ترجمة: أسماء رشوان
تناول موقع “ديده بان إيران” الإيراني الأصولي، في حوار له يوم الجمعة 7 فبراير/شباط 2025، مع أبو الفضل ظهره وند، عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الخاص بإعادة تفعيل سياسة “الضغط الأقصى”، على إيران
إذ قال الموقع في تقديمه للحوار، إنه في يوم الثلاثاء 4 فبراير/شباط 2025، وقبيل اجتماع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في البيت الأبيض، وقع ترامب مرسوما يقضي بإعادة سياسة “الضغط الأقصى”، عبر تشديد العقوبات بهدف تصفير مبيعات النفط الإيراني. ورغم توقيعه القرار، أكد ترامب أنه اتخذ هذه الخطوة على مضض، معربا عن أمله في تجنب اللجوء إلى هذه السياسة. كما شدد على رغبته في التفاوض مع إيران للتوصل إلى اتفاق جديد، مشيرا إلى أن رغبته الأساسية هي منع إيران من امتلاك أسلحة نووية.
وأضاف أنه خلال التوقيع، رد ترامب على سؤال صحفي حول استعداده للقاء الرئيس الإيراني والتفاوض معه، فأجاب بالإيجاب. أما بشأن إمكانية اتصاله بإيران، فقد صرح قائلا: “سأتصل بإيران. فالبعض يعتقد أنه يجب عليهم الاتصال أولا، لكن هذا ليس مهما بالنسبة لي. إنها مجرد محادثة. أريد أن تزدهر جميع الدول، وأن يسود السلام في الشرق الأوسط والدول الأخرى”.
وذكر أنه في اليوم التالي، الأربعاء 5 فبراير/شباط، أكد ترامب مجددا عبر منشور على منصته “تروث سوشيال”، استعداد إدارته لإجراء مفاوضات مباشرة مع إيران. وقال: “أريد لإيران أن تكون دولة عظيمة وناجحة، ولكن من دون أسلحة نووية. التقارير التي تزعم أن التعاون الأمريكي مع إسرائيل يهدف إلى تدمير إيران مبالغ فيها للغاية. أنا أفضل التوصل إلى اتفاق نووي يمكن التحقق منه، يمنح إيران فرصة للنمو والتقدم بشكل سلمي. علينا العمل على هذا الأمر فورا، وعندما يتم الاتفاق، سنقيم احتفالا كبيرا في الشرق الأوسط. حفظ الله الشرق الأوسط!”.
وأفاد بأنه خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نتنياهو، سُئل ترامب عمّا إذا كان الوضع الحالي هو الأنسب لاستهداف المنشآت النووية الإيرانية، نظرا إلى ضعف إيران، فرد قائلا: “أنتم تقولون إن إيران ضعفت، لكن هذا غير صحيح. إيران الآن قوية جدا. ومع ذلك، لن نسمح لها بامتلاك أسلحة نووية. عندما تركت البيت الأبيض، لم يكن لدى إيران أموال لدعم حماس وحزب الله، ولم تكن أحداث مثل 7 أكتوبر/تشرين الأول لتحدث. لكن الآن، إيران أصبحت غنية وقوية بسرعة، بسبب بيعها كميات كبيرة من النفط للصين وأطراف أخرى”.
وذكر أنه برغم إبداء ترامب استعداده للتفاوض، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية يوم الخميس 6 فبراير/شباط، عقوبات جديدة على قطاع النفط الإيراني، قائلة في بيانها: “نحن نعاقب شبكة دولية تسهل تصدير ملايين براميل النفط الإيراني، بقيمة مئات الملايين من الدولارات، إلى الصين. يتم بيع هذا النفط لصالح هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية وشركة سبهر إنرجي التابعة لها، والتي تخضع للعقوبات. وتشمل العقوبات كيانات وأفرادا في الصين والهند والإمارات، إضافة إلى عدة سفن. تكسب إيران مليارات الدولارات من هذه المبيعات، وتستخدمها في أنشطة تزعزع الاستقرار في المنطقة”.
