كتبت: ميرنا محمود
وفقًا للتقرير الصادر عن جريدة المستقبل التركية “ileri” في 23 أغسطس/آب 2024، تستمر رسوم الجامعات الخاصة في تركيا في الارتفاع بشكل كبير، مما يجعل التعليم عبئًا ثقيلًا على الطلاب. لقد وصلت الرسوم التي تحددها الجامعات إلى مستوى يجعل من الصعب للغاية على الكثيرين متابعة دراساتهم الجامعية، مما أدى إلى تزايد أعداد الطلاب غير القادرين على التسجيل أو تجديد تسجيلهم.
تشكل الرسوم الجامعية العائق الأكبر أمام الطلاب الجامعيين، حيث شهدت هذه الرسوم خلال الفترة الحالية زيادة جنونية بلغت نسبة 150%، الأمر الذي زاد من الأعباء المادية على الطلاب. وعندما نضيف إلى ذلك تكاليف الإقامة في السكن الجامعي والوجبات الغذائية والنقل، فإن التكاليف الإجمالية تصل إلى مبالغ باهظة يصعب على الطلاب تحملها.
وقد ظهرت في وسائل الإعلام أرقام صادمة حول الرسوم التي تفرضها الجامعات الخاصة. فعلى سبيل المثال، قررت جامعة كُوچ رفع رسوم برامجها الجامعية كافة، باستثناء كلية الطب، إلى مليون وسبعة آلاف وخمسمائة وسبعين ألف ليرة تركية للعام الدراسي 2024-2025. وسيُطبق نفس المبلغ على برنامج تحضير اللغة.
قررت جامعة سابنجي رفع رسوم برامج البكالوريوس وبرامج تحضير اللغة إلى مليون ومائة ألف ليرة تركية للعام الدراسي الجديد. وبذلك تكون الرسوم قد ارتفعت بنسبة 115% مقارنة بالعام الماضي، حيث كانت خمسمئة وعشرة آلاف ليرة تركية. وأعلنت جامعة بيلكنت عن رفع رسوم الدراسة لجميع برامجها وأقسامها إلى 620 ألف ليرة تركية للعام الدراسي 2024-2025، أي بزيادة قدرها 100% مقارنة بالعام الماضي الذي كانت فيه الرسوم 310 آلاف ليرة. كما لفتت جامعة أوجيئين الأنظار بتحديدها رسومًا مختلفة لكل كلية. فقد بلغت الرسوم السنوية لكليات الإدارة، والعمارة والتصميم، والهندسة، والقانون، والعلوم الاجتماعية، والطيران والفضاء 950 ألف ليرة تركية، أي بزيادة قدرها 100% مقارنة بالعام الماضي الذي كانت فيه الرسوم 475 ألف ليرة. أما جامعة إسطنبول بيلجي، فقد حددت رسوم الدراسة السنوية لكليات الهندسة، والعلوم الطبيعية، والعلوم الاجتماعية والإنسانية، والتي تعد أغلى الكليات، بـ 745 ألف ليرة تركية، أي بزيادة قدرها 150% مقارنة بالعام الماضي. كما بلغت رسوم برنامج التحضير اللغوي في الجامعة 697 ألف و500 ليرة تركية.
هذه الأرقام باهظة للغاية ولا يمكن قبولها. فما الذي يبرر هذه الزيادات الجنونية في الرسوم التي تفرضها الجامعات الخاصة؟
في هذا السياق، أصدر رئيس مجلس التعليم العالي التركي، إيرول أوزفار، كتابًا مُوجهًا إلى مؤسسات التعليم العالي الخاصة، يحدد فيه المعايير التي يجب مراعاتها عند تحديد رسوم الدراسة. وذكر في الكتاب أنه منذ العام الدراسي 2011-2012، لا يتم تحصيل أي رسوم من الطلاب الجامعيين في الجامعات الحكومية. كما أكد على أن مؤسسات التعليم العالي الخاصة لا يمكن أن تسعى لتحقيق الربح، وأشار إلى حق الطلاب في معرفة الرسوم الدراسية مسبقًا وعدم التعرض لأي مفاجآت.
أصدر مجلس التعليم العالي التركي (YÖK) في اجتماعه بتاريخ 10 يوليو قرارات جديدة تتعلق بضرورة قيام مؤسسات التعليم العالي الخاصة (الواقفة) باتباع معايير محددة عند تحديد رسوم الدراسة، وقد تم الإعلان عن هذه القرارات.
