كتبت: يسرا شمندي
لم تتوقف المساعدات المالية التي تقدمها إيران إلى حزب الله طيلة فترة الحرب، التي اشتبك فيها الحزب مع الاحتلال الإسرائيلي، بل إن إيران زودت الحزب بملايين الدولارات؛ لكي يعوض بها أصحاب المنازل في ضاحية بيروت والذين فقدوا منازلهم بسبب القصف الإسرائيلي.
أعلن الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، أن حزب الله قدّم مساعدات مالية لأسر المتضررين من آثار الحرب في لبنان بتمويل مباشر من إيران، داعيا إلى دعم جهود إعادة إعمار لبنان، وأوضح أن حزب الله قدم مساعدات للاجئين من خلال لجان تطوعية، وأكد أن مرحلة إيواء النازحين وإعادة الإعمار هي وعد من السيد حسن نصر الله.
وأعلن أن إيران بقيادة خامنئي ستساعد بـ14 ألف دولار لشراء الأثاث واستئجار المساكن، بينما ستتولى الحكومة اللبنانية إزالة الأنقاض وإعادة بناء البنية التحتية، كما دعا قاسم، الدول الشقيقة والصديقة إلى دعم إعادة إعمار لبنان، بحسب صحيفة كيهان 5 ديسمبر/كانون الأول 2024.
وفي سياق آخر، أعلن قاسم عن دفع حزب الله أكثر من 50 مليون دولار لأسر متضررة من الحرب مع إسرائيل. وتراوحت المبالغ المدفوعة بين 300 و400 دولار للفرد الواحد، مما يرفع إجمالي المبلغ المدفوع إلى نحو 77 مليون دولار بعد سداد المبالغ لجميع الأسر المسجلة التي بلغ عددها 233.500 أسرة، وشكر قاسم، إيران على مساعدتها في تمويل هذا الجهد، بسحب “سويس إنفو” 4 ديسمبر/كانون الأول 2024.
إعادة إعمار لبنان
ووفقا لتصريحات الشيخ قاسم، تعد إيران الممول الأساسي لإعادة الإعمار في لبنان، خاصة في المناطق ذات الأغلبية الشيعية التي تضررت بشدة نتيجة الضربات الإسرائيلية. تشمل هذه المناطق الضاحية الجنوبية لبيروت وجنوب وشرق لبنان. وقد اتهمت الأمم المتحدة ومسؤولون فرنسيون ولبنانيون إسرائيل وحزب الله بانتهاك القانون الدولي مرارا خلال الصراع. ومع توقف العمليات العسكرية لحزب الله بشكل كبير، وجهت الجماعة تركيزها نحو إعادة الإعمار، داعيةً “الأشقاء العرب والدول الصديقة” إلى المساهمة، وتعهدت بالتعاون مع الحكومة اللبنانية، كما أفاد البنك الدولي بأن نحو 100 ألف منزل تضرر جزئيا أو كليا، من جراء الصراع الذي بدأ في أكتوبر/تشرين الأول 2023، عندما أطلق حزب الله النار على إسرائيل تضامنا مع حماس، ثم تصاعد بشدة في سبتمبر/أيلول 2024.
ونتيجة لمساعي إيران إلى إعادة إعمار لبنان، أطلقت إيران حملة إنسانية لدعم الشعبين اللبناني والفلسطيني عبر تبرعات عينية ونقدية، شارك في الحملة عدد كبير من الوفود الدينية والمدنية، حيث تم جمع أموال تجاوزت عشرات المليارات لدعم جبهة المقاومة الإنسانية، تضمنت المساعدات إرسال شحنات من المواد الغذائية والطبية بالتعاون مع الهلال الأحمر الإيراني، بهدف تخفيف معاناة النازحين والمتضررين.
وقد بدأت حملة “إيران متضامنة بكل قوة” بعقد أول تجمع للمانحين لوفود طهران الذين جمعوا تبرعات عامة، وأكدوا دعمهم لجبهة المقاومة، بحسب وكالة أنباء إيسنا بتاريخ 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
وبناءً على ذلك تعمل الوفود من جميع أنحاء البلاد على تنظيم التبرعات النقدية لدعم الحملة الإنسانية الخاصة بمساعدة الشعب الفلسطيني واللبناني، حيث سيتم إرسال ممثلين من المنظمات الدينية إلى المناطق المتضررة من النزاع في لبنان وسوريا للإشراف على توزيع المساعدات بشكل صحيح. ومن المقرر أن يزور ثلاثة من المؤسسين هذه المناطق شهريا، مع إخضاع جميع الأموال التي يتم جمعها، لرقابة المقر المركزي اللبناني. وقد أشار رئيس جمعية الهلال الأحمر بير حسين كوليوند، إلى أن “الشعب الإيراني تبرع بأكثر من 170 مليار ريال (3.398.300 دولار) كمساعدات نقدية للشعبين اللبناني والفلسطيني”، بحسب موقع اطلاعات بتاريخ 5 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024.
أطنان من السلع
والجدير بالملاحظة أنه تم إرسال 1200 طن من السلع غير النقدية، من ضمنها المواد الطبية والغذائية، كمساعدات إنسانية إلى هذه المناطق، وقد تم التواصل مع حسام الشرقاوي، مدير منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، لتسهيل إصدار التصاريح لشحنات جوية وبحرية تحتوي على مواد للإغاثة.
