ترجمة: شروق السيد
تتجه إيران وروسيا نحو حقبة جديدة من الشراكة الاستراتيجية، مع اتفاقية شاملة تعكس التحولات في علاقاتهما الثنائية، ومن المقرر توقيعها قريبا خلال زيارة رسمية للرئيس الإيراني إلى موسكو.
نشرت صحيفة “همشهري أونلاين” تقريرا، السبت 11 يناير/كانون الثاني 2025، ذكرت فيه تصريحات كاظم جلالي، السفير الإيراني لدى روسيا، حول الاتفاقية الاستراتيجية الكاملة بين روسيا وإيران.
وأضاف: “تضمنت الاتفاقية آلية للتجديد التلقائي لمدة خمس سنوات، بحيث إذا لم يكن لدى الطرفين أي ملاحظات قبل انتهاء المدة، فإن الاتفاقية تُجدد تلقائيا، لذلك، تم تمديد هذه الاتفاقية حتى عام 2026”.
وأشار جلالى إلى أنه “مع ذلك، فقد توصل قادة البلدين إلى استنتاج أن الاتفاقية الحالية لم تعد تواكب التطورات ولا تغطي قضايا العلاقات الراهنة. لقد توسعت علاقاتنا اليوم بشكل كبير مقارنة بما كانت عليه قبل 24 عاما، ولذلك تقرر، باتفاق القادة، تحديث هذه الاتفاقية”.
إيران أعدّت مسودة الاتفاقية
قال جلالي: “لتحديث وصياغة الاتفاقية الجديدة، تم الاتفاق بين وزيري الخارجية في البلدين على أن تُعدّ إيران المسودة، لقد أعددنا المسودة وقدمناها إلى الجانب الروسي، وقد استغرق ذلك نحو سنتين ونصف إلى ثلاث سنوات، مع العديد من الزيارات المتبادلة والتعديلات الكثيرة التي أُجريت، إلى أن تم التوصل إلى الاتفاقية النهائية”.
نظرة على بنود الاتفاقية
صرّح السفير الإيراني لدى روسيا بأن هذه الاتفاقية تشمل جميع جوانب العلاقات الثنائية بين البلدين، وضمن ذلك العلاقات السياسية، حيث تتناول كيفية التنسيق بين رؤى البلدين في هيكلية القوة وكيفية التحرك المشترك، كما تشمل الاتفاقية التعاون في المحافل الدولية وكيفية التصرف فيها، وصولا إلى المجال الاقتصادي والتعاون الإقليمي، وتنفيذ المشاريع، والتعاون في الإطارات الثنائية والمتعددة الأطراف.
وأضاف: “نظرا إلى امتلاك إيران وروسيا موارد طاقة كبيرة، فقد تم تضمين التعاون بين البلدين في مجالات التجارة الدولية والطاقة ضمن الاتفاقية”.
وأشار جلالي إلى أن الاتفاقية تتضمن أيضا التعاون في مجال التكنولوجيا، خاصةً التكنولوجيا الحديثة، وأمن المعلومات والأمن السيبراني، كما تشمل التعاون في مجال الطاقة النووية السلمية، والمسائل الدفاعية والعسكرية، والتعاون في مكافحة الإرهاب، وقضايا البيئة وبحر قزوين، ومكافحة غسيل الأموال والجرائم المنظمة.
طبيعة الاتفاقية مع روسيا مختلفة
صرح جلالي حول إذا ما كانت اتفاقية روسيا وإيران تشبه اتفاقيات روسيا مع بيلاروسيا وكوريا الشمالية، وأوضح أن “طبيعة هذه الاتفاقية مختلفة، في تلك الاتفاقيات (مع بيلاروسيا وكوريا الشمالية)، حدد الروس مشاركات في مجالات معينة لا نتدخل فيها كثيرا”.
وأضاف موضحا أن استقلال وأمن إيران والاعتماد على الذات هي عناصر بالغة الأهمية، وما من رغبة كبيرة في الانخراط في محاور سياسية محددة.
وأكد أن “الاستقلال الوطني بالنسبة لإيران قضية في غاية الأهمية، وعلى أي حال، لقد دفعنا ثمنا لهذا الاستقلال على مدار 45 عاما”.
التوازن في نص الاتفاقية
وصرح جلالي حول مخاوف البعض في إيران بشأن مراعاة التوازن في نص الاتفاقية، وقال: “أعتقد أن هذا الأمر تمت مراعاته بالكامل، نحن اليوم نمتلك خبراء قانونيين أكفاء ومؤهلين، ومن جهة أخرى، إيران تُعتبر اليوم قوة بحد ذاتها”.
وأوضح: “الأمر لم يعد كما كان في السابق، حيث كنا في الماضي نوقع الاتفاقيات ونحن في حالة ضعف وهزيمة، أحيانا كانت الاتفاقيات تُكتب بعد الحروب، وفي أحيان أخرى كان يفتقر الحُكّام حينها إلى الاستقلال أو البصيرة في إدارة البلاد. اليوم، موقفنا مختلف تماما”.
وأضاف جلالي: “اليوم، إيران وروسيا شريكتان ومتقاربتان في العديد من المجالات، ونحن لسنا في موقف ضعف، بل العكس، النص الأولي لهذه الاتفاقية كتبناه نحن إيران وقدّمناه كاقتراح”.
وأكد السفير: “لا يوجد أي شيء سري في هذا الموضوع، بعد توقيع الاتفاقية، عندما يقرّر المسؤولون ذلك، ستُعرض كمسودة قانون على البرلمان، تماما كما تم عرض الاتفاقية الحالية على المجلس عام 2001، حيث قُرئت بنودها بندا بندا في الجلسة العامة للمجلس وتمت المصادقة عليها، هذه الاتفاقية أيضا ستُعرض على المجلس للمصادقة، وليس هناك أي أمر معقد أو سري بشأنها”.
سلامة الأراضي
وأضافت الصحيفة ما قاله جلالي حول البنود التي تحترم سيادة وسلامة أراضي إيران، فقال: “في المادة الثالثة من هذه الاتفاقية، تم تضمين بند ينص على احترام سلامة الأراضي، ونتوقع من الدول الشريكة والصديقة أن تحترم سلامة أراضينا”.
وأوضح أن هذه الاتفاقية تتضمن إجمالا 47 مادة ومقدمة، وسيتم تقديمها إلى البرلمان للتصديق عليها متى ما رأت الحكومة ذلك مناسبا، في هذه المقابلة، استعرضت أبرز مواد هذه الاتفاقية”.
وأكد جلالي أن “هذه الاتفاقية تمثل إطارا متوازنا للتعاون المتبادل بين البلدين في مختلف المجالات الثنائية، وللتنسيق بينهما في الساحة الدولية”.
ووفقا لإعلان السفارة الإيرانية في روسيا، سيقوم الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، في 18 يناير/كانون الثاني 2025، بزيارة موسكو، حيث سيلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومسؤولين كبارا آخرين، وسيقوم بتوقيع معاهدة التعاون الاستراتيجي الشامل بين البلدين.