ترجمة: شروق السيد
نشرت الصحيفة الإيرانية الأصولية “كيهان” الأصولية، تحت عنوان “تحيا الفوضى!” تقريرا لها يوم الثلاثاء 17 ديسمبر/كانون الأول 2024، حول ما وصفته بمحاولات التيار الإصلاحي المتأثر بالثقافة الغربية تقويض النظام القانوني في إيران.
كتبت الصحيفة الإيرانية “كيهان”: إن قتل فتاة تبلغ من العمر 19 عاما بواسطة ضربات من عمود بارفيكس وإخفاء جثتها بطريقة تجعل من المستحيل العثور عليها جريمة مروعة، ومن شبه المستحيل أن يجد الإنسان ذو الضمير الحي من يدافع عن القاتل في هذه الجريمة؛ لكن دائما ما يفاجئنا التيار المتأثر بالثقافة الغربية وادعاءاته الإصلاحية!
وتابعت: هؤلاء لم يقتصروا على دعم القاتل وطلب إلغاء حكم الإعدام بحقّه، بل على الرغم من الاعتراف الصريح للقاتل والأدلة والشهادات في مسرح الجريمة، حاولوا تشويه الحقيقة وخلق رواية مزورة من خلال حملات إعلامية لتغطية الوقائع.
وذهبت صحيفة “اعتماد”، كإحدى وسائل الإعلام التابعة لهذا التيار، إلى أبعد من ذلك، حيث وجهت الشتائم للشعب الإيراني ووصفتهم بـ”المجتمع العنيف والمطالب بالانتقام”.
وأضافت: وبعد فترة، وفي آخر أيام شهر أغسطس/آب 2024، استغل شاب مجرم فرصة ازدحام مروري على الطريق السريع نيّاش ليخرج سكينه ويهدد امرأة في سيارتها ويسرق هاتفها المحمول.
انتشرت صورة هذه الجريمة بسرعة على وسائل التواصل الاجتماعي وأثارت مشاعر الناس، ولكن لم يكن أحد يتوقع أن يظهر البعض ليدافع عن السارق بعد القبض عليه ومحاكمته في المحكمة! حدث هذا مرة أخرى وسط دهشة الجميع وكان التيار السياسي المتأثر بالثقافة الغربية والإصلاحية هو من وقف وراء ذلك.
وتابعت: هؤلاء دعموا السارق الذي اعترف بما يقرب من 100 سرقة واعتداء آخر باستخدام السلاح الأبيض وكان يواجه حكم الإعدام بتهمة المحاربة.
إلغاء أحكام الإعدام
ذكرت صحيفة كيهان في تقريرها: كانت صحيفة “شرق”، وهي واحدة من وسائل الإعلام التابعة لهذا التيار، هي من قامت بدعمه مجداا، حيث دعت في صفحتها الأولى بعنوان “الإعدام ليس علاجا لهذه المشكلة”، إلى إلغاء حكم الإعدام.
ولم تكتفِ “شرق” بذلك، بل وجهت إهانة إلى الشعب ووصفته بـ”المجتمع الذي يفضل الإعدام” والذي يعاني من “متلازمة علاج الإعدام”.
المسألة بالنسبة لهم لم تكن القاتل أو السارق؛ بل كانوا يبحثون عن ذريعة للوقوف ضد القانون، بحسب وصف صحيفة كيهان.
وتضيف الصحيفة الناطقة بلسان حال المرشد الإيراني: ما كان واضحا هو أن هذا التيار الفاسد وذا السمعة السيئة كان يحاول خلق بيئة إعلامية لتقويض الأحكام القانونية، مما يؤدي في النهاية إلى تآكل قدرة الأحكام على الردع وخلق ملاذ آمن للمجرمين ومنتهكي القوانين.
وكان هذا الاصطفاف ضد القانون، ومن ثم تأمين مصالح المجرمين، لا يقتصر على هذه الحالات فقط، فعندما كانوا يسيّسون حتى القضايا الجنائية للهجوم على القانون، كان الوضع في بقية المجالات يبدو واضحا.
الضريبة على المضاربة
قالت الصحيفة: في أبريل/نيسان 2024، وبعد سنوات من النقاشات وتبادل الآراء وتصحيح الملاحظات الأولية من قبل مجلس صيانة الدستور، تم التصويت على مشروع “الضريبة على المضاربة” في مجلس البرلمان وكان على وشك أن يصبح قانونا.
