كتب: محمد بركات
في ظل تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران، عُقد في بكين يوم الجمعة 14 مارس/آذار 2055، اجتماع ثلاثي بين إيران والصين وروسيا، ناقشت فيه الأطراف سبل تعزيز التعاون لتخفيف الضغوط الغربية، خاصة في ما يتعلق بالملف النووي الإيراني. يأتي هذا الاجتماع في توقيت حساس، إذ تسعى طهران إلى توثيق تحالفاتها مع القوى الشرقية؛ لمواجهة محاولات الولايات المتحدة وحلفائها إحياء آلية الزناد وفرض مزيد من العقوبات، لقاء ربما يعطي طهران بعض الطمأنينة في مسار صراعها الدبلوماسي، حتى الآن على الأقل، مع الخصم الأمريكي.
النووي الإيراني يعود للواجهة
حول هذا الشأن، كتبت صحيفة دنياي اقتصاد في عددها الصادر السبت 15 مارس/آذار 2025، تقول: “أصبح الملف النووي الإيراني مرة أخرى محور المحادثات رفيعة المستوى من نيويورك إلى بكين، مما يعكس مواجهة جديدة في إطار 3 ضد 4، فمن اجتماع يوم الجمعة 14 مارس/آذار 2025، بين إيران والصين وروسيا، الذي أكدوا فيه أن التفاعلات الدبلوماسية والحوار القائم على الاحترام المتبادل هو الخيار العملي والموثوق الوحيد للتفاوض مع إيران، إلى اجتماع الحلفاء الغربيين في مجلس الأمن وطرح الادعاءات ضد إيران والتهديد بتفعيل آلية الزناد، يبدو أن الأشهر القليلة المقبلة، وقبل الموعد النهائي لآلية الزناد أو انتهاء الاتفاق النووي في أكتوبر/تشرين الأول 2025، ستشهد بعدا عمليا وفنيا أكثر وضوحا، مما يضع الأطراف في مواجهة جديدة. وهذا يعني أن الأطراف ستحاول إيجاد حل دبلوماسي موثوق لاتفاق جديد أو تحديث الاتفاق النووي، أو الاستعداد لمخاطر جديدة مع احتمال هجوم على المنشآت النووية الإيرانية من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل، ورد إيران القاطع”.
ويكمل التقرير: “ومع ذلك، يجب الانتظار لمعرفة كيف ستكون ردود الفعل وتفعيل الوساطات الأخرى، وما هو المسار الذي ستضعه أمام الأطراف. والأهم من ذلك، ما هو رد إيران على رسالة ترامب، الرسالة التي كانت محتواها محل تكهنات منذ استلامها. فالرأي الأول يرى أن هذه الرسالة ليست أكثر من زيادة الضغط في إطار جديد، لكن الرأي الثاني لديه قراءة مختلفة، ويجادل بأن الرسالة تحتوي على تفاصيل مهمة تجعل رسالة ترامب تتجاوز مجرد دعوة للمفاوضات أو التهديد”.
ويضيف التقرير: “وردا على سؤال صحفي حول الاجتماع الثلاثي بين إيران والصين وروسيا، قال دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، الجمعة 14 مارس/آذار 2025: (ربما يناقشون برامج غير نووية، ربما يناقشون تخفيف التوتر حول الأسلحة النووية، لقد تحدثت كثيرا مع الرئيس بوتين حول هذا الموضوع. إذا لم يكن هناك تزوير في انتخابات 2020، لكان بإمكاننا فعل شيء). هذا ولم يتضح بعدُ ما هي التفاصيل التي أدرجها ترامب في رسالته إلى كبار المسؤولين الإيرانيين. ولكن ما هو واضح هو أن أي تهديد سيعطل مقدمات طاولة الحوار”.
التحالفات الشرقية لمواجهة الضغوط الغربية
هذا وقد تناولت صحيفة آكاه في عددها لليوم نفسه، تعزيز العلاقات الدولية في ظل العقوبات، حيث كتبت: “في إطار المشاورات المستمرة بين إيران وروسيا والصين، عُقدت مباحثات في بكين تناولت قضايا التعاون الإقليمي والدولي، خصوصا مواجهة العقوبات الأمريكية وتعزيز العلاقات في إطار (بريكس) ومنظمة شنغهاي. وخلص الاجتماع إلى تفاهمات مهمة حول التعاون الثلاثي والتصدي للسياسات الأحادية لواشنطن”.
وتابعت: “أكدت الدول الثلاث في بيانها الختامي ضرورة رفع جميع العقوبات غير القانونية، والالتزام بالحوار الدبلوماسي القائم على الاحترام المتبادل، وتجنب أي تصعيد قد يعرقل الجهود الدبلوماسية، كما شددت على أهمية معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، وأكدت الصين وروسيا دعمهما لبرنامج إيران النووي السلمي وحقها في الاستخدام السلمي للطاقة النووية”.
ويكمل التقرير: “في سياق متصل، تبرز العلاقات الإيرانية الصينية من خلال اتفاق التعاون الشامل كمحور استراتيجي لتعزيز الشراكة الاقتصادية لمواجهة العقوبات الأمريكية، كما تسعى إيران إلى تعزيز تعاونها مع روسيا ضمن منظمة شنغهاي والاتحاد الأوراسي، حيث يشكل التعاون الثنائي قاعدة لتوسيع العلاقات الاقتصادية والسياسية”.
