كتبت: شروق السيد
تزامنا مع أزمة الطاقة التي تعانيها إيران، أعلن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، برنامج حكومته في الاتجاه للطاقة الشمسية، كحلٍّ لأزمات قطاع الطاقة، التي سبق أن قال إنها نتيجة للعقوبات الأمريكية المفروضة على طهران.
صرح الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، في جلسة مجلس الوزراء يوم الأربعاء 11 ديسمبر/كانون الأول 2024، عن برامج الحكومة لزيادة إنتاج الكهرباء في الأشهر القادمة، قائلا: “لدينا العديد من الخطط لإنتاج الكهرباء من خلال الألواح الشمسية ومحطات طاقة الرياح، ومن بينها تزويد الدوائر الحكومية بالألواح الشمسية، كما أن الحكومة مستعدة لمنح التراخيص اللازمة للقطاع الخاص للعمل في مجال إنتاج الطاقة النظيفة”، وذلك حسبما ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية “إيسنا“.
أزمات الطاقة الإيرانية
تواجه إيران أزمة كبيرة في الطاقة في الوقت الحالي بسبب العقوبات الإيرانية، حيث يبلغ المتوسط العالمي لتخزين الغاز نحو 11%، وترتفع هذه النسبة في دول مثل الولايات المتحدة وروسيا وأوروبا إلى 20%، إلا أنها لا تتجاوز 1.5% في إيران، بسبب هذا الضعف في التخزين، تتضاعف مشكلات توفير الطاقة خلال مواسم الذروة، خاصة في فصل الشتاء.
يعتمد مزيج الطاقة بإيران في القطاعات المنزلية والصناعية على الغاز بنسبة تقارب 80%، كما يعتمد نحو 55% إلى 60% من إمدادات المواد الأولية للبتروكيماويات والقطاع التجاري على الغاز، وبالنظر إلى أولوية توفير الغاز للقطاعات المنزلية والخدمات العامة، ستستمر الضغوط والقيود على القطاعات الصناعية هذا العام أيض
ا.
تسببت العقوبات وعدم الوصول إلى الموارد المالية والتكنولوجية في تأخر إيران لسنوات في مجال تخزين وإنتاج الطاقة، من ناحية أخرى، يعود جزء من مشكلات الاستهلاك إلى قدم المعدات والمنشآت المرتبطة باستخدام الغاز والكهرباء، وهذه المشكلة أيضا ناجمة عن العقوبات وعدم تحديث خطوط إنتاج محطات الطاقة.
ومنذ تولي الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، السلطة وأعلن في تصريحات عدة، أن إيران تواجه أزمة في الطاقة وسنواجه شتاء صعبا، ودعي إلى ترشيد الاستهلاك، ولكن في آخر تصريح له أعلن الرئيس الإيراني أن حكومته ستتوجه للطاقة الشمسية.
تاريخ محطات الطاقة الشمسية في إيران
كان استخدام الطاقة الشمسية في إيران معروفا لدى معظم الناس منذ ظهور الساعات الرقمية والآلات الحاسبة المزودة بخلايا شمسية صغيرة، ولكن الاستخدام الواسع النطاق لها لتوليد الكهرباء يعود إلى أواخر الثمانينيات، في البداية، كانت معدات توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية تُعتبر مكلفة للغاية، واستخدمت بشكل رئيسي لأغراض بحثية أو كمنتجات فاخرة.
يمكن اعتبار جهود شركة “برق آفتابي هدايت نور يزد” من بين أولى المحاولات الجادة لتوطين معدات الطاقة الشمسية في إيران، حيث قامت هذه الشركة في عام 1992 بإطلاق خط إنتاج للألواح الشمسية باستخدام تكنولوجيا ألمانية وبقدرة إنتاج سنوية تصل إلى 3 ميغاواط بالعاصمة طهران، في ذلك الوقت، كان السعر العالمي للألواح الشمسية نحو 6 دولارات لكل واط، مقارنة بالسعر الحالي الذي يبلغ نحو 0.2 دولار لكل واط، مما يوضح الفارق الكبير في التكلفة بين تلك الفترة واليوم.
حتى عام 1995، عندما تم تأسيس منظمة الطاقة المتجددة الإيرانية المعروفة باسم “سانا”، التي تولت مسؤولية استخدام مصادر الطاقة المتجددة وتشجيع القطاع الخاص من خلال شراء وبيع الكهرباء المتجددة بضمان، لم يكن هناك عمل منظم في إنشاء محطات الطاقة الشمسية أو إنتاج المعدات اللازمة لها، واستمر توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية كأمر يُعتبر رفاهية.
من بين القضايا الأخرى التي كانت محل اهتمام في ذلك الوقت، مسألة تحسين كفاءة استخدام الطاقة، حيث بدأت وزارة الطاقة في عام 1996، جهودا مكثفة لترشيد استهلاك الطاقة بإيران، وتم تكليف منظمة تحسين كفاءة الطاقة (سابا) بجزء من هذه الجهود، وضمن ذلك التعليم وزيادة الوعي، وإدارة الطاقة، واستعادة الطاقة في الصناعات والمرافق الوطنية.
في عام 2000، تحولت “سانا” إلى شركة حكومية للإشراف على تطوير الطاقة المتجددة، وتولت مسؤوليات الجهات الأخرى بعد قرار برلماني في 2004، مما جعلها الجهة الوحيدة المسؤولة اعتبارا من 2005. ومع إعادة هيكلة وزارة الطاقة في 2006، دُمج مكتب الطاقة الجديدة مع “سانا”، ونُقلت إليها جميع مشاريع الطاقة المتجددة، وضمن ذلك محطة بينالود في 2007.
وفي عام 2008 ورغم العقوبات، استمر القطاع الخاص في تطوير صناعة الطاقة الشمسية، أطلقت شركة سازان خط إنتاج للألواح الشمسية في سمنان بقدرة 2 ميغاواط، وتم ترقيتها لاحقا إلى 10 ميغاواط، في 2010، أنشأت شركة هدایت نور خط إنتاج جديدا في يزد بقدرة 10 ميغاواط، وتخصصت لاحقا في شركتين. وفي 2012، أطلقت “آتیه” خط إنتاج “آريا سولار” في بيرجند بقدرة 20 ميغاواط، بينما بدأت “هورسا” إنتاج وحدات كهروضوئية في 2014.
بعد الاتفاق النووي في 2015 ورفع القيود المصرفية، شهدت إيران طفرة في مشاريع الطاقة الشمسية، زادت وزارة الطاقة تعريفة شراء الكهرباء المتجددة ومددت فترة التعاقد إلى 20 عاما، مما شجع الاستثمار، ومع ذلك، توجه السوق نحو استيراد المعدات بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج المحلي.
في 2016، تأسست شركة “تابان” وأطلقت مصنعا أوتوماتيكيا في شيراز بقدرة 250 ميغاواط سنويا. كما بدأت شركة “سولار صنعت فيروزه” إنتاج الألواح الشمسية في مصنعها بمدينة فيروزه بقدرة 60 ميغاواط سنويا.
وفي 2017، دُمجت “سانا” و”سابا” لتشكيل “ساتبا” لتعزيز كفاءة الطاقة وتطوير الكهرباء المتجددة، مع تنفيذ القرار رسميا من قبل وزارة الطاقة.
منذ 2016، أصدرت “ساتبا” تراخيص عدة لإنشاء محطات طاقة شمسية، أبرزها استثمارات شركة كوركوس البريطانية لمحطة بقدرة 600 ميغاواط في سمنان، وشركة كي سي تي الكورية لمشروع في فسا بقدرة مماثلة بتكلفة 600 مليون يورو، ومع ذلك، أدى التأخير في الضمانات وعدم تقديم حلول مناسبة إلى تعثر المشاريع.
بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، انسحب المستثمرون الأجانب، مشيرين إلى عدم الجدوى الاقتصادية وطول فترة استرداد رأس المال، الجدير بالذكر أن جميع المحطات الضخمة الحالية في إيران أُنشئت خلال الفترة بين 2016 و2018.