وتابعت: ولكن مرة أخرى، وقف المدعون بالإصلاح ضد القانون. بموجب هذا المشروع، كان من المفترض فرض ضريبة على أولئك الذين يقومون بأعمال الوساطة والمضاربة الواسعة والمدمرة في أسواق الأراضي والعقارات والعملات والذهب والسيارات… وذلك للحد من هؤلاء المتسببين في الفوضى الاقتصادية، وتحفيز الاستثمار في الأسواق الإنتاجية بدلا من غير الإنتاجية.
وأضافت: وكان “الضريبة على المضاربة” ليس مشروعا غريبا أو جديدا، بل كان هذا النوع من الضرائب موجودا في أكثر من 180 دولة حول العالم، وكان قانون إيران في هذا المجال متأخرا عن معظم الدول الأخرى.
وتابعت: ففي كندا، فرضت ضريبة تصل إلى 42% في هذا المجال، بينما كانت النسبة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة 28%. لكن المتأثر بالغرب المدعي الإصلاح لم يكن يتبع ما كانت تصبو إليه قوانين البلاد، هذه المرة لم يدافعوا عن القتلة والمجرمين، بل وقفوا لدعم الوسطاء والمضاربين، وبدأوا حملاتهم الإعلامية ضد هذا المشروع.
وأضافت الصحيفة: اختبأت صحيفة “سازندگي” وراء الشعب للدفاع عن المضاربة، وحاولت تخويفهم من هذا المشروع، كما تحدثت صحيفة “شرق” عن “عدم رضاها” عن المشروع، في حين وقفت شخصيات ووسائل إعلام أخرى تابعة لهذا التيار بالكامل دفاعا عن المضاربين ضد مشروع “الضريبة على المضاربة”.
وقالت: العناوين مثل “منافسة الحكومة والمجلس لفرض الضرائب على الناس”، “الضريبة على العوائد الرأسمالية: سرقة أموال وثروات الناس؟”، “الضريبة على العوائد الرأسمالية: نهاية المضاربة أم فرصة تجارية جديدة؟”، “حصة الحكومة من أصول الناس؛ زيادة الهجرة بين أصحاب رؤوس الأموال”، كانت جزءا من الحملات الإعلامية المكثفة ضد مشروع “الضريبة على المضاربة” في دعم المضاربين.
وتابعت: في السياق نفسه، عندما حاولت الحكومة الثالثة عشرة (حكومة ابراهيم رئيسي) استخدام الذكاء الاصطناعي في النظام الضريبي لتحديد المتهربين من الضرائب، ارتفعت أصوات هذا التيار مرة أخرى، كان منطق رئيسي في هذا المجال واضحا ومحددا؛ حيث كان يسعى لتحقيق العدالة من خلال أن لا يتحمل الموظفون والعمال أو الفاعلون الاقتصاديون الضرائب وحدهم، بينما يتهرب كبار المستثمرين من دفع الضرائب باستخدام الثغرات المالية.
ولكن مرة أخرى، وقف التيار المتأثر بالغرب مدعي الإصلاح ضد الانضباط المالي والشفافية، وبدأوا حملاتهم الإعلامية ضد هذه المبادرة عبر عناوين مثل “إفراغ جيوب الناس”، “فخ الضرائب”، “عام صعب لجمع الضرائب”، “صدمة الضرائب”، و”عبء الضرائب الثقيل”.
وذلك في محاولة لخلق بيئة معارضة لهذه الخطوة التي كانت تهدف إلى زيادة الشفافية في النظام المالي للبلاد وتقليص الضرائب على أصحاب الأعمال الصغيرة، في حين كانت تهدف أيضا إلى تحديد كبار المستثمرين المتهربين من الضرائب وتسجيلهم كمكلفين جدد بالضرائب، مما يساهم في تحقيق العدالة الضريبية.
كان تطبيق الشفافية المالية وجمع الضرائب استنادا إليها أمرا يتم تنفيذه في العديد من البلدان حول العالم وضمن ذلك أوروبا وأمريكا، لكن التيار المتأثر بالغرب مدعي الإصلاح لم يتبعوا هذا النموذج في إيران.
