كتب: محمد بركات
تشتعل الساحة الدبلوماسية بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية بالتصريحات المتبادلة من الطرفين، وبين الوعود بمفاوضات جديدة وتطبيق سياسة الضغط الأقصى، يظل الغموض يحيط بمستقبل العلاقة بين طهران وواشنطن، خاصة فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني، في ظل وجود تقارير تفيد بالوساطة بين البلدين.
نقلت وكالة أنباء بغداد اليوم العراقية في تقرير لها 22 ديسمبر/كانون الأول 2024، عن مصدر مقرب من الحكومة الإيرانية ادعاء بأن إيران تلقت في الأيام الماضية رسالة من الإدارة الأمريكية المنتخبة عبر سلطنة عمان، التي تعتبر قناة مهمة لتبادل الرسائل بين طهران وواشنطن.
وذكر المصدر للوكالة أن رسالة ترامب إلى المسؤولين الإيرانيين تضمنت استعداده للتفاوض مع طهران وإمكانية الوصول إلى اتفاق نووي مختلف عن الاتفاق الذي تم توقيعه عام 2015، والذي انسحب منه ترامب عام 2018.
وكان ترامب قد ادعى مراراً، خلال حملاته الانتخابية، أنه يمكنه التوصل إلى اتفاق مع إيران في غضون أسبوع واحد.
وأشار المصدر الإيراني إلى أن ترامب لن ينتظر لأكثر من بضعة أشهر للحصول على رد من المسؤولين الإيرانيين بشأن استعدادهم للتفاوض حول قضايا مختلفة، من بينها الملف النووي، موضحاً أن الرسالة الأمريكية تعكس جدية ترامب في إجراء مفاوضات مباشرة وعلى مستوى عالٍ مع إيران في بداية ولايته.
وأضاف المصدر أنه إذا قبلت إيران بالمفاوضات، فإن احتمال الوصول إلى اتفاق وارد، لكن لا يوجد ما يضمن أن تلتزم الولايات المتحدة بالاتفاق في حال التوصل إليه.
هذا وقد أعتبر تقرير موقع خبر فوري الصادر في 24 ديسمبر/كانون الأول 2024 هذه الرسالة لإشارة هامة للغاية، حيث تعد عمان قناة مهمة لتبادل الرسائل بين طهران وواشنطن.
وبهذا الشأن، صرح إسماعيل بقائي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، 24 ديسمبر/كانون الأول بخصوص تلك الرسالة، موضحاً: “ليس لدي أية معلومات بخصوص هذا الأمر”.
وأضاف بقائي: “نحن لم نترك طاولة المفاوضات أبداً، وتفاوضنا عدة مرات من قبل في إطار تحقيق المصالح الإيرانية”.
كذلك، فقد صرح كمال خرازي، رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية الإيراني، خلال لقائه مع شبكة العالم، 23 ديسمبر/كانون الأول 2024، عند سؤاله عن استئناف المفاوضات مع الولايات المتحدة في ظل عودة ترامب للحكم، ومستقبل الملف النووي، قائلاً: “لا تزال سياسة ترامب غير واضحة بالنسبة لنا، لكننا مستعدون للتفاوض كما نحن مستعدون للصمود في مواجهة الضغوط، فذلك يعتمد الأمر على السياسة التي سيقررون اتباعها”.
وتابع خرازي: “لقد جربوا سابقاً سياسة الضغوط القصوى، لكنها باءت بالفشل. لذلك، نحن لسنا في عجلة من أمرنا، علينا الانتظار لنرى أي سياسة سيتبنونها، وسنحدد سياستنا بناء على ذلك”.
وأضاف خرازي: “نحن مستعدون لأي إجراء، لكن ترامب شخصية غير قابلة للتنبؤ، لذلك علينا الانتظار لنرى أي سياسة سيعتمد”.
جاءت تصريحات خرازي، بعد أن صرح جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأمريكي في إدارة جو بايدن، الرئيس الأمريكي الحالي، خلال لقائه مع شبكة سي إن إن الإخبارية الأمريكية، 22 ديسمبر/كانون الأول، بأن دونالد ترامب يمكنه أن يلعب دوراً حاسماً في التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران، حيث إن ترامب لديه من المرونة السياسية التي تمكنه من فعل ذلك.
وفي الوقت نفسه، أشار سوليفان إلى أن إيران ومحور المقاومة قد تضررا بعد سقوط حكومة سوريا؛ مما سيجعل إيران تتجه لخيارات أخرى، معرباً عن قلقه إزاء تغيير العقيدة النووية لإيران، حيث صرح: “إن حكومة بايدن تشعر بالقلق حيال قرار إيران في بناء سلاح نووي، وقد أبلغت فريق ترامب بخطر هذا الموضوع”.
وكان وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، صرح لتصريحات سوليفان، خلال لقاء تليفزيوني 21 ديسمبر/كانون الأول 2024، قائلاً: “نحن واثقون تماماً من سلمية برنامجنا النووي، ولا نعارض المشاركة والتعاون مع الآخرين”.
وأضاف عراقجي: “فحتى بعد انسحاب الولايات المتحدة، نحن لم نترك طاولة المفاوضات على الإطلاق، ونحن مستعدون للدخول في مفاوضات شريفة تقوم على الاحترام والمصالح المتبادلة مع أي طرف”.
كما شدد عراقجي على أن العقيدة العسكرية والأمنية لإيران لا تعتمد بأي حال من الأحوال على امتلاك السلاح النووي، مشيراً إلى أنه لمنع تصعيد التوتر وفي إطار الجهود الدبلوماسية، يمكن التوصل إلى حلول عبر طرق سلمية”.
تفاوض أم ضغط أقصى؟
في المقابل، سبق وصرح مايك والتز، عضو الكونغرس الأمريكي ومستشار الأمن القومي في إدارة ترامب المقبلة، خلال تصريحات أدلى بها في 13 ديسمبر/كانون الأول 2024 بأن إدارة ترامب القادمة ستتبنى سياسة الضغط الأقصى تجاه إيران.
وأضاف: “ذلك لأنه في حال حصلت إيران على سلاح نووي، فإن السعوديين أيضاً سيطالبون بسلاح نووي. وكذلك الأتراك. وإذا انتشرت الأسلحة النووية على مستوى إقليمي، فسيكون ذلك كارثة على العالم، لذلك علينا أن نستمر في تقييد الأموال والنفط الإيراني”.
من ناحية أخرى، ففي شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2024، فتح علي لاريجاني، والذي شغل سابقاً منصب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي ورئيس البرلمان الإيراني، والذي يشغل الآن منصب مستشار قائد الثورة، الباب إلى حد ما أمام المفاوضات مع أمريكا خلال حوار مع موقع قائد الثورة .
حيث صرح لاريجاني بأن الاتفاق النووي ليس نصاً مقدساً، ويمكن بدء مفاوضات جديدة بشأنه.
وبين التصريحات المتضاربة، بفتح أبواب التفاوض، أو تطبيق سياسة الضغط الأقصى وفرض مزيد من العقوبات على إيران، يبقى الغموض يحيط بمستقبل العلاقة بين طهران وواشنطن في ظل حكومة ترامب القادمة.