تقول حنان حسين، الباحثة في برنامج فولبرايت بجامعة ميريلاند وباحث مساعد سابق بمعهد أبحاث السياسات في إسلام آباد، في مقالة لها بـ”تشاين ديلي”، إنه بينما تستعد إيران لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة في أعقاب الوفاة المأساوية للرئيس إبراهيم رئيسي في حادث تحطم طائرة هليكوبتر الشهر الماضي، فإن السؤال الأهم الآن هو: كيف ستتطور سياستها الخارجية تجاه الدول الرئيسية في المنطقة وخارجها؟ ويستحق هذا السؤال اهتماماً خاصاً؛ نظراً إلى التغيير الوشيك في الحرس بإيران.
بداية، تظل علاقات إيران مع الولايات المتحدة مشحونة بالتوتر، وقد تستمر كذلك في المستقبل القريب. ومن المرجح أن تتبنى إيران نهجاً مبدئياً في المفاوضات بشأن الاتفاق النووي المحتمل، لكن العقوبات غير المبررة التي فرضتها الولايات المتحدة قد تمنع الجانبين من التوصل إلى أرضية مشتركة. وعلى هذا النحو، لا يمكن للمفاوضات بشأن اتفاق نووي جديد أن تتقدم دون مساعدة أطراف ثالثة.
ويشكل دعم الولايات المتحدة الصريح للهجوم الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة نقطة خلاف رئيسية أخرى بين طهران وواشنطن. كما أدى الهجوم الإسرائيلي المتواصل على غزة إلى زيادة صعوبة التفاوض على وقف إطلاق النار في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وحل القضية الفلسطينية. كما أن الانتقاد الصريح لإسرائيل، في ضوء الدعم المالي الذي تقدمه الولايات المتحدة لإسرائيل وإمداداتها من الأسلحة، قد يؤدي إلى إضعاف فرص إنهاء الصراع.
في مثل هذه الحالة، يمكن أن يساعد رفع العقوبات الأمريكية على إيران واحترام سيادتها في دفع المفاوضات حول اتفاق نووي جديد إلى الأمام، ولكن في الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية الأمريكية، هناك احتمال ضئيل لتحقيق ذلك.
ففي نهاية المطاف، يبدو أن الرئيس الأمريكي جو بايدن ومنافسه الجمهوري دونالد ترامب على استعداد لتبنّي نهج متشدد تجاه خصوم الولايات المتحدة مثل إيران، من أجل حشد دعم العناصر الصقور في دوائرهم الانتخابية.
ومن ناحية أخرى، وعلى الرغم من انتخاب رئيس جديد، فإن علاقة إيران مع المملكة العربية السعودية سوف تستمر في التحسن. اتفقت السعودية وإيران على استئناف العلاقات الدبلوماسية بعد سبع سنوات من توسط الصين في التقارب بين البلدين في الشرق الأوسط، العام الماضي.
ومن المرجح أن تستخدم طهران سياسة “الجيران أولاً” التي انتهجها الرئيس الراحل رئيسي، لتحسين العلاقات مع الرياض، لأسباب ليس أقلها أن هذه السياسة ستساعدها على توسيع علاقاتها مع الدول العربية الأخرى، وتسهيل انفتاح اقتصادها. والرغبة المتبادلة بين البلدين في منع أي امتداد للصراع الإسرائيلي الفلسطيني للتأثير على علاقاتهما مع الجيران، من شأنه أن يدفع العلاقات بين إيران والمملكة العربية السعودية إلى الأمام.
أما علاقات إيران مع الصين، فهي في طريقها إلى الانتقال من قوة إلى قوة. يسير الجانبان بالفعل على المسار الصحيح للاستثمار في خطة التعاون الشاملة التاريخية التي مدتها 25 عاماً والتي تم التوقيع عليها في عام 2021، بعد العمل على تعزيز الآلية التشغيلية للخطة خلال فترة ولاية رئيسي. كما أكد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني أهمية مشاركة إيران المستمرة في مبادرة الحزام والطريق لتحسين الاتصال والسعي لتحقيق تنمية عالية الجودة وطويلة الأجل.
وعززت الصين وإيران التعاون في مختلف القطاعات، وضمن ذلك الزراعة والتجارة والسياحة وحماية البيئة والرعاية الصحية والإغاثة من الكوارث والثقافة. وفي الواقع، من مصلحة الطرفين الحفاظ على تلك العلاقة بغض النظر عن التغيرات في الوضع الدولي.
وفي عام 2023، بلغ حجم التجارة الصينية الإيرانية 14.65 مليار دولار. وشهدت التجارة الثنائية تراجعاً بسبب العقوبات الأمريكية.
وبينما تتمحور العلاقات الصينية الإيرانية حول التجارة ويحاول الجانبان تعزيز التجارة الثنائية، فإن العلاقات الإيرانية الباكستانية يمكن أن تستفيد من التعاون في الحرب ضد الإرهاب. وقد أدت الهجمات الإرهابية المتكررة وتزايد تصورات التهديد هذا العام إلى تعزيز تصميم باكستان على كبح جماح الجماعات الإرهابية مثل جيش العدل وجيش تحرير بلوشستان. وفي هذا السياق، أكدت زيارة رئيسي التاريخية لباكستان، في وقت سابق من هذا العام، أهمية التعاون السياسي والعسكري والأمني بين إيران وباكستان لتحقيق أهدافهما في مكافحة الإرهاب. إن استخدام القواعد الأجنبية من قبل الجماعات الإرهابية لشن هجمات إرهابية مدمرة يجعل التعاون بين إيران وباكستان عاملاً حاسماً في استعادة الاستقرار بالمنطقة.
وعلى نحو مماثل، تظل إيران لاعباً مهماً، إلى جانب روسيا والصين وباكستان، في المساعدة على خلق الظروف المناسبة لتمكين أفغانستان من معالجة التحديات المتشابكة وتحسين اقتصادها.
باختصار، ستلعب علاقات إيران مع دول المنطقة دوراً مهماً في تعزيز السلام والتنمية والحفاظ على الأمن. ومن المرجح أن تتبنى نهجاً أكثر حذراً في أي محادثات مع الولايات المتحدة لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق نووي جديد.