ويردف: “فيما أكدت الحكومة الإيرانية أهمية توثيق العلاقات مع موسكو، مشيرة إلى ضرورة تنفيذ الاتفاقيات الموقعة بين البلدين وتعزيز التعاون في مشاريع البنية التحتية مثل خط السكك الحديدية رشت آستارا، وتماشيا مع هذا التوجه، تُعتبر المفاوضات مع الشرق نموذجا لمبدأ الصفقة الرابحة في كل الحالات، حيث يشكل التعاون مع الصين وروسيا بديلا استراتيجيا للضغوط الغربية ويعزز موقع إيران الاقتصادي والدبلوماسي في المنطقة”.
مشروع بكين ضد آلية الزناد
وقد تناولت صحيفة إيران في صفحتها الأولى لليوم نفسه هذا الاجتماع، في تقرير تحت عنوان “مشروع بكين المكون من 5 بنود ضد الزناد”، فكتبت: “حاول أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، من خلال عقد اجتماع غير علني، التأثير على عملية التعاون بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية من خلال مطالبهم المفرطة، وتسليط الضوء على ادعاء تفعيل آلية الزناد في الاتفاق النووي، وهو الاجتماع الذي وصفته وزارة الخارجية الإيرانية بأنه إساءة استخدام لآلية مجلس الأمن، واستدعت ممثلي الدول الأوروبية الثلاث، فرنسا وبريطانيا وألمانيا، في طهران بعد تأكيد حقيقة تواطؤ هذه الدول مع الولايات المتحدة”.
وتتابع مستدركة: “ولكن بعد يومين من تحويل الدول الأوروبية والولايات المتحدة اجتماع مجلس الأمن إلى مقدمة لتفعيل (آلية الزناد)، نظمت الصين وروسيا، كعضوين آخرين في الاتفاق النووي ومجلس الأمن، اجتماعا مهما آخر في بكين بحضور ممثل إيران، ووضعوا على جدول الأعمال الدفاع عن وجود الاتفاق النووي ضد تدخلات وأعذار الأعضاء الآخرين في هذا الاتفاق، والتي يمكن أن تعرض الاتفاق النووي للخطر في العام الأخير من تنفيذه، بسبب استمرار عرقلة هؤلاء الأعضاء”.
وتضيف: “وخلال هذا الاجتماع الثلاثي، سعى الدبلوماسيون الإيرانيون والروس والصينيون إلى تحقيق هدف إزالة التهديدات ضد المنشآت النووية وإيجاد حلول جديدة لفك الجمود في المفاوضات النووية من خلال تصميم مبادرة جديدة. بعد هذا الاجتماع، أعلنت بكين عن مشروعها المكون من 5 بنود لحل القضية النووية الإيرانية عبر الوسائل السياسية والدبلوماسية، ووصفته بأنه فرصة لحل أزمة الملف النووي”.
الدبلوماسية ضد استبداد ترامب
كذلك، فقد كتبت صحيفة وطن امروز في صفحتها الأولى ليوم السبت 15 مارس/آذار، تقول: “عُقد الاجتماع الثلاثي بين إيران والصين وروسيا أمس، برئاسة نائب وزير الخارجية الصيني وبمشاركة نائب وزير الخارجية الإيراني ونائب وزير الخارجية الروسي، وذلك بعد ثلاثة أيام فقط من إجراء مناورات مشتركة بين إيران والصين وروسيا، مما يدل على جهود هذه الدول ضد الأحادية الأمريكية والغربية التي اتخذت شكلا أكثر وضوحا بعد صعود دونالد ترامب إلى السلطة”.
وتضيف: “وقد أصدرت الدول الثلاث بيانا بعد الاجتماع الثلاثي، وعلى الرغم من أن البيان المنشور لم يذكر صراحةً أن الصين وإيران وروسيا ناقشت بالتفصيل آخر التطورات في القضية النووية ورفع العقوبات، فإن الرئيس الأمريكي رد على هذا الاجتماع الثلاثي بقوله: ربما تناقش إيران وروسيا والصين قضايا غير نووية في بكين!”.
ويكمل التقرير: “وتلخص البيان الصادر عن إيران والصين وروسيا النقاط التالية، فقد أكدت الدول الثلاث مرة أخرى أن التفاعلات الدبلوماسية والسياسية والحوار القائم على الاحترام المتبادل هو الخيار العملي والموثوق الوحيد في هذا الشأن، كما شددوا على أن الأطراف ذات الصلة يجب أن تلتزم بالانتباه إلى الأسباب الجذرية للوضع الحالي والتوقف عن فرض العقوبات والضغوط والتهديد باستخدام القوة. وأشاروا إلى أهمية القرار 2231 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وضمن ذلك الجداول الزمنية الواردة فيه، مع احترام معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية كحجر أساس للنظام الدولي لمنع الانتشار. ورحبت الصين وروسيا بإعادة تأكيد إيران أن برنامجها النووي مخصص حصريا للأغراض السلمية وليس لإنتاج أسلحة نووية”.
ويختتم التقرير قائلا: “يبدو أن الاجتماع الذي جمع إيران مع الصين وروسيا، وكلاهما عضو دائم في مجلس الأمن ومشارك في القضية النووية الإيرانية، قد كلف الرئيس الأمريكي الكثير، فبعد عقد اجتماع الرياض بين الولايات المتحدة وروسيا، جادل البعض بأن الولايات المتحدة تهدف إلى إبعاد روسيا عن إيران، كما أثيرت مناقشات مماثلة حول الصين وعلاقتها مع إيران، ولكن الآن، بعد إجراء مناورات مشتركة بين إيران والصين وروسيا وعقد اجتماع بين مسؤولي هذه الدول، اضطر دونالد ترامب إلى الرد بشكل متهور، كما فعل مع المناورات الثلاثية”.