كتبت- إيمان مجدي
أثارت استقالة وزير الخارجية الإيراني الأسبق، محمد جواد ظريف، من منصبه كنائب للرئيس مسعود بزشكيان للشؤون الاستراتيجية، موجة من الانتقادات في الإعلام الإيراني وعلى منصات التواصل الاجتماعي.
في حين تفاعل ظريف مع ردود الفعل الإيرانية حول الاستقالة، وردَّ يوم الإثنين 12 أغسطس/آب 2024 على الشائعات المنتشرة، وقال خلال تغريدة نشرها على منصة “إكس”: “السلام عليكم يا شعب إيران العظيم، رسالتي بالأمس لا تعني الندم أو فقدان الأمل من الدكتور بزشكيان أو مخالفة الواقع، بل تعني الشك في كوني مفيداً في منصب نائب الرئيس للشؤون الاستراتيجية. حوّل بعض من المرفوضين عملي في مناصب حساسة إلى ذريعة للضغط على الحكومة الرابعة عشرة، وذلك من خلال تحليل عجيب للقانون المُصدق عليه عام 2022. ولهذا السبب تنحيت عن منصبي كنائب للرئيس للشؤون الاستراتيجية الأسبوع الماضي، من خلال رسالة؛ للحيلولة دون أي نوع من الشك أو الذرائع لإعاقة عمل حكومة الدكتور بزشكيان”.
أضاف: “يجب أن أذكر بعض الأمور:
1 – على الرغم من ميلاد أبنائي منذ نحو 40 عاماً خلال فترة الدراسة في أمريكا وليس العمل، وفي ظل وجود القوانين الأمريكية للمواطنة القسرية، فمن لطف الله أنا وزوجتي وأبنائي نسكن في إيران الحبيبة، وليس لدينا متر واحد خارج إيران سواء كان إيجاراً أو تمليكاً. وأنا مفروض عليّ عقوبات دولتين؛ أمريكا وكندا، وأنا وزوجتي لا نملك حتى إمكانية السفر إلى البلدين للسياحة، إضافة إلى عديد من البلدان.
2 – لم تعلن أي مؤسسة إشرافية احتجاجها على منصبي.
3 – الدكتور بزشكيان المحترم كان مصراً على استمراري في منصبي بكل شجاعة وصراحة.
4 – وهذه ذريعة للآخرين ممن يتمتع أبناؤهم بازدواجية الجنسية المكتسبة وليست القسرية، إضافة إلى إقامتهم خارج البلاد، ويمكن استغلال ذلك أكثر مني”.
أضاف كذلك: “ما تسبب في تقرير ليلة أمس هو شكي في كوني مفيداً لمنصب النائب، وتلك ذريعة سياسية لم يكن سببها العودة إلى الجامعة، وكان يوجد ما هو أكثر من السبب. ما زلت أؤمن بكل ما قلته في حق الدكتور بزشكيان خلال فترة الانتخابات. وسأكون في خدمتكم وخدمته بكل ما أملك من قوة من خلال الجامعة لأجل إيران، وأطلب من جميع الإيرانيين المحبين لوطنهم أن يدعموا الرئيس بقوة، ولا يتركوه هو وحكومته وحيداً. أخجل منكم جميعاً. كونوا سعداء”.
أثارت هذه التغريدة أيضاً جدلاً واسعاً بحيث رد الصحفي في “اندبندنت فارسي”، داريوش معمار، قائلاً: “كن صادقاً مع الشعب ولو لمرة واحدة عكس المتوقع. لم يتضرر أحد من صداقة الشعب، والأمر ليس كحادثة الطائرة الأوكرانية أو القمع والقتل عام 2019 الذي كذبت فيه. قل الصدق، آلية السياسة في إيران غير فعالة وفاسدة، ولا توجد إمكانية للدفاع عن حق الشعب من خلالها”.
كما ذكر المدير التنفيذي بصحيفتي “رويداد امروز” و”رويداد أصفهان” أمير أكبري، أن “الشعب ينتظر توضيح رئيس الجمهورية في ما يخص القرارات والنهج”.
