كتب: ربيع السعدني
في تحول مفاجئ أكد المرشد الإيراني علي خامنئي بشكل قاطع على عدم التفاوض مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، واصفا التفاوض مع واشنطن بأنه “لن يحل مشاكل البلاد”، معتبرا أن “التفاوض أمر غير عقلاني وغير حكيم وغير مشرّف”، جاء ذلك خلال لقائه مع قادة وضباط سلاح الجو والدفاع الجوي الإيراني، حسبما نقلت وكالة “مهر” للأنباء يوم الجمعة 7 فبراير/ شباط 2025 وأعاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تطبيق سياسة “الضغط الأقصى” ضد إيران، وهي الاستراتيجية التي انتهجها خلال ولايته الأولى، لكنه في الوقت نفسه أكد أنه يفضل التوصل إلى اتفاق مع طهران.
شبح العقوبات
يأتي ذلك في ظل احتمالات فرض عقوبات جديدة على إيران، بعد تصريحات خامنئي برفض المفاوضات مع الولايات المتحدة الأمريكية.
ومن جانبها قالت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجرانی، إن الرئيس مسعود بزشكيان قد أمر الفريق الاقتصادي في الحكومة بالتركيز على الأسواق والبطاقات التموينية حتى “لا تتضرر معيشة الناس”.
كما أنه سيتم توزيع جولتين من بطاقات المواد الغذائية على المواطنين حتى عيد الفطر، وبحسب وكالة “إرنا” الإيرانية، كتبت فاطمة مهاجراني على منصة التواصل الاجتماعي “إكس” نقلا عن موقع معلومات الحكومة: “في الصدمات الاقتصادية، الأكثر تضررا تكون الطبقة المحرومة”، وتابعت: “بأمر من رئيس الجمهورية يركز الفريق الاقتصادي على السوق وعرض السلع على فترتين حتى عيد الفطر.
التركيز على الأسواق
وفي توجية جديد للفريق الاقتصادي الحكومي، أكد الرئيس على ضرورة التركيز على ضبط السوق وتوفير الفواتير الإلكترونية للمواطنين، بحسب موقع إقتصاد أونلاين، نقلا عن صحيفة شرق اليومية؛ في 9 فبراير/شباط 2025، ويأتي هذا القرار بهدف دعم سبل عيش الأسر ومنع زيادة الضغوط الاقتصادية على المواطنين، وبحسب المتحدث باسم الحكومة فإن خطة الدعم هذه لن تستمر حتى نهاية العام الجاري فحسب، بل سيتم تنفيذها بعد عيد الفطر أيضا.
وأكد بزشكيان أن خطة تخزين السلع الأساسية ستستمر بعد نوروز. وهذا يعني أن الحكومة لديها خطة لتوفير الدعم المعيشي المستمر في العام المقبل، وستعمل جاهدة لضمان استمرار تنفيذ هذه الخطة دون انقطاع أو تعطيل، وأوضح الرئيس في الاجتماع المشترك لرؤساء ونواب السلطات الثلاث: “إن الوضع التضخمي الحالي في البلاد غير مقبول وعلينا أن نسعى لتحسين معيشة الشعب، إن ارتفاع تكاليف المعيشة في الوقت الحالي أمر غير مقبول للمجتمع، ومن ثم نحن عازمون على توفير الغذاء للناس وسنتخذ الخطوات الأولية قبل العيد.
لا تفاوض مع الأمريكيين
أما المرشد الإيراني، الذي كان يتحدث بمناسبة يوم القوات الجوية الإيرانية في ذكرى لقاء ضباط الجيش مع الخميني في فبراير/ شباط 1979، فقد جدد رفضه لفكرة التفاوض مع واشنطن، مؤكدًا أن “المفاوضات مع الولايات المتحدة لن تحل مشاكل البلاد”، ويُعد موقف خامنئي الأخير، الذي طالما صرّح بعدم تفاؤله بالمفاوضات مع أمريكا، هو أقوى تعليق له في هذا السياق منذ عودة ترامب إلى السلطة، حيث قال بوضوح: “التفاوض ليس عاقلًا، ليس ذكيًا، وليس مشرفًا“.
وفي معرض شرحه لسبب استبعاد أمريكا من المفاوضات، قال خامنئي: “يتظاهر البعض بأننا إذا جلسنا على طاولة المفاوضات فإن مشكلة معينة سوف تحل، لكن الحقيقة التي يجب أن نفهمها بشكل صحيح هي أن المفاوضات مع أميركا ليس لها أي تأثير في حل مشاكل البلاد”، واعتبر قائد الثورة التجربة السلبية في تسعينات القرن الماضي، ونحو عامين من المفاوضات مع الولايات المتحدة وعدة دول أخرى والتي أدت إلى التوصل للاتفاق النووي، دليلا على أن المفاوضات مع أمريكا كانت بلا جدوى، وأضاف: “حكومتنا في ذلك الوقت التقت معهم، وذهبت ذهابا وإيابا، وتفاوضت، وضحكوا، وتصافحوا، وتصرفوا كأصدقاء، وتم التوصل إلى معاهدة قدم فيها الجانب الإيراني بسخاء كبير الكثير من التنازلات للجانب الآخر، لكن الأمريكيين لم يلتزموا بتلك المعاهدة”.
التهديد الأمريكي المتكرر
جاءت تصريحات المرشد الإيراني بعد أن تحدث دونالد ترامب بنبرة شبه تصالحية تجاه إيران، وفي الوقت نفسه وقع مرسوما بإعادة تفعيل سياسة “الضغط الأقصى”، قائلاً: “أنا حقًا أرغب في رؤية السلام، لكن إيران لا يمكنها امتلاك سلاح نووي“.
وفي وقت سابق أعلن ترامب، الثلاثاء 4 فبراير/ شباط 2025، أنه يعتزم استئناف سياسة “الضغوط القصوى” على إيران بسبب مزاعم عن محاولة طهران تطوير أسلحة نووية، وينص المرسوم التنفيذي الأمريكي على توجيه وزارة الخزانة بفرض “أقصى قدر من الضغط الاقتصادي” على إيران من خلال العقوبات المصممة لشل صادرات النفط في البلاد، هذا وتؤدي العقوبات إلى تجميد الأصول التي تحتفظ بها الشركات المستهدفة بشكل مباشر أو غير مباشر في الولايات المتحدة، فضلا عن حظر الشركات التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا، ومنع المواطنين الأمريكيين من التعامل مع الشركات المستهدفة بالعقوبات، تحت طائلة التعرض للعقوبات بدورهم.
وتعد هذه أول عقوبات أمريكية على النفط الإيراني بعد أن تعهد الرئيس الأمريكي هذا الأسبوع، بخفض صادرات النفط الخام الإيرانية إلى الصفر، بينما تحاول الولايات المتحدة منع طهران من الحصول على سلاح نووي.