قالت صحيفة “فايننشيال تايمز” إن موجة من التفاؤل اجتاحت معسكر الإصلاحيين في إيران بعد أن تم السماح لممثل من المعسكر بخوض الانتخابات ضد عديد من المرشحين المحافظين في الانتخابات الرئاسية التي سوف تجرى هذا الشهر.
وكان المرشح الإصلاحي مسعود بيزشكيان، وهو جراح يبلغ من العمر 69 عاماً وعضو في البرلمان، هو الاختيار المفاجئ على قائمة المرشحين المؤهلين التي نشرها مجلس صيانة الدستور خلال عطلة نهاية الأسبوع، وهي الهيئة التي يهيمن عليها المحافظون والتي يتعين عليها الموافقة على جميع الترشيحات للرئاسة.
ولم يكن بيزشكيان، وزير الصحة السابق، يُنظر إليه في الأصل على أنه مرشح إصلاحي بارز، لكنه اكتسب معجبين لانفتاحه، واستعداده لانتقاد السياسات المتشددة للجمهورية الإسلامية، والتزامه بالعدالة والمساواة.
وقد دعت حملته “من أجل إيران” إلى عصر جديد من العلاقات بين النظام والشعب، وإلى معالجة “انعدام الثقة” الواسع النطاق في الساسة من خلال عملية “مصالحة” وطنية.
وقال محمد صادق حصار، وهو سياسي إصلاحي: “سيكون بيزشكيان هو الظاهرة في هذه الانتخابات الرئاسية”. وأضاف: “المجتمع الإيراني يشعر بخيبة أمل كبيرة وينتظر تطوراً كبيراً. أنا متفائل جداً بأن الناس سيرون بيزشكيان على أنه الشخص المناسب”.
ومنع مجلس صيانة الدستور كبار الإصلاحيين من الترشح لانتخابات عام 2021 التي فاز بها إبراهيم رئيسي، الذي أدى مقتله في حادث تحطم طائرة هليكوبتر إلى إجراء انتخابات مبكرة في 28 يونيو/حزيران 2024.
وكان عدد قليل من المراقبين يتوقع أن يغير النظام بقيادة المرشد الأعلى علي خامنئي، استراتيجيته ويسمح للإصلاحيين بالدخول إلى ورقة الاقتراع هذه المرة، لكن إضافة بيزشكيان أحدثت هزة في المنافسة.
وسواء أكان هذا قراراً واعياً لإضافة التنوع إلى السباق وتشجيع الإقبال على التصويت، أم حساباتٍ مفادها أن الإصلاحي متوسط الرتبة لن يتمكن من حشد القدر الكافي من الدعم للفوز، فهي مسألة موضع جدل.
ومع ذلك، فقد تم بالفعل تأييد ترشيح بيزشكيان من قبل إسحاق جهانغيري، النائب الأول للرئيس الإصلاحي السابق الذي تم استبعاده من التصويت من قبل مجلس صيانة الدستور، وجواد ظريف، وزير الخارجية السابق الذي تفاوض على الاتفاق النووي لعام 2015 مع القوى العالمية. ومن المتوقع أن يفعل الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي، الشيء نفسه.
ويقول محللون إن أنصار علي لاريجاني، وهو محافظ كبير مُنع أيضاً من خوض الانتخابات واقترب من القوى المعتدلة، انضموا إلى حملة بيزشكيان في بعض المدن.
ومن بين المرشحين الآخرين في السباق المكون من ستة مرشحين، محمد باقر قاليباف، رئيس البرلمان والقائد السابق لـ”الحرس الثوري” والذي يعتبره كثيرون المرشحَ الأوفر حظاً؛ وعلي رضا زاكاني عمدة طهران؛ وسعيد جليلي المفاوض النووي السابق الذي يمثل الجناح الأكثر تشدداً في النظام.
ويقول المحللون أيضاً، إن خلفية بيزشكيان كمدرس للقرآن وقارئ لـ”نهج البلاغة”، وهو نص رئيسي للمسلمين الشيعة، يمكن أن تجعله مرشحاً مقبولاً لقطاعات أخرى من المجتمع، وضمن ذلك المحافظون التقليديون.
وأشار محمد علي أبطحي، نائب الرئيس الإصلاحي السابق، إلى أن انتخابات هذا الشهر قد تشبه انتخابات عام 1997 عندما كان خاتمي هو الفائز المفاجئ، أو انتخابات عام 2013 التي فاز بها المرشح الوسطي حسن روحاني، على وعد بالتوقيع على الاتفاق النووي. وفشل هذا الاتفاق عندما سحب الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب، الولايات المتحدة وفرض عقوبات صارمة، مما وجه ضربة قوية للسياسيين المعتدلين والإصلاحيين في إيران.
وقال أحد المطلعين على بواطن النظام، إن القيادة الإيرانية كانت واعية للحاجة إلى معدل مشاركة مرتفع؛ لإظهار أن الجمهورية الإسلامية تتمتع بالشرعية العامة. وقد شُوِّه فوز رئيسي عام 2021 بسبب أدنى نسبة مشاركة في أي انتخابات رئاسية إيرانية، حيث بلغت 48 في المائة فقط. وقال الخبراء إن بيزشكيان يحتاج إلى نسبة إقبال لا تقل عن 60 في المائة حتى يحصل على فرصة.
وقال أبطحي: “من المتوقع أن يكون أنصار بيزشكيان من المجتمعات الفكرية والتجارية، فضلاً عن معيلي الأسر التي تشعر بالسحق تحت الضغوط الاقتصادية. لكن الشباب ما زالوا بعيدين عن مراكز الاقتراع. لكن الأمور يمكن أن تتغير حتى اللحظة الأخيرة في يوم الاقتراع”.
كما أصر المطلعون على بواطن النظام على أن خامنئي و”الحرس الثوري” يمكن أن يعملوا مع بيزشكيان إذا خالف التوقعات وفاز.
وقال المصدر المطلع: “تحتاج البلاد إلى رئيس يمكنه التعامل مع العالم، وإذا لزم الأمر، الدخول في محادثات جادة مع الولايات المتحدة”. وأضاف أن “بيزشكيان شخصية معتدلة ومرشح تسوية جيد للجمهورية الإسلامية”.