ترجمة: يارا حلمي
نشرت صحيفة “هم ميهن” الإيرانية الإصلاحية، الأحد 20 أبريل/نيسان 2825، تقريرا تناولت فيه إعادة تعريف العلاقة بين “التيارات المتشددة” والحكومة في إيران، حيث يظهر انقسام بين “المتشددين” أنفسهم حول قضايا مثل التفاوض مع الولايات المتحدة وقانون الحجاب.
ذكرت الصحيفة أن “التيار المتشدد” لا يزال موجودا في مختلف الطبقات السياسية والاجتماعية، ولم يُظهر بعدُ استعدادا للتراجع عن مواقفه المتصلبة بشأن القضايا التي حبست البلاد لسنوات في دوامة المشاكل.
وأضافت أن ما يُعرف بـ”الهيكل الصلب للسلطة” بات يفضل هذه الأيام، في ظل المشاكل التي تواجهها البلاد على الصعيدين الداخلي والخارجي، كما أن التحرك نحو اتخاذ قرارات أكثر واقعية بدلا من المواقف “المتشددة” والراديكالية.
وتابعت أن هذه التحولات لم تقبلها بعض الجماعات “المتشددة” التي كانت حتى وقت قريب تتماشى مع تلك المواقف، وتصريحات بعض هؤلاء الأفراد وتجمعاتهم المختلفة تزامنا مع أخبار بدء المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة تظهر هذه الثنائية في المواقف.
وأوضحت أنه على سبيل المثال، خلال الجولة الثانية من المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة، قامت (منظمة الباسيج الطلابية) في جامعة طهران بنشر صور لبعض كبار المسؤولين في النظام الإيراني، مثل: مسعود بزشكيان (الرئيس الإيراني)، وعلي لاريجاني (عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام)، وعباس عراقجي ( طوزير الخارجية الإيراني)، ومحمد باقري (رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية).
وذكرت كذلك كمال خرازي (رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية الإيراني)، وعلي أكبر أحمديان (أمين المجلس الأعلى للأمن القومي)، مع كتابة نص يُفهم منه أن الموافقة على التفاوض مع الولايات المتحدة غير حكيمة وغير ذكية وغير شريفة.
وأشارت إلى أن بزشكيان أكد في تصريحات له، أن فريق التفاوض يجلس على طاولة المفاوضات تحت إشراف كامل من القيادة، واصفا الخطوة الأولى بأنها جيدة، إلا أن “المتشددين” لا يزالون مُصرين على مواقفهم المعادية، وقبل بضعة أيام من بدء الجولة الثانية من المفاوضات في روما، قاموا بالدعوة إلى تجمع احتجاجي ضد المفاوضات.
استبعاد ظريف
وفي سياق متصل، أفادت الصحيفة بأنه رغم ادعائهم أنهم “مطيعون للمرشد الأعلى”، فقد رفضوا التراجع عن مواقفهم، حتى بعد أن أشار المرشد الأعلى في تصريح له، إلى ضرورة التدبير بشأن قانون “المهن الحساسة”، حيث تم الإصرار على مواقفهم، ما أدى في النهاية إلى استبعاد محمد جواد ظريف من منصبه كمساعد رئيس الجمهورية لشؤون الاستراتيجية.
وتابعت أن “المتشددين” لم يتراجعوا أيضا عن تأجيل تنفيذ قانون “الحجاب”، فقد كانوا لا يزالون مصممين على موقفهم، وهو ما انعكس في تجمعاتهم المستمرة أمام البرلمان، وفي وقت سابق، كان أعضاء البرلمان قد استخدموا قانون “الحجاب” كأداة ضغط، وأصروا على تطبيقه على الرغم من معارضة مجلس الأمن القومي الأعلى.
وأشارت إلى أنه مع مرور الوقت، بدأ جزء من “التيار المتشدد” في التراجع عن مواقفه، حيث قال سيد محمود نبويان (عضو البرلمان الإيراني) في مقال له، إن الإصرار على تنفيذ هذا القانون سيؤدي إلى تقسيم حاد وتزايد التصلب الاجتماعي، مشيرا إلى أن الدعوات للاحتجاج جزء من خطة العدو لإثارة الاضطرابات في البلاد.
وأضافت أنه على الرغم من ذلك، هناك مجموعة من “المتشددين” الذين يُعتبرون حلفاء للحكومة الخفية في البرلمان وفي التيارات السياسية، كانوا لا يزالون مصرين على مواقفهم، والأمر الذي أصبح واضحا هو أن عدد الأشخاص الذين كانوا ينتمون إلى “التيار المتشدد” في العقود السابقة، وخاصة في الثمانينيات والتسعينيات الميلادية، كان كبيرا، وكان لديهم رؤية أيديولوجية متشددة للغاية.
وأوضحت أنه مع مرور الوقت، تقلص عدد هؤلاء الأشخاص، وبات من الواضح أن الوضع الصعب الذي تمر به البلاد دفع المسؤولين الكبار إلى الاعتراف بأنهم بحاجة إلى الابتعاد عن مطالب هؤلاء “المتشددين” من أجل الحفاظ على حياتهم السياسية، واتخذوا نهجا أكثر واقعية لضمان استمرار حياتهم السياسية وضمان استقرار البلاد.
