كتبت: أسماء شاكر
انضمت إيران مؤخراً إلى التحالف الاقتصادي المسمى بمجموعة البريكس، والذي يضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، وتعتبر هذه الدول نفسها خصمًا جيوسياسيًا لمجموعة السبع والمؤسسات المالية الغربية، حيث تهدف أن تستقل ماديًا عن الغرب وتتعاون فيما بينها لرفع العقوبات الاقتصادية من قبل الولايات المتحدة التي تهدد أمنها وأمن مواطنيها، وإزالة مخاطر أخرى تهدد الأمن الدولي لدى هذه الدول.
وبحسب وكالة أنباء خبر أونلاين بتاريخ 12 سبتمبر/ أيلول 2024، دعا علي أكبر أحمديان -أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني- إلى اجتماع المسؤولين الأمنيين من الدول الأعضاء في مجموعة البريكس المقام في الفترة من 10-12 سبتمبر/ أيلول 2024 في مدينة سانت بطرسبرغ في روسيا.
ونشرت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية “إيسنا”، نص تصريحات أحمديان في هذا الاجتماع، والتي جاء فيها: إننا نبدأ القمة الحالية في وضع تتزايد فيه التوترات والتهديدات، منها الإرهاب السيبراني وتهديد أمن المعلومات والتسلل والتجسس والتدخل في الشؤون الداخلية والسيادة الوطنية للدول من خلال الثورات والحرب المعرفية، وتهديدات تقنيات الذكاء الاصطناعي الجديدة والأقمار الصناعية الكهرومغناطيسية والتهديدات النووية والأنشطة البيولوجية غير القانونية الخفية، والعقوبات الاقتصادية، وحروب المناخ، وحرب الممرات، كل ذلك تهديد مشترك يواجه كل عضو من أعضاء البريكس بشكل أو بآخر.
أضاف: ومن أهم التهديدات التي تهدد أمن دول العالم، بما في ذلك أعضاء البريكس، تنامي وتوسع الإرهاب في مناطق مختلفة، وأبرزها من ناحية تحركات الإرهابيين التكفيريين من جماعة داعش وفروعها، ومن جهة أخرى، الإرهاب الواضح للعصابة الإجرامية التي تسيطر على فلسطين المحتلة، والتي جعلت من الإرهاب المنظم إحدى استراتيجياتها، مستفيدةً من التقدم التكنولوجي والذكاء الاصطناعي على المستوى العالمي، وما اغتيال الشهيد إسماعيل هنية أثناء حضوره حفلاً دبلوماسيا إلا مثال واحد على هذا السلوك الجامح الذي ينبغي أن ينبهنا جميعا للخطر الذي يواجهنا ويواجه العالم أجمع.
وبينما يصمون آذانهم عن حادثة صغيرة بتوظيف آلتهم الدعائية، فإنهم من ناحية أخرى يلتزمون الصمت أمام عشرات ومئات الاغتيالات والإبادة الجماعية وقتل الأطفال من قبل النظام الصهيوني.
ومن ناحية أخرى، فإن كون الاتجار بالمخدرات والهجرة غير الشرعية من أهم مصادر تمويل الإرهابيين ولا يزال يتم التعامل مع هذه المشاكل من جذورها، فيجب أن نستعد لنمو الجماعات الإرهابية.
كما أن من أهم التهديدات الأمنية المعاصرة على الساحة الدولية هو أمن المعلومات، وخاصة في الفضاء السيبراني، حيث إن هناك أيضا خوف كبير من استغلال العناصر والجماعات الإرهابية، وحلها يتطلب التعاون والمشاركة الجماعية لأعضاء البريكس والدول الأخرى، خاصة وأن الجوانب النفسية للإرهاب السيبراني يمكن أن تكون أكثر تدميرا من الإرهاب على أرض الواقع لأنه يمكن أن يعرض الأمن الفردي والأمن الاجتماعي والأمن الاقتصادي والأمن الثقافي وحتى الأمن القومي للدول للخطر بشكل أكبر.
اليوم، يستخدم الإرهابيون شبكات التواصل الاجتماعي مع رسائل إعلامية لتجنيد القوات بالتنسيق الإجرائي والميداني دون الحاجة إلى التواجد الفعلي في مسرح الجريمة، فيتم تسهيل تحويلاتهم المالية من خلال العملات الرقمية ومن خلال سلسلة الكتل. والآن اختفت الحدود بين ساحة المعركة والحياة الطبيعية للمواطنين وتشكلت ازدواجية بين أمن المجتمع وحماية الخصوصية، مما يعقد أمن المواطنين والأمن القومي لنا جميعا ويجعل الحاجة إلى التعاون الجماعي بين أعضاء مجموعة البريكس مئة ضعف.
وبالإضافة إلى كل هذه الحالات، فإننا جميعًا نتعامل مع مشكلة أخرى، وهي نهج الولايات المتحدة وحلفائها في إضعاف السيادة الوطنية للدول المستقلة باستخدام تقنيات مختلفة من الهجوم عبر تكنولوجيا الاتصالات السيبرانية وشبكات التواصل الاجتماعي.