وأشار الموقع الإيراني “فرارو” إلى رد فعل مستشار الرئيس الأسبق حسن روحاني، حسام الدين آشنا، وأنه يرى للنائب الأول للرئيس محمد رضا عارف دوراً في رحيل ظريف، حيث قال: “جاء النائب الأول، ورحل أول النواب”.
الاستقالة السادسة لظريف
نشرت وكالة الأنباء الإيرانية الحكومية “تسنيم” تفاصيل الاستقالات الخمس لظريف في عهد الرئيس الأسبق حسن روحاني؛ في الفترة من 2013 حتى 2021. ويُذكر أن ظريف رواها في مذكراته المنشورة منذ بضعة أشهر تحت عنوان “پایاب شکیبایی” أي “طاقة الصبر”، وقال:
“المرة الأولى وصلتُ إلى حد الانسحاب، على هامش الزيارة الأولى للرئيس لنيويورك عام 2013، بعض مستشاريه حاولوا تحويل اجتماع وزراء خارجية مجموعة 5+1 إلى اجتماع رئاسي دون تنسيق.
المرة الثانية عند إرسال خطة اللجنة الاحتياجات النووية لإيران إلى المسؤولين في الدولة دون التنسيق مع وزارة الخارجية، وكان محكوماً على المفاوضات بالفشل مسبقاً.
المرة الثالثة شكوى من عدم اهتمام الوزارات بقواعد السياسة الخارجية، خاصة فيم ما يخص عدم التنسيق مع روسيا، ما أدى إلى خلل عمل وزير الخارجية. وما لم يظل خفياً هو أن وزارة الخارجية تدخلت للدفاع عن الملفات مع روسيا.
المرة الرابعة بسبب زيارة بشار الأسد لإيران عام 2019.
المرة الخامسة بشأن الأنشطة الدبلوماسية لإحباط الجهود الأمريكية لإعادة قرار مجلس الأمن إزاء إيران، وذلك عندما تقدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بمقترح رأت وزارة الخارجية أنه كان يجب التعامل معه بطريقة دبلوماسية. لكن عارض المجلس الأعلى للأمن القومي والحكومة هذا بلغة شديد اللهجة. فاعتبرتها إهانة لوزارة الخارجية ووزيرها، وتقدمت بعدها بإعفائي من مهامي، ولم يُوافق عليها”.
وبعد هذا العرض نجد أن الاستقالة من منصب نائب الرئيس للشؤون الاستراتيجية هي الاستقالة السادسة.
أصبحت الشائعات حقيقة!
ومن المثير للدهشة أن صحيفة “اطلاعات” ذكرت صباح يوم الأحد 11 أغسطس/آب 2024، نقلاً عن صحيفة آرمان ملي أنها أشارت إلى شائعات استقالة ظريف على منصة إكس، قائلة: “يبدو أنه كانت استقالة أو انزعاجاً من العمل احتجاجاً على قائمة وزراء بزشكيان؛ لأن بعض المستخدمين وضعوا هاشتاغ إذا لم يوجد ظريف لا نوجد نحن أيضاً، واحتجوا على القائمة محل النقاش”.
كما أفادت وكالة الأنباء الإيرانية “خبر أونلاين” بأن بعض النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي يتحدثون عن استقالته من منصبه كنائب الرئيس للشؤون الاستراتيجية، فعلى سبيل المثال كتبت “هنكامه شهيدي” على موقع إكس: “إذا كانت استقالة ظريف من منصب نائب الرئيس صحيحة، فسننتظر استبعاد أعضاء آخرين ممن لهم سابقة عمل في خطة العمل الشاملة المشتركة للاتفاق النووي من حكومة بزشكيان”.
كما غرّد ناشط إصلاحي: “يا دكتور بزشكيان! لا قدر الله، لربما قبلت استقالة ذاك العظيم؟ لو رحل سنرحل نحن أيضاً، وإذا رحلنا فستكون رئيس الجمهورية الأكثر كرهاً في تاريخ إيران”. وسأل مستخدم آخر معلقاً على هذه التغريدة، بقوله: “ظريف؟”.