كتب: ربيع السعدني
في ظل تصاعد الحرب المتقطعة بين إيران وإسرائيل، يبدو أن هناك اسما إيرانيا جديدا بدأ يتردد بقوة، فما قصة أمير علي حاجي زاده قائد القوة الجوية بالحرس الثوري، أحد القادة العسكريين البارزين في طهران والذي منحه المرشد الأعلى، علي خامنئي، وسام النصر في السادس من أكتوبر/تشرين الأول 2024.
النشأة والتكوين
وُلد حاجي زاده في مارس 1962 بطهران لعائلة من أصول قزوينية (من خرمدشت)، هو أحد الطلاب البارزين لـ حسن طهراني مقدم، أبو الصواريخ الإيرانية، وانضم إلى الحرس الثوري في عام 1979 في سن مبكرة، خلال الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988).
في الستينيات شارك حاجي زاده كمقاتل في عدة عمليات عسكرية كبرى ضد قوات البعث في العراق، ومن بينها، عمليات كربلاء 4، كربلاء 5، والفجر التمهيدي، والفجر 8، وكان من القناصين المهرة في تلك الفترة.
العميد حاجي زاده متزوج ولديه ثلاثة أبناء، لكنه يفضل عدم الخوض في تفاصيل حياته الشخصية، حيث يركز في تصريحاته على الشؤون العسكرية والسياسية، يُعرف بتوجهاته “المتشددة” تجاه إسرائيل والولايات المتحدة، حيث هدد مرارا بـ”رد قاسٍ”، في حال وقوع أي اعتداء على إيران.
وقال في وقت سابق: “لدى الأمريكيين ما لا يقل عن 10 قواعد في المنطقة المحيطة بإيران، تضم أكثر من 50 ألف جندي، وهذا يعني أنهم يجلسون في غرفة من زجاج فلا يجب أن يقذفون غيرهم بالحجارة”.
المناصب القيادية
بعد سنوات من العمل في مراكز الصواريخ الحساسة، وفي أكتوبر/تشرين الأول 2009، عُيّن حاجي زاده قائدا للقوات الجوفضائية التابعة للحرس الثوري منذ تشكيلها بأمر من القائد العام للقوات المسلحة الإيرانية، خامنئي، ليصبح أول قائد لهذه القوة بعد إعادة هيكلتها.
وتحت قيادة حاجي زاده على مدى 15 عاما أصبحت قوة هائلة ضد أعداء طهران، حيث وجهت ضربات قاتلة للعدو بعمليات صاروخية ناجحة، خاصة ضد إسرائيل وهي اليوم تشكل حاجزا منيعا ضد أي عدوان أو تعدي على الأراضي الإيرانية.
منذ ذلك الحين، لعب حاجي زاده دورا محوريا في تعزيز القدرات الصاروخية والتكنولوجية لإيران، بما في ذلك تطوير الصواريخ الباليستية، الطائرات بدون طيار، والأنظمة الدفاعية.
الإنجازات والعمليات العسكرية
حاجي زاده كان المشرف على العديد من العمليات العسكرية البارزة التي نفذها الحرس الثوري، منها:
- هجوم دير الزور الصاروخي (2017): قاد هجوما صاروخيا على مواقع تنظيم (داعش) في سوريا ردا على هجمات إرهابية في إيران.
- إسقاط طائرة تجسس أمريكية (2019): أشرف على إسقاط طائرة RQ-4 Global Hawk الأمريكية فوق المياه الإقليمية الإيرانية وهي طائرة استطلاعٍ مُسيَّرة بقيمة 220 مليون دولار يمكنها التحليق على ارتفاعاتٍ فائقة تصل إلى 60 ألف قدم، أسقطتها إيران فوق مضيق هرمز باستخدام صاروخ أرض جو، قائلةً إنها انتهكت مجالها الجوي.
- هجوم عين الأسد (2020): أشرف على الضربة الصاروخية على قاعدة عين الأسد الأمريكية في العراق، وهي العملية المعروفة بـ”شهيد سليماني”، ردا على اغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس.
