كتب – حسن قاسم
تسعى إيران في الوقت الحالي لفرض الأمن داخليًا ومكافحة الإرهاب واستئصال الاختراق من جذوره، وذلك من خلال عدة إجراءات، في محاولة للاستعداد لأي هجوم محتمل على إسرائيل؛ ردًا على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس “إسماعيل هنية” الذي تعرض للاغتيال يوم الأربعاء 31 يوليو/ تموز 2024.
نرصد في هذا التقرير مساعي المسؤولين الإيرانيين في القضاء على ثغرات جهاز الاستخبارات الإيراني من خلال فرض قوانين وقرارات جديدة في هذا الإطار، ومن ثَمّ نعرض أهم السيناريوهات المحتملة للهجوم الإيراني على إسرائيل.
الجهود الأولية لمعالجة الاختراق في إيران
بحسب تقرير نشره موقع “همشهري أونلاين” الإيراني بتاريخ 12 أغسطس/ آب 2024، فقد صرّح المتحدث باسم لجنة الأمن القومي بالبرلمان أن وزير الاستخبارات والأمن الوطني الإيراني المقترح “إسماعيل الخطيب” أشار إلى اكتشاف 30 قنبلة جاهزة للانفجار خلال هذه الفترة (بعد وفاة إبراهيم رئيسي)، كما أشار إلى أن إيران تواجه 53 جهاز استخبارات أجنبي يعمل بشكل هيكلي ضدها.
قال إبراهيم رضائي، في شرحه لاجتماع لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني إن وزير الاستخبارات المقترح “إسماعيل الخطيب” كان ضيف هذا الاجتماع، وقد أجاب على أسئلة أعضاء المجلس.
أشار الخطيب خلال هذا الاجتماع إلى سوابق أعماله في السلطة القضائية، ومحافظة القدس الرضوية ووزارة الاستخبارات، وشرح برنامجه. وذكر أن المهمتين الأساسيتين لوزارة الاستخبارات هما إنتاج المحتوى المعلوماتي والمشاركة في أمن الوطن والشعب والمجتمع، وأوضح أن كافة البرامج تندرج تحت هاتين المهمتين.
وأوضح الخطيب على لسان المتحدث باسم لجنة الأمن القومي أن العدو استثمر الكثير في مجال الاختراق وأعلن أن من أولويات وزارة الاستخبارات مواجهة نظام الاحتلال. وأعلن عن الوظيفة المهمة الأخرى لوزارة المخابرات ألا وهي مكافحة الإرهاب، وقال إنه بعد القضاء على داعش في سوريا، واجهت إيران ظاهرة داعش، حيث حظيت داعش بدعم من نظام الاحتلال، وأمريكا وإنجلترا والعديد من الدول الأخرى، وتم إرسالهم إلى إيران لإحداث الفوضى بها.
كما صرّح الخطيب على لسان ممثل دشتستان أن إيران في الحرب ضد الإرهاب، وبالتعاون مع مختلف المؤسسات والاتفاق مع الحكومة العراقية، تشهد إيران شعورًا بالأمن النسبي في الشمال الغربي لإيران. كما أعلن أنه منذ مصرع رئيسي وحتى ليلة تاسوعاء، قامت الاستخبارات بالقبض على عدد كبير من العناصر الإرهابية التي كانت تسعى إلى تنفيذ هجمات إرهابية وانتحارية وزرع قنابل في إيران أو كانت تبحث عن دعم لهذه الحركات.
وقال المتحدث باسم لجنة الأمن القومي بالبرلمان إن وزير وزارة الاستخبارات والأمن الوطني الإيراني “إسماعيل الخطيب” أشار إلى اكتشاف 30 قنبلة جاهزة للانفجار خلال هذه الفترة من بعد وفاة إبراهيم رئيسي، كما أعلن أن إيران تواجه 53 جهاز استخباراتٍ أجنبي يعمل بشكل هيكليٍ ضدها.
