كتبت: يسرا شمندي
كثيرا ما أكدت إيران دعمها الكامل للنظام السوري في مواجهة فصائل المعارضة، وتجلى ذلك في تحركات مؤسساتها الدبلوماسية وتصريحات مسؤوليها.
وتزعم تقارير صحفية أن الدعم الإيراني لنظام الأسد في أزمته الحالية تجاوز الدبلوماسية ووصل إلى إمداد قوات النظام السوري بالمقاتلين المسلحين.
دعم عسكري
زعمت وكالة أنباء رويترز، نقلا عن مصادر في الجيش السوري – لم تسمها – أن فصائل شيعية مدعومة من إيران، بما في ذلك مقاتلو الحشد الشعبي، عبروا من العراق إلى سوريا لتعزيز الجيش السوري في معركة ضد الفصائل المسلحة التي هاجمت ريفي حلب وإدلب.
وبحسب تقرير الوكالة المنشور 2 ديسمبر/كانون الأول 2024، فقد صرح مصدر عسكري بأن هذه التعزيزات تشمل كتائب حزب الله ولواء فاطميون، وأن الهدف من دخولها الأراضي السورية هو دعم الخطوط الأمامية في الشمال.
ويضيف التقرير أن المرصد السوري لحقوق الإنسان أكد وصول تعزيزات من قوات الحشد الشعبي المدعومة من إيران، لدعم الجيش السوري في معارك حلب.
ليست رويترز وحدها من نشرت أنباء حول تقديم إيران دعما مسلحا لنظام الأسد عبر الفصائل المسلحة التابعة لها، ولكن سبقتها وسائل إعلام إيرانية؛ حيث ذكر موقع راديو فردا الإيراني المعارض في تقرير نشره بتاريخ 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، نقلا عن مصادر تابعة لتلك الفصائل، أن آلافا من قوات فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني دخلوا بغداد عبر الحدود الشمالية لسوريا.
وبحسب مصادر الموقع، فقد انضمت هذه القوات إلى كتائب حزب الله والنجباء على طريق البصرة – بغداد، ثم تحركت نحو الحدود السورية، ودخلت القوات إلى سوريا بتاريخ 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 عبر الحدود العراقية السورية.
كما زعمت وسائل إعلام إسرائيلية أن إيران بدأت في إرسال قوات إلى سوريا لدعم بشار الأسد في مواجهة فصائل المعارضة السورية، التي شنت هجوماً على ريفي حلب وإدلب، وأشارت بحسب ما ذكرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية بتاريخ 2 ديسمبر/كانون الأول 2024.
الدعم الدبلوماسي
وحتى تاريخ نشر هذا التقرير لم ترد إيران رسمياً بما يفيد نفي أو تأكيد هذه المزاعم، لكنها أكدت عبر رئيسها وتحركات دبلوماسيتها وتصريحات قادتها ورموزها السياسية أنها تدعم نظام الأسد وتحاول إنقاذه من الهزيمة أمام فصائل المعارضة السورية.
حيث أكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، في اتصال هاتفي مع رئيس النظام السوري، استعداد إيران لتقديم الدعم الكامل له في هذه المرحلة الحرجة .
ومن جانبه، في 2 ديسمبر/كانون الأول 2024، أشاد بشار الأسد بمواقف إيران الداعمة لسوريا طوال سنوات، زاعماً أن العمليات المسلحة لفصائل المعارضة في شمال سوريا هي جزء من مخطط أمريكي إسرائيلي يهدف إلى تقسيم البلاد.
وأضاف الأسد أن الهدف من هذه الأعمال هو إقامة دولة في شمال سوريا تحت وصاية الولايات المتحدة وإسرائيل، ومحور المقاومة بقيادة إيران هو القوة الوحيدة القادرة على مواجهته.
وقبل ساعات من اتصال بزشكيان بالأسد، صرح عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني إسماعيل كوثري، بأن إيران قد ترد بسرعة على التطورات في سوريا إذا تطلبت الظروف.
وقال كوثري إن فصائل المعارضة السورية في الشمال السوري بعد وقف إطلاق النار في لبنان كان مخططا من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل بهدف إضعاف دعم إيران لحزب الله.
وأضاف أن جبهة المقاومة يجب أن تحبط هذا المخطط عبر منع هذه الجماعات من السيطرة على مناطق استراتيجية مثل حلب، لضمان استمرار ارتباط سوريا بحزب الله، وأوضح أن عدد القوات الإيرانية في سوريا حاليا ليس كبيرا، لكن جبهة المقاومة ستظل نشطة في التصدي للأهداف الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة، مع إمكانية إرسال قوات إضافية إذا دعت الحاجة، حسب موقع خبر آنلاين.
وفي اليوم نفسه، أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في تصريحات صحفية، دعم إيران الثابت للنظام السوري، وذلك عقب اجتماعه مع بشار الأسد في دمشق.
ووصف عراقجي اللقاء بـ”الجيد والمهم”، مشيرا إلى أن المقابلة تناولت الوضع الراهن في سوريا والمنطقة، وأثنى عراقجي على ما وصفه بشجاعة بشار الأسد ومقاومته للفصائل السورية المعارضة، واصفاً إياها بالجماعات الإرهابية.
كما نقل عراقجي رسالة دعم إيران المستمر لحكومة سوريا وجيشها، مشيرا إلى التفاهمات الجيدة التي تم التوصل إليها خلال المشاورات، حسب وكالة أنباء إيسنا 1 ديسمبر/كانون الأول 2024.
إسماعيل بقائي يدين الإرهاب في سوريا ويؤكد التنسيق الإقليمي
في سياق مواز، أدان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، العمليات المسلحة الأخيرة في سوريا، مؤكدا أنها جزء من مخطط أمريكي إسرائيلي لزعزعة استقرار منطقة غرب آسيا، وأوضح أن الهجوم على مناطق حلب وإدلب، التي تعد جزءًا من مناطق خفض التصعيد بموجب “اتفاقات أستانا” بين إيران وتركيا وروسيا، يمثل انتهاكا خطيرا لهذه الاتفاقات ويهدد الإنجازات في مكافحة الإرهاب، وحذر بقائي من أن أي تأخير في مواجهة هذه الجماعات المسلحة قد يعيد المنطقة إلى حالة من عدم الاستقرار، كما أعرب عن تعازيه لاستشهاد الجنرال سرافراز كيومارس بورهاشمي في معركة ضد الإرهابيين في ريف حلب، مؤكدا استمرار دعم إيران القوي لسوريا في مواجهة الإرهاب، حسب صحيفة دنياي اقتصاد 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
وعلى المستوى العسكري صرح نائب منسق فيلق القدس التابع للحرس الثوري، إيراج مسجدي، في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 بأن إيران ستسهم في هزيمة من وصفهم بالمتمردين، بحسب ما نقله عنه موقع راديو فردا الإيراني.
تجدر الإشارة إلى أنه في عام 2020 تمكنت فصائل المعارضة السورية من السيطرة القنصلية الإيرانية ومرافق تابعة تابعة للحرس الثوري في حلب، وأسفرت الاشتباكات عن مقتل العميد الإيراني كيومرث بورهاشمي ومئات آخرين.
وتعهدت إيران بمواصلة دعم الحكومة السورية ضد فصائل المعارضة السورية في وقت تبقى فيه الرؤية المستقبلية للصراع غير واضحة، وسط تهديدات إيرانية بالقضاء على فصائل المعارضة.