اعتبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني أن مسؤولية الوضع الحالي للعلاقات بين طهران وواشنطن تقع على عاتق الحكومة الأمريكية وقال: رغم ذلك، سترد إيران بشكل متناسب على السلوك المنطقي والصحيح والمبني على الاحترام، وأن المتوقع من أمريكا في هذا الصدد أن تعود إلى خطة العمل الشاملة المشتركة.
وذكّر كنعاني، في مقابلة مع قناة (RT) باللغة الإنجليزية يوم الأربعاء 17 يوليو/ تموز 2024، رداً على سؤال حول آفاق العلاقات بين إيران والولايات المتحدة في الحكومتين الجديدتين للبلدين: لقد اتبعت الحكومة الأمريكية سياسة عدائية وتدخلية منذ انتصار الثورة وحتى اليوم تجاه الشعب الإيراني.
وأوضح: إن الحكومة الأمريكية لم تلتزم حتى بأكبر اتفاق تم التوصل إليه عبر النهج الدبلوماسي متعدد الأطراف، وهو الاتفاق النووي، وانسحبت منه بشكل غير قانوني.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية: أعتقد أن الوضع في العلاقات بين إيران والولايات المتحدة سيتغير عندما تقوم الولايات المتحدة بإجراء تغيير جوهري وملموس في سياساتها العدائية ضد إيران.
وقال كنعاني: حتى بعد تشكيل الحكومة الجديدة (في إيران)، فالحكومة الأمريكية هي التي يجب أن تثبت أنها مستعدة لتصحيح نهجها الخاطئ في الماضي من أجل فتح أجواء جديدة في القضايا المتعلقة بالمنطقة والعلاقات مع إيران.
وتابع: بالطبع، سياسات أمريكا الخاطئة في المنطقة لا تستهدف الجمهورية الإسلامية الإيرانية فقط؛ إذفالعديد من دول المنطقة غير راضية عن السياسات الخاطئة وغير الصحيحة والعدائية والتدخلية التي تنتهجها الحكومة الأمريكية.
وذكر رئيس مركز الدبلوماسية العامة والإعلامية بوزارة الخارجية: إن تاريخ الثورة الإسلامية الممتد لـ 45 عامًا أظهر أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية لن تستسلم للضغوط، بل سترد بشكل متناسب على أي سلوك منطقي وصحيح ومبني على الاحترام.
وأكد كنعاني: في هذا السياق، وقبل كل شيء، فإن المتوقع من الحكومة الأمريكية، سواء الحكومة الأمريكية الحالية أو المستقبلية، العودة إلى الالتزامات المتعلقة بالاتفاق النووي، وأن تظهر التزامها به عملياً.
وردا على سؤال حول سياسة إيران الخارجية في الحكومة الجديدة، أشار المتحدث باسم وزارة الخارجية أولا إلى عملية إجراء الانتخابات الرئاسية في إيران وقال: “بعد حوالي خمسين يومًا من استشهاد الرئيس ورفاقه الأعزاء في حادث جوي مرير شارك الشعب الإيراني في انتخابات عامة، وانتخب الرئيس الجديد للبلاد”.
وتابع: إن إجراء انتخابات عامة في غضون 50 يومًا (بعد استشهاد الرئيس) يظهر عمق الديمقراطية والمشاركة الفعالة للشعب في تحديد المصير السياسي للبلاد، فضلا عن التزام الحكومة بالحصول على أصوات الشعب واستقطاب مشاركتهم في الحياة السياسية للبلاد.
وقال كنعاني: إن الحكومة الجديدة التي سيتم تشكيلها خلال الشهر المقبل ستكون الحكومة الشعبية الرابعة عشرة لإيران بعد انتصار الثورة الإسلامية خلال الـ 45 عامًا الماضية.
وذكر: من الواضح أن السياسات العامة للجمهورية الإسلامية الإيرانية في السياسة الخارجية تخضع للسياسات العامة للدولة والدستور والتوجهات الأساسية التي يحددها قائد الثورة الإسلامية.
وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية: إن السياسات العامة (في الحكومات الإيرانية) ثابتة، (لكن) النهج أو البرامج أو التكتيكات في الحكومات يمكن أن تكون مختلفة.
وقال رئيس مركز الدبلوماسية العامة والإعلامية الإيراني: نسعى إلى تطوير العلاقات مع كافة الدول المهتمة بإقامة علاقات متبادلة وودية وبناءة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية على أساس الاحترام المتبادل ومبدأ المساواة.
وأضاف: إننا (في الحكومة الجديدة) سنبحث عن علاقة بناءة لتعزيز علاقات الصداقة في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية والعلاقات الشعبية مع مختلف دول العالم.
وقال كنعاني: إن الدكتور مسعود بزشكيان (الرئيس المنتخب) استعرض في مقالين في وسائل الإعلام الأسبوع الماضي للشعب الإيراني وجميع دول وشعوب العالم آراءه بشأن السياسة الخارجية.
وتابع: لا أريد أن أتحدث نيابة عن الحكومة الإيرانية المقبلة، لكنني أعتقد أنها ستبني نهجها على التفاعل مع مختلف دول العالم على أساس خلق عالم أفضل لحياة الجميع يقوم على التعاون البناء لخلق الأمن الجماعي، وعلى وجه الخصوص، إقامة علاقة بناءة مع الجيران الإقليميين والتحرك في هذا الإطار.
وأكد: مما لا شك فيه أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية خلال فترة الحكومة الرابعة عشرة ستكون شريكاً جاداً وفعالاً لتعزيز السلام والأمن الدوليين والإقليميين والتنمية المشتركة لجميع دول المنطقة.
وأضاف رئيس مركز الدبلوماسية العامة والإعلامية الإيراني: تلقينا مئات رسائل التعزية من مسؤولي الكثير من دول العالم بعد استشهاد الرئيس آية الله رئيسي.
وتابع: من بين هذه الرسائل، كانت هناك الكثير من الرسائل من مسؤولي الدول الأوروبية الذين أعربوا عن تعاطفهم ومواساتهم مع حكومة وشعب إيران. كما أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة وعدد من المنظمات الدولية الأخرى في مستهل اجتماعاتها دقيقة صمتٍ حداداً على الشهيد رئيسي.
وفي جزء آخر من هذه المقابلة التلفزيونية التي أجريت في موسكو، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية رداً على سؤال حول آفاق العلاقات بين طهران وموسكو: إن علاقات إيران مع روسيا تشهد حالياً واحدة من أفضل فتراتها التاريخية. لقد أنشأنا معًا تعاونًا بناءً ومفيدًا في العلاقات الثنائية والإقليمية.
وأضاف: البلدان اختارا التعاون مع بعضهما البعض لخلق ظروف أفضل في المنطقة.
وقال كنعاني: إنَّ المنطقة تحتاج إلى تعاون بناء بين إيران وروسيا أكثر من أي وقت مضى. وبالإضافة إلى ذلك، فإن تعزيز العلاقات الثنائية في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية سيحقق مصالح البلدين.
وقال رئيس مركز الدبلوماسية العامة والإعلامية الإيراني: إن تعزيز العلاقات مع الجيران، الذي كان محوراً خاصاً في الحكومة الثالثة عشرة، سيستمر بقوة في الحكومة الرابعة عشرة.
وأشار إلى أن روسيا الاتحادية هي جارتنا المهمة للغاية في المنطقة. لقد كنا أصدقاء خلال الأوقات الصعبة لبعضنا البعض في السنوات الماضية، وفي مجالات التعاون الاقتصادي، وضعنا مشاريع استراتيجية مشتركة يجب أن تستمر.
وقال كنعاني: بين إيران وروسيا تعاون وشراكة استراتيجية في مكافحة الإرهاب في المنطقة، ولا تزال منطقتنا بحاجة إلى هذا التعاون والشراكة الاستراتيجية من أجل السلام والاستقرار.
وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية: بعد استشهاد الدكتور رئيسي، أكد قائد الثورة الإسلامية الإيرانية أن العلاقات بين إيران وروسيا ستستمر بقوة.
وتابع: في مقالين نشرا في وسائل الإعلام، أكد الرئيس المنتخب أن تعزيز العلاقات مع الجيران سيكون من الأولويات الرئيسية لحكومته كما أكد أن العلاقات مع روسيا سوف تمضي قدماً إلى الأمام بقوة.
وتابع قائلاً: أعتقد أن أمامنا (إيران وروسيا) فرصا جديدة لتعزيز العلاقات الثنائية في اتجاه تأمين المصالح المشتركة، وكذلك المساعدة في تنمية المنطقة وترسيخ السلام والاستقرار والأمن.
وأضاف: أن أول مكالمة هاتفية تلقاها الدكتور بزشكيان من مسؤول أجنبي رفيع المستوى كانت تلك التي تلقاها من فلاديمير بوتين رئيس روسيا الاتحادية، في إشارة واضحة إلى استمرار العلاقات الودية والبناءة بين البلدين خلال الفترة المقبلة.
ورداً على سؤال حول اقتراح إيران إنشاء آلية للمعاملات المالية لدول البريكس على أساس العملات الوطنية، أشار كنعاني أيضًا إلى السبب الجذري للمسألة وسبب اتجاه الدول إلى التخلص من الدولار وقال: إن الأمريكان وللأسف، قاموا، وخاصة في السنوات الأخيرة، بإساءة استخدام الدولار كأداة لتعزيز هيمنتهم الأحادية على الحكومات والدول.
وأضاف: إن هيمنة الولايات المتحدة والضغوط السياسية الظالمة التي تمارسها حكوماتها على الدول المستقلة، وخاصة باستخدام أداة الدولار، دفعت الدول المستقلة إلى اتخاذ خطوات نحو استخدام العملات الوطنية في تجارتها الخارجية وعلاقاتها التجارية الخارجية.
وذكر المتحدث باسم وزارة الخارجية: توصلت إيران وروسيا إلى اتفاق جيد لإنشاء معاملات مالية باستخدام العملات الوطنية للبلدين في إطار تعزيز التعاون الثنائي، خاصة في المجالات الاقتصادية والتجارية والمعاملات المالية.
وأضاف: مقترح الجمهورية الإسلامية الإيرانية هو توسيع وتطوير هذا النموذج من التعاون المالي والمصرفي والتجاري في إطار مجموعة البريكس ليشمل جميع أعضاء هذه المجموعة.
وأشار كنعاني إلى أن مجموعة البريكس لديها قدرة جيدة للغاية على تطوير التعددية ضد الأحادية الظالمة من قبل الحكومة الأمريكية في المنطقة وفي العالم وبين الدول الأعضاء.
وتابع: الحقيقة هي أن العالم قد سئم من السياسات الأحادية للحكومة الأمريكية، وبالتالي فإن حركتنا المشتركة نحو تطوير التعددية وخلق عالم أكثر ملاءمة للتنمية المشتركة لجميع الدول المستقلة تحظى بترحيب واسع النطاق في جميع أنحاء العالم.
وأضاف رئيس مركز الدبلوماسية العامة والإعلامية الإيراني: إن عضوية إيران وروسيا في البريكس خلقت فرصًا جديدة للبلدين في التعاون الثنائي ومتعدد الأطراف.
وقال أيضًا إن أكثر من 250 برنامجًا مشتركًا صممتها روسيا الاتحادية هذا العام بصفتها الرئيس الدوري لمجموعة البريكس ونفذت جزءًا كبيرًا منها بما يستحق التقدير ويمكن أن تساعد بشكل كبير في تعزيز العلاقات البناءة متعددة الأطراف بين أعضاء مجموعة البريكس.
ورداً على سؤال آخر أكد كنعاني أيضًا أن سياسات الحصار الظالمة والأحادية تعد انتهاكا صارخا لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، وأضاف: العقوبات الأحادية ضد الحكومات تؤثر على الشعوب أكثر مما تؤثر على الحكومات، وهذا انتهاك صارخ لحقوق الإنسان.
وقال المتحدث باسم الخارجية: إن الشعب الإيراني تأثر بشدة من العقوبات الظالمة والأحادية التي فرضتها الإدارات الأمريكية على مدى الـ 45 عامًا الماضية. حتى أن هذه العقوبات منعت دخول الأدوية للمرضى ذوي الحالات الخاصة والمستعصية. لذلك، ليس هناك شك في أنهم ارتكبوا انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
وفي الرد على سؤال حول رد فعل المجتمع الدولي، قال: إن رد فعل العالم هو التحرك نحو التعددية، وهو ما نراه مثالا في مجموعة البريكس وفي منظمة شنغهاي للتعاون، وهو رد فعل طبيعي على السياسات الظالمة وأحادية الجانب التي تفرضها الإدارة الأميركية ضد الحكومات المستقلة.
وقال كنعاني: الحقيقة هي أن الكراهية العالمية للحكومة الأمريكية أصبحت الآن أكثر انتشاراً من أي وقت مضى.
وتابع: رغم أن العقوبات أحادية الجانب فرضت الكثير من الضغوط علينا وعلى الحكومات الأخرى الخاضعة للعقوبات وتسببت في العديد من المشاكل لشعبنا، إلا أنها حفزتنا على تعزيز الاكتفاء الذاتي والتنمية الوطنية، فضلاً عن التوجه نحو التعددية وتعزيز التعاون الإقليمي ومتعدد الأطراف، ومن الطبيعي أن حكومة الولايات المتحدة هي التي ستتضرر في نهاية المطاف من هذه العملية.
وأكد: نعتقد أن عصر الأحادية قد انتهى وأن الزمن والتاريخ لن يعودا إلى الوراء.