ترجمة: يارا حلمي
نشرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية “إرنا“، الأحد 23 مارس/آذار 2025، تقريرا تناول قرار الولايات المتحدة إلغاء الإعفاء الذي كان يُتيح للعراق شراء الكهرباء من إيران، وذلك في إطار مساعي واشنطن للضغط على طهران للتفاوض حول برنامجها النووي.
حملة”الضغط الأقصى” على إيران
ذكرت الوكالة أن الولايات المتحدة ألغت في 9 مارس/آذار 2025، إعفاء كان يسمح للعراق بشراء الكهرباء من إيران، حيث يُعد هذا الإجراء خطوة ضمن حملة “الضغط الأقصى” التي تتبعها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لقطع مصادر الدخل عن إيران وإجبارها على التفاوض بشأن برنامجها النووي.
وتابعت أن هذا الإعفاء تمت الموافقة عليه لأول مرة خلال الفترة الرئيسية الأولى لترامب، لكن في عام 2018، أعلن ترامب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني، الذي تم توقيعه عام 2015، حيث إن هذا الاتفاق يمنح إيران إعفاء من العقوبات مقابل فرض قيود على برنامجها النووي و تعاون أوسع مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
كما أضافت أنه بعد انسحاب ترامب من هذا الاتفاق، أعاد فرض العقوبات كجزء من حملة “الضغط الأقصى” التي تبناها، ومع ذلك، منحت واشنطن بعض الدول، ومن ضمنها العراق، إعفاءات مؤقتة لمنحها فرصة للتخلص من اعتمادها على الطاقة الإيرانية.
وأفادت الوكالة بأنه خلال فترتي إدارة ترامب وبايدن (الرئيس الأمريكي السابق)، قامت الولايات المتحدة بتمديد هذه الإعفاءات للعراق عدة مرات، بينما كانت تشجع بغداد على التحرك نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة.
وتابعت أن إنهاء هذا الإعفاء ليس سوى جزء واحد من سياسة “الضغط الأقصى” التي تبناها ترامب ضد إيران، ففي 4 فبراير/شباط 2025، وقع ترامب مرسوما تنفيذيا يلزم المسؤولين الأمريكيين بمنع “أي طريق يمكن أن يؤدي إلى امتلاك إيران سلاحا نوويا” والتصدي لنفوذها في الشرق الأوسط.
وأوضحت أن هذا المرسوم تضمن فرض عقوبات اقتصادية جديدة وإلغاء إعفاءات كانت تسمح بدعم إيران اقتصاديا أو ماليا بأي شكل من الأشكال.
انهيار الاقتصاد الإيراني
في هذا السياق، صرّح سكوت بيسنت، وزير الخزانة الأمريكي، بأن الهدف الأساسي لواشنطن هو انهيار الاقتصاد الإيراني.
كما أكد ترامب مرارا، أنه يفضل وقف البرنامج النووي الإيراني عبر الدبلوماسية وليس من خلال العمل العسكري، ففي 7 مارس/آذار 2025، قال في مقابلة مع قناة فوكس نيوز (الشبكة الإخبارية الأمريكية): “هناك طريقتان للتعامل مع إيران، إحداهما عبر العمل العسكري، والأخرى من خلال التوصل إلى اتفاق، وأنا أفضل الاتفاق”.
التفاوض مع الولايات المتحدة
قالت الوكالة إن لدى المسؤولين الإيرانيين مواقف مختلفة تجاه التعامل مع الولايات المتحدة، فقد أعلن المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي، رفضه التام لأي مفاوضات مع واشنطن.
وتابعت أنه بعد كشف ترامب عن إرساله رسالة إلى المرشد الأعلى الإيراني يطلب فيها التفاوض، رد خامنئي دون الإشارة المباشرة إلى الولايات المتحدة، قائلا إن “هدفهم من المفاوضات ليس حل المشكلات، بل فرض هيمنتهم وإملاء شروطهم”.
كما أضافت أن عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، أدان تصرفات الولايات المتحدة، وكتب في تغريدة: “إن قرار الحكومة الأمريكية استهداف الشعب العراقي البريء وحرمانه من الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل الكهرباء، خاصة مع اقتراب الأشهر الحارة من العام، أمر مؤسف للغاية”.
منع استيراد الغاز الطبيعي
ذكرت الوكالة أنه وفقا لتقرير السفارة الأمريكية في العراق، فإن إيران لم تكن توفر سوى 4% من احتياجات العراق من الكهرباء، لكن القضية الأهم هي ما إذا كانت الولايات المتحدة ستجبر العراق على وقف استيراد الغاز الطبيعي من إيران، حيث يستورد العراق سنويا نحو 3 مليارات دولار من الغاز الإيراني، الذي يُستخدم كوقود لتشغيل محطات توليد الكهرباء.
وقد حذر أحمد موسى العبادي ، المتحدث باسم وزارة الكهرباء العراقية، من أن توقف استيراد الغاز من إيران سيؤدي إلى فقدان العراق أكثر من 30% من قدرته على إنتاج الكهرباء.
وقالت “إرنا” إنه نظرا إلى أن إمدادات الطاقة الإيرانية للعراق قد انخفضت خلال الأشهر الأخيرة، فمن المتوقع أن يؤدي إلغاء الإعفاءات إلى وقف استيراد الكهرباء من إيران، وهو ما يمثل 4% من استهلاك الكهرباء في العراق.
وتابعت أن هذا الرقم قد يبدو صغيرا، لكن نقص الكهرباء في العراق يجعل أي انخفاض، حتى ولو كان بسيطا، ذا تأثير كبير، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة واقتراب الانتخابات الوطنية العراقية في الخريف.
وأضافت أن حكومة محمد شياع السوداني (رئيس وزراء العراق)، تضع تحسين الخدمات ضمن أولوياتها، ويعترف العديد من العراقيين بحدوث تحسن في هذا المجال، رغم أنه لا يزال دون مستوى تطلعات الشعب.
وذكرت في ختام تقريرها، أن العراق يسعى في الوقت الحالي إلى زيادة إنتاجه المحلي من الطاقة وتنويع مصادره من خلال التعاون مع دول مثل الأردن والسعودية، ومع ذلك، هناك تحديات أخرى قد تؤثر على العلاقات بين واشنطن وبغداد، من بينها تزايد النفوذ الاقتصادي الصيني في العراق والمنطقة.