- إطلاق قمر نور-1 (2020): قاد عملية إطلاق أول قمر صناعي عسكري إيراني إلى المدار باستخدام صاروخ قاصد، كما ساهم في تطوير منظومة الصواريخ الباليستية الإيرانية، وضمن ذلك صواريخ مضادة للسفن وصواريخ دقيقة بعيدة المدى تصل إلى 2000 كيلومتر، وتصدير هذه التقنيات إلى حلفاء إيران في سوريا، العراق، وفلسطين.
- عمليتا الوعد الصادق 1 و2 (2024): قاد هجومين صاروخيين وبالطائرات المسيرة على إسرائيل في أبريل/نيسان وأكتوبر/تشرين الأول 2024، ردا على اعتداءات إسرائيلية.
عقوبات ضد حاجي زاده
ولعل الأكثر إثارةً للجدل، على الأقل داخل إيران، هو استخدام القوة الجوية لـ”مدن الصواريخ“، وهي مخازن صواريخ يُقال إن بعضها موجودٌ تحت الأرض.
في يونيو/حزيران 2019، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على ثمانية من كبار قادة الحرس الثوري من بينهم، حاجي زاده، وقد شملت تجميد أصوله في الولايات المتحدة وحظر التعامل معه، بسبب دوره في تطوير البرنامج الصاروخي الإيراني، ودعم الإرهاب في المنطقة.
وفي 17 أبريل/نيسان 2025 نشرت تقارير إسرائيلية، أن حاجي زاده صار هدفا محتملا لعمليات اغتيال من قبل الموساد، نظرا إلى دوره المحوري في الهجمات على أهداف إسرائيلية وأمريكية. وذكرت التقارير أن المخابرات الإسرائيلية تراقبه عن كثب، ونفت طهران هذه الشائعات، مؤكدةً أنها جزء من الحرب النفسية التي يشنها “الأعداء” عشية انعقاد محادثات غير مباشرة بين طهران وواشنطن في روما.
اتهامات بإسقاط طائرة أوكرانية
تحمل حاجي زاده مسؤولية إسقاط الطائرة المدنية الأوكرانية (الرحلة 752) في يناير/كانون الثاني 2020 بسبب خطأ بشري في أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية، مما أسفر عن مقتل 176 شخصا، لاحقا أعلن الحرس الثوري مسؤوليته بعد ثلاثة أيام من الحادث، وأشار حاجي زاده إلى أن القوات المسلحة هي المسؤولة عن الخطأ.
كما اتهمه مسؤولون إسرائيليون بالإشراف على هجمات بطائرات مسيرة على ناقلات نفط، مثل هجوم “ميرسر ستريت” في خليج عمان عام 2021، حيث تعرضت سفينة تجارية مملوكة لملياردير إسرائيلي لهجوم بطائرة بدون طيار في بحر عمان، مما أسفر عن مقتل مواطنين رومانيين وبريطانيين.
واتهمت الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل إيران بتنفيذ الهجوم، دون تقديم أي دليل، وردا على التهديدات والاتهامات الإسرائيلية، أكد الجنرال حاجي زاده أن “إيران تمتلك القوة والإرادة لاستخدام القوة وسنرد بالتأكيد بقوة”.
حاجي زاده يحظى بثقة كبيرة من خامنئي، ويُعتبر مهندس البرنامج الصاروخي الإيراني، أحد أبرز القادة العسكريين في إيران، حيث أسهم في تحويل القوات الجوفضائية للحرس الثوري إلى قوة متقدمة تكنولوجيا، قادرة على تنفيذ عمليات معقدة بعيدة المدى كما أن دوره في تعزيز القدرات الصاروخية جعل طهران قوة إقليمية لا يُستهان بها، لكنه في الوقت ذاته وضعه في مرمى العقوبات الدولية والتهديدات الأمنية.
من أبرز تصريحات حاجي زاده:
- “صممنا صواريخنا بمدى 2000 كيلومتر لضرب أعدائنا من مسافة آمنة”.
- “إذا شنت إسرائيل هجوما على إيران، فإننا قادرون على تدميرها”.
- “اليوم أصبحت قضية فلسطين قضية عالمية، وتم فرض هزيمة كبيرة على الكيان الإسرائيلي وكان الضرر الذي لحق بهم استراتيجيا ولا يمكن إصلاحه”.
“لن نسمح لأحد بتعريض الأمن والهدوء النموذجي لشعبنا الحبيب للخطر”.