ترجمة: يارا حلمي
نشرت صحيفة “وطن امروز” الإيرانية الأصولية، الثلاثاء 15 أبريل/نيسان 2025، تقريرا تناولت فيه تسجيل إيران رقما قياسيا جديدا في صادراتها النفطية إلى الصين في مارس/آذار 2025، حيث أصبح النفط الإيراني يشكل نحو 13% من إجمالي واردات الصين من الخام، وذلك رغم العقوبات الأمريكية.
ذكرت الصحيفة أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وفريقه، بعد عودتهم إلى السلطة، فرضوا مجددا عقوبات صارمة على صادرات النفط الإيراني، بل وطالبوا بتصفير مبيعات النفط الإيرانية بالكامل، غير أن الإحصائيات الجديدة الخاصة بمبيعات النفط، أظهرت أن إيران سجّلت خلال الشهر الماضي رقما قياسيا جديدا في صادراتها النفطية إلى الصين.
وتابعت أن هذا التطور لم يكن مجرد صدمة للإدارة الأمريكية فحسب، بل خلق فرصا جديدة لإيران وحلفائها، كما أظهر التقرير الشهري الأحدث لمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، أن إنتاج إيران من النفط في شهر مارس/آذار 2025 بلغ 3 ملايين و335 ألف برميل يوميا، وهو ما يعكس زيادة بمقدار 12 ألف برميل مقارنة بالشهر الذي سبقه.
ولفتت إلى أن بيانات هيئة الجمارك الصينية أظهرت أن إجمالي واردات النفط إلى الصين في مارس/آذار 2025، بلغ 51.41 مليون طن، أي ما يعادل 12.1 مليون برميل يوميا، وهو أعلى معدل منذ شهر أغسطس/آب 2023.
وقارنت بين هذه الأرقام وسابقتها، مشيرة إلى أن واردات الصين من النفط في الفترة نفسها من العام الماضي 2024 كانت تبلغ 11.55 مليون برميل يوميا، بينما تراجعت خلال أول شهرين من عام 2025 إلى نحو 10.38 مليون برميل يوميا.
النفط الإيراني.. المحرك الرئيسي لنمو واردات الصين
ذكرت الصحيفة أن من أبرز الأسباب وراء ارتفاع واردات الصين من النفط، هو الزيادة الملحوظة في شراء النفط الإيراني، وتشير التقارير إلى أن النفط الإيراني يشكّل نحو 13% من إجمالي واردات الصين من الخام، كما أن المصافي والتجار المستقلين في الصين عمدوا إلى زيادة مشترياتهم من النفط الإيراني خلال شهر مارس/آذار 2025؛ تحسبا لتشديد الضغوط الأمريكية مستقبلا على صادرات النفط الإيرانية.
وتابعت أنه في هذا السياق، صرّحت إيما لي، محللة شركة البيانات الملاحية “فورتيكسا” الأمريكية، بأن واردات الصين البحرية من النفط بلغت حاليا 10.6 مليون برميل يوميا، وهو أعلى مستوى منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، مرجّحةً أن يكون هذا الارتفاع ناجما بالأساس عن دخول شحنات النفط الإيراني إلى موانئ إقليم شاندونغ الصيني.
وأضافت أنه رغم العقوبات الأمريكية الصارمة التي فُرضت على النفط الروسي منذ شهر يناير/كانون الثاني 2025، فإن صادرات روسيا من الخام إلى الصين قد سجلت ارتفاعا، كما أن ناقلات غير خاضعة للعقوبات انضمت إلى أسطول الشحن الروسي بهدف الاستفادة من الزيادة في أسعار الشحن البحري.
وأوضحت أن المصافي الحكومية في الصين التي قلّصت منذ مارس/آذار 2025، من حجم مشترياتها من النفط الروسي المنقول بحرا، اتجهت بدلا من ذلك إلى استيراد النفط من مناطق أخرى مثل الشرق الأوسط، وغرب إفريقيا، وأمريكا الجنوبية.
وأشارت إلى أنها في خلاصة بيانات الربع الأول من عام 2025، يمكن القول إن واردات الصين النفطية بلغت 135.25 مليون طن، مشيرة إلى أن الطفرة في الواردات خلال مارس/آذار 2025، تعكس استمرار سعي الصين لتأمين احتياجاتها من الطاقة من مصادر متنوعة، فيما يلعب النفط الإيراني والروسي دورا محوريا في هذه الاستراتيجية.
رقم قياسي جديد لإيران في صادرات النفط إلى الصين
ذكرت الصحيفة أن تقريرا صادرا عن مؤسسة «كيبلر»- وهي من أبرز مراكز أبحاث الطاقة في العالم- قال إن إيران صدّرت خلال شهر مارس/آذار 2025 نحو 1.91 مليون برميل نفط يوميا إلى الصين، وأكد التقرير أن هذا الرقم هو الأعلى خلال السنوات الأخيرة، بل يتجاوز الأرقام القياسية التي سُجّلت حتى قبل عهد ترامب.
وتابعت أن هذا الرقم يحمل رسالتين أساسيتين لترامب الذي كان قد توعّد بتصفير صادرات النفط الإيراني: الرسالة الأولى: أن سياسات ترامب وحربه التجارية ضد العالم، بدلا من أن تضعف إيران، أسفرت عن توطيد علاقاتها التجارية مع الصين.