سياسة العصا والجزرة
في السياق ذاته طرح موقع “دیده بان ایران” سؤالا على أبو الفضل ظهره وند، عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان والدبلوماسي السابق بوزارة الخارجية، في ظل هذه التطورات حول إمكانية عقد مفاوضات جديدة بين إيران والولايات المتحدة ونتائجها المحتملة. فأوضح ظهره وند أن تصريحات ترامب الأخيرة تعكس النهج الأمريكي المعتاد في التعامل مع الاتفاق النووي، مضيفا أن ترامب يبدو مدركا لطبيعة الموقف الإيراني، حيث يتبع سياسة “العصا والجزرة”، عبر تصعيد الضغوط من جهة، ودفع إيران إلى طاولة المفاوضات من جهة أخرى.
وأشار البرلماني الإيراني إلى أن الملف النووي سيكون المدخل لأي مفاوضات مقبلة، لكنه لن يكون القضية الوحيدة على الطاولة. وأضاف: “إذا دخلت إيران في مفاوضات مع الولايات المتحدة، فلن تقتصر على الملف النووي، بل ستمتد إلى قضايا أخرى، حيث يسعى ترامب إلى ما يسميه مفاوضات شاملة مع إيران. في الظاهر، يدّعي الأمريكيون أنهم لا يريدون أن تمتلك إيران سلاحا نوويا، لكنهم في الواقع يريدون وقف تخصيب اليورانيوم بالكامل”.
تشويه صورة إيران
وأضاف ظهره وند أن المسؤولين الإيرانيين يسعون إلى بدء مفاوضات مع الولايات المتحدة، مشيرا إلى أنهم يستخدمون الأزمات الاقتصادية والمعيشية كوسيلة ضغط للحصول على موافقة المرشد الأعلى لإجراء المفاوضات. وقال: “الحكومة تريد مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة، بعيدا عن الوساطة الأوروبية، وهو ما يفضله ترامب أيضا”.
وأشار ظهره وند إلى أن الهدف الحقيقي لترامب من التفاوض ليس فقط الضغط على إيران، بل إجبارها على تقديم تنازلات كبيرة. وأضاف أن ترامب لا يريد التفاوض حول الملف النووي فقط، بل يسعى إلى توسيع نطاق المفاوضات ليشمل الدور الإقليمي لإيران. كما يحاول تشويه صورة إيران وإثارة الانقسامات الداخلية، بحيث إذا فشلت المفاوضات، يمكنه الادعاء بأن إيران رفضت تقديم التنازلات، مما يبرر استمرار الضغوط عليها.
قرار عقابي جديد
أكد أنه حتى لو بدأت مفاوضات بين إيران والولايات المتحدة، فإن ترامب سيواصل تصعيد الضغوط الاقتصادية على الشعب الإيراني خلال سير هذه المفاوضات. وقد أوضح: “يتوقع الرئيس الأمريكي أن تؤدي زيادة الضغوط في النهاية إلى استسلام إيران. لكن لو كان جادا في رغبته في التفاوض، لكان قد بدأ برفع بعض العقوبات لإظهار حسن النية تجاه الشعب والحكومة الإيرانية، وإثبات أن تحسين العلاقات مع واشنطن يمكن أن يفتح آفاقا اقتصادية جديدة. ومع ذلك، اختار ترامب القيام بالعكس تماما؛ إذ وقع قرارا عقابيا جديدا ضد إيران في الوقت الذي يدعي فيه استعداده للحوار”.
“إيران لم تنحنِ أمام العقوبات”
وأشار أبو الفضل إلى أن إيران عاشت تحت وطأة العقوبات لنحو 46 عاما، لكنها واصلت مسيرتها وأصبحت اليوم أقوى بكثير مما كانت عليه قبل أربعة أو خمسة عقود. وقال: “لذلك، تصعيد العقوبات ليس أمرا جديدا يستدعي القلق المفرط. فقد أثبتت العقود الماضية أنه كلما عززت إيران نشاطها الإقليمي والدولي، ونشرت خطاب الثورة الايرانية، وعملت بتعاليم القرآن، قوبلت بمزيد من العقوبات. من غير المتوقع أن يكفّ الشيطان عن فرض العقوبات، فمن يواجه (الشيطان الأكبر) عليه أن يكون مستعدا للضغوط ومزيد من القيود”.
