ترجمة: يارا حلمي
نشرت صحيفة “آرمان ملي” الإيرانية الإصلاحية، الأحد 20 أبريل/نيسان 2025، تقريرا تناولت فيه استقالة وزير الاقتصاد الإيراني السابق عبد الناصر همتي وتأثيرها على الحكومة والمفاوضات مع الولايات المتحدة، إضافة إلى استعراض المرشحين المحتملين لتولي وزارة الاقتصاد الجديدة.
استقالة همتي
ذكرت الصحيفة أن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الذي يشغل هذا المنصب منذ شهر يوليو/تموز 2024، ربما لم يكن يتخيل أن أحد أهم وزرائه، وفي أقل من ستة أشهر، سيغادر الحكومة بعد مساءلة برلمانية أثارتها دوافع سياسية وإن جاءت تحت غطاء اقتصادي، ليصبح بذلك أول من يغادر التشكيلة الوزارية في حكومته.
وتابعت أن الحكومة الإيرانية، ومنذ استقالة الوزير، استمرت في عملها من خلال تكليف رحمت الله أكرمي، الذي كان يشغل منصب نائب وزير الاقتصاد السابق عبد الناصر همتي، بتولي مسؤولية الوزارة بصورة مؤقتة.
وأضافت أنّ ما لم يتوقعه بزشكيان قد حدث بالفعل، حيث لم يعد أمامه وحكومته سوى مهلة أقصاها الثاني من يونيو/حزيران 2025، لتقديم وزير اقتصاد جديد إلى البرلمان، أي أكثر من شهرين على الأكثر.
وأوضحت أنّ تأثير الجولة الأولى من المفاوضات الأخيرة بين إيران والولايات المتحدة على الأسواق المالية، لا سيما سوق العملات والذهب، وما صاحب ذلك من انخفاض غير مسبوق خلال السنوات الأخيرة، أظهر للجميع بشكل واضح أنّ سبب ارتفاع الأسعار في هذه الأسواق، خصوصا سوق العملات، لم يكن الوزير السابق عبد الناصر همتي، بل كانت الظروف الدولية وتداعياتها على الاقتصاد الإيراني هي المؤثر الرئيسي.
وأشارت إلى أنّ أعضاء البرلمان الإيراني قد اتخذوا قرار إقالة هذا الوزير الناجح في حكومة بزشكيان بدوافع سياسية بحتة، كانت أقرب إلى تصفية الحسابات، في حين أن هذا القرار جرى في وقت حرج للغاية تمر فيه البلاد بمفاوضات مهمة وغير مباشرة مع واشنطن، الأمر الذي جعل الحكومة، في لحظة تحتاج فيها إلى وزير اقتصاد فاعل، تفتقر إلى رأس يقود هذه الوزارة الحيوية.
وبينت أنّه رغم مرور شهر وسبعة عشر يوما على استجواب همتي، لم تبادر الحكومة حتى الآن إلى تعيين أو تقديم أي شخصية بديلة لتولي هذه الحقيبة الوزارية، وفي هذا السياق، ترى بعض الأوساط أنّ الحكومة، في ضوء الظروف التفاوضية الراهنة بين طهران وواشنطن، قد تؤجل اختيار الوزير الجديد إلى ما بعد انتهاء هذه المحادثات وظهور نتائجها المحتملة.
وأكدت كذلك أنّ المسؤولين الحكوميين يرفضون هذا التحليل بشكل قاطع، حيث صرّح بزشكيان مؤخرا قائلا: “عملية التفاوض تسير بشكل طبيعي واعتيادي، وشؤون البلاد تُدار وتُتابع ضمن مسارها الطبيعي، ولن تتوقف ولو لثانية واحدة بسبب هذه المسائل”.
كما أفادت بأنّ فاطمة مهاجراني، المتحدثة باسم الحكومة، تناولت بدورها مسألة تعيين وزير الاقتصاد وإمكانية ارتباطها بمسار المفاوضات، فقالت: “نحن لم نربط أبدا أيّا من قضايا البلاد بالمفاوضات، ولن نفعل ذلك، وكما أوضح الرئيس، وكذلك أشار المرشد الأعلى، فإننا لا نربط شؤون البلاد الداخلية بهذه المباحثات”.
وتابعت أن مهاجراني أوضحت كذلك أن “الأعمال الجارية في البلاد تسير بشكل منتظم، وبخصوص تقديم وزير جديد للاقتصاد، فإنّ القانون يمنح الحكومة مهلة ثلاثة أشهر، ومن الطبيعي أن تستخدم الحكومة هذه المدة بالكامل إن أرادت”.
