كتب-حسن قاسم
كان من المفترض تسليم قائمة أعضاء الحكومة الرابعة عشرة المقترحة إلى البرلمان الإيراني لكي يتم اعتمادها، وتخرج الحكومة للنور خلال مدة أقصاها 22 يومًا بين المرحلة الثانية من الانتخابات الرئاسية وحفل التنصيب، ولكن لم تقدم هذه القائمة للبرلمان حتى وقتنا هذا، مما أثار العديد من التساؤلات حول هذه القضية.
نرصد في هذا التقرير أسباب تأخير الإعلان عن قائمة الحكومة الرابعة عشرة، وموعد الكشف عن الأسماء المقترحة لهذه الحكومة، وأبرز التصريحات والانتقادات التي تعرضت لها الحكومة قبل البدء في مزاولة العمل بشكل رسمي.
أسباب تأخير الإعلان عن قائمة الحكومة الرابعة عشرة
وفقًا لتقرير نشره موقع “تابناك” الإيراني بتاريخ 5 أغسطس/ آب 2024، فقد انتقدت الصحيفة الإيرانية “الجمهورية الإسلامية” تأخر إعلان قائمة الحكومة الرابعة عشرة، ووصفت هذا التأخر بأن اختيار الأسماء أمر صعب على الرئيس بزشكيان، وأكدت أن كل ساعة تأخير في هذا الإجراء تجلب خسائر كبيرة لإيران.
وأشارت كذلك إلى أن الكشف عن القائمة الوزارية في ظل العوائق الموجودة يرتبط بمشاكل كثيرة، لكن لا سبيل سوى إعطاء الأولوية لهذا الموضوع المهم. وأكدت أن اتخاذ القرارات والإجراءات اللازمة في هذا المنعطف الحرج أمر مهم للغاية وحيوي بالنسبة لإيران.
كتبت الصحيفة عن أسباب تأخر الإعلان عن القائمة النهائية للحكومة الرابعة عشرة، حيث أرجعتها إلى الأخطاء الكبيرة التي ارتكبت في لجان المجلس التوجيهي للحكومة الـ14 في إطار تحديد المرشحين لشغل الوزارات، وكذلك تعارض حصص الأقليات والعرق والجنس بشكل متأصل مع العدالة واختيار الكفاءات. بالإضافة إلى ذلك، كانت الضغوط الفئوية والحزبية والأفراد على نطاق واسع مؤثرة في عمل اللجنة وأثرت على القائمة المقترحة. كما أن الاعتبارات الشخصية، مثل تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، هي كذلك أحد عوامل التأخير الأخرى. وأشار التقرير إلى أنه برغم أن المعيار الأساسي في هذه المرحلة هو الكفاءة والصحة النفسية فقط، فمن المفترض أن يترتب عليه الآتي: أولًا، أن يتقدم العمل بسرعة، ثانيًا، لن يكون هناك مجال للمحاصصة وجشع هذا وذاك، وثالثًا، سيتحقق الإجماع الوطني كذلك مع اختيار الكفاءات.
وأشار التقرير إلى أنه من الطبيعي أن يواجه بزشكيان الكثير من المشكلات في اجتياز هذه الخطوة والعبور إلى الخطوة التالية؛ وذلك بسبب عدم الالتزام بالمعايير السابقة. وكان من المفترض تسليم قائمة أعضاء الحكومة المقترحة إلى البرلمان وتشكيل الحكومة الجديدة بعد ذلك مباشرة، وذلك خلال مدة أقصاها 22 يومًا بين المرحلة الثانية من الانتخابات الرئاسية وحفل التنصيب، وأشارت إلى أن هذا الأمر لم يتحقق فقط، بل لا يوجد حتى الآن أفق واضح للتحرك نحو تشكيل الحكومة.
وأوضح التقرير أن بزشكيان على دراية ببعض الإجراءات في مجال منح الامتيازات، وإصدار التراخيص، والتحويلات الداخلية والخارجية، والإنفاق غير القانوني واتخاذ القرارات التي تتعارض مع السياسات المعلنة للحكومة الرابعة عشرة، وأن بزشكيان إذا أراد أن يمنع هذه التصرفات، سيمنعها بالفعل، ولكن ليس هناك إشارة إلى رغبته في ذلك مما يسبب له الكثير من المشاكل في اتخاذ القرارات.