وأضافت: وفي صيف 2020، عندما كان هناك توجه للتشريع وتنظيم الفضاء الإلكتروني في مجلس الشورى الإسلامي، كان التيار الغربي المتأثر بالإصلاح هو الذي قام بقمع هذا التوجه، وهذه المرة، ساعد بعض المسؤولين غير المدركين بوزارة الاتصالات في ذلك، حيث قاموا كعادتهم بتشويه محتوى المشروع، وخلق حالة من الخوف في الرأي العام ضد تنفيذه، مما أغلق طريق التشريع في هذا المجال.
وتابعت: من اللافت للنظر أن الولايات المتحدة والدول الأوروبية كانت رائدة في التشريعات الخاصة بالمستخدمين والشركات المقدمة للخدمات في الفضاء الإلكتروني، ولكن الإيرانيين المتأثرين بالغرب لم يكونوا مستعدين لتنظيم الفضاء الإلكتروني في إيران بما يتوافق مع مصالح البلاد.
في جميع هذه الحالات، كان الغربيون المتأثرون بالإصلاح يعرضون ما يعتبره الغرب من مؤشرات التقدم والتطور كعلامة على التراجع والتحجر بالنسبة لنا، بينما كانوا يقدمون لنا مظاهر الانحلال والتفاهة الغربية كرموز للحرية والمساواة.
وتابعت: لا يزالون مستمرين في مسارهم، وآخر مثال على ذلك هو معارضتهم لقانون “دعم الأسرة من خلال تعزيز ثقافة العفاف والحجاب” في هذه القضية، وعلى الرغم من إقرار القانون والموافقة عليه من قبل مجلس صيانة الدستور، فقد شجعوا الحكومة التي يدعمونها على التمرد على القانون، وفي خطوة غير مسبوقة، جلبوا موضوع مجلس الأمن القومي لمحاولة التهرب من تطبيق القانون الوطني.
لا يتعلق النقاش هنا بمحتوى هذه القوانين، قد تحتوي جميع هذه القوانين على مزايا إلى جانب بعض النقاط الضعيفة التي يمكن العمل على تحسينها من خلال المشاركة الفعالة وتقديم الآراء والمقترحات البديلة.
واستدركت: لكن تصرفات التيار المتأثر بالغرب مدعي الإصلاح تشير إلى أنهم ليسوا في صدد المشاركة الفعالة لتصحيح النقاط الضعيفة أو تقديم نسخ بديلة، بل يطالبون بإنكار “مبدأ التشريع” في هذه المجالات.
لا يقدمون أي خطة بديلة لـ”كبح المضاربة”، “تحديد المتهربين من الضرائب”، “تنظيم الفضاء الإلكتروني”، “حدود الحجاب في الفضاء الاجتماعي”، وغيرها من القضايا، ويصرون على إزالة القوانين في كل هذه المجالات.
وتابعت: هم ضد أي نوع من الانضباط السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، ومن خلال الحملات الإعلامية ضد أي شكل من أشكال النظام والقانون، يدفعون المجتمع نحو “الفوضى”.
ليس من دون سببٍ أن وسائل إعلام هذا التيار تسمي لحظة بداية سيطرة “جبهة تحرير الشام” على سوريا وبدء انعدام الأمن والفوضى في البلاد بـ”لحظة الحرية السعيدة” وهم يعدون الثواني للوصول إلى هذه “اللحظة السحرية” حلمهم هو “تطبيق النموذج السوري في إيران”، وشعارهم “تحية الفوضى”، وهو ما يخفونه عادة وراء كلمات جميلة.
واختتمت قائلة: التيار المتأثر بالغرب مدعي الإصلاح هو الطليعة للتنظيمات الإرهابية من أجل زعزعة الاستقرار في إيران، من خلال تدمير “القانون” و”التشريع” وخلق الفوضى وعدم النظام باسم الحرية، يمهدون الطريق لإفساد البلاد بيد الإرهابيين، المسألة ليست في رفض أو الموافقة على قانون الحجاب أو أي قانون آخر؛ بل هي إعاقة النظام العام وتدمير القانون وآليات التشريع لإغلاق النظام التنفيذي في البلاد.