وبينت أنه على سبيل المثال، وافقوا على الانخراط في المفاوضات، وتقبلوا تعليق قانون الحجاب، ووقفوا ضد المواقف المتشددة التي قد تسبب ضررا أكبر من الصوت العالي للمتشددين.
التوافق مع رغبات الشعب
ذكرت الصحيفة أن الحكومة اعترفت بأن التوافق مع رغبات الرأي العام والشعب سيضمن بقائها، ولكن لا يزال هناك تيار من “المتشددين” الذين إذا لزم الأمر، قد يتجاوزون حتى ما يُعرف بـ”الهيكل الصلب للسلطة”، وهؤلاء “المتشددين”، في الوقت الحالي، قد عبروا عن موقفهم تجاه العديد من القضايا التي لا تعجبهم.
وأضافت أن “المتشددين” لا يزالون مستمرين في نشاطاتهم، مثلما فعل وحيد يامين بور (الإعلامي والسياسي الإيراني) عندما كان غير راضٍ عن طريقة تعامل النظام مع مشروع قانون الحجاب، حيث هدد بأنه في حال استمر هذا النهج، فإن “الحلقة الصلبة من المخلصين ستنزل عن قطار الثورة”.
وأوضحت أن منان رئیسي (عضو البرلمان الإيراني) قال في انتقاد له لقرار مجلس الأمن القومي الإيراني بعدم تنفيذ مشروع قانون الحجاب، أن “الهيكل الصلب للنظام في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة يبقى متمسكا بتطبيق أوامر الله، وإذا كان من المقرر أن يصبح البلد خاليا من الإسلام، فما فائدة الدماء التي سُفكت؟”.
وبينت أنه أضاف كذلك: “إذا أصبح الهيكل الصلب للنظام محبطا وابتعد عن جسم الثورة، فإن ذلك يعني نهاية الثورة، وأرجو أن يفهم مجلس الأمن القومي هذا الموضوع جيدا، لأنه إذا استمر في هذا النهج، سيتحول الهيكل الصلب للنظام إلى حالة من الإحباط”.
عزلة المتشددين
ذكرت الصحيفة أن هؤلاء “المتشددين” يعتبرون أنفسهم جزءا من “الهيكل الصلب للنظام”، لكن عدم التوافق مع الحكومة يظهر أنهم باتوا في عزلة داخل “التيار المتشدد”، وحتى التيارات المحافظة الأخرى قد انتقدت هذا الأسلوب المطلبي، حيث كتب صحيفة “فرهيختكان” في أحد مقالاتها منتقدةً هذه التهديدات: “هذه المواقف من جهة تعتبر تهديدا للحكومة ومن جهة أخرى تثير الهيكل الصلب للنظام”.
وتابعت عن بيجن مقدم (ناشط سياسي محافظ) قوله حول هذه الاتجاهات “المتشددة”: “التيار الذي ينفي الجميع ويعتبر نفسه التيار الوحيد الناجح في البلاد يسير في طريق يؤدي إلى أن يصبح لا أحد في النهاية، وهذا التيار الذي يهاجم الجميع، أحيانا يتجاهل مواقف المرشد الأعلى، ويتصرف أحيانا أمامه إما بشكل متطرف أو غير متطرف، وهذه الطريقة ليست صحيحة بأي حال من الأحوال”.
وأشارت إلى أنه إذا كان الصمت في السابق يعني الموافقة على هؤلاء “المتشددين”، فإن الوضع الآن مختلف؛ فقد بدأ “المتشددون” في رفع أصواتهم، لكنهم لا يسمعون أي رد حتى من مؤيدي الحكومة التقليديين.
في هذا السياق، أضافت أن علي شكوري راد (ناشط سياسي إصلاحي) قال مؤخرا: “أولا، (المتشددون) قد تراجعوا بشكل كبير، وحتى جبهة بايداري وغيرها من “المتشددين” الذين لديهم أفكار مروجة للآراء المتطرفة ولا يفضلون طريق المفاوضات قد فقدوا مصداقيتهم”.
وأوضحت أن شكوري راد تابع حديثه قائلا: “ثانيا، إذا وصلنا اليوم إلى وضع أصبح فيه بزشكيان هو رئيس الحكومة، فهذا يعود تماما إلى أداء (المتشددين) والابتعاد الذي أحدثه النظام عنهم، ولم يكن الأمر كما لو أن بزشكیان تم تأكيده بسهولة في الانتخابات الرئاسية، فلقد نشأت حالة من عدم الثقة تجاه “الهيكل الصلب” المزعوم “للمتشددين”، وأصبح المرشد الأعلى غير واثق بهم”.
بينت أن شكوري راد أضاف كذلك: “أعتقد أن هذا التوجه في تزايد، ولن يمر وقت طويل قبل أن يتم طردهم من الساحة السياسية في البلاد بواسطة الحكومة، وعلى الرغم من أن هؤلاء (المتشددين) يصرون على رفع أصواتهم، فإن هذه الأصوات لن تؤدي إلى أي نتيجة”.
وذكرت الصحيفة أن شكوري راد ختم حديثه قائلا: “وفقا لهؤلاء، وفي ظل الظروف الحالية، قد نشهد إعادة تعريف العلاقة بين (المتشددين) والحكومة، حيث من الممكن أن يتم استبعادهم من الساحة السياسية أو أن يتراجعوا تدريجيا ويبتعدون عن دورهم الفاعل في الساحة السياسية مع تجاهل معارضتهم”.