من أهم التحديات في مجال الأمن التكنولوجي والسيبراني هو احتكار الإنترنت للأجهزة الحيوية وبعض البرمجيات وأنظمة ومنصات الإنترنت الغربية، وخاصة الأمريكية، والتي ينبغي النظر في حل لها. وفي هذا الصدد اقترح لجمهورية إيران استبدال الإنترنت والأجهزة والأنظمة والمنصات بالأنظمة غير الأمريكية غير الخاضعة للعقوبات للتعاون في مجال الذكاء الاصطناعي مع الدول المستقلة، ولهذا الغرض، يمكننا المضي قدمًا في العمل بشكل مشترك عن طريق إنشاء لجان بين الدول الأعضاء.
ومن ناحية أخرى، أصبح وجود الفجوة الرقمية والافتقار إلى روابط البنية التحتية التكنولوجية بين الدول الأعضاء في البريكس عقبة أمام تعاوننا، وهو سبب آخر للعمل معًا لتوحيد المنصات المشتركة.
وبالنظر إلى موضوع هذا الاجتماع، وهو مناقشة التهديدات الأمنية، أود أيضًا أن أشير إلى مجالين أمنيين مهمين آخرين، الأمن الاقتصادي والأمن الغذائي، اللذان على الرغم من شعارات التجارة الحرة العالمية في السنوات الأخيرة، إلا أن الولايات المتحدة وحلفاءها يهددون هذين الأمنين بشدة من حيث العقوبات الاقتصادية التي فُرضت، والتي تم استغلالها كأداة سياسية وهجومية.
قال كذلك: “للتعامل مع استخدام التهديد الاقتصادي والقضائي كسلاح، أقترح ما يلي”:
أولًا، ينبغي الإسراع بتشكيل نادي الدول المناهضة للعقوبات، واتباع آليات عملية منسقة للتعامل مع العقوبات.
ثانيًا، ينبغي بناء الأمن في المجال المالي، والذي يوجد اتفاق عام عليه أيضًا، بما في ذلك ثلاثة تدابير مهمة:
– كسر اعتماد النظام المالي لدول البريكس على الدولار، وإجراء المعاملات المصرفية بالعملات الوطنية.
– إنشاء منصات مصرفية مشتركة ومراسلين بين أعضاء البريكس في أسرع وقت ممكن.
– إنشاء شبكة مصرفية مشتركة تعتمد على تقنية العملات المشفرة وسلسلة الكتل.
ثالثًا، إنشاء مؤسسات تنظيمية مالية والتعامل مع غسل الأموال المستقل وغير المنتمي وغير السياسي، يمكن أن تكون هذه الخطوات مقدمة لنموذج أعمال مالي شامل لدول البريكس، والذي سيتضمن بنية تحتية وأنظمة مشتركة مثل نظام العملة النقدية ونظام التعرفة التجارية، ومناطق التجارة الخاصة والحرة، وصندوق الاستثمار والتنمية.
ولكن فيما يتعلق بالمسألة المهمة المتمثلة في “ضمان السلامة الأمنية والغذائية”، فإن أحد المقترحات لجمهورية إيران هو إنشاء لجنة مشتركة بين البلدان الأعضاء، والتي لديها في المجمل العديد من المرافق في هذا المجال، على سبيل المثال، لديهم أكبر عدد من الماشية في العالم، وفيما يتعلق بالحبوب، يمكن اعتبار هذه الدول من أهم المنتجين.
وفي مجال الصحة المشتركة للإنسان والحيوان، يمكن للدول الأعضاء أن تعمل مع البشر من أجل الإنتاج المشترك للقاحات ضد الأمراض الشائعة التي تصيب الماشية والدواجن، خاصة وأن بعض هذه الأمراض، مثل أنفلونزا الطيور شديدة الحدة، يمكن أن تسبب الوفيات أكثر من كورونا.
في الجزء الأخير من كلمتي، أود أولًا أن أشكر حكومة جنوب أفريقيا وبعض الدول الأخرى الحاضرة في هذا الاجتماع على جهودها في مناقشة ملف النظام الصهيوني في المحاكم القانونية الدولية وأن أعلن عن مستوى دعم الجمهورية الإيرانية لهذه الخطوة الأمنية.
ولسوء الحظ، فقد مضى ما يقرب من عام منذ أن قام نظام إسرائيل الإجرامي والإرهابي، بدعم من الولايات المتحدة وبعض الحكومات الغربية، بقتل عشرات الآلاف من المدنيين، من الأطفال والنساء إلى كبار السن والشباب، وتجاهل مطالب الشعب الفلسطيني، مما يهدد السلام والأمن الدولي.
وهنا، أطلب من جميع الزملاء وكبار المسؤولين الأمنيين الحاضرين في هذا الاجتماع المساعدة بأي طريقة ممكنة لإنهاء هذه الوحشية والجريمة التي يرتكبها النظام الصهيوني الغاصب.
ختم كلامه بالقول :”اقتراحي الواضح هو أن يذكر في البيان الختامي لهذا الاجتماع طلب وقف دائم لإطلاق النار والانسحاب الكامل لقوات النظام الغاصب من غزة والضفة الغربية وتبادل الأسرى والسجناء، بالإضافة إلى تشكيل لجنة من مجموعة البريكس مسؤولة عن متابعتها”.