كتبت: إسراء محمد علي
في الوقت الذي يتناقش فيه الساسة الإيرانيون حول الاختيار بين الوساطة الروسية أو السعودية بين بلادهم والولايات المتحدة الأمريكية، سلم المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، أنور قرقاش، رسالة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى المرشد الأعلى علي خامنئي، إلى المسؤولين الإيرانيين الأربعاء 12 مارس/آذار 2025، وهو ما يلقي الضوء على الوساطات العربية المتزايدة بين طهران وواشنطن.
وساطة إماراتية مفاجئة
ذكرت تقارير إعلامية إيرانية، الأربعاء 12 مارس/آذار 2025 أن أنور قرقاش التقى وأجرى محادثات مع عباس عراقجي وزير الخارجية الإيراني، خلال زيارته لإيران الأربعاء 12 مارس /آذار 2025.
وقال ترامب إنه أرسل رسالة إلى المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية علي خامنئي يطلب فيها من البلاد الدخول في مفاوضات بشأن اتفاق نووي جديد، لكن هذا الطلب قوبل برد فعل من خامنئي ، الذي أكد أن إيران لن تدخل في مفاوضات تحت الضغط.
أفاد موقع “أكسيوس” الإعلامي الأمريكي، الأربعاء 12 مارس/آذار 2025، نقلا عن مصدر مطلع، أن رسالة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلى إيران تم تسليمها إلى الإماراتيين عن طريق المبعوث الأمريكي الخاص لشؤون الشرق الأوسط ستيف ويتكوف؛ لتسليمها إلى الإيرانيين.
وأضاف موقع أكسيوس نقلا عن مصدر مطلع: “سلم ويتكوف رسالة ترامب إلى الإماراتيين لتسليمها إلى الإيرانيين”.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أعلن يوم الجمعة 7 مارس/آذار 2025، في مقابلة مع شبكة فوكس بيزنس الإخبارية في البلاد، أنه أرسل رسالة إلى المرشد الأعلى الإيراني وطلب المفاوضات، مؤكدا أنه يريد التوصل إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي لطهران، قائلا: “يجب القيام بشيء ما؛ لأن إيران لا يمكن أن تمتلك سلاحا نوويا”.
وحسب تقرير موقع “إيرنا نيوز” المنشور السبت 8 مارس /آذار 2025، وخلال لقاء مع رؤساء الدول وحشد كبير من المسؤولين الإيرانيين والمديرين على مختلف مستويات البلاد، قال خامنئي إن هدف واشنطن من اقتراح المفاوضات هو فرض مطالبها،
وأعرب خامنئي عن ارتياحه لنشاط وزارة الخارجية، وأكد توسيع التعامل مع الجيران والدول الأخرى، وقال: “بعض الحكومات الأجنبية والشخصيات المتسلطة تصر على المفاوضات، في حين أن هدفهم في المفاوضات ليس حل المشاكل، بل الهيمنة وفرض القضايا التي يريدونها، وإذا قبل الطرف الآخر، فهذا أفضل. وإذا لم يقبل، فيمكنهم إثارة الجدل واتهامهم بالتخلي عن المفاوضات”.
وأضاف خامنئي : “قضيتهم ليست القضية النووية فحسب، بل إن التفاوض هو سبيلهم وطريقهم لوضع توقعات جديدة، وضمن ذلك في مجال القدرات الدفاعية والقدرات الدولية، والتعبير عن توقعات مثل عدم القيام بكذا وكذا، وعدم اللقاء مع فلان، وعدم زيادة مدى الصاروخ إلى ما بعد كذا وكذا، وهو ما لن تقبله إيران ولن تحققه بالتأكيد”.
واعتبر أن هدف الطرف الآخر من تكرار المفاوضات هو خلق الضغط على الرأي العام، وقال: “يريدون خلق الشك لدى الرأي العام حول سبب عدم استعدادنا للتفاوض رغم إعلانهم استعدادهم للتفاوض، في حين أن هدفهم ليس التفاوض بل الهيمنة والفرض”.
وفي إشارة إلى إعلان ثلاث دول أوروبية أن إيران لا تفي بالتزاماتها النووية في الاتفاق النووي، أشار خامنئي حسب “إيرنا نيوز”: “يجب أن نسألهم: هل وفيتم بالتزاماتكم في الاتفاق النووي؟ ولم يفوا بتعهداتهم منذ اليوم الأول، وبعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، ورغم الوعود التي قطعوها بالتعويض عنه، نكثوا بوعدهم مرتين”.
واعتبر خامنئي نكث الأوروبيين بوعودهم واتهامهم لإيران بالانتهاكات دليلا على غطرستهم العمياء التي لا حدود لها، وأضاف: “لقد تحملت الحكومة آنذاك هذا الوضع لمدة عام، وبعدها تدخل مجلس الشورى الإسلامي وأصدر قرارا بأنه لا يوجد طريق آخر، والآن لا يوجد طريق آخر في مواجهة القوة التهديد”.
الوساطة السعودية
قال موقع “عصر إيران” الأصولي في تحليل نشر الأربعاء 12 مارس/آذار 2025، التقى وزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسيت ووزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان في واشنطن؛ لمناقشة تعزيز التعاون الدفاعي بين البلدين، وجاءت المحادثات في أعقاب اجتماع عقد مؤخرا بين مسؤولين كبار من الولايات المتحدة وروسيا في الرياض، وركز على الحرب في أوكرانيا والعلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وأكدت مرة أخرى الدور الرئيسي للمملكة العربية السعودية كوسيط فعال وأحد الحلفاء الرئيسيين للولايات المتحدة في المنطقة.
الإبتعاد عن سياسة الضغوط القصوى على إيران
يقول عالم صالح، أستاذ دراسات الشرق الأوسط بالجامعة الوطنية الأسترالية في حوار مع وكالة “إرنا” نشر الأربعاء 12 مارس/آذار 2025، إن الدول المطلة على الخليج العربي تسعى اليوم بشكل متزايد إلى تعزيز دورها كوسيط، إن هذا النهج الجديد الذي تتبعه الدول العربية، إلى جانب التحديات الأخرى التي ستواجهها إدارة ترامب الثانية، من شأنه أن يخلق ظروفا مختلفة عن تلك التي كانت في فترة ولايته الأولى.
وقال رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في مقابلة مع تاكر كارلسون، الإعلامي الأمريكي المقرب من الرئيس دونالد ترامب، نقلتها وكالة مهر للأنباء الأحد 9 مارس/آذار 2025، بشأن خطر الهجوم الإسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية: “المنشآت النووية في جنوب إيران أقرب إلى الدوحة منها إلى طهران، لا يدرك العديد من المسؤولين الأمريكيين مدى قرب إيران وقطر على الخريطة ومدى الارتباط بينهما”.
وأضاف بن عبد الرحمن: “إن مثل هذا الحدث لن يؤدي إلا إلى إشعال حرب تشمل المنطقة بأكملها، لأنه من الطبيعي أن أي دولة تتعرض للهجوم سوف ترد”، محذرا من تلوث مياه الخليج في حال وقوع مثل هذا الهجوم.
نهج عربي مختلف عن الفترة الأولي لترامب
وأضاف عالم صالح في الحوار، أنه يمكن رؤية جزء من هذه السياسة في الجهود التي تبذلها المملكة العربية السعودية وقطر وسلطنة عمان للعب دور الوساطة والتوسط، فهذه الدول لم تتبنَّ نهجا مختلفا تماما مقارنة بالفترة الأولى من رئاسة ترامب، عندما كانت السعودية والإمارات، على وجه الخصوص، منحازتين إلى سياسات الضغط الأقصى على إيران، والانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي، والمواجهة مع إيران فحسب، بل إن علاقاتها مع طهران تحسنت الآن إلى حد ما، وتراجعت التوترات.
وأشار صالح إلى أن دول الخليج تسعى اليوم بشكل متزايد إلى تعزيز دورها في الوساطة، وإن هذا النهج الجديد الذي تتبعه الدول العربية، إلى جانب التحديات الأخرى التي ستواجهها إدارة ترامب الثانية، من شأنه أن يخلق ظروفا مختلفة عن تلك التي كانت في فترة ولايته الأولى.
ولذلك، تزامنت هذه الجولة من المواجهة بين الولايات المتحدة وإيران مع تغير في النهج الاستراتيجي للدول العربية، إن هذا التغيير في النهج واضح بشكل خاص في منطقتين: التعددية في السياسة الخارجية، والاستقلال المتزايد عن السياسات الأمريكية.
ويمكن رؤية علامات ذلك في العلاقات الوثيقة مع الصين وروسيا. وفي هذا العصر الجديد، سوف تتصرف هذه الدول بشكل أكبر كوسطاء أو حتى كقوى محايدة في موقف إيران في الأشهر والسنوات المقبلة.
ويرى صالح في حواره مع “إرنا“، أن إيران تتمتع الآن بعلاقات إقليمية أفضل مما كانت عليه خلال فترة ولاية ترامب الأولى، يأتي هذا في الوقت الذي تواجه فيه أمريكا فترة من الانفصال عن أصدقائها، أو حتى عن حلفائها الضعفاء، وإن الخلاف الذي يتشكل بين أمريكا وأوروبا، خاصة في ما يتعلق بقضية أوكرانيا، فضلا عن المسافة بينها وبين كندا وحلفاء آخرين، تسبب في مواجهة ترامب لأعداء متحدين وحلفاء منقسمين، وهو ما سيشكل تحديات خطيرة إدارته.