كتب: محمد بركات
شهدت المدن الإيرانية فعاليات واسعة النطاق بمناسبة ذكرى انتصار الثورة الإيرانية 46، حيث احتشد المواطنون من مختلف الفئات في المسيرات التي أقيمت رغم برودة الطقس، وغطت وسائل الإعلام المحلية هذه المناسبة بتقارير موسعة، مسلطة الضوء على حجم المشاركة الشعبية ورسائلها المختلفة. كما تناولت الصحف مظاهر الاحتفال، بما في ذلك الحضور العائلي، الكلمات الرسمية، والعروض العسكرية، إلى جانب تحليل السياق السياسي والاقتصادي المرتبط بهذه الذكرى.
الشعب يقف بجانب الثورة
تناولت صحيفة آرمان ملي في عددها للثلاثاء 11 فبراير/ شباط 2025، مظاهر الاحتفال الشعبي بعيد الثورة الإيرانية، حيث كتبت” إحدى الجماليات البارزة في مسيرة هذا العام كانت الحضور المكثف للعائلات. فقد جاء الآباء والأمهات، ممسكين بأيدي أطفالهم، ليس فقط للمشاركة في احتفالات انتصار الثورة، بل أيضا لإظهار أهمية هذا اليوم للأجيال الجديدة. كما أظهر أهالي كرج، من خلال الحشود الغفيرة، أن برودة الشتاء وتساقط الثلوج والجليد لم تؤثر على عزيمتهم، حيث شارك الصغار والكبار، الرجال والنساء، العائلات، الطلاب، أصحاب المهن، والمسؤولون جميعًا في هذا التجمع المهيب، مؤكدين التزامهم بمبادئ الثورة.
ويكمل” وفي قم، ورغم البرد القارس والجليد، غصّت شوارع المدينة بالحشود التي جاءت بحماس للمشاركة في هذا الحدث الوطني، كما شهدت مدن كرمانشاه، سمنان، قزوين، جلستان، تشهارمحال وبختياري، خراسان الشمالية وهرمزغان حضورا جماهيريا واسعا رغم الطقس البارد، وأحيانا تساقط الثلوج، حيث خرج الناس في مسيرات حاشدة للاحتفال بذكرى الثورة.
ويضيف “أما في جيلان، فقد رفع المشاركون علم البلاد ثلاثي الألوان، مرددين الهتافات التقليدية الموت لأمريكا والموت لإسرائيل، ليجددوا ولاءهم للنظام الإيراني. كما شارك أهالي خراسان الجنوبية، كردستان، وبوشهر جنبا إلى جنب مع بقية أبناء الوطن، مرددين أناشيد الفرح بهذه المناسبة، وشهدت كرمان وأذربيجان الشرقية حشودا واسعة من المواطنين الذين حملوا أعلام الجمهورية الإيرانية وساروا في المسيرات إحياء لذكرى انتصار الثورة.”
صامدون أمام التحديات
هذا وقد عرضت صحيفة اعتماد الثلاثاء 11 فبراير/ شباط 2025 للاحتفالات حيث ذكرت” في أكثر أيام السنة برودة، حيث سجلت درجات الحرارة في معظم المدن الإيرانية تحت الصفر، كان يوم 10 فبراير تحت عنوان إيران للجميع، حيث اجتمع الإيرانيون من مختلف الأطياف ليجددوا العهد مع مؤسس الثورة ونهجها، ورفعوا شعار أن أمتنا لن تهتز تحت وطأة العقوبات والتهديدات الأمريكية”.
ويكمل” شهدت المسيرات حشودا ضخمة من مختلف فئات المجتمع، في استعراض للوحدة الوطنية، ورددت الجماهير شعارات الثورة مثل الاستقلال، الحرية، وقد شارك في المسيرة كبار المسؤولين، بمن فيهم الرئيس مسعود بزشكيان، وأعضاء حكومته، ورؤساء السلطات التشريعية والقضائية، وقادة الجيش والحرس الثوري”
هذا وقد تناول التقرير كلمة الرئيس الإيراني، حيث ذكر” في كلمة ألقاها بميدان آزادي في طهران، أكد الرئيس بزشكيان أن نجاح الثورة كان بسبب حضور الشعب ووحدته، مشيرا إلى أن الثورة قامت لإنهاء التدخل الأجنبي، وترسيخ مبدأ لا شرقية ولا غربية، كما ندد بسياسات الولايات المتحدة، معتبرا أنها تسعى لزعزعة الاستقرار الإيراني من خلال العقوبات والمؤامرات”.
ويذكر” وأضاف بزشكيان أن الأعداء حاولوا منذ الثورة خلق الفتن العرقية والسياسية، ثم لجأوا إلى الانقلابات، وعندما فشلوا، فرضوا حربا دامت ثماني سنوات، راح ضحيتها 220 ألف إيراني. واليوم، تحاول واشنطن استغلال أي فرصة لضرب إيران، لكنها ستفشل بفضل قيادة المرشد الأعلى ودعم الشعب، كما أكد خلال حديثه أن إيران لن تستسلم للضغوط الغربية، قائلا “نحن لا نسعى للحرب، لكننا لن ننحني للأعداء”، وانتقد ازدواجية الولايات المتحدة التي تدّعي السعي للحوار بينما تفرض عقوبات خانقة، وتدعم جرائم الاحتلال الإسرائيلي في غزة ولبنان وسوريا.
كما شدد الرئيس على أهمية الوحدة الداخلية في مواجهة التحديات، متعهدا بحل المشكلات الاقتصادية وتحقيق العدالة الاجتماعية عبر دعم الإنتاج المحلي والحد من التضخم. ودعا إلى التضامن الإقليمي، معتبرًا أن إيران ترى جميع دول المنطقة أشقاءً، لكنها ترفض الظلم والاستعمار”.
الشعب يسحق أحلام ترامب تحت أقدامه
هذا وقد كتبت صحيفة كيهان في عددها الثلاثاء 11 فبراير/ 2025 بهذا الشأن حيث قالت “امتلأت شوارع إيران، بالعائلات والمواطنين، بما في ذلك جيل الشباب المولود في التسعينيات، إلى جانب أسر الشهداء والمصابين والمقاتلين القدامى، وذلك ليحتفلوا بعيد الثورة رغم درجات الحرارة المتدنية تحت الصفر، حيث نُظّمت المسيرات بمناسبة الذكرى الـ 46 لانتصار الثورة الإيرانية في أكثر من 1400 منطقة ومدن وبلدات وأكثر من 38,000 قرية، تحت شعار الاحتفال العظيم من الحضور إلى الظهور، ففي العاصمة طهران، تجمعت حشود هائلة رغم البرد القارس بدرجة حرارة -1 مئوية، ومن بين المشاهد البارزة، عرض توابيت رمزية ترمز للكيان الصهيوني وزعمائه، حيث أعرب الإيرانيون عن تضامنهم مع غزة ورفضهم لجرائم الاحتلال الإسرائيلي”.
ويضيف التقرير” كذلك فكان من بين المظاهر الاحتفالية خضوع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والذي تسبب في مقتل أكثر من 46 ألف فلسطيني خلال الحرب على غزة، لمحاكمة رمزية في ساحة الثورة بطهران، عقب إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحقه، كما شاركت الطالبات بزي موحد في المسيرة، مرددات الهتافات الداعمة للثورة، وشهدت الفعالية إطلاق البالونات من برج آزادي، وعروضا عسكرية، وهبوط مظليين من القوات المسلحة، بالإضافة إلى أناشيد وطنية قدمتها فرقة من الجيش وجوقة طلابية مؤلفة من 1357 فردا، كما شارك أكثر من 200 صحفي ومصور أجنبي مقيم، بالإضافة إلى أكثر من 7,000 صحفي ومصور إيراني، في تغطية الحدث، بإجمالي يزيد عن 7,200 إعلامي”.
وحول العروض العسكرية التي أقيمت كتبت كيهان” هذا وقد شهدت المسيرة عرضا بارزا لأنظمة الدفاع الصاروخي والصواريخ الباليستية، بما في ذلك صواريخ حاج قاسم، سجيل، خيبرشكن، وخرمشهر، إضافة إلى منظومة اعتماد الصاروخية، والقمر الصناعي سفير أميد، والمركبة المدرعة طوفان، ويُعد صاروخ حاج قاسم أطول الصواريخ التكتيكية الإيرانية مدىً بعد صاروخ دزفول ، الذي يبالغ مداه 1000 كم ، وذو الفقار، ذو المدئ700 كم، بينما يمتلك سجيل مدى 2000 كم، مما يجعله من الصواريخ الاستراتيجية بعيدة المدى، أما خرمشهر، فيبلغ مداه 2000 كم ويستطيع حمل رؤوس حربية تصل إلى 1800 كجم، مع القدرة على حمل عدة رؤوس بدلا من رأس واحد”.
وقد بررت كيهان هذا الحشد المشارك بأنه يمثل صفعة لترامب وسياسته ضد إيران، حيث ذكرت” يأتي هذا الحضور الحاشد ردا مباشرا على تصريحات ترامب الأخيرة التي دعا فيها إلى تشديد الضغوط على إيران، ووقف برنامجها الصاروخي، وخفض صادراتها النفطية إلى الصفر، فقد رد الإيرانيون بتحد واضح، مؤكدين استمرارهم في نهج الثورة حتى تحقيق النصر النهائي، وموجهين رسالة إلى التيار الموالي للغرب في الداخل، الذين يرون في التفاوض مع واشنطن حلا للمشكلات، بأن القضية مع الولايات المتحدة تتجاوز الخلافات السياسية وتمس سيادة إيران ووجودها”.
الحضور الأكبر في مواجهة الضغط الأقصى
وعن احتفال هذا العام في ظل الأوضاع الدولية، قالت صحيفة جوان في عددها الثلاثاء 11 فبراير/ شباط 2025″ في وقت الاحتفال بالثورة من كل عام، يزداد اهتمام العالم بإيران لرصد كيفية مشاركة الشعب الإيراني في مسيرات ذكرى انتصار الثورة الإيرانية، فالثورة هي تغيير في نظام الحكم يتحقق بحضور الشعب”، ولهذا سُمّيت الثورة في إيران بهذا الاسم. ومن هنا، فإن مدى تمسك الشعب بالثورة والنظام السياسي المنبثق عنها يُعدّ دائما أمرا مهما، خصوصا أن الجمهورية الإيرانية لديها أعداء جادون، لم يتوقفوا منذ 46 عاما وحتى الآن عن محاولاتهم لإبعاد الناس عن هذه الثورة، وهم يترقبون في كل عيد لها نتائج جهودهم، لكنهم في النهاية يُصابون بخيبة أمل، وما إن يشاهدوا صور المسيرات الحاشدة حتى يلجؤوا إلى وضع مخططات ومؤامرات جديدة ضد إيران وشعبها”.
ويكمل” لم يكن هذا العام استثناء عن القاعدة، فقد تجلى حضور الشعب والتضامن بين الأمة والمسؤولين في مسيرات 22 بهمن، الموافق العاشر من فبراير/ شباط، فمن جهة المسؤولين، هناك عزيمة والتزام بالعمل والبناء والسعي لحل المشكلات، ومن جهة الشعب، هناك حضور ميداني يؤكد التزامه بالوقوف مع إيران. هذا التلاحم الداخلي هو السبيل لإزالة العقبات من الطريق، فقد تحولت الشوارع أمس في جميع المدن وحتى معظم القرى الإيرانية، إلى ساحات لمسيرات جماهيرية احتفالا بذكرى انتصار الثورة، حيث تُظهر اللقطات الجوية للمدن المختلفة، وخاصة عواصم المحافظات، أن الشعب الإيراني، رغم الحملة الإعلامية الغربية الواسعة وحملات حلفائها الهادفة إلى إحباطه، ظل وفيا للإمام الراحل ودماء الشهداء التي روت الثورة.
ويضيف” أُقيمت الفعالية المركزية في العاصمة، بحضور شعبي ورسمي واسع، إضافة إلى مشاركة رئيس الجمهورية. فمنذ الساعات الأولى من صباح الاثنين، احتشد سكان طهران في الشوارع المؤدية إلى ساحة الحرية، حيث أُقيمت المراسم الرسمية للذكرى. وقد حدد مجلس التنسيق للدعاية الإسلامية شعار الحضور حتى الظهور كشعار أساسي لعشرة الفجر، الفترة بين وصول الخميني إلى مطار مهر آباد بطهران وحتى نجاح الثورة في العام 1979، لهذا العام”.
وتابع” في مسيرات الأمس، إلى جانب رفع علم الجمهورية الإيرانية وصور شهداء الدفاع المقدس، ومدافعي الحرم والمقاومة، شوهدت أيضا أعلام حزب الله اللبناني، وفلسطين، والحشد الشعبي، واليمن. ومن المشاهد السنوية المتكررة، التي برزت أيضا هذا العام، رفع العلم الإسرائيلي بالمقلوب وصور التوابيت الرمزية التي تمثل الكيان الصهيوني وقادته، حيث عبّر الشعب الإيراني بصوت واحد عن استنكاره لجرائم إسرائيل، متضامنا مع غزة”.
الرد المشرف للشعب على ترامب
وفي تحليل لاحتفالات الأمس، ذكرت صحيفة فرهيخيجان في عددها الثلاثاء 2025 ” في ظل عودة دونالد ترامب إلى السلطة مجددا، وطرحه شروطا غريبة للتفاوض مع إيران بأسلوبه المتسلط، ومع تزايد أسعار الدولار والذهب في الأسواق المحلية، خرج الشعب الإيراني مجددا في مسيرة الاحتفال بالثورة ليؤكد أن القضايا الاقتصادية والضغوط الخارجية، رغم تأثيرها على حياتهم، لن تمنعهم من الحضور في الساحات الوطنية، فقد كانت المسيرة بالأمس منصة عبّر فيها الناس عن مخاوفهم، وفي الوقت نفسه أظهروا قدرتهم على التفريق بين القضايا الاستراتيجية والمشكلات اليومية.
ويكمل التقرير” في هذا السياق، أكد الرئيس بزشكيان، وهو تاسع رئيس إيراني يشارك في مسيرات الاحتفال بالثورة، في كلمته التي ألقاها اثناء الاحتفالات على ضرورة حل الأزمات الاقتصادية، ووجه رسالة قوية إلى الولايات المتحدة قائلا” إذا كنتم تفكرون في التفاوض، فلماذا ارتكبتم هذه الأخطاء؟” كما شهدت المسيرة حضور كبار القادة العسكريين، مثل اللواء حسين سلامي، واللواء عبد الرحيم موسوي، واللواء إسماعيل قاآني، في إشارة واضحة إلى جاهزية القوات المسلحة لمواجهة التهديدات الإقليمية والدولية. ومن الجوانب اللافتة في مسيرة هذا العام، كان الحضور القوي للأجيال الجديدة”.
ويضيف” وفي ظل محاولات مستمرة لقطع علاقة الأجيال الحديثة بمبادئ الثورة، برز حضور واسع لمواليد التسعينيات والألفيات، حيث برزت أحد اللافتات مع أحد هؤلاء الشباب وقد كُتب عليها” حتى لو أصبح الدولار 44 مليونا، سنشارك في المسيرة، وهو ما يعكس أن المشاكل الاقتصادية، رغم خطورتها، لا تثني الكثيرين عن الاهتمام بالقضايا الوطنية الكبرى، فيما قال أحد هؤلاء الشباب ردا على من يزعم أن الجيل الجديد بعيد عن الثورة قائلا” صحيح أن بعض الأحداث أدت إلى إحباط بين أبناء جيلنا، لكن هذا الشعور لن يستمر، فنحن ندعم وطننا وشعبنا”.
ويذكر” إن ما يميز الثورة الإيرانية في نظر الباحثين هو شموليتها، إذ شارك فيها مختلف فئات الشعب، من الفلاحين إلى سكان المدن الكبرى. وبعد 46 عامًا، لا يزال هذا الزخم قائما، حتى أن العواصف الثلجية لم تستطع الحد منه، فقد أظهرت بعض الصور مسيرات صغيرة في القرى، حيث تجمع الناس رغم الثلوج الكثيفة للتعبير عن ارتباطهم بذكرى الثورة”
وحول مشاركة المسئولين، يوضح التقرير” هذا وقد أقامت السلطة القضائية مكاتب ميدانية في عدة محافظات، منها طهران، سمنان، كرمان، فارس، كهكيلويه وبوير أحمد، والمركزي، حيث استمع القضاة مباشرة إلى شكاوى المواطنين وقدموا استشارات قانونية، مع توجيه بعض القضايا للمتابعة الخاصة، وإلى جانب الحشود الجماهيرية، شهدت المسيرة مشاركة شخصيات سياسية بارزة من مختلف التيارات، من بينهم رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف الذي حضر في أورومية، وعلي أكبر ناطق نوري، والرئيس السابق حسن روحاني في طهران، كما شوهد محمد جواد ظريف، نائب الرئيس للشؤون الاستراتيجية، وسط الحشود. كذلك، شارك سعيد جليلي في الأهواز، ومحمد جواد آذري جهرمي، وزير الاتصالات الأسبق، في طهران”.
كما علقت الصحيفة على غياب مشاركة احمد نجاد، الرئيس الإيراني السابق، حيث قالت” وبينما ظهرت شخصيات سياسية بارزة في المسيرة، كان الغياب اللافت هو للرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، فوسائل الإعلام المقربة منه لم تنشر أي صور له خلال الفعالية، ما فتح باب التكهنات حول سبب عدم حضوره، في حين لم يصدر عنه أو عن مقربيه أي توضيح حتى الآن”.