والجدير بالذكر أنه تم توجيه أسئلة إلى إسماعيل الخطيب من قبل أعضاء لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان؛ وتم طرح سؤال حول استفسارات الوزراء ونواب الرئيس والقضايا المطروحة في هذا الإطار، خاصة حول بعض المهمّشين، وقال الخطيب إن الاستخبارات ستراجع كافة الاستفسارات وفق قانون تعيين الأشخاص في المناصب الحساسة، وستردّ بناءً على ذلك. وأوضح أن مسعود بزشكيان استجوب 73 شخصًا من وزارة الاستخبارات خلال هذه الفترة وتم رفض بعضهم بناءً على هذا القانون.
وأكمل موضحًا أنه بموجب هذا القانون، سيتم رفض الأشخاص الذين هم أنفسهم أو أزواجهم أو أطفالهم مزدوجو الجنسية، أو أولئك الذين لديهم سِجِلًا أمنيًا، أو الذين لا يؤمنون ولا يلتزمون العمل بالإسلام ونظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وولاية الفقيه والدستور. وبالفعل تم رفض بعض الأشخاص بموجب هذا القانون.
وذكر رضائي أن أعضاء لجنة الأمن القومي بالبرلمان أكدوا كذلك للخطيب على ضرورة مواجهة الاختراق، وتعزيز العناصر الثورية في وزارة الاستخبارات، ومواجهة مشروع استياء الناس، وضرورة استجواب المديرين قبل تعيينهم، وضرورة إعطاء الرواية الصحيحة للرأي العام، وضرورة مواجهة الاختراق في المؤسسات، والإبلاغ الدقيق عن الأحداث وضرورة التعامل بجدية مع الفساد الاقتصادي.
وأوضح رضائي أن لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية التابعة للبرلمان ستعقد اجتماعًا آخر مع وزير الاستخبارات المقترح.
السيناريوهات المتوقعة للردّ الإيراني على إسرائيل
بينما يتحدث المسؤولون الأميركيون والإسرائيليون كل يوم عن العملية الانتقامية الوشيكة التي ستنفذها إيران وحلفاؤها ضد إسرائيل، أثارت وسائل الإعلام الغربية والعبرية والعربية تكهنات مختلفة حول هذه العملية الانتقامية والدموية، بحسب ما نشرت صحيفة “كيهان” الإيرانية.
واستعرض موقع صوت أمريكا ما لا يقل عن 10 تقارير منشورة في وسائل إعلام مختلفة وكتب: يعتقد معظم الخبراء أن مقتل فؤاد شكر وإسماعيل هنية لن يمر مرور الكرام، ويختلفون حول المشاركين وطريقة ونطاق وأهداف الهجوم، وكذلك رد الفعل الإسرائيلي على ذلك. ومن بين السيناريوهات الأكثر أهمية مهاجمة المنشآت الدبلوماسية الإسرائيلية ومراكزها حول العالم، ومهاجمة “المراكز السرية” الإسرائيلية في الدول المجاورة لإيران، والهجوم المباشر على إسرائيل من الأراضي الإيرانية، والهجوم المباشر على إسرائيل من قبل الجماعات التابعة لإيران، وخاصة حزب الله، والهجوم المنسق من قبل إيران والجماعات التابعة لها.
وزعمت صحيفة التلغراف الإنجليزية في تقرير لها: أن مسعود بزشكيان، يؤيد الهجوم بإنذار مسبق على “المراكز السرية” الإسرائيلية في الدول المجاورة، خاصة أذربيجان وكردستان العراق.
ويضيف صوت أمريكا: السيناريو الرئيسي الآخر هو الهجوم المباشر على إسرائيل، مثل الهجوم الذي وقع في منتصف ليل 25 أبريل، والذي تم خلاله إطلاق أكثر من 300 صاروخ وطائرة بدون طيار على إسرائيل.
وكتبت مجلة بوليتيكو نقلًا عن خبير عسكري: إيران قد تهاجم إسرائيل من الأراضي الإيرانية باستخدام الصواريخ الباليستية متوسطة المدى وصواريخ كروز.
وهناك العديد من التكهنات حول الأهداف المحتملة التي تهاجمها إيران أو وكلاؤها. وذكرت صحيفة الغارديان نقلاً عن بعض “السلطات”، أن الهجوم لن يتم تأجيله على الأرجح، وبدلًا من مهاجمة المدنيين، ستستهدف إيران المسؤولين عن الهجوم القاتل على إسماعيل هنية، وخاصة الموساد والمنظمات التابعة له.
