبيل المثال، بعد سنوات من الجدل والانتقادات بشأن القروض الكبيرة التي تمنحها البنوك لموظفيها والصعوبات التي يواجهها الجمهور في الحصول على القروض، خاصة القروض الصغيرة من الشبكة المصرفية، حاول البنك المركزي هذا الصيف اتخاذ خطوة نحو الشفافية من خلال نشر إحصاءات حول التسهيلات المصرفية لموظفيه، رغم أنه لم ينشر في البداية إحصاءات حول القروض التي حصل عليها موظفوه! وذلك على الرغم من أن البنك المركزي كان قد أصدر في عام 2023 لائحة بشأن تقديم التسهيلات لموظفي البنوك، إلا أن اللائحة التي نشرت مع الإحصائيات لم تكن مقنعة كما كان متوقعاً.
سوء الرقابة على المصارف
وفي هذا الصدد، أكد نائب رئيس اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب مهدي طغياني على ضرورة إصلاح النظام المصرفي، واعتبر في إشارة إلى أحد البنوك مثالاً على سوء الرقابة على المصارف الخاصة في البلاد، قائلاً إن هذا البنك الذي يمتلك أقل من 2% من أصول البلاد يتعامل اليوم وحده مع 33% من السحوبات على المكشوف في البنك المركزي. في العام الماضي، حصل هذا البنك وحده على 220 هيمات من الأموال المجانية من البنك المركزي، في حين كانت حصة الدولة 130 هيمات، وأضاف نائب رئيس اللجنة الاقتصادية في البرلمان في 19 فبراير/ شباط 2025: أن “هذا البنك أعطى 75% من هذه الموارد لأطراف مرتبطة به، وبدلاً من تنفيذ قرار الحكومة وقرار البنك المركزي وقرار وزارة الاقتصاد، قررت لجنة رئاسة الدولة إعادة بناءه بدلاً من حله. من أعطاهم مثل هذا الإذن؟”.
وتابع : السؤال هو لماذا تستطيع روسيا الحفاظ على سعر الصرف بينما لا نستطيع نحن ذلك؟ وذلك لأن روسيا قامت بتصفية 13 من بنوكها المخالفة ولم يتبق لنا سوى بنك واحد، يجب التعامل مع البنوك المخالفة لأن الحفاظ على قيمة العملة الوطنية يعتمد على مثل هذه الإجراءات، وأكد طغياني أيضا على ضرورة الحفاظ على قيمة العملة الوطنية، قائلاً: “للأسف، يتم خلق 70 تريليونات ريال من الأموال الجديدة في الاقتصاد كل يوم، فكيف نتوقع أن يظل سعر الصرف مستقراً؟”.