وذكرت الصحيفة أنّ مهاجراني شددت كذلك على رفضها مصطلح “وزارة الاقتصاد بلا صاحب”، موضحةً أنّ الدكتور رحمت الله أكرمي، الذي يشغل حاليا منصب القائم بأعمال وزير الاقتصاد، وقد سبق له أن تولى هذه المهمة، ويدير الأمور بكفاءة عالية، ولم تتوقف أي من مهام الوزارة، وجميع أقسامها تعمل بانتظام.
وتابعت أنّ هناك تكهنات عديدة تدور حول الأسماء المرشحة لتولي وزارة الشؤون الاقتصادية والمالية، حيث كشف محمد جعفر قائم بناه، مساعد الرئيس الإيراني للشؤون التنفيذية، عن المرشح الأول الذي اختارته الحكومة لهذا المنصب.
خيارات وزير الاقتصاد الجديد
ذكرت الصحيفة أنّ أمام الحكومة الإيرانية أقل من ثلاثة أشهر لتقديم وزير جديد للاقتصاد إلى البرلمان، غير أنّ هذا الموضوع يبدو مطروحا بالفعل على طاولة الرئيس مسعود بزشكيان ومستشاريه، ومن المرجح أن يُكشف خلال الفترة المقبلة عن المرشح الرسمي لهذا المنصب أمام البرلمان.
وتابعت أنّ معظم وسائل الإعلام، خاصةً مساعد الشؤون التنفيذية في الحكومة، قد تحدثت عن علي طيب نيا، المستشار غير النشط للرئيس بزشكيان، كأول خيار وأكثر المرشحين توافقا لتولي حقيبة وزارة الشؤون الاقتصادية والمالية.
وأضافت أن طيب نيا يعد اقتصاديا مخضرما، كفؤا، وذو شعبية واسعة، كما كان من بين أبرز وزراء حكومة حسن روحاني الأولى، حيث يُنسب إليه الفضل في تحقيق نتائج اقتصادية إيجابية آنذاك، خصوصا انخفاض معدلات التضخم، وهو ما يعده المراقبون نتيجة مباشرة لأدائه اللافت.
وأوضحت أنّ محمد جعفر قائم بناه، مساعد الرئيس الإيراني للشؤون التنفيذية، صرّح قائلا: “بعد مشاورات فنية وجلسات متعددة، قدمنا للرئيس قائمة من المرشحين الأكفاء لتولي منصب وزارة الشؤون الاقتصادية والمالية، وعلى رأس هذه القائمة يبرز اسم الدكتور علي طيب نيا”.
وأشارت إلى أن بعض المصادر المقربة من طيب نيا أكدت أنه لم يُجب بعد على هذا العرض، ومن غير المحتمل أن يقبل بهذه المسؤولية، خاصةً أنه سبق أن تولي هذه الوزارة لمدة أربع سنوات في حكومة روحاني الأولى، وكان قد وجّه انتقادات إلى غياب التنسيق داخل الفريق الاقتصادي للحكومة الحالية.
وبينت أنّ علي رضا سليمي، عضو البرلمان الإيراني، صرّح بشأن تعيين وزير الاقتصاد قائلا: “بحسب المعلومات المتوافرة، فإن علي طيب نيا هو الخيار الأبرز لدى الحكومة كمرشح لوزارة الشؤون الاقتصادية، غير أن الحكومة لم ترسل حتى الآن أي رسالة رسمية بهذا الخصوص إلى البرلمان، وبمجرد تقديم المرشح رسميا، ستُدرج مناقشة الأمر على جدول أعمال البرلمان وفق اللائحة الداخلية”.
كما أكدت أنه إلى جانب طيب نيا، هناك عدد من الشخصيات الأخرى المطروحة لتولي وزارة الاقتصاد، من بينها محمدباقر نوبخت، الذي يُقال إن أحد شروط طيب نيا للموافقة على العودة إلى الحكومة هو تعيين نوبخت رئيسا للبنك المركزي، ويعد نوبخت من الشخصيات الاقتصادية البارزة، وقد شغل سابقا منصب رئيس منظمة التخطيط والموازنة.
وأفادت بأنه كان المتحدث باسم حكومتي روحاني الأولى والثانية، كما يحمل درجة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة بيزلي في اسكتلندا، وتولى مناصب متنوعة شملت عضوية البرلمان وإدارة برامج اقتصادية كبرى، كما أنّه يحظى بتوافق أكبر مع النائب الأول للرئيس والفريق الاقتصادي للحكومة، ما يعزز من فرص اختياره.