وتابع ظهره وند: “علينا تحويل العقوبات إلى فرص، لكن للأسف، بعض المسؤولين الإيرانيين يتسمون بالسلبية، ويفتقرون إلى أي خطط فعالة لتخفيف آثار العقوبات، بل إنهم لا يؤمنون أصلا بقدرتهم على تجاوزها. لذلك، يستمرون في البحث عن مفاوضات لا تقدم أي فائدة للشعب الإيراني. وهم الآن يسيرون في المسار نفسه الذي اتبعوه خلال حكومة الرئيس حسن روحاني أو الحكومات السابقة. وإذا تمت مفاوضات جديدة وتوصلوا إلى اتفاق آخر، فستكون نتيجته بالتأكيد أسوأ من الاتفاق النووي الأول”.
تصفير مبيعات النفط الإيراني
كما شدد على أهمية تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي مع الصين، موضحا: “أمريكا تسعى من خلال سياسة الضغط الأقصى إلى تصفير مبيعات النفط الإيراني، ويبقى السؤال: هل ستتعاون الصين معها في هذا الأمر؟ حتى الآن، قدرة إيران على بيع النفط جاءت بفضل التعاون الصيني. حاليا، إيران وروسيا والصين تُعد تهديدات حقيقية للولايات المتحدة، وهذا أمر تعترف به واشنطن نفسها. ومن خلال دبلوماسية نشطة، يمكننا تقليل تأثير العقوبات الأمريكية، بما في ذلك العقوبات النفطية. لكن إذا تجاهلنا إمكانيات الصين، فإننا سنخسر بالتأكيد. لذا، بدلا من انتظار أن تضعف إيران تحت الضغوط الأمريكية وتُمنع من تصدير النفط، علينا وضع سياسات دفاعية واقتصادية مشتركة مع الصين لمواجهة هذه العقوبات”.
وأضاف عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، أن ترامب يدرك أنه يواجه الآن إيران قوية في المجالات العسكرية والدفاعية، وقد اعترف بذلك بنفسه. لكنه يستغل ضعف بعض المسؤولين داخل إيران، هؤلاء الذين يظهرون السلبية واللين تجاه العدو. رغم الأضرار التي ألحقوها بالبلاد، لا يزالون متمسكين بابتسامة الدبلوماسية. ترامب يعلم أيضا أن هؤلاء المسؤولين يربطون كافة التحديات الاقتصادية والاختلالات الداخلية، الناجمة أساسا عن سوء الإدارة، بالضغوط الأمريكية، كمحاولة لتبرير التفاوض مع واشنطن. ولكن لو أدرك هؤلاء أهمية القدرات الدفاعية والطبيعية والجيوسياسية لإيران، لفضلوا استثمار هذه الإمكانات الداخلية بدلا من الاعتماد على القوى الخارجية.
وختم ظهره وند حديثه بأن إيران “تمتلك إمكانيات داخلية هائلة، وأمريكا نفسها تعترف بذلك. لذا، من الأفضل لمسؤولينا أن يركزوا على هذه الإمكانيات بدلا من البحث عن حلول خارجية. ترامب يعلم جيدا أنه إذا حاول التعدي على الأراضي الإيرانية، فإنه سيواجه ردا قاسيا جدا، مما سيشكل مشكلة كبيرة للولايات المتحدة. كما يدرك أن إيران قادرة على تعزيز علاقاتها مع روسيا والصين بشكل أكثر جدية، ولكن للأسف، حكومتنا الحالية لا تبدو مستعدة أو راغبة في اتخاذ هذه الخطوة”.