حوار: مصطفی أفضل زاده مراسل “زاد إيران” في طهران
أعربت تركيا خلال الأعوام الماضية، عن رغبتها في الانضمام إلى مجموعة البريكس، ويرى البعض أن الهدف من ذلك هو الضغط على الجانب الغربي لقبول انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي بشكل أسرع، فالدول الغربية ترفض أن تنضم دولة مثل تركيا إلى مجموعة تقودها روسيا، ومع رفض الهند انضمام تركيا إلى البريكس تتجه الأنظار نحو سبب الرفض، هل هذه إحدى ألاعيب الولايات المتحدة لمنع انضمام تركيا إلى البريكس بمعاونة حليفتها الهند؟
في حوار “زاد إيران” مع علي حيدري الحاصل على ماجستير في القضايا الإقليمية، والخبير في الشؤون التركية تمت مناقشة تلك القضية.
يقال إن الهند استخدمت حق النقض (الفيتو) ومنعت تركيا من الانضمام إلى البريكس.. ما سبب هذه المشكلة؟
أعربت تركيا خلال العامين أو الأعوام الثلاثة الماضية عن رغبتها في الانضمام إلى البريكس عدة مرات، للاستفادة من مزاياه، لكن الهدف الرئيس لهذا البلد هو الضغط على الجانب الغربي لقبول انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي بشكل أسرع، واستئناف عملية مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي.
جرت كثير من المناقشات خلال العام الماضي، فقد أعلنت تركيا عن رغبتها في الانضمام إلى البريكس، ولم تكن لدى الولايات المتحدة والدول الغربية نظرة إيجابية تجاه هذا التوجه لعدة أسباب، وأضاف: “على أي حال، لا يريد الغرب أن تكون هناك دولة مثل تركيا في اتحاد أو ائتلاف تلعب فيه روسيا الدور الرئيسي، فهذه المسألة ذات أهمية كبيرة بالنسبة للغرب والولايات المتحدة.
أعلنت الولايات المتحدة بشكل رسمي عن عدم موافقتها، بسبب الموقع الجيوسياسي لتركيا ومكانتها كثاني أكبر جيش في الناتو، وكان “جيف فليك” السفير الأمريكي السابق لدى تركيا الذي غادر البلاد الشهر الماضي، قد أعلن في مقابلات عدة، أنه لا يرغب في انضمام تركيا إلى البريكس، ويأمل ألا يتحقق هذا الأمر.
تم الإعلان بصورة غير رسمية أن الهند أيضا عارضت انضمام تركيا إلى البريكس، ونظرا إلى أنه يجب أن يعلن كل الأعضاء عن موافقتهم بالإجماع على انضمام عضو جديد؛ فإذا عارضت دولة واحدة هذا الأمر، فالدولة الجديدة لا يمكنها أن تنال العضوية، وتشبه هذه المسألة تماما هيكل الاتحاد الأوروبي، كما أنه من المحتمل أن يكون سبب هذا الاعتراض هو العلاقات التركية مع باكستان، فباكستان والهند تتخذان مواقف صارمة ضد بعضهما- إقليميا ودوليا- في ما يتعلق بالدول المنافسة لهما وتدعمهما.
ومن ناحية أخرى، هناك علاقات عسكرية واسعة بين الهند وأرمينيا، وقد صدرت الهند إليها صواريخ وأسلحة متنوعة، وسبب توسعة العلاقات مع أرمينيا هو النزاع بين يريفان (عاصمة أرمينيا) وأذربيجان؛ وهي الدولة التي تربطها علاقات جيدة جدا بباكستان، فيمكن أن تكون هذه القضية أحد أسباب اعتراض الهند على انضمام تركيا إلى البريكس. ومن الأسباب المحتملة الأخرى لهذا الاعتراض، العلاقة الجيدة بين الهند والولايات المتحدة، وقد تمنع الولايات المتحدة دخول تركيا إلى بريكس من خلال الهند.