وتابعت كذلك، أن كامل تقوي نجاد، الرئيس السابق لمنظمة الشؤون الضريبية في إيران، يُعد كذلك من بين المرشحين المحتملين لتولي وزارة الشؤون الاقتصادية والمالية، حيث يحمل تقوي نجاد درجة الدكتوراه في السياسات العامة، ويُعتبر من مديري الاقتصاد المخضرمين في البلاد.
وأضافت أنه تولى مناصب قيادية في عدة وزارات، ولديه خبرة واسعة في المجالات الضريبية والمصرفية والتخطيط الاقتصادي، غير أنّه لم يتضح بعد ما إذا كانت الحكومة تفضل تعيين شخصية ذات خلفية ضريبية بحتة، أو ستتجه نحو خيار ذي سجل اقتصادي أوسع.
وأشارت إلى أنّ علي نصيري أقدم، اسم آخر تم تداوله في التوقعات الأخيرة، رغم أنّه ليس معروفا على نطاق واسع لدى الرأي العام، على عكس شخصيات مثل طيب نيا ونوبخت، إلا أنّ بعض المصادر تعتبره مرشحا محتملا لهذا المنصب.
وذكرت الصحيفة أنّ حسين نمازي، الاقتصادي البارز ووزير الشؤون الاقتصادية والمالية الأسبق، طُرح اسمه كذلك كخيار ممكن، وقد تولى هذا المنصب في خمس حكومات مختلفة، وهي حكومات محمد علي رجائي، محمد جواد باهنر، الحكومة المؤقتة لمحمد رضا مهدوي كني، حكومة مير حسين موسوي الأولى، وحكومة محمد خاتمي الأولى.
وتابعت أنه شغل منصب وزير الاقتصاد من مارس/آذار 1981، حتى نوفمبر/شباط 1985، وتولى لاحقا منصب نائب الشؤون الاقتصادية في مركز البحوث الاستراتيجية بين عامي 1989 و1992.
وأشارت إلى أنه يوجد أسماء أخرى يجري تداولها في وسائل الإعلام كمرشحين محتملين لتولي الوزارة، مثل علي عرب مازار يزدي، وحسين سبحاني، وحجت ميرزايي، مشيرة إلى أنّ الجميع بانتظار القرار النهائي لمعرفة من سيكون قائد السفينة الاقتصادية الإيرانية المقبلة.
اختيار وزير الاقتصاد الجديد
ذكرت الصحيفة أن أحد الخبراء في الشؤون الاقتصادية علّق على مسألة اختيار وزير الاقتصاد الجديد ومدى ارتباطها بالمفاوضات بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، موضحا أنّ المفاوضات والدبلوماسية الخارجية مسألة قائمة بذاتها، فيما إدارة شؤون الدولة هي أمر مختلف، وقد تتقاطع المسألتان أحيانا، غير أنّه من الممكن أيضا ألا يكون بينهما أي علاقة.
وتابعت أنّ هادي حق شناس، الخبير الاقتصادي ومحافظ إقليم كلستان السابق، تساءل قائلا: “هل لو لم تكن المفاوضات قد بدأت، لما كنا بحاجة إلى وزير اقتصاد؟ هل لم نكن بحاجة إلى بقية الوزراء؟ من وجهة نظري، ربط وزارة الاقتصاد أو الوزير المعني بهذه الوزارة بموضوع المفاوضات أمر في غير محله، والدولة، تماما كما تحتاج إلى وزير للداخلية أو للصناعة، تحتاج كذلك إلى وزير للاقتصاد”.
وأضافت أن حق شناس أشار كذلك إلى أنّ إقالة وزير الاقتصاد في الحكومة الأخيرة خلقت ظرفا خاصا في الساحة الاقتصادية، وأضاف: “البلد لا يمر بمرحلة يمكن فيها القول إنّه يمكننا تأجيل تعيين الوزير لفترة قادمة، وغياب وزير الاقتصاد ليوم واحد فقط يمكن أن يُلحق أضرارا بالبلاد”.
وأشارت الصحيفة إلى أن الخبير الاقتصادي شدد في ختام تصريحاته، على ضرورة اختيار وزير الاقتصاد في أقرب وقت ممكن، مؤكدا أنّ تعيينه يجب أن يتم في أنسب توقيت أو على الأقل ضمن الإطار الزمني الذي حدده المشرّع في القوانين المعمول بها.