كتب: ربيع السعدني
إسماعيل بقائي هامانه، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الإيرانية ورئيس مركز الدبلوماسية العامة، الذي تم تعيينه بقرار من عباس عراقجي في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول 2024، خلفا لناصر كنعاني، وذلك بعد شهرين من تشكيل حكومة مسعود بزشكيان.
ولد إسماعيل بقائي في يزد عام 1975، بهامانه وهي قرية صغيرة في منطقة خرانق التابعة لمدينة أردكان، محافظة يزد وبعد حصوله على درجة الماجستير في الدبلوماسية والمنظمات الدولية عام 1990، عمل خبيرا قانونيا في وزارة الخارجية.
وتتركز مسؤوليات بقائي وخبراته المهنية في مجالات القانون والدبلوماسية المتعددة الأطراف، ثم أكمل دراسته الجامعية في جامعة طهران، ثم درس في جامعة الشهيد بهشتي وكلية العلاقات الدولية في تخصصين: “القانون الدولي” و”الدبلوماسية والمنظمات الدولية”، وكتب أطروحته النهائية حول “الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد” و”النظام القانوني الدولي لمنع ومكافحة الإرهاب” على التوالي، كما قام بإعداد وترجمة العديد من المقالات حول الجوانب القانونية للإرهاب الدولي، والتي نشرت في منشورات مرموقة.
رحلة بقائي من يزد إلى الأمم المتحدة
ومن النقاط البارزة في الخلفية التعليمية لـ”متحدث الخارجية” معرفته وخبرته ونشاطه الإعلامي منذ تسعينيات القرن الماضي، وبين عامي 1999 و2000 أكمل بنجاحٍ دورات صحفية متخصصة في مؤسسات تابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2006، غادر إسماعيل بقائي إلى نيويورك ممثلا لإيران في اللجنة السادسة (القانونية) للجمعية العامة للأمم المتحدة، وبعد عودته من نيويورك مطلع عام 2011، تم تعيينه نائبا ثم رئيسا لقسم المعاهدات والقانون الدولي العام، واستمر في ذلك حتى عام 2015.
ولمدة خمس سنوات تقريبا كان في الدائرة القانونية بوزارة الخارجية، وبعد ذلك عمل لمدة 3 سنوات في مكتب الممثلية الدائمة لإيران في نيويورك، وممثلا دائما لإيران لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف في يوليو/تموز 2018.
وتعد هذه الفترة التي تزامنت مع تحديات غير مسبوقة ناجمة عن جائحة كورونا وانسحاب أمريكا من الاتفاق النووي، من أكثر فترات بقائي نشاطا وابتكارا، بحسب زملائه في وزارة الخارجية والدبلوماسيين الأجانب حتى ترأس لجنة الشؤون القانونية للجمعية العامة للأمم المتحدة.
كما شارك في عام 2021، بصفته ممثلا لإيران، في مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، وانتهت مهمة بقائي بجنيف في سبتمبر/أيلول 2022. وبعد عودته إلى طهران، واصل عمله في السلك الدبلوماسي مستشارا ومساعدا للوزير آنذاك، الراحل أمير عبد اللهيان.
الخبرة الدبلوماسية
يُعتبر بقائي دبلوماسيا مخضرما يتمتع بخبرة واسعة تمتد لأكثر من عقدين في السلك الدبلوماسي الإيراني، حيث شغل هذه المناصب الرفيعة التي ساهمت في تشكيل سياسات إيران الخارجية، مما منحه فهما عميقا للعلاقات الدولية والسياسة الخارجية.
وإلى جانب كونه المتحدث الرسمي، يترأس مركز الدبلوماسية العامة، وهو الجهة المسؤولة عن صياغة الخطاب الإعلامي للوزارة وتعزيز صورة إيران دوليا.
كرئيس لمركز الدبلوماسية العامة، يتولى بقائي مسؤولية صياغة الرواية الإعلامية لإيران والتواصل مع الجمهور الدولي، حيث يتميز أسلوبه بالوضوح والحزم، مع التركيز على تعزيز صورة إيران كدولة ملتزمة بالقانون الدولي وداعمة للقضايا العادلة، مثل القضية الفلسطينية ومقاومة ما يصفه بـ”العدوان الإسرائيلي”.
صوت إيران في المحادثات النووية
يتميز بقائي بأسلوب مباشر في التعبير عن مواقف طهران، مع استخدام لغة دبلوماسية تحافظ على التوازن بين النقد الحاد للخصوم والدعوة إلى التعاون مع الحلفاء، وأعرب مرارا عن موقف إيران الحذر تجاه المفاوضات غير المباشرة مع الولايات المتحدة، مؤكدا أن طهران تتخذ خطواتها “بعيون مفتوحة” وتستند إلى خبرات الماضي، ثم جهود سلطنة عمان في استضافة هذه المفاوضات، مشيرًا إلى دورها كوسيط.
في المفاوضات النووية الأخيرة مع واشنطن في روما لم يكن بقائي مشاركا مباشرا في غرفة المفاوضات، لكنه كان صوت إيران الرسمي في التواصل مع الجمهور الدولي والمحلي، تصريحاته ساعدت في تشكيل الرواية الإيرانية، التي تجمع بين الحزم في المطالب (رفع العقوبات) والانفتاح على الحوار (من خلال الوساطة العمانية).
خبرته السابقة في المفاوضات النووية مع 5+1 مكنته من تقديم توضيحات دقيقة حول القضايا الفنية مثل تخصيب اليورانيوم وتنفيذ الاتفاق النووي، مما عزز مصداقية تصريحاته.
إيران تتحدث.. صانع الرواية الإيرانية
موقفه من نقل المفاوضات إلى روما بناء على اقتراح وزير الخارجية العماني وموافقة إيران والولايات المتحدة، بما يعكس استراتيجية إيران الأوسع في التعامل مع الغرب، حيث تسعى للحفاظ على توازن القوى في المفاوضات وتجنب أي سياق قد يُفسر كاستسلام للضغوط الأمريكية أو الأوروبية.
وكتب بقائي في هذا الصدد عبر منصة إكس: “إن السلام الدائم يولد من الحوار الصادق بين الأمم، وليس من فرض القوة، ولقد أظهرت طهران دائما، بحسن نية ونهج مسؤول، التزامها بالدبلوماسية كوسيلة حضارية لحل القضايا، مع احترام المصالح العليا للأمة الإيرانية وفي الوقت نفسه، نحن نعلم أن الطريق أمامنا ليس سهلا، نحن نسير بأعين مفتوحة وحقيبة ظهر مليئة بتجارب الماضي”.
ويعكس تأكيده، دور عمان كوسيط عربي، ثقة إيران بالدبلوماسية العمانية، التي أثبتت فعاليتها في استضافة مفاوضات حساسة في الماضي.
لطالما أدان بقائي العقوبات الأمريكية على صادرات إيران النفطية، واصفا إياها بـ”غير مبررة” ومخالفة للقانون الدولي، ونفى اتهامات بريطانية حول تهديد إيران لأمنها القومي، داعيا لندن إلى تبني نهج بناء، ولعب دورا محوريا في التواصل الرسمي وصياغة المواقف الإيرانية خلال مفاوضات مسقط، من خلال الإعلان عن التطورات، وتوضيح المطالب (رفع العقوبات)، وإبراز دور الوساطة العمانية.