وفي ختام التقرير شددت الصحيفة على ضرورة اتخاذ بزشكيان الخطوات اللازمة لتشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن.
موعد إزاحة الستار عن القائمة المقترحة لأعضاء الحكومة الرابعة عشرة
أفاد تقرير نشره موقع “شبكة الشرق” الإيراني بتاريخ 7 أغسطس / آب 2024، أن القائمة المقترحة للوزارة الرابعة عشرة في مرحلة الانتهاء منها وإرسالها إلى البرلمان، ووعد محمد جواد ظريف بالانتهاء منها وتسليمها للبرلمان في مطلع الأسبوع المقبل، كما أعلن المتحدث باسم هيئة رئاسة البرلمان “علي رضا سليمي” عن إمكانية استلام القائمة بحلول نهاية الأسبوع. وبصرف النظر عن مناقشة الموعد المحدد للإعلان النهائي لأسماء الوزراء المقترحين، فقد وعد البرلمان بالتعاون للتحقق بسرعة من مؤهلات الوزراء المقترحين.
ووفقًا لحوار أجراه المتحدث باسم هيئة رئاسة البرلمان “علي رضا سليمي” مع وكالة أنباء “طلبة إيران إيسنا” بتاريخ 6 أغسطس/ آب 2024، فإنه من المحتمل أن يقدم بزشكيان أسماء الوزراء المقترحين للحكومة الرابعة عشرة إلى البرلمان نهاية الأسبوع الجاري؛ وبعد ذلك تعقد اجتماعات اللجان المتخصصة لمراجعة برنامج الوزراء. وأضاف أنه إذا قدم بزشكيان أسماء الوزراء المقترحين إلى مجلس النواب، فستستغرق مراجعة برنامج الوزراء في اللجان المتخصصة أسبوعًا، وستبدأ من يوم السبت 17 أغسطس/ آب 2024 الاجتماعات العلنية للبرلمان لمراجعة صلاحيات الوزراء ومنح الثقة للوزراء. وأضاف المتحدث باسم هيئة رئاسة البرلمان أنه إذا تم إرسال قائمة الوزراء المقترحة إلى البرلمان يوم السبت 10 أغسطس/ آب 2024، فإن البرلمان جاهز لبدء الاجتماعات العلنية لمراجعة صلاحيات الوزراء اعتبارًا من السبت 17 أغسطس/ آب 2024. وأكد سليمي أن اجتماعات مجلس النواب ستعقد بشكل متواصل لحين عرض قائمة الوزراء المقترحين، ومن ثم سيتم مراجعة الصلاحيات ومنح الثقة.
انتقادات موجهة للحكومة الرابعة عشرة
كانت أغلب الانتقادات الموجهة للحكومة الرابعة عشرة – التي لم يفصح عنها حتى وقتنا هذا – من نصيب نائب الرئيس للشؤون الاستراتيجية “محمد جواد ظريف”، حيث كتبت صحيفة “كيهان” الإيرانية بتاريخ 6 أغسطس/ آب 2024 النص التالي: “يا سيد بزشكيان! بعد ذلك الخطاب الناري والعاصف الداعم للمقاومة وفلسطين يوم تنصيبك، كيف عينت مفكرًا «على تناقض تام مع المقاومة» نائبًا استراتيجيًا لك؟”
لقد خلق تعيين ظريف نائبًا استراتيجيًا لبزشكيان العديد من الأسئلة، وأثيرت انتقادات خاصة في هذا الصدد. ويعد منصب النائب الاستراتيجي للرئيس إجراءً مبتكرًا، ولم يكن مثل هذا المنصب موجودًا من قبل، ورغم أن ظريف قال عدة مرات إنه لن يقبل منصبًا في الحكومة الرابعة عشرة، إلا أن بعض النقاد اتهمه بالكذب، بحسب ما نشره موقع “بيشخوان” الإيراني بتاريخ 3 أغسطس/ آب 2024 نقلًا عن صحيفة خراسان.