هل يمكن لأمريكا أن تلعب دورا في منع انضمام تركيا وهي عضو في الناتو؟
أعلنت الولايات المتحدة رسمياً معارضتها وجود تركيا في بريكس، وإحدى أدوات معارضتها هي عضوية الهند في هذه المنظمة، فالولايات المتحدة يمكنها، من خلال ذلك، أن تمارس نفوذها.
هل تعني معارضة الهند عدم إمكانية انضمام تركيا إلى البريكس بشكل قاطع؟
يمكن أن تُحل هذه المسألة عن طریق تبادل المصالح، وقال: “في العلاقات الدولية لا شيء قطعيا ومطلقا، وقد تُحل هذه المسألة عن طريق تبادل المصالح، وتستأنف تركيا عملية انضمامها إلى البريكس.
هل سيكون لانضمام تركيا إلى البريكس أهمية خاصة لهذا البلد ولأعضاء المجموعة؟
من المكن أن يكون انضمام تركيا مفيدا لها وللبريكس أيضا لعدة أسباب، فتركيا دولة ذات كثافة سكانية عالية، يبلغ عدد سكانها نحو 85 مليون نسمة؛ ولديها إنتاج محلي إجمالي جيد ونحو 250 مليار دولار من الصادرات التي يتم معظمها مع دول البريكس، فعلى سبيل المثال، تصل التبادلات التجارية لتركيا مع روسيا إلى نحو 55 مليار دولار ومع الصين إلى أكثر من 40 مليار دولار، كما أن صادرات هذا البلد إلى إيران تبلغ نحو 10 مليارات دولار.
يمكن للبريكس أن تنظر إلى تركيا كمجموعة وتستفيد من مزاياها، ويذكر أيضا العملة الموحدة لمجموعة البريكس، والتي يمكن أن تكون ذات فائدة كبيرة للأعضاء، وعلى الرغم من أهمية تركيا من الناحيتين الاقتصادية والسكانية، فإن الجانب السياسي لهذا البلد له أهمية كبيرة، فإذا انضمت تركيا إلى البريكس، ستكون هذه هي المرة الأولى التي تدخل فيها دولة من كتلة الغرب إلى كتلة شبه شرقية وبين الدول النامية، مما سيكون له أهمية كبيرة من الناحيتين السياسية والدعائية لرؤساء المجموعة مثل روسيا والصين، خاصة روسيا التي يمكن أن تستخدم هذا الأمر كوسيلة دعائية في ظل الظروف الحالية التي تشهد فيها حربا شاملة مع الغرب.
هل ستقوم الدول الكبرى الأعضاء في البريكس مثل روسيا والصين باتخاذ إجراء بخصوص هذا الشأن؟
إذا كانت نية تركيا في الانضمام جادة، فيمكن أن تسعى الصين وروسيا في هذا الأمر، لكن هناك غموض حول ما إذا كانت تركيا تسعى حقا للانضمام إلى البريكس أم أنها تقوم بإجراءات للضغط على الغرب والاتحاد الأوروبي لتسريع عملية انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي.
ونظرا إلى أن تركيا سعت خلال العقود القليلة الماضية، خاصة في فترة حزب العدالة والتنمية، لتلعب دورا بين الكتلتين القويتين في العالم لتتمكن من الحصول على أقصى فائدة منهما، فإنني أعتقد أن تركيا لديها نية جادة للانضمام إلى البريكس، لكي تحقق أعلى استفادة من مزايا الكتلة الشرقية، إضافة إلى الضغط الذي تمارسه على الناتو”.
في نظر المحللين والسياسيين الأتراك، فإن العالم يسير نحو التعددية القطبية، وفي هذا الوضع، تبذل تركيا قصارى جهدها لتكوين علاقات جيدة مع جميع الأقطاب القائمة والناشئة لتستفيد بأقصى ما يمكن.