ترجمة: شروق السيد
نشرت الصحيفة الإيرانية “شرق“، الخميس 9 يناير/كانون الثاني 2025، تقريرا حول أزمة الضواحي في إيران جاء فيه:
تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن أكثر من مليون وثلاثمائة ألف شخص من سكان مدينة مشهد الكبرى يعيشون في 66 ضاحية حول المدينة.
تستضيف هذه المناطق العديد من المقيمين الشرعيين وغير الشرعيين من الدول المجاورة، مما أدى إلى ظهور مناطق غير متوازنة على أطراف المدينة، متصلة بالقرى المكتظة بالسكان المحيطة بها، مما خلق ظروفا معيشية خاصة لهذه المدينة الكبرى.
وتابع التقرير: في العام الماضي، بعد منتصف الشهر الثاني من الخريف بقليل، عندما كان محمد مخبر لا يزال يشغل منصب النائب الأول لرئيس الجمهورية، قام بزيارة مفاجئة لإحدى ضواحي مدينة مشهد، وتحدث مع المواطنين وأصحاب المحلات عن المشكلات التي يواجهونها.
بعدها شارك في اجتماع مع المسؤولين في محافظة خراسان رضوي وقال: “يجب إعداد قائمة بالصلاحيات اللازمة لحل مشكلات هذه المنطقة تحت إشراف المحافظ، وتقديم وثيقة تهدف إلى منع توسع هذه المناطق، يجب أن تكون الخدمات مثل الإسكان، والمياه والصرف الصحي، وبناء المدارس من الأولويات ضمن خطة التنمية في ضواحي مدينة مشهد”.
وأضاف التقرير أن معيار الكثافة السكانية وفق الخطة الشاملة للمدينة يجب أن يكون 40 شخصا لكل هكتار، ولكن في مشهد يبلغ هذا الرقم 400 شخص، أي عشرة أضعاف متوسط المعيار السكني، والعبء الأكبر لهذا التكدس السكاني يقع على عاتق الضواحي في هذه المدينة الكبرى، مما يعني أن مشهد تنمو من ضواحيها وليس من مركزها.
وتابع أنه على الرغم من أن المحافظ في ذلك الوقت أدلى بتصريحات وشارك بيانات مع وسائل الإعلام بعد تلك الزيارة، وقال لاحقا: “رغم الجهود المتنوعة المبذولة في مجالات الصحة، والرياضة، وخلق فرص العمل، والإسكان، والثقافة في المناطق الأقل حظا بمدينة مشهد، فإننا ما زلنا نواجه تراكم المشكلات المتبقية من السنوات الماضية، وهذا يتطلب عزما جادا من قبل المسؤولين المحليين وتسريع تنفيذ خطة التنمية في ضواحي مشهد لتحقيق التنمية والتقدم بهذه المنطقة”.
ضواحي العاصمة
وأضاف التقرير: “الميزة في العيش بالقرى أو المدن أن وضع الناس يكون واضحا، ولكن، مع انخفاض عدد سكان القرى لدينا منذ أوائل السبعينيات وزيادة انتقال بعض القرويين إلى المدن سنويا، تغيرت الأمور.
ففي تلك الأيام، كانت الإحصاءات تشير إلى أن 70% من سكان البلاد يعيشون في المدن و30% في القرى، لكن الآن، انقلبت هذه النسبة”.
وذكر التقرير أن محافظة طهران، خاصةً مدينة طهران نفسها، تُعد من الأماكن التي يُفترض أن تسودها الرفاهية في كل ضواحيها، ولكن أحيانا تُنشر صور من ضواحي طهران، من مناطق تفتقر إلى الكهرباء أو خدمات الراحة الأساسية، تُثير الدهشة.
وتابع أنه بالنسبة لمدينة طهران، إذا أخذنا تعريفا عاما للضواحي على أنها المناطق السفلى من المدينة، فهناك عدد كبير من السكان يُعتبرون من سكان الضواحي، أما إذا كان المقصود المستوطنات غير الرسمية، فيجب القول إن أكثر من 400 إلى 500 ألف شخص يعيشون في ضواحي طهران.
وسابقا، أشار مهدي هدايت، المدير التنفيذي لمنظمة تجديد مدينة طهران، إلى الحاجة السنوية لـ150 ألف وحدة سكنية في العقد الماضي، ولكن لم تصدر تصاريح بناء إلا لـ65 ألف وحدة سنويا.
وقد نسب جزءا من المشكلات الداخلية في المدينة إلى الأطراف، مؤكدا الحقيقة المريرة التي تفيد بأن النمو السكاني المتسارع في الضواحي، والذي بلغ أربعة أضعاف، وأجبر المواطنين على الخروج من طهران، كان له أثر واضح في ارتفاع أسعار السكن.
إحصائيات السكن
وتابع التقرير أنه عندما يتعلق الأمر بظاهرة السكن في الضواحي، يبدو أن “هذه مجرد بداية القصة” فأحيانا تأخذ القضية منحى جادا لدرجة أن تصبح قضية أمنية، وأحيانا تتحول إلى مسألة اقتصادية بحتة، ومع ذلك، فإن أهمية هذه الظاهرة كبيرة لدرجة أن النائب البرلماني السابق، علي آقامحمدي، تم اختياره لرئاسة “لجنة خطة تمكين وتطوير الأحياء الأقل حظا في البلاد” وبصفته في هذا المنصب، يتحمل مسؤولية إدارة جزء من هذه القضية.
وأضاف: قبل فترة، قام آقا محمدي برفقة بعض أعضاء غرفة التعاون بزيارة لنيودلهي بهدف تقديم خطة تنظيم 2020 حيا فقيرا، التي تنفذها إيران، وصرّح رئيس الاتحاد الدولي للتعاون بأن تنفيذ هذه الخطة قد يكون نموذجا مناسبا يمكن اعتماده في دول أخرى وتطبيقه كتجربة في أماكن أخرى من العالم.
وتابع: إذا استعرضنا الأرقام والإحصائيات، فسنكتشف أن من بين 8.5 مليار نسمة من سكان كوكب الأرض، هناك مليار و300 مليون شخص يعيشون في الأحياء الفقيرة والعشوائية، والمستوطنات غير الرسمية، والتي يطلق عليها مسميات مختلفة.
وأردف: بالنسبة لمشكلة السكن في الضواحي، لا توجد إحصائيات دقيقة حولها حتى الآن، وربما يكون أحد الأسباب هو أن بعض المسؤولين لا يعرفون أين تبدأ وتنتهي حدود المدينة، وأين هي الضواحي، ربما لا يمكن التعرف على الضاحية إلا من خلال أوضاعها الصعبة.