كتبت: لمياء شرف
قال الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، في حوار له مع مجلة تايمز، الجمعة 13 ديسمبر/كانون الأول 2024، إنه لا يستبعد احتمالية اندلاع حرب بين الولايات المتحدة وإيران خلال فترة رئاسته المقبلة.
ومن المقرر أن تبدأ فترة رئاسته الثانية الشهر المقبل، على أن يكون يوم التنصيب في الـ20 من يناير/كانون الثاني 2025، والتي تستمر لمدة أربع سنوات مقبلة.
وأجاب ترامب في المقابلة، عند سؤاله عن إمكانية خوض حرب مع إيران، أجاب: “كل شيء وارد. إنه وضع شديد التقلب”.
وعلى الرغم من ذلك، اعتبر ترامب أن التصعيد الأخطر حاليا يتمثل في قيام أوكرانيا بإطلاق صواريخ بعيدة المدى على روسيا، واصفا ذلك بأنه خطوة تصعيدية كبيرة.
ونفى علمه في أثناء المقابلة، بشأن التقاء رجل الأعمال إيلون ماسك مع الإيرانيين، أو أنه التقاهم بناءً على طلب منه، حيث سُئل: “هل التقى إيلون ماسك، الإيرانيين بناءً على طلبكم؟”، أجاب: “لا أعلم أنه التقاهم”، قيل إنه التقى الإيرانيين؟ أجاب: “لا أعلم، لم يخبرني بذلك”.
لقاء إيلون ماسك
تأتي تصريحات ترامب بخصوص إيران بعد أسابيع قليلة، من نشر العديد من وسائل الإعلام الغربية في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2024، أن رجل الأعمال الشهير إيلون ماسك التقى أمير سعيد إيرواني، سفير إيران لدى الأمم المتحدة، قبل يوم واحد من تعيينه رئيسا مشتركا لقسم خفض التكاليف في إدارة ترامب الجديدة.
بينما نفت إيران بشدةٍ حدوث أي لقاء بين ماسك وسفيرها لدى الأمم المتحدة، بحسب الإعلام الرسمي الإيراني.
وذكر موقع “بي بي سي” أن الاجتماع عُقد في مقر إقامة السفير الإيراني في نيويورك، بهدف مناقشة كيفية تخفيف التوترات بين البلدين، وذلك وفقا لصحيفة نيويورك تايمز التي كانت أول من نشر القصة.
وكان المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، الذي له “الكلمة الفصل في جميع شؤون الدولة”، قد حظر إجراء أي محادثات مباشرة مع الولايات المتحدة.
سياسة الضغط
وتعتزم إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، إحياء سياستها القديمة في التعامل مع إيران، حيث اتبعت في الفترة الرئاسية الأولى لترامب سياسة الضغط القصوى، التي دفعتها إلى الإفلاس؛ وذلك لكبح قدرتها على تمويل الوكلاء الإقليميين وتطوير الأسلحة النووية، حسبما نقلت صحيفة “فايننشال تايمز” عن مصادر مطلعة لم تسمها.
وذكرت الصحيفة أن الإدارة الجديدة ستسعى إلى تشديد العقوبات على طهران، وضمن ذلك صادرات النفط الحيوية، بمجرد عودته إلى البيت الأبيض.
وقال خبير في الأمن القومي مطلع على تحولات ترامب، إنه مصمم على إعادة فرض استراتيجية الضغط الأقصى؛ لإفلاس إيران في أقرب وقت ممكن.
ويذكر أن ترامب أشار، خلال حملته الانتخابية، إلى أنه يريد صفقة مع إيران، قائلا: “علينا أن نبرم صفقة، لأن العواقب مستحيلة”.
وقال أشخاص مطلعون على “تفكير” ترامب، إن تكتيك الضغط الأقصى سيُستخدم لمحاولة إجبار إيران على إجراء محادثات مع الولايات المتحدة على الرغم من اعتقاد الخبراء أن هذا أمر بعيد المنال.
ولاية ثانية
ويبدو أن الولاية الثانية لترامب ستشهد سياسة الضغط الشديد على إيران، حيث نقلت الصحيفة البريطانية عن مصادر مطلعة على الخطط، قولها إن فريق ترامب الانتقالي يعمل على صياغة أوامر تنفيذية يمكن أن يصدرها في أول يوم له بالمكتب البيضاوي لاستهداف طهران.
وتضم هذه الخطط تشديد وإضافة عقوبات جديدة على صادرات النفط الإيرانية، حيث قال رابيدان إنرجي رئيس شركة الاستشارات، وبوب ماكنالي مستشار الطاقة السابق لإدارة جورج دبليو بوش: “إذا ذهبوا حقا إلى أقصى حد.. يمكنهم خفض صادرات النفط الإيرانية إلى بضع مئات الآلاف من البراميل يوميا”.
وأضاف: “إنه مصدرهم الرئيسي للدخل، واقتصادهم أكثر هشاشة بالفعل مما كان عليه في ذلك الوقت.. إنهم في زاوية أسوأ بكثير من الفترة الأولى لترامب، سيكون الوضع سيئا للغاية”.
وشدد مستشارو على ترامب بضرورة التحرك بسرعة بشأن طهران، وقال أحد المطلعين على الخطة إن الرئيس الأمريكي الجديد سيوضح أننا سنتعامل مع فرض العقوبات على إيران بجدية بالغة.
ومن جهته، ساعد مستشار الأمن القومي الجديد لترامب، مايك والتز، في تمرير تشريع في أثناء عضويته بمجلس النواب من شأنه أن يفرض عقوبات ثانوية على المشتريات الصينية من النفط الخام الإيراني، ولم يمرر مشروع القانون في مجلس الشيوخ.
وقالت مصادر إن حملة الضغط الأقصى التي ستتخذها الولايات المتحدة تهدف إلى حرمان إيران من الإيرادات اللازمة لبناء جيشها أو تمويل مجموعات بالوكالة في المنطقة، ولكن الهدف في نهاية المطاف هو دفع طهران إلى التفاوض على اتفاق نووي جديد وتغيير سياساتها الإقليمية.
موقف إيران من ولايته الثانية
فور إعلان فوز ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، علق الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، بأن بلاده غير معنية بنتيجة الانتخابات الأمريكية.
وقال بزشكيان حسبما نقلت عنه وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية: “بالنسبة لنا لا يهم على الإطلاق من فاز في الانتخابات الأمريكية، لأن بلدنا ونظامنا يعتمدان على قوتنا الداخلية وعلى أمة عظيمة وشريفة”.
وتابع:”لن نكون ضيقي الأفق في تطوير علاقاتنا مع الدول الأخرى، حيث إننا جعلنا الأولوية لتطوير العلاقات مع الدول الإسلامية والمجاورة”.
ولايته الأولى
يذكر أن الرئيس دونالد ترامب مارس سياسة الضغط على إيران في فترة ولايته الأولى 2017_2021، خاصة بعد أن انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي لعام 2015 الذي وقّعته إيران مع القوى العالمية، بتخليها عن تطوير برنامجها النووي مقابل إزالة جزء من العقوبات الدولية المفروضة عليها.
وبعد أن انسحبت الولايات المتحدة عام 2018 من الاتفاق، وفرضت مئات العقوبات على طهران، وردا على ذلك، كثفت طهران نشاطها النووي وتخصيب اليورانيوم بالقرب من مستوى إنتاج الأسلحة.
وظلت العقوبات سارية خلال إدارة جو بايدن، لكن المحللين يقولون إنها لم تنفذها بصرامة، كما سعت إلى إحياء الاتفاق النووي مع إيران وتخفيف الأزمة.
وزادت إيران صادرات النفط الخام بأكثر من 3 أضعاف في السنوات الأربع الماضية، من مستوى منخفض بلغ 400 ألف برميل يوميا في عام 2020 إلى أكثر من 1.5 مليون برميل يوميا حتى الآن في عام 2024، مع ذهاب جميع الشحنات تقريبا إلى الصين، وفقا لوكالة معلومات الطاقة الأمريكية.
قتل قاسم سليمان
قتلت الولايات المتحدة الأمريكية رجل إيران الأقوى، قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، وذلك بضربة أمريكية عام 2020، استهدفت سيارة كان يستقلها، بالقرب من مطار العاصمة العراقية بغداد.
وصرح الكونغرس الأمريكي حينها، بأن سليماني قُتل بأمر من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والذي يعد على رأس قائمة الإرهاب الأمريكية حينها.
كان سليماني من الأسماء الإيرانية البارزة المتهمة بالإرهاب من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، على حد وصفها، حيث اتهمته واشنطن بالوقوف وراء مقتل العديد من مواطنيها في العراق.
وقالت وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون”، إن سليماني وعناصر فيلق القدس مسؤولون عن مقتل مئات الأفراد من القوات الأمريكية وقوات التحالف، مؤكدةً أن الميليشيات الإيرانية كانت شنت هجمات على قواعد التحالف في العراق، حينها.