كتبت: لمياء شرف
أكد القائد العام لإدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، في مقابلة أجرها مع قناة العربية، أن التوسع الإيراني في المنطقة وتحويل سوريا إلى منصة لتنفيذ أجنداتها شكَّلا خطرا كبيرا على سوريا وعلى دول الجوار والخليج.
وفي تصريحات سابقة له، قال الشرع، إنه لا حجج الآن لأي تدخل خارجي في سوريا بعد خروج الإيرانيين، موضحا أن المشروع الإيراني كان مؤذيا، وأن ما حصل في سوريا انتصار على المشروع الإيراني الخطر على المنطقة.
وأكد أن المعارضة السورية تمكنت من إنهاء الوجود الإيراني في سوريا، مشيرا إلى أنهم لا يكنون أي عداوة للشعب الإيراني، “فمشكلتنا كانت مع السياسات التي أضرت ببلادنا”.
وأوضح القائد العام أن دمشق عانت ظروفا مأساوية عند تحريرها، حيث امتد الدمار ليشمل جميع النواحي، ما يعكس حجم المعاناة التي عاشها السوريون خلال سنوات النزاع.
وفي مقابلة تلفزيونية أخرى أجراها مع تلفزيون سوريا، قال أحمد الشرع إن الرئيس المخلوع بشار الأسد أصدر تعليمات، بحكم منصبه، إلى حاكم المصرف المركزي لطباعة أوراق نقدية من دون أي غطاء مالي، وأدى ذلك إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية وزيادة معاناة المواطنين السوريين.
وضع سوريا الداخلي
وأشار إلى أن سوريا تواجه مأساة حقيقية تتطلب خططا مدروسة لمعالجتها، مؤكدا ضرورة جمع البيانات وتحليلها بشكل دقيق قبل اتخاذ خطوات عملية للتعامل مع القضايا الُملحة.
وشدد الشرع على ضرورة الابتعاد عن قيادة سوريا بعقلية الثورة، مضيفا أن البلاد تحتاج إلى تأسيس دولة تقوم على القانون والمؤسسات؛ لضمان الاستقرار.
كما أكد ضرورة نقل العقلية من العمل الثوري إلى بناء الدولة، مشيرا إلى أن مستقبل سوريا يعتمد بناؤه على إرساء أسس الحوكمة والعدالة.
وانتقد الشرع النظام السابق، قائلا: “إنه لم يؤسس دولة حقيقية؛ بل تعامل مع سوريا كمزرعة لتحقيق مصالحه الشخصية”.
وأوضح أن الفترة المقبلة ستشهد نشر وثائق تثبت حجم السرقات والانتهاكات التي قام بها النظام القديم بحق مقدرات الشعب السوري.
وأكد أن الفترة القادمة هي مرحلة البناء والاستقرار، حيث تركز الجهود على إعادة الإعمار، وتحسين أوضاع السوريين المعيشية، مضيفا أن “أولويتنا الآن هي تلبية احتياجات الشعب الأساسية، والعمل على تحقيق مستقبلٍ أكثر استقرارا وعدالة”.
وأوضح أن إدارة العلميات في سوريا أصدرت بيانا دعت فيه إلى إعادة الممتلكات العامة خلال مدة أسبوع ابتداء من الآن، وسنحاسب كل من يثبت ضلوعه في إخفاء ممتلكات عامة، وذلك في سياق ضبط الأمن داخل سوريا.
منشط الكبتاغون
وفي سياق متصل، أشار الشرع إلى أن الإدارة الجديدة ستضع حدا لإنتاج “الكبتاغون” في سوريا، وذلك بعد أن حوَّل النظام السابق البلاد إلى مصنع للكبتاغون بحسب تقارير دولية، وهو ما تم الكشف عنه بعد سقوط الأسد.
يذكر أن الكبتاغون عبارة عقار منشط تم إنتاجه بألمانيا في الستينيات لعلاج الخدر والاكتئاب واضطراب نقص الانتباه، بيد أنه تم حظره في معظم دول العالم عام 1986.
