كتب- محمود شعبان رئيس التحرير
لفت نظري ، حديث البعض عن تصريحات وزير الخارجية الايراني عباس عراقجي ، من نيويورك اليوم الاثنين 23 سبتمبر/ ايلول 2024 بخصوص الرد على الكيان ، و إن عباس عراقجي قال بالنص:” أن إسرائيل عالقة في مستنقع غزة ولذلك تسعى اليوم إلى توسيع ساحة الحرب للخروج من مأزق غزة ، نحن واعون جداً ولن نقع في فخهم وتحركاتهم نابعة عن العجز”.
وقد تحدث البعض إن ايران تبحث عن حل دبلوماسي للرد على اغتيال هنية في طهران نهاية يوليو/ تموز 2024، وقبل الحديث عن ما تريده ايران في هذه الفترة ” وخاصة فريق الرئاسة الايراني”.
اريد الاشارة الى تصريحات سابقة أطلقها عباس عراقجي تتكلم عن ” رد إيران على هنية ، وان طهران ماضية في ذلك دون نقاش”:
في الثالث والعشرين من اغسطس/ اب 2024، أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي لنظيريه الفرنسي والبريطاني تشبث بلاده بحقها في الرد على إسرائيل عقب اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران. من جهة أخرى، دعا عراقجي إلى الحوار مع الاتحاد الأوروبي من أجل حل قضايا ثنائية و”تصحيح السياسات الخاطئة للدول الأوروبية”.
في تغريدة له في السادس والعشرين من اغسطس/ اب 2024:
صرح وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الأحد، أن ردهم على إسرائيل بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران “سيكون دقيقا ومحسوبا ولا مفر منه”.
جاء ذلك في منشور على حسابه بمنصة إكس حول الاتصال الهاتفي الذي جمعه مع نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني.
وعطفا على دعوة تاجاني لإيران بضبط النفس تجاه إسرائيل، قال عراقجي، إنّ “الردّ الإيراني على الهجوم الإرهابي الإسرائيلي في طهران سيكون دقيقا ومحسوبا ولا مفر منه”.
وأضاف: “نحن لسنا خائفين من زيادة التصعيد إقليميا، إلا أننا على عكس إسرائيل، لا نسعى لذلك”.
وبالتالي فوزير الخارجية الإيراني سبق وان تحدث بشكل قاطع وواضح عن رد إيراني مرتقب ” بغض النظر عن وقته وشكله ونوعه”، وتأتي تصريحاته في نيويورك استكمالا لتصريحاته بخصوص تعامل ايران مع ” محاولات الكيان توريط ايران” في حرب ضروس في المنطقة لا تريدها طهران ” رغم كلفة ذلك على ايران الان ، سواء استهداف حلفاءها من الفواعل المسلحة غير الدولتية ، او حتى تنفيذ عمليات داخل ايران”.
ما الذي يريده فريق الرئاسة الإيراني من الغرب؟
النقطة الاولى :
ذهب بزشكيان الى نيويورك ، لحضور الدورة الجديدة من الجمعية العمومية للامم المتحدة ومعه صانع نجاحه الاول وابن ” تعليم نيويورك” جواد ظريف ، لكي يكون الصورة ويصنع له مسار يقدمه به الى البيت الابيض باعتباره الرئيس الايراني الجديد الراغب في التقارب مع الغرب.
النقطة الثانية :
سوف يبقى عباس عراقجي في نيويورك بعد انتهاء زيارة بزشكيان ، لبضعة ايام ، وسوف يلتقي بعدد من وزراء الخارجية الاوربيين من اجل النقاش حول تهيئة اجواء التفاوض من جديد.
النقطة الثالثة:
تم تبادل رسائل عبر سويسرا ” الوسيط المعروف” وجس نبض الاطراف الاوربية والامريكان حول التفاوض، وبات هناك رغبة عامة لكل الاطراف بضرورة البدء في التفاوض حول الملف النووي.. لكن الظروف الاقليمية ” نتنياهو ” لا تريد ذلك ولا تساعد على ذلك.
النقطة الرابعة :
كان هناك تصريح لافت لعراقجي في نيويوك حول حصوله على اذن من خامنئي للتفاوض، فقال الرجل بشكل اقرب الى التهرب من الاجابة المباشرة إن الدبلوماسيين لايتحركون دون تصريح.
ملاحظة هامة :
لكن يجب الاشارة هنا الى إن خامنئي في مفاوضات الاتفاق الشامل ، لم يكن موافقا على دخول ايران انذاك في مفاوضات ، وقال بوضوح انه لا يعول على الغرب في ذلك لكن القرار للرئاسة وعليها تحمل نتائجها حيال ذلك. وبالتالي فإن موقف خامنئي الان هو نفس الموقف حيال مفاوضات 2015 وانه ترك الامر لفريق الرئاسة ، لاكتشاف مدى قدرة الفريق على احراز اي تقدم في المفاوضات وان كان لا يعول على ذلك.
على الناحية الاخرى ، ماذا يفعل الحرس الثوري بينما بزشكيان يحاول ترميم طريق لبدء المفاوضات؟
بينما يحاول بزشكيان وفريق رئاسته ترميم طريق مليئ بالأشواك ، من اجل البدء في مفاوضات مع الغرب، كان الحرس الثوري يوجه رسالة اخرى الى الاقليم وإلى نتنياهو ، وإلى الذين يتحدثون عن اسباب عدم دخول ايران في اشتباك واضح مع الكيان لدعم حزب الله بعد هذه الضربات الموجعة في الساعات القليلة الماضية.
رسالة الحرس كان مفادها إن ايران تعلن أنها تتجهز للدخول في الحرب بشكل مباشر مع حزب الله وانها تلقي بورقتها الأهم في هذه الحرب ، وذلك من خلال دفع فصائل عراقية شيعية للاجتماع وترتيب اجندة تحركها ضد الكيان وامريكا في الايام المقبلة.
وقد انتهى الاتفاق الى :
- دعم حزب الله اللبناني بالجهد العسكري البشري والتسليحي، في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي
- استمرار عمليات القصف من داخل الأراضي العراقية والسورية تجاه أهداف في الأراضي الفلسطينية المحتلة
- توسيع رقعة المواجهة ضد كل طرف يقدم الدعم للاحتلال، في إشارة إلى القواعد الأميركية بالعراق وسورية
الاجتماع ضم :
قادة وممثلين عن كتائب حزب الله، والنجباء، وأنصار الله الأوفياء، والإمام علي، وكتائب سيد الشهداء.
بذلك تكون إيران قد تحركت بمسارين اثنين للاشتباك مع الوضع في المنطقة ، المسار الأول يخص فريق الرئاسة الإيراني الذي يحاول تمهيد الطريق لمفاوضات مع الغرب، والمسار الثاني ، التجهيز للاشتباك العسكري المباشر مع الكيان من خلال فصائل العراق الشيعية لدعم حزب الله في معركته ضد الاحتلال.
الملفت إن اجتماع الفصائل الشيعية في العراق وثيق الصلة بالحرس الثوري بطبيعة الحال، قد تزامن مع لقاءات بزشكيان مع صحفيين وممثلي دول وحكومات في نيويورك ، وهي في تقديري رسالة الى الداخل الاصلاحي في ايران ، إن الخط المسلح هو الذي يجب التعويل عليه وليس ” التزلف” للغرب في محاولة لايجاد تفاهم حول مفاوضات لن تتم بالأساس