ووصفت قناة الجزيرة الإخبارية – في تقرير نقلاً عن خبراء – الهجوم الإيراني المحتمل على إسرائيل بأنه “وشيك” و”محسوب”.
ولكن هناك سيناريو آخر يعتمد على العمل المستقل وغير المنسق للجماعات التابعة لإيران، وخاصة حزب الله، ضد إسرائيل. وذكرت قناة “سي إن إن” الإخبارية، نقلًا عن “مصدرين مطلعين على القضايا الاستخباراتية”، أن حزب الله قد يهاجم إسرائيل بشكل مستقل عن إيران.
وقال مسؤول عسكري أميركي لـ”سي إن إن” : “بالنظر إلى القرب الجغرافي بين لبنان وإسرائيل، قد يهاجم حزب الله إسرائيل دون سابق إنذار، على عكس الجمهورية الإسلامية. في الوقت الحالي، ليس من الواضح ما إذا كانت الجمهورية الإسلامية وحزب الله سينفذان هجومًا محتملاً على إسرائيل بطريقة منسقة أم لا.”
ووفقًا لسيناريو آخر، فإن إيران والجماعات التابعة لها ستهاجم إسرائيل بشكل منسق.
وكتبت العربية في تقرير لها: إن الحاجة إلى التنسيق بين الجماعات التابعة لإيران هي التي أخرت الهجوم على إسرائيل.
ونقلت صحيفة تايمز أوف إسرائيل عن خبير وكتبت: إن السيناريو الأكثر ترجيحًا هو هجوم إيراني مباشر بالصواريخ والطائرات بدون طيار على إسرائيل في نفس وقت هجمات حزب الله. سيتم تنفيذ معظم الهجمات من إيران ولبنان. وعلى عكس هجوم أبريل/ نيسان 2024، الذي تم فيه استهداف قاعدة جوية في جنوب إسرائيل وقاعدة عسكرية في مرتفعات الجولان، فمن المرجح هذه المرة أن يتم مهاجمة المزيد من الأهداف.
وقال خبير إسرائيلي للمونيتور: “إن إيران ووكلاءها سيهاجمون إسرائيل في عمل منسق وسيستهدف منطقة جغرافية أكبر مقارنة بالهجوم الذي وقع في أواخر أبريل/ نيسان 2024.”
ووفقًا لبعض التحليلات الأخرى، فإن رد إيران وحزب الله سيكون قاسيًا. ووفقًا لأحد السيناريوهات، فإن حزب الله سوف يهاجم القواعد العسكرية الإسرائيلية أو البنية التحتية الحساسة مثل مصافي حيفا أو ميناء حيفا، وسيحاول الاستيلاء على الكيبوتسات في شمال إسرائيل عن طريق عبور الحدود المشتركة. ووفقًا لهذا السيناريو، فإن خلايا حماس النائمة في إسرائيل والضفة الغربية ستهاجم في نفس الوقت، وستكون الخسائر في صفوف الإسرائيليين كبيرة.
عند طرح هذا السيناريو، كتبت صحيفة بوليتيكو أنه من أجل تقليل الوقت المتاح لإسرائيل وحلفائها للرد، وكذلك إشراك جزء من قدراتهم الدفاعية، ستطلق القوات التابعة لإيران في لبنان وسوريا والعراق وابلًا من الصواريخ على إسرائيل. هدف إيران من مثل هذا السيناريو هو فرض تكاليف حقيقية على إسرائيل.
وذكر موقع أكسيوس كذلك في تقرير له: قبل الكلمات التهديدية للسيد حسن نصر الله، رئيس تحرير صحيفة الأخبار المقربة من حزب الله، كتب على الصفحة الأولى لهذه الصحيفة أن تل أبيب ستكون على الأرجح هدفًا وسيسفر ذلك عن مصرع أعداد كبيرة. وسيكون المركز الرئيسي للتنظيم الذي اتخذ قرار قتل فؤاد شكر وشارك فيه هدفًا لمثل هذا الهجوم. وأضاف أكسيوس: أنه من المحتمل أن تعني هذه الصحيفة المقربة من حزب الله، مركز قيادة الجيش الإسرائيلي أو الموساد، أو قواعد أجهزة استخباراتية أخرى في شمال تل أبيب.