ترجمة: يارا حلمي
أجرت وكالة أنباء “خبر أونلاین“ الإيرانية الإصلاحية، المرتبطة بمكتب علي لاريجاني مستشار المرشد الأعلى علي خامنئي، يوم الخميس 13 مارس/آذار 2025، حوارا مع محمد سلامتي، الناشط السياسي الإصلاحي وعضو منظمة مجاهدي الثورة الإسلامية، تناول فيه خطأ الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في إشراك التيار “المتشدد” في التوافق الوطني.
نص الحوار:
هناك نقاش يدور الآن في إيران، بسبب خروج شخصيتين رئيسيتين من الحكومة، وهما محمد جواد ظريف (نائب الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية) وعبد الناصر همتي (وزير الاقتصاد)، مفاده أن التوافق الوطني قد انتهى. ما هو تحليلكم؟
من المنظور الأول، وبالنظر إلى الظروف الحساسة التي تمر بها البلاد وسعي الأعداء للقضاء على النظام، فإنه من المتوقع أن تتوحد جميع الفصائل والتيارات معا لاكتساب القدرة اللازمة لمواجهة الأعداء.
محاولات پزشكيان لتوحيد مختلف الفصائل عبر سياسة التوافق كانت تهدف إلى حل قضايا البلاد، ولكن للأسف، قام بعض الأشخاص، خاصةً “المتشددين” في التيارات السياسية، بعكس ذلك. من المنطقي، وبالنظر إلى الظروف الحالية، كان يجب التغاضي عن بعض أخطاء الحكومة لمصلحة الوطن، ودعم الحكومة لكي تتمكن السلطة التنفيذية من إنجاز المهام المهمة.
من جانب آخر، لم تُلبَّ توقعات الشعب والنخب بعد، كما أن الأخطاء الموجودة في الحكومة منحت ذريعة للبعض لمواجهتها.
للأسف، ارتكب همتي، بصفته وزير الاقتصاد، أخطاءً؛ فبدلا من تهدئة الأجواء المتوترة، زاد من حدة التوتر، وعلى رجال الدولة أن يكونوا حذرين في تصريحاتهم؛ لأنها تؤثر على المجتمع. هذه القضايا نفسها كانت بمثابة ذريعة لمن كانوا يسعون لإضعاف الحكومة.
أما بالنسبة لمحمد جواد ظريف (وزير الخارجية الإيراني السابق)، فهو شخص قوي ويخدم مصلحة النظام، ولكن للأسف، تم تمرير قانون في البرلمان يعارض التنمية والتقدم. طالما هذا القانون قائم، فإن الحكومة لا يمكنها العمل بما يتعارض معه، ورغم ذلك، كان من المفترض أن تسعى الحكومة لإصلاح هذا القانون، ولكن للأسف، لم يتم ذلك. يبدو أن البعض يهتم فقط بوجهة نظره الخاصة دون أن يولي اهتماما للقضايا الأخرى.
الحديث هنا عن قانون الجنسية الذي تم تمريره في حكومة الرئيس الإيراني السابق، والذي ينص على عدم قانونية تولي أي شخص يحمل جنسية أجنبية أو أحد أبنائه أي منصب حساس في الدولة.
إذا أردنا النظر إلى الأمر من زاوية التفاؤل، كيف يمكن تقييم ذلك؟
من زاوية التفاؤل، هؤلاء الأشخاص مؤمنون ويصرون على تنفيذ رؤاهم، لكن لا يجب أن نتوقع أن يعترف بهم الآخرون. الحكومة يجب أن تدرك أن هؤلاء الأفراد ليسوا مستعدين لمنح أي امتياز لخصومهم، بل يفضلون مصالحهم الفئوية والشخصية على المصلحة الوطنية. إنهم يعتقدون أن وجهة نظرهم وحدها هي الصحيحة.
لقد ارتكب پزشكيان خطأً عندما أشرك “المتشددين” في التوافق الوطني، لأنهم لا يسعون وراء المصالح الوطنية. كان هذا تصرفا خاطئا، وبما أن بزشكيان ليس عضوا في حزب يدعمه، فقد عمل خصومه ضدّه بعناد.
لكن يمكن القول إن خطوة بزشكيان في ضم “المتشددين” كانت صحيحة في ظاهرها، لكنها أدت إلى آثار جانبية، أهمها:
- أنه بالغ في التوافق وأشرك عددا كبيرا من كوادر التيار المعارض له، خاصةً “المتشددين”، الذين لا يسعون لحل القضايا التي يسعى إليها.
- أنه غفل عن توجيه والسيطرة على هؤلاء الأفراد. عندما تعتمد على كوادر من التيار المعارض، يتطلب ذلك توجيههم والسيطرة عليهم لتحقيق التقدم. هذا الخلل لا يزال موجودا لدى بزشكيان، ويجب معالجته. رغم أن استقطاب الكوادر على مستوى عالٍ قد يحقق نوعا من التنسيق، فإن هذا التنسيق لن يكون مستداما ما لم تتم متابعته بعناية.
عندما انتشرت أخبار بدء استجواب همتي، انخفضت أسعار العملات والذهب، وبعد إقالته أيضا تراجع السوق. برأيكم، أليس من الغريب أن يتفاعل السوق بهذه الحساسية مع شخص واحد؟
هذه حقيقة، فهناك دائما من يسعى للتلاعب بسعر الصرف، لكن ذلك لا يعفي وزير الاقتصاد من مسؤولياته. عليه أن يكون حذرا في تصريحاته.
يجب على البنك المركزي أن يسيطر على سعر الدولار ويوجهه، وإذا كانت هناك خلافات في وجهات النظر، فلا ينبغي أن يتدخل الأطراف في عمل بعضهم البعض، بل يجب عليهم عقد اجتماعات مشتركة مع النائب الأول أو رئيس الجمهورية للتوصل إلى توافق حول السياسات الاقتصادية.يبدو أن أنصار الحكومة أصيبوا بخيبة أمل، هل يمكن القول إن التوافق الذي شدد عليه بزشكيان قد فشل؟
التوافق الوطني لم يفشل، ولكن جزءا من المشكلة يعود إلى بزشكيان نفسه. رغم أنه شخص صادق ومؤمن، فإن هذه الصفات وحدها لا تكفي لإدارة الدولة. الحكم يتطلب أساليب حديثة في الإدارة وتعاملا دقيقا. للأسف، يكرر پزشكيان العبارات نفسها مرارا، مما أدى إلى نفور النخب وقاعدة مؤيديه، وأدى إلى انتشار الإحباط.
يجب على بزشكيان أن يخرج من هذا الوضع، وللقيام بذلك عليه تشكيل فريق استشاري قوي إلى جانبه، يتولى جمع وتحليل القضايا المتعلقة بالسياسة الداخلية، السياسة الخارجية، والاقتصاد، ثم ينقل هذه الخلاصات إلى رئيس الجمهورية. بدوره، يجب على رئيس الجمهورية أن يأخذ هذه التوصيات بعين الاعتبار وينقلها إلى الوزراء المعنيين لمتابعتها وتنفيذها.
هذا الإجراء ضروري لعمل رئاسة الجمهورية، وإذا كان الهدف هو تجنب الفشل، فعلى پزشكيان أن يقوم به. إذا، التوافق نهج صحيح، ولكن لضمان استمراره، يجب عدم إشراك “المتشددين” فيه.