كتب: محمد بركات
بعد عدة أيام من استعراض إيران لعدد من الوحدات العسكرية في قلب الجبال والتي تحتوي على أعداد كبيرة من الصواريخ، والذي جاء 11 يناير/ كانون الثاني 2025، تستمر المؤسسة العسكرية في إيران في إظهار قوتها عن طريق تدعيم خطوطها وقواتها الدفاعية بالمزيد من المعدات العسكرية، في إشارة منها لاستعدادها الكامل لخوض حرب إذا ما لزم الأمر .
فقد أعلن اللواء عبد الرحيم موسوي، القائد العام للجيش الإيراني، 13 يناير/كانون الثاني 2025، عن ضم ألف طائرة مسيرة استراتيجية مزودة بقدرات مضادة للتحصينات وتقنيات التخفي إلى هيئة القتال في الجيش في عدة نقاط من البلاد بشكل متزامن.
من جانبه، صرح افشين خواجه فرد، رئيس هيئة الصناعات الجوية التابعة لوزارة الدفاع الإيرانية، في اليوم نفسه، واصفاً تلك الزيادة بأنها تمرين على الإنتاج واسع المجال، قائلاً: “إن الطائرات المسيرة التي تم تسليمها مؤخراً للجيش كانت فعليا مخصصة للعام الجديد، ولكن تم اتخاذ التدابير اللازمة في الجيش ووزارة الدفاع لتلبية الاحتياجات الموجودة، وذلك من خلال تحقيق قفزة في مجال إنتاج الطائرات المسيرة، وبالتالي، أظهرنا كيف يمكننا زيادة حجم وعدد إنتاجاتنا في هذا المجال عند الحاجة”.
وأضاف خواجه فرد: “إن الميزة الثانية في ضم هذه الأعداد من الطائرات المسيرة هي تعزيز بعض الخصائص والقدرات، وكذلك تعزيز بعض الأنظمة وإجراء تغييرات طفيفة على المسيرات، الأمر الذي شجعته قدراتنا البحثية وتصميم المتخصصين في هذا المجال”.
وخلال حديثه ذكر خواجه فرد بعض خصائص الطائرات المسيرة التي تم ضمها للقوات الإيرانية، حيث قال: “إن جزءاً كبيراً من هذه الطائرات كان معروفاً لقواتنا، إلا أن القوات كانت بحاجة إلى طائرات مسيرة أكثر، فالجيش الإيراني يتكون من أربعة فروع مستقلة من الناحية العملياتية، وكل فرع له خصائص خاصة بالطائرات المسيرة، مما يعني أنه قد يمتلك كل من الجيش والقوات الجوية طائرة مسيرة واحدة، ولكن بالتأكيد أنظمتهم مدمجة ومختلفة بناء على نوع المهام التي ينفذونها”.
وأشار رئيس منظمة الصناعات الجوية إلى بعض الخصائص للطائرات المسيرة، بما في ذلك طائرة كرار، قائلاً: “هذه الطائرات، وبالنظر إلى الارتفاعات والسرعات المتنوعة التي تتمتع بها، والاختبارات الجيدة التي أجريناها في مجال التتبع الجوي، من المؤكد أنه سيكون لها دور فاعل في سلسلة الهجوم والدفاع في البلاد”.
وقد أكد “يوماً بعد يوم، نختبر أسلحة متنوعة على الطائرات المسيرة، مثل القنابل الموجهة والقنابل الليزرية، والصواريخ الموجهة من نوع جو جو، وغيرها من الأسلحة التي يطلبها الجيش وفقاً لاحتياجاته. ولحسن الحظ، بما أن القوات تمتلك هذه الطائرات المسيرة، فإنها تصمم وتختبر سيناريوهات وابتكارات عملياتية مختلفة، وهذا أمر جيد جداً: حيث يمكن لمقاتلينا استخدام هذه الطائرات بأنواع متعددة”.
جدير بالذكر أن دفعة الطائرات المسيرة الجديدة للجيش الإيراني تتمتع بخصائص فريدة تشمل مدى يتجاوز 2000 كيلومتر مع قدرة تدميرية عالية، وإمكانية اختراق تحصينات الدفاع الجوي بفضل مقطع راداري منخفض للغاية، كذلك فإنها تتمتع بقدرة عالية على التحليق المستمر والاستقلالية الكاملة دون الحاجة إلى التحكم من البداية إلى النهاية.