وأضافت أن تكاليف التعاملات النفطية بين البلدين انخفضت، فيما بات من الصعب على الزبائن الصينيين التخلي عن النفط الإيراني، نظرا إلى سعره المناسب وجودته العالية، وهذا يثبت أن ترامب، بدلا من إضعاف خصومه، قرّبهم من بعضهم البعض.
وأوضحت أن الرسالة الثانية: أن النفط الإيراني يُعد خيارا جاذبا للغاية للمصافي الصينية الصغيرة والمستقلة بسبب سعره المناسب وجودته المرتفعة، ما يمنحها هامش ربح أعلى، وأغلب هذه التعاملات تتم بدعم من الحكومة الصينية.
بيانات نمو إنتاج النفط الإيراني
ذكرت الصحيفة إلى أن متوسط إنتاج النفط الإيراني خلال الربع الأول من عام 2025 بلغ 3 ملايين و311 ألف برميل يوميا، مسجّلا زيادةً قدرها 21 ألف برميل مقارنة بالربع السابق، رغم استمرار العقوبات الأمريكية على قطاع النفط الإيراني.
وتابعت أن إيران تحتل المرتبة الثالثة بين أكبر منتجي النفط في منظمة أوبك، حيث تتصدر السعودية القائمة بإنتاج يومي يبلغ 8 ملايين و955 ألف برميل، يليها العراق بـ3 ملايين و994 ألف برميل.
وأضافت أن إنتاج إيران ارتفع في مارس/آذار 2025، في حين انخفض الإنتاج الكلي لـ”أوبك” بمقدار 78 ألف برميل يوميا ليصل إلى 26 مليونا و776 ألف برميل، ما يعكس توجه بعض الدول الأعضاء لتقليص الإنتاج بهدف ضبط السوق.
وأوضحت أنه بحسب تقرير ” أوبك”، فإن متوسط سعر النفط الإيراني الثقيل خلال الربع الأول من عام 2025 بلغ 77 دولارا و31 سنتا للبرميل، مسجّلا انخفاضا بنسبة 5% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024.
ولفتت إلى أن النفط الإيراني الثقيل يحتل المرتبة الرابعة بين أغلى خامات أوبك، في حين تصدّر الخام السعودي الخفيف القائمة بسعر 78 دولارا و52 سنتا للبرميل، بينما تجاوزته أيضا خامات الكويت وغينيا التي سجلت 78 دولارا و سنتا واحدا.
حرب ترامب الجمركية وتأثيرها في سوق النفط
ذكرت الصحيفة أنه في مقابلة محمد علي خطيبي، ممثل إيران الأسبق في منظمة أوبك، قدم تحليلا لتحديات سوق النفط الراهنة وتأثيرها على صادرات إيران، متناولا في حديثه العقوبات المفروضة والحرب التجارية العالمية.
وتابعت أن خطيبي قال: “إن عملاء النفط الإيراني يتميزون بخصوصية عالية، وإن أساليب البيع الإيرانية باتت تجعل تأثير العقوبات في هذا القطاع محدودا، وبعبارة أخري اعتمدت إيران طرقا غير تقليدية لاستمرار صادراتها النفطية وتقليل الأضرار الناتجة عن العقوبات”.
وأضافت أن خطيبي أشار إلى الحرب الجمركية التي أطلقها دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة، موضحا أنها تسببت في اضطرابات بالأسواق العالمية، بما فيها سوق النفط، وقد تؤدي إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي العالمي، وهو ما سينعكس على الطلب النفطي وبالتالي على الأسعار.
وأوضحت أن خطيبي نوه إلى أن رفع العقوبات عن روسيا قد يؤدي إلى زيادة ملحوظة في صادراتها النفطية، مما سيؤدي إلى ضخ كميات إضافية في السوق العالمية ويضغط أكثر على الأسعار.
خطط «أوبك بلس» ومستقبل النفط
ذكرت الصحيفة أنه في ما يخص مستقبل سوق النفط، أوضح خطيبي أن تحالف «أوبك بلس» كان قد أقر سابقا خططا لتقليص الإنتاج، نفّذ جزءا منها بشكل إلزامي وآخر طوعي، لكن من المرجّح في المرحلة المقبلة أن تظهر بعض الدول الأعضاء ترددا في مواصلة سياسة خفض الإنتاج، ما قد يؤدي إلى ارتفاع جديد في الكميات المنتجة داخل المجموعة، وبالتالي انخفاض إضافي في الأسعار.
وتابعت أن فشل سياسات ترامب في وقف صادرات النفط الإيراني يعكس توجّه العالم نحو التعددية القطبية وتعزيز التحالفات الشرقية، ويعد الاتفاق الاستراتيجي بين إيران والصين وتعزيز الروابط في مجال الطاقة بين البلدين مثالا تجسيدا لهذا التغير، وبدلا من إضعاف إيران، تسبّب في تعميق عزلة الولايات المتحدة على الساحة الدولية، ودفع العالم نحو الاصطفاف في مواجهة سياسات الهيمنة الغربية.
واختتمت الصحيفة تقريرها بالإشارة إلى أن العقوبات، والحروب الجمركية، وزيادة الإنتاج من الدول الكبرى، جميعها عوامل تؤثر على أسعار النفط، وتجعل السوق تعيش حالة من الغموض، ربطا بقرارات الدول المنتجة والأوضاع الاقتصادية العالمية.