ترجمة دنيا ياسر نورالدين
قال الخبير في العلاقات الدولية الإيرانية، خانعلي زاده، في حوار له مع صحيفة “فرهيختكان” الإيرانية الأصولية يوم الثلاثاء 18 مارس/آذار 2025، إن الاستراتيجية الأساسية لإيران في المرحلة المقبلة ستتمثل في تعزيز قوتها الإقليمية عبر احتواء نفوذ تركيا وتعزيز شبكة المقاومة.
وأشار في حواره للصحيفة الأصولية إلى أن ربط حل جميع المشكلات الداخلية بالسياسة الخارجية يشكل إحدى الأزمات الرئيسية في المشهد السياسي الإيراني.
وقال: “نواجه في البلاد مشكلة أساسية، لا سيما في ظل التحولات الكبرى التي يشهدها النظام الدولي. نتصور أن تعدد الأحداث يعني ضرورة حل مشكلاتنا عبر السياسة الخارجية، بينما هذا الأمر لا يرتبط بها في الأساس.”

غياب الهوية الواضحة
وأضاف خانعلي زاده للصحيفة أن هناك نموذجًا خاطئًا في توصيف السياسة الخارجية، حيث يعاني هذا المجال من غياب هوية واضحة، إذ لا يوجد تصور محدد لما يجب تحقيقه من العلاقات الدولية.
وتابع أن الأحداث التي شهدها العام الماضي وأدت إلى فقدان بعض الإنجازات التي كانت في متناول إيران تعود إلى الارتباك في آليات اتخاذ القرار في السياسة الخارجية، وهو ما انعكس سلبًا على وضع إيران الإقليمي.
احتواء تركيا وإحياء شبكة المقاومة.. أولويات إيران في ٢٠٢٥
وأكد خانعلي زاده في حديثه للصحيفة الإيرانية على ضرورة أن تركز إيران على استعادة مكانتها الإقليمية وتعزيزها، معتبرًا أن ذلك يرتبط بسياسة الجوار، وإعادة تنشيط شبكة المقاومة، وإعادة ترتيب التوازنات الإقليمية.
وتابع في حديثه أن المشهد الإقليمي شهد تغييرات في طبيعة المنافسة بين القوى الثلاث التقليدية: إيران، والسعودية، وتركيا. فبينما كانت السعودية تُعتبر عدوًا لإيران وتركيا منافسًا قبل عام ٢٠٢٤، فقد تغيرت هذه المعادلة.
وأضاف أن تركيا لا تزال منافسًا، لكنها أصبحت منافسًا هجوميًا وليس مجرد طرف إقليمي آخر، بينما تحولت السعودية من عدو هجومي إلى عدو يميل إلى التفاعل مع إيران.
وقال خانعلي زاده: “إن الأولوية القصوى للسياسة الخارجية الإيرانية في العام المقبل يجب أن تكون احتواء النفوذ التركي المتصاعد، نظرًا لأن تحركات أنقرة تؤثر سلبًا على استراتيجية إيران الإقليمية، وتضعف شبكة المقاومة، كما تقوض المكاسب السياسية والعسكرية التي حققتها طهران.”
سقوط نظام الأسد
استدل خانعلي زاده بسقوط النظام السوري كمثال على تداعيات ضعف النفوذ الإقليمي الإيراني. وأوضح أن هذا الحدث أدى إلى تصعيد الضغوط الغربية على إيران، حيث عادت التهديدات الغربية لتطرح خيار “كل الاحتمالات على الطاولة”، وهو ما لم يكن مطروحًا منذ سنوات.
وأضاف: “هذا السيناريو يؤكد أهمية العمل على تحجيم النفوذ التركي وتعزيز شبكة المقاومة كأولويات رئيسية للسياسة الخارجية الإيرانية في المرحلة المقبلة.”وقال: “إن المشكلة الرئيسية في سياسة إيران الخارجية بشأن التفاوض مع الغرب تكمن في غياب أي رؤية واضحة أو استراتيجية محددة.”
تفعيل آلية الزناد
أشار خانعلي زاده إلى أن النصف الأول من شهر مايو/آيار المقبل سيشهد صدور تقرير المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، والذي من المرجح أن يكون ضد إيران.
وأضاف: “في شهر يونيو/حزيران، سيعقد مجلس محافظي الوكالة اجتماعًا قد يؤدي إلى إحالة الملف النووي الإيراني من مجلس المحافظين إلى مجلس الأمن الدولي، مما سيمهد الطريق رسميًا لتفعيل آلية الزناد.”
وأوضح أن المفاوضات مع الغرب أولوية في هذه المرحلة، إذ لا توجد حتى الآن أي رؤية واضحة حول كيفية التعامل معها.
وأضاف: “الغرب قد اتخذ قراره مسبقًا بتفعيل آلية الزناد، بينما في إيران لا يملكون أي رد فعل تجاه هذا التطور، ولا حتى استراتيجية محددة لمواجهته.”
وأكد أن الجهاز الدبلوماسي الإيراني يفتقر إلى المبادرة، ويعاني من حالة من الروتينية وعدم القدرة على اتخاذ قرارات حاسمة.
وأشار أيضًا إلى: “حتى لو كانت هناك فكرة، ولو كانت مجرد تقديم تنازلات غير منطقية لتجنب تفعيل الآلية، فهذا على الأقل يمكن مناقشته، ولكن المشكلة أن حتى هذا الخيار غير مطروح أصلًا على طاولة الدبلوماسية الإيرانية.”
تقرير الوكالة الدولية
وقال خانعلي زاده إنه مع اقتراب هذه المواعيد، خاصة مع صدور تقرير الوكالة في مايو/أيار، وتفعيل آلية الزناد في يونيو/حزيران، وبدء تنفيذ العقوبات في أكتوبر/تشرين الاول ، فإن الملف النووي الإيراني سيعود إلى صدارة الاهتمام الدولي.
وأضاف: “السؤال الأهم هو ما إذا كان بالإمكان تغيير هذا المسار أو تعطيله، ولكن بالنظر إلى الواقع السياسي والدبلوماسي القائم، لا توجد أي فرصة حقيقية لذلك.”
وأكد أن على إيران أن تتعامل مع هذا الوضع على أنه حتمية وليس مجرد احتمال، حيث من المرجح أن تعود العقوبات التي تم تجميعها في إطار الاتفاق النووي لتُفرض بشكل فردي من قبل مجلس الأمن.
وانتهى خانعلي زاده بالقول: “يجب على إيران أن تركز جهودها الدبلوماسية على كيفية التعامل مع هذه العقوبات عند إعادة فرضها، بدلاً من إهدار الوقت والموارد في محاولات غير مجدية لتجنب هذا السيناريو عبر التفاوض.”
وأكد أيضًا: “الأولوية الأساسية يجب أن تكون في صياغة استراتيجية للتكيف مع الوضع الجديد، حيث إن فرص إلغاء هذا المسار تكاد تكون معدومة إن لم تكن صفرًا تمامًا.”