وقد تم تصميم هذه الطائرات لتنفيذ مهام عملياتية واستطلاعية خاصة، مما يعزز قدرات الاستطلاع ومراقبة الحدود بعمق، ويزيد من كفاءة أسطول الطائرات المسيرة للجيش الإيراني في التعامل مع الأهداف بعيدة المدى وتدميرها.
وقد تم تصميم هذه الطائرات وإنتاجها بشكل مشترك من قبل العلماء والمبتكرين في الجيش الإيراني ووزارة الدفاع والشركات الإيرانية المختلفة المتخصصة في هذا المجال، وذلك في مصانع تصنيع الطائرات المسيّرة التابعة للجيش ووزارة الدفاع.
وكان محمد باقر قاليباف، قد صرح خلال كلمته قبل الجلسة العامة للبرلمان الإيراني والتي عقدت الإثنين 13 يناير/ كانون الثاني 2025، مشيدا بإمكانيات بلاده الدفاعية، قائلا “إن تنفيذ المناورات، مثل مناورات الدفاع الجوي لجيش القوات المسلحة لعام 2025 تحت إشراف القوة الجوية للجيش، والمناورة الكبرى التي تضم 110 آلاف مشارك في طهران، وكذلك الكشف عن أحدث مدينة صواريخ لقوة الفضاء التابعة للحرس الثوري في الأيام الأخيرة، قد عرضت جوانب جديدة من قوة الدفاع والقدرة العسكرية في البلاد وأظهرت للأعداء التصميم والعزيمة الكبيرة والقدرة الردعية لنظام الجمهورية الإيرانية”.
صناعة المسيرات في إيران
تعتبر الطائرات المسيرة واحدة من أبرز الإنجازات التقنية والعسكرية التي حققتها إيران في العقود الأخيرة. فإيران، ورغم العقوبات الدولية المفروضة عليها، قد نجحت في تطوير منظومة متقدمة من الطائرات المسيرة التي تلبي احتياجاتها العسكرية والدفاعية، وتؤكد قدرتها على تحقيق اكتفاء ذاتي في هذا المجال الحيوي.
فقد بدأت إيران برنامجها لتطوير الطائرات المسيرة في ثمانينيات القرن الماضي، خلال الحرب الإيرانية العراقية، والتي جاءت في الفترة من 1980 إلى 1989، حيث دعت الحاجة إلى تصنيع أنظمة استطلاع رخيصة وفعالة، ومنذ ذلك الوقت، استثمرت إيران بشكل كبير في هذا المجال، مما أدى إلى إنتاج مجموعة متنوعة من الطائرات المسيرة لأغراض متعددة، منها الاستطلاع، الهجوم، الحرب الإلكترونية، وحتى الطائرات الانتحارية التي تنفذ مهمتها بدقة عالية دون أن تترك أي أثر ورائها.
فتمتلك إيران مجموعة واسعة من الطائرات المسيرة، أبرزها شاهد 129، وهي طائرة استطلاع وهجوم متعددة المهام، تمتاز بقدرتها على التحليق لمسافات طويلة تصل إلى 1700 كيلومتر، وحمل ذخائر موجهة بدقة.
كذلك تمتلك أيران طائرة فطرس والتي تُعتبر واحدة من أكبر الطائرات المسيرة الإيرانية، بمدى يتجاوز 2000 كيلومتر، ومصممة للاستطلاع والهجوم، وأيضا طائرات كرار، وهي مسيرة هجومية عالية السرعة، يمكن استخدامها في عمليات القصف الجوي أو كطائرة اعتراض جوي.
فيما تعد عائلة شاهد، وعلى رأسها شاهد136، من أبرز أنواع المسيرات الإيرانية، وهو نوع طائرة انتحارية صغيرة الحجم، مصممة لضرب الأهداف بعيدة المدى، وحققت شهرة واسعة بعد استخدامها في ساحات القتال المختلفة.
وبشكل عام فتتميز الطائرات المسيرة الإيرانية بقدرات تقنية متقدمة، كمدها الطويل والذي يصل إلى أكثر من 2000 كيلومتر، والقدرة على التحليق لفترات طويلة تتجاوز 24 ساعة، وإمكانيات للتخفي عن الرادارات بفضل انخفاض المقطع الراداري، وقابلية تسليحها بأنواع متعددة من القنابل والصواريخ الموجهة، والتشغيل الذاتي دون الحاجة إلى تدخل بشري أثناء تنفيذ المهام.