وتنص هذه القرارات على ما يلي:
- تحديد الرسوم بشكل واضح: يجب أن تكون رسوم الدراسة محددة بشكل سنوي وقيمة ثابتة، وليس مرهونة بتغير الظروف. كما يجب الإعلان عن هذه الرسوم بشكل واضح وقبل بدء فترة التسجيل، بحيث يتمكن جميع الطلاب من الاطلاع عليها بسهولة.
- الالتزام بزيادات محددة: يجب ألا تتجاوز الزيادات في رسوم الدراسة النسبة المتفق عليها مع الطالب عند التسجيل، مع مراعاة ألا تتجاوز هذه الزيادة في أي حال من الأحوال متوسط معدل التضخم السنوي، ويجب الإعلان عن أي تحديثات في الرسوم على الموقع الإلكتروني الرسمي للجامعة.
- منع فرض رسوم إضافية: يمنع فرض أي رسوم إضافية أو غير متوقعة على الطلاب بعد عملية التسجيل، سواء كانت هذه الرسوم جديدة أو زيادة في رسوم سابقة.
- الشفافية في التعديلات: يجب على الجامعة إخطار جميع الطلاب بأي تعديلات تطرأ على رسوم الدراسة، وذلك باستخدام وسائل فعالة وفي الوقت المناسب.
وقد أكد مجلس التعليم العالي على ضرورة قيام مجالس أمناء الجامعات الخاصة بالالتزام بهذه القرارات عند تحديد رسوم الدراسة.
تجدر الإشارة إلى أن الجامعات الخاصة تخضع لقوانين مجلس التعليم العالي، وأن العلاقة بين الجامعة والطالب هي علاقة تعاقدية، أي أن الاتفاق الذي يتم بينهما بشأن رسوم الدراسة يعتبر ملزمًا للطرفين، طالما أنه لا يتعارض مع القانون أو يحتوي على شروط غير عادلة. لذلك، يجب فحص ما ورد في العقد المُبرم بين الطالب والجامعة. فإذا نص العقد على زيادة في الرسوم تتجاوز نسبة التضخم المحددة قانونًا، فإن هذا الشرط يُعتبر شرطًا تعسفيًا وفقًا للمادة الخامسة من قانون حماية المستهلك.
ولا يجوز للطالب أن يدفع أكثر من النسبة المتفق عليها في العقد، حتى لو كانت أقل من النسبة التي أعلنتها الجامعة لاحقًا. ولا يجوز للجامعات الخاصة أن تعمل لأغراض تجارية، بل هي تُقدِّم خدمة عامة. وعليه، فإن أي زيادة في الرسوم الدراسية يجب أن تكون مبررة ومبنية على أسس منطقية، ولا يجوز للجامعة أن تزيد الرسوم بنسبة تفوق نسبة التضخم التي أعلنتها الجهات الرسمية، دون تقديم مبررات مقنعة. وإذا لم تستطع الجامعة إثبات صحة هذه الزيادة، فإن القضاء يمكنه أن يأمرها برد المبالغ الزائدة التي حصلت عليها.
وفي حالة قيام جامعة ما بزيادة رسومها بنسبة تفوق نسبة التضخم التي أعلنها الجهاز المركزي للإحصاء، فإنه من المستحسن تقديم شكوى إلى مجلس التعليم العالي (YÖK)، حيث إن قرارات وتوصيات المجلس تؤكد على ضرورة عدم زيادة رسوم الجامعات الخاصة بنسبة تتجاوز نسبة التضخم. إذا لم ينص العقد على نسبة الزيادة المسموح بها، ولم تستطع الجامعة إثبات صحة الزيادة التي قامت بها، فإنها ملزمة برد الفرق بين الرسوم التي دفعتها والرسوم التي كان يجب أن تدفعها وفقًا لنسبة التضخم.
وعلى الطالب الذي تعرَّض لزيادة في الرسوم تتجاوز النسبة المتفق عليها أو نسبة التضخم، أن يقوم بإرسال إشعار كتابي إلى إدارة الجامعة يُعبِّر فيه عن اعتراضه على هذه الزيادة، ويطلب منها توضيح الأسباب. وإذا لم يتلقَّ الطالب إجابة مقنعة، فإنه يمكنه تقديم شكوى إلى مجلس التعليم العالي، كما يمكنه اللجوء إلى لجنة حماية المستهلك لحل النزاع، خاصة إذا كان المبلغ المتنازع عليه لا يتجاوز الحد الأقصى المحدد للنظر في مثل هذه القضايا.