وكتب أحد مستخدمي تويتر عبر صفحته الشخصية على منصة “إكس” بتاريخ 2 أغسطس/ آب 2024: “ظريف هو نقطة ضعف حكومتكم. ويواجه الحكومة بأزمة. فهو لا يلتزم بالمصالح الوطنية، ولا هو مخلص لمبادئ السياسة الخارجية للبلاد، ولا يفهم حتى بديهيات العلاقات الدولية! ولا يتوقع نجاحًا مستقبلًا للحكومة بعد تعيينه نائبًا استراتيجيًا ورئيسًا لمركز الدراسات الاستراتيجية.”
كما كتب عضو البرلمان المقرب من جبهة الاستقرار “حميد رسايي” عبر صفحته الشخصية على منصة “إكس” بتاريخ 2 أغسطس/ آب 2024: “يا سيد بزشكيان! إن تعيين هذا الشخص ذو النظرة الموالية لأمريكا كنائب، بعد يوم واحد فقط من استشهاد هنية على يد المندسين اليهود في طهران وبعد مراسم الدفن الرائعة لهذا الشهيد المقاوم على يد الشعب، لا يبشر المجتمع بخير، رغم أن الأمريكان واليهود بالتأكيد يجعلهم سعداء.”
ومن الانتقادات الأخرى التي انتشرت على نطاق واسع على الإنترنت انتقاد الإمام جُمعة سمنان، والذي تم بثه كذلك على الهواء مباشرة على قناة الخبر. حيث قال: “لا يزال يعتقد بعض الناس أن أمريكا هي إله العالم والمنقذ. من السهل التفكير في تنصيب المجرم بدلًا من معاقبته. ومن المؤسف استخدام هؤلاء الأشخاص في القضايا الإستراتيجية. يقول هؤلاء الأشخاص الساذجون إنهم يعرفون العالم بشكل أفضل.”
رد ظريف على الانتقادات
كتب وزير الخارجية السابق ونائب الرئيس للشؤون الاستراتيجية الحالي “محمد جواد ظريف” عبر صفحته الشخصية على منصة “إكس” ردًا على هذه الانتقادات الواردة على مواقع التواصل الاجتماعي وردًا على حسين إبراهيمي، الذي سخر من ظريف كما تبين فيما سبق:
“لم أكن لأقبل أي مسؤولية في هذه الحكومة. لكن القلق والانزعاج والإصرار من أبناء الوطن، خاصة في الفضاء الافتراضي، في الأيام القليلة الماضية، جعلني أضطر إلى تغيير تلك النظرة قليلاً؛ ولكن إلى حد إضفاء الطابع الرسمي على مسؤولية استشارية، قلتها مرات عديدة، سأكون في خدمة الرئيس العزيز. كان اقتراح أكثر الأصدقاء هو قبول منصب نائب الرئيس السياسي. لكن ذلك المنصب كان من جهة مسؤولية تنفيذية، ومن جهة أخرى أحدث تدخلًا في الواجبات وشبهة إضعاف الوزارات السياسية، وهو ما لم أعتبره مناسبًا. وعلى هذا الأساس تم ابتكار منصب نائب الرئيس الاستراتيجي لعدة أهداف وتم إضفاء الطابع الرسمي عليه بتوقيع من فخامة الرئيس:
- عدم خلق بيروقراطية وآلية جديدة وعدم تحميل ميزانية الحكومة والشعب أي أعباء.
- عدم التسبب في أي تداخل في عمل المؤسسات.
- عدم إضعاف أي مؤسسة.
- يجب أن تكون حلقة الوصل بين الحكومة والشعب ومراكز الفكر والمؤسسات المدنية مثل الحبل.
- نظرًا لإصرار الدكتور بزشكيان وتأكيده خلال الانتخابات وكذلك خلال الأسابيع الثلاثة لرئاسة على المجلس التوجيهي القائم على استخدام الفكر الجديد والقدرات الجديدة من ناحية، وضرورة الاستفادة من الخبرات المتراكمة من ناحية أخرى، فإن المسؤولية الجديدة يمكن أن تخلق موقفًا رسميًا لهذا الأمر. أشكرك على نصائحك البناءة، وأتمنى ألا تحرمني من توجيهاتك في هذا الاتجاه.”