كتب: محمد بركات
أقر البرلمان الإيراني، في جلسته المنعقدة الأربعاء 11 ديسمبر/كانون الأول 2024، الموازنة الجديدة للأجور والمعاشات والزيادات المقررة للعام 2028، والتي جاءت عكس وعود الرئيس، مسعود بزشكيان، في ظل تضخم اقتصادي يعاني منه المجتمع الإيراني.
فقد وعد بزشكيان بأن الزيادة ستبلغ نسبة 40%، ولكن البرلمان قد أقر زيادات بنسبة 20% فقط، حيث تم رفع الحد الأدنى للرواتب والمزايا المستمرة للموظفين بنسبة عشرين بالمئة، ليصل الحد الأدنى الجديد للرواتب إلى 130 مليون ريال (ما يعادل 249 دولارا)، وذلك وفق ما نشر في تقرير صحيفة هم ميهن الأربعاء 11 ديسمبر/كانون الأول 2024.
كذلك فقد ارتفع الحد الأدنى للمعاشات إلى 117 مليون ريال إيراني (ما يعادل 224 دولارا).
كما جاء كذلك تحديد مكافأة نهاية الخدمة بحد أقصى قدره 6.500.000.000 ريال (ما يعادل 12464 دولارا) مقابل كل سنة خدمة، على ألا يتجاوز الحد الأقصى ثلاثين سنة خدمة.
كما تم تحديد رواتب الجنود، فتم تحديد رواتب الجنود العزاب العاملين في المناطق غير العملياتية بـ80 مليون ريال إيراني (ما يعادل 153 دولارا)، ورواتب الجنود العزاب العاملين في المناطق العملياتية بـ100 مليون ريال (ما يعادل 192 دولارا).
كذلك فقد تم تحديد الراتب الشهري للجنود المتزوجين بما بين 120 و140 مليون ريال (ما يعادل 230 إلى 268 دولارا).
زيادة يأكلها التضخم
رغم إقرار هذه الزيادات، فإن التقديرات المستندة إلى البيانات الرسمية الصادرة عن مركز الإحصاء تشير إلى أنه في العام المقبل (2025)، من المحتمل أن يتراوح معدل التضخم السنوي بين 16% و38%.
فالسيناريو الأول، وهو الأكثر تفاؤلا، يقول بأنه إذا ظل معدل التضخم الشهري حتى نهاية عام 2024 عند 1% فقط، فإن معدل التضخم السنوي سيكون عند 16%، وفي هذه الحالة، فإن زيادة الرواتب بنسبة 20% ستتفوق بمقدار 4 نقاط مئوية على معدل التضخم السنوي، وذلك حسبما جاء في تقرير موقع أكو إيران بتاريخ 8 ديسمبر/كانون الأول 2024.
أما السيناريو الثاني فيفترض أن معدل التضخم الشهري حتى نهاية العام المقبل سيبلغ 2.3% وهو المتوسط الشهري للتضخم خلال الحكومة الحالية، فإن معدل التضخم السنوي سيصل إلى 31%، وفي هذه الحالة، ستكون زيادة الرواتب أقل بنسبة 11 نقطة مئوية من معدل التضخم السنوي.
وأخيرا، ففي السيناريو الثالث، وهو الأكثر تشاؤما، فبافتراض وصول معدل التضخم الشهري حتى نهاية العام المقبل إلى 2.7، وهو معدل التضخم الشهري المسجل في شهر نوفمبر/تشرين الثاني من هذا العام، فإن معدل التضخم السنوي سيصل إلى 38.6%، وستكون زيادة الرواتب أقل بمقدار 18.6 نقطة مئوية من معدل التضخم السنوي.
من جهة أخرى، فقد صرح علي دهقان كيا، رئيس جمعية العمال المتقاعدين في طهران، معلقا على زيادة المعاشات قائلا: “إن زيادة رواتب موظفي الحكومة ستكون وفقا لقرار المجلس الأعلى للعمل، ومن ثم وبالنظر إلى التضخم، فإن نسبة الزيادة في مستحقات المتقاعدين للعام المقبل غير مقبولة”.
وأضاف: “كيف يعلن مركز الإحصاء والبنك المركزي أن معدل التضخم يقدر بنحو 40%، وتكون الزيادة 20% فقط؟”، وذلك وفق تقرير صحيفة هم ميهن بتاريخ 12 ديسمبر/كانون الأول 2024.
وقد أكد دهقان كيا أن حالة الاستياء عند أصحاب الرواتب والمعاشات ناتجة عن التهرب من القوانين وعدم الالتزام بها، وقال: “لقد تم التأكيد دائما على أهمية رضا أفراد المجتمع، لكن أداء المسؤولين كان على نحو لم نتمكن فيه من تحقيق الأهداف، بل لم نتحرك حتى في طريق الوصول إليها”.
جدير بالذكر أن إيران تواجه تحديات اقتصادية كبيرة نتيجة للعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها منذ سنوات، خاصة بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في 2018، فقد طالت العقوبات القطاع المصرفي وصادرات النفط، مما قلل الإيرادات الحكومية وزاد العجز في الميزانية، وذلك حسبما جاء في تقرير موقع انجمن صنايع الصادر بتاريخ 30 أكتوبر/تشرين الأول 2024.
كذلك فقد عانى المواطن الإيراني من تضخم مرتفع تجاوز 40% في بعض السنوات، مما أثر على القدرة الشرائية ورفع أسعار السلع الأساسية مثل المواد الغذائية والوقود. كما تراجعت قيمة الريال الإيراني، مما زاد من تكاليف المعيشة.
كذلك، فقد ارتفعت معدلات البطالة، خاصة بين الشباب والخريجين الجامعيين إلى نحو 12% بسبب ضعف الاستثمارات الأجنبية وتراجع المشاريع الصناعية.
كما تأثر قطاع الطاقة، الذي يعتبر من ركائز الاقتصاد الإيراني، بشدة من العقوبات، مما أدى إلى تراجع صادرات النفط والإيرادات النفطية. كما يعاني قطاع الصناعات الثقيلة من مشاكل هيكلية بسبب نقص الاستثمارات وتخوف الشركات الأجنبية من فرض عقوبات إضافية.