ترجمة: علي زين العابدين برهام
في الوقت الذي يسعى فيه ترامب إلى تصفير مبيعات النفط الإيراني، زعمت وسائل الإعلام الغربية أن إيران تستخدم أساليب إبداعية جديدة لبيع النفط في البحر. ما هي هذه الأساليب؟ وما هي استراتيجية أمريكا لمواجهتها؟
نشرت وكالة أنباء “خبر أونلاين” الأربعاء 12 مارس/آذار 2025 تقريرا حول هذا المعارك الدائرة على مياه الخليج العربي، وللإجابة على هذه الأسئلة.
ذكرت الوكالة أنه في السنوات الأخيرة، أصبح الخليج العربي ساحة مواجهة هادئة لكنها شديدة التوتر بين إيران وأمريكا، حيث تُدار هذه المعركة ليس بالأسلحة التقليدية، بل عبر العقوبات الاقتصادية والطرق المبتكرة للالتفاف عليها.
وأضافت أنه في قلب هذا الصراع تقف صناعة النفط الإيرانية، التي تُعد الشريان الرئيسي لاقتصاد البلاد. ومع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، فرضت عقوبات جديدة تهدف إلى شل صادرات النفط الإيراني وحرمان طهران من مواردها المالية.
وأوضحت أنه ومع ذلك، لم تتوقف إيران عن تصدير النفط، بل استعانت بأسطول الظل وأساليب متطورة لمواصلة تجارتها رغم القيود المفروضة.
أسطول الظل: سلاح إيران السري لمواجهة العقوبات
تابعت الوكالة: على مدى سنوات، اعتمدت إيران على أسطول الظل وسفن قديمة غير مؤمّنة لنقل نفطها إلى الأسواق العالمية، متجاوزة العقوبات الأمريكية المشددة.
وذكرت أنه وفقا لتقرير صادر عن S&P Global في 12 فبراير/شباط 2025، تمكنت إيران خلال عام 2023، من تحقيق إيرادات تجاوزت 53 مليار دولار عبر عمليات النقل البحري من سفينة إلى سفينة (Ship-to-Ship Transfer) في المياه الدولية بالخليج العربي وبحر عمان. ورغم التكاليف العالية والمخاطر الكبيرة التي تترتب على هذه العمليات، إلا أنها ساهمت في رفع صادرات النفط الإيراني إلى نحو 1.7 مليون برميل يوميا.
وأضافت أن أسطول الظل الإيراني يتألف من سفن تغيّر هويتها باستمرار وترفع أعلاما مزيفة، وتعمل غالبًا في المياه الدولية بعيدا عن السواحل، حيث تنقل الشحنات مباشرة إلى المشترين. وعلى الرغم من نجاح هذه الأساليب في التحايل على العقوبات لسنوات، إلا أنها تواجه اليوم تحديات متزايدة مع تشديد العقوبات الأمريكية الجديدة.
الهدف الجديد لترامب: قطع شريان إيران المالي
ذكرت الوكالة أنه مع عودته إلى السلطة، فرض دونالد ترامب عقوبات جديدة على إيران تهدف إلى إيقاف مصادر دخلها النفطية بالكامل. ووفقا لتقرير نشرته رويترز، صرّح مسؤول أمريكي قائلا: “هدفنا هو تجفيف الموارد المالية لإيران التي تدعم برنامجها النووي ووكلاءها الإقليميين.”
وأضافت تأكيد سكوت بسنت، وزير الخزانة الأمريكي، في تقرير نشرته ياهو نيوز قائلا: “سنستخدم جميع الأدوات الممكنة لتعطيل سلسلة توريد النفط الإيراني.” ومن جهته، أعلن وزير الطاقة الأمريكي أن واشنطن مستعدة لفرض عقوبات جديدة على صادرات النفط الإيراني.
وأشارت إلى أن الهدف الأساسي من هذه العقوبات يتمثل في إضعاف القدرات المالية لإيران، والتي يدّعي الغرب أنها تُستخدم لدعم برنامجها النووي والفصائل الموالية لها في المنطقة. ويسعى ترامب أيضا من خلال هذه العقوبات إلى زيادة الضغط على حلفاء واشنطن الإقليميين، مثل إسرائيل ودول الخليج العربي، لدفعهم إلى تأييد سياساته.
الإستراتيجية الأمريكية: من تفتيش السفن إلى استهداف أسطول الظل
ذكرت الوكالة أن واشنطن لم تكتفِ بفرض عقوبات ورقية، بل انتقلت إلى تنفيذ عمليات بحرية لمكافحة أساليب إيران في تصدير النفط. ووفقًا لتقرير نشرته US News في 6 مارس/آذار 2025، قال مصدر أمريكي مطلع:
“نستخدم اتفاقية مكافحة أسلحة الدمار الشامل لتفتيش السفن في مضيق ملقا.”