وفي هذا الشأن أصدر المرشد الأعلى الإيراني رسالة دعا فيها المسلمين إلى دعم الشعب اللبناني وحزب الله في مواجهة “النظام الإسرائيلي”، مما أدى إلى استجابة شعبية واسعة في إيران، حيث قام مزارعون بالتبرع بمبلغ 2 مليار ريال (47.600 دولار)، إضافة إلى مليار ريال آخر، كما برزت النساء الإيرانيات من خلال التبرعات، حيث تبرعت نساء من بوشهر بما يعادل 2 مليار ريال من الذهب و500 مليون ريال نقدا، بينما تبرعت سيدة من تبريز بمجوهراتٍ قيمتها 1.75 مليار ريال (41.650 دولار)، بحسب صحیفة فرهيختكان بتاريخ 22 أكتوبر/كانون الأول 2024.
وبصدد ذلك شارك رجال الدين في حملة لجمع التبرعات، حيث نجح أحد المساجد في جمع 120 مليون ريال إيراني (نحو 2.856 دولار أمريكي)، إضافة إلى سوار بقيمة 40 مليون ريال (952 دولارا أمريكيا) في طهران. وشهد يوم السبت 14 أكتوبر/تشرين الأول 2024، تجمعا كبيرا في فاطمية العظمى، حيث قدمت النساء تبرعات واسعة. كما قام أحد المواطنين بنشر صور لمنطقة خضراء في أستارة، معلنا عن تخصيص نصف عائد بيعها لدعم الشعب اللبناني.
جدير بالذكر أن إيران تولي حزب الله اهتماما كبيرا باعتباره إحدى أهم الأذرع العسكرية المسلحة الشيعية في العالم العربي والتي تتبع إيران، وقد تضاعف الدعم الإيراني للحزب في فترة الحرب على اسرائيل وما تلا ذلك من استهداف إسرائيل قادة حزب الله وعلى رأسهم الأمين العام السابق حسن نصر الله وكذلك القيادي الكبير في الحزب هاشم صفي الدين.
الدعم العسكري لـ”حزب الله”
وطبقا لتقرير نشرته وكالة أنباء تسنيم بتاريخ 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، في مذكرة عن محور المقاومة وأوضاع المنطقة والسياسة الخارجية الإيرانية، فإن القصف الإسرائيلي العنيف على ضاحية بيروت يوم 28 سبتمبر/أيلول 2024، يمثل جريمة كبرى وأحداثا حساسة في تاريخ المقاومة، وقد أسفر القصف، الذي نفّذته الطائرات الإسرائيلية باستخدام قنابل تفكك التحصينات، عن استشهاد زعيم حزب الله، السيد حسن نصر الله، الذي واجه الضغوط الإسرائيلية في عدة محطات، وضمن ذلك غزة.
كما أشارت المذكرة إلى قيام إسرائيل بهجمات أخرى عبر تفجير أجهزة نداء كانت تُعد لها منذ سنوات، بهدف شل المقاومة اللبنانية وتدمير “رأسها” من خلال اغتيال نصر الله، وأدى ذلك إلى مقتل وجرح عدد كبير من المدنيين والجنود اللبنانيين، وبناء على ذلك نفّذت إيران سلسلة من العمليات العسكرية والسياسية والدبلوماسية المُنظمة، تأكيدا لدعمها المستمر والشامل للمقاومة اللبنانية والفلسطينية في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية.
ومن أشكال دعم إيران لحزب الله:
1-عملية وعد صادق 2
أطلقت إيران في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2024، 200 صاروخ استهدفت منشآت عسكرية إسرائيلية تشمل قواعد جوية ومستودعات طائرات، جاء هذا الرد الصاروخي كرسالة مباشرة لتأكيد التزامها بدعم المقاومة.
2. زيارة الرئيس الإيراني لقطر
زار الرئيس الإيراني قطر في 3 أكتوبر/تشرين الأول 2024؛ للمشاركة في منتدى حوار التعاون الآسيوي، متحديا التوترات الأمنية المحيطة بالمنطقة. استغل الرئيس المناسبة لإدانة الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان وغزة، مؤكدا موقف إيران الثابت في دعم المقاومة اللبنانية والفلسطينية، ومشدّدا على ضرورة وحدة الصف الإسلامي لمواجهة العدوان.
3. خطبة صلاة الجمعة
ألقى المرشد الأعلى خطبة في صلاة الجمعة تزامنت مع تشييع جنازة السيد نصر الله، أكد فيها أن استشهاد القادة لن يثني المقاومة عن مواصلة طريقها، بل سيزيدها صلابة، ووجَّه رسالة تضامن إلى الأمة الإسلامية.
4. زيارة وزير الخارجية العراقي لبيروت
زار وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، بيروت في 5 أكتوبر/تشرين الأول 2024، ليؤكد دعم إيران للبنان ومقاومته، متحديا القصف الإسرائيلي المتواصل. التقى عراقجي خلال الزيارة كبار المسؤولين اللبنانيين، وأعرب عن تضامن إيران، مشددا على التزامها بمساندة المقاومة في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية وتصعيد العنف في المنطقة.
5. زيارة قاليباف للضاحية الجنوبية
زار رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، مواقع القصف في بيروت والضاحية الجنوبية في 13 أكتوبر/تشرين الأول 2024. والتقى قاليباف السكان المتأثرين بالهجمات الإسرائيلية، وأكد وقوف إيران إلى جانب الشعب اللبناني وحزب الله في وجه الاعتداءات.
6-انتخاب الشيخ نعيم قاسم
انتُخب الشيخ نعيم قاسم أمينا عاما جديدا لـ”حزب الله” بعد استشهاد السيد حسن نصر الله، يعكس هذا الاختيار التزام المقاومة بمواصلة طريقها، إضافة إلى قدرة الحزب على التكيف وتجاوز الضربات الإسرائيلية.
الرسالة الإيرانية
أكدت إيران أن اغتيال القادة لا يمثل نهاية المقاومة، بل بداية فصل جديد يعزز تماسك جبهة المقاومة ويؤسس لانتصارات مستقبلية.