وعملت حكومة الأسد في السنوات الأخيرة، على إنتاج هذه المنشطات التي يدخل في تركيبها الأمفيتامين، وغمرت بها الأسواق السوداء في جميع أنحاء دول الشرق الأوسط.
وكان ماهر الأسد، القائد العسكري وشقيق بشار الأسد، المسؤولَ الأول عن إنتاج وتجارة الكبتاغون في سوريا، حيث وُجدت معامل إنتاج في قواعد عسكرية تابعة للقوات السورية.
وأوضح الشرع أن إسقاط النظام السوري تم خلال 11 يوما فقط، بعد إعداد طويل استمر لسنوات، مشيرا إلى أن هذا الإنجاز يعكس حجم الجهد والتخطيط المسبق الذي رافق العمليات العسكرية. لافتا إلى أن الإدارة العسكرية سيطرت على مدن كبيرة دون أن ينزح أحد.
وعدَّد التحديات التي واجهتها الثورة السورية، فقد شهدت نزاعات داخلية، وحالة فصائلية، وتدخلات دولية من عدة أطراف، مما جعلها حالة استثنائية بين ثورات العالم، مؤكدا أن هذه الأوضاع دفعتهم إلى الخيار العسكري رغم صعوبته بعد أن حالت هذه الظروف دون الوصول إلى حلول سياسية شاملة.
ودعا الشرع الجميع إلى العمل الجاد لإعادة بناء الدولة السورية وفق أسس حديثة تضمن الحقوق والعدالة لجميع السوريين، محذرا من الوقوع في أخطاء الماضي التي عطلت مسيرة تحقيق الاستقرار.
القصف الإسرائيلي
وأبدى الشرع تخوفه من تكرار سيناريو غزة في شمال سوريا، والذي ينتج عنه تصاعد التحديات الإنسانية، موضحا أن الوضع السوري المنهك بعد سنوات من الحرب والصراعات لا يسمح بالدخول في أي صراعات جديدة.
وأضاف أن الأولوية في هذه المرحلة هي إعادة البناء والاستقرار، وليس الانجرار إلى نزاعات قد تؤدي إلى مزيد من الدمار.
وأكد أن الحجج الإسرائيلية لا تبرر تجاوزاتها الأخيرة في سوريا، مشيرا إلى أن الإسرائيليين تجاوزوا خطوط الاشتباك في سوريا بشكل واضح، مما يهدد بتصعيد غير مبرر في المنطقة.
وأشار إلى أن إسرائيل كانت تبرر محاولة دخولها للأراضي السورية بالوجود الإيراني، مؤكدا أنه لا يوجد مبرر لدخول إسرائيل الآن، قائلا: “إسرائيل كانت تنوي دخول سوريا بذريعة الوجود الإيراني، وحجتها انتهت الآن”.
ودعا الشرع المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل وتحمُّل مسؤولياته تجاه هذا التصعيد، مشددا على أهمية ضبط الأوضاع في المنطقة واحترام السيادة السورية.
وأوضح أن الجهود المبذولة للإطاحة بالنظام السابق لم تكن فردية، بل كانت نتاجا مشتركا للسوريين جميعا، قائلا: “نحن أدوات سخرها الله لتحقيق النصر على النظام البائد، ولكن الجهد هو جهد كل السوريين”.
العلاقة مع روسيا
وتطرق الشرع إلى العلاقة مع روسيا، فقال إن القيادة السورية الجديدة حرصت على الابتعاد عن استفزاز روسيا ومنحتها الفرصة لإعادة تقييم العلاقة مع سوريا بشكل يخدم المصالح المشتركة، مؤكدا أن المرحلة تتطلب إدارة حذرة للعلاقات الدولية.
وأكد أن الروس ملوا من نظام الأسد المتهالك، وأن القيادة الجديدة في سوريا أعطت لروسيا فرصة من أجل بناء علاقة جديدة.
وفي 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، سيطرت الفصائل السورية المعارضة على العاصمة دمشق وقبلها مدن أخرى مثل حلب وحماة وحمص، وأطاحت بالرئيس المخلوع بشار الأسد، لينتهي بذلك عهد أسرة الأسد بعد حكمٍ دامَ 53 عاما.