وأشارت إلى أن هذا المضيق يعتبر أحد أهم الممرات التجارية في العالم، حيث تعبر نسبة كبيرة من صادرات النفط الإيراني عبره.
وأضافت أنه بالإضافة إلى ذلك فرضت الولايات المتحدة عقوبات على 16 شركة و13 سفينة مرتبطة بأسطول الظل الإيراني، في محاولة لكشف شبكات تصدير النفط غير القانونية. وذكرت Marine Insight في 7 مارس/آذار 2025 أن هذه العقوبات تهدف إلى كشف وإحباط تلك الشبكات.
وتابعت بأنه أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية أنها أدرجت أكثر من 30 شخصا وسفينة على قائمة العقوبات بسبب ضلوعهم في تجارة النفط الإيراني.
الصين وروسيا: المشترون الرئيسيون للنفط الإيراني تحت ضغط العقوبات
ذكرت الوكالة أن الصين وروسيا، أكبر مستوردي النفط الإيراني، أصبحتا هدفا مباشرا للضغوط الأمريكية. ووفقا لما نقلته بلومبرغ عن مصدر مطلع فإن
العقوبات الأمريكية جعلت التجارة بين الصين وإيران أكثر تعقيدا، لكنها لم توقفها.
وأضافت أن الصين تعتبر الشريك التجاري الأهم لإيران، حيث استحوذت على أكثر من 80% من صادراتها النفطية خلال عام 2024. ومع ذلك، أصبحت الآن مواجهة لعقوبات أمريكية جديدة تستهدف هذا القطاع.
وأفادت بأن روسيا تعاني من نقص في الناقلات النفطية، مما دفعها إلى البحث عن سفن جديدة لمواصلة استيراد النفط الإيراني. وذكرت ياهو نيوز أن مصدرا مطلعا قال: “نحن نبحث عن ناقلات جديدة.”
وأوضحت أنه رغم أن هذه العقبات قد تدفع موسكو إلى تقليص مشترياتها من النفط الإيراني، إلا أن التجارة لن تتوقف بالكامل.
الأساليب الإيرانية الجديدة: تحدي العقوبات الأمريكية
تابعت الوكالة: لمواجهة العقوبات الأمريكية المتزايدة، طوّرت إيران أساليب مبتكرة لمواصلة تصدير نفطها. ووفقًا لتقرير نشره Oil Price في 7 مارس/آذار 2025، صرّح أحد المحللين بأن إيران تعتمد على ناقلات أصغر وعمليات نقل بحرية متعددة المراحل لتضليل أنظمة المراقبة الأمريكية.
وأضافت أنه رغم تكلفة هذه الأساليب الكبيرة والمخاطر العالية، إلا أنها ساعدت إيران على الإفلات من الرقابة الأمريكية إلى حد ما. إضافة إلى ذلك، عززت إيران تعاونها مع دول مثل تركمانستان لإنشاء مسارات برية-بحرية جديدة لتصدير النفط. ونقلت صحيفة “آتا وطن” التركمانية عن مصدر مطلع قوله: “إيران تعمل مع تركمانستان لفتح طرق نقل بديلة تجمع بين البر والبحر لتسهيل الصادرات.”
توقعات برد فعل ترامب: تصعيد الضغوط إلى أقصى حد
ذكرت الوكالة أنه يرجّح الخبراء أن ترامب لن يتهاون مع الأساليب الجديدة التي تتبعها إيران في تصدير النفط. ووفقًا لما نقلته Oil Price عن مصدر مطلع أن ترامب يتبنى نهجًا صارمًا بلا أي تسامح.
وأضافت أنه من المتوقع أن تكثف الولايات المتحدة عمليات التفتيش البحري، إلى جانب زيادة الضغط على حلفائها لدفعهم إلى تشديد القيود على التجارة مع إيران.
وأشارت إلى أنه يرى المراقبون أن المعركة النفطية بين إيران وأمريكا في الخليج العربي تحولت إلى واحدة من أعقد وأشد الصراعات الاقتصادية في العالم، حيث تواصل إيران تصدير النفط عبر أسطول الظل والتقنيات المبتكرة، بينما تسعى واشنطن لإغلاق هذا المسار عبر العقوبات والضغوط على المشترين.
واختتمت بالقول أن الخطوة التالية لترامب قد تكون تصعيد العمليات البحرية وفرض عقوبات أكثر تشددا، في محاولة لحسم